المحرر موضوع: ذاتنا مأساتنا، ومقدساتنا بها  (زيارة 1029 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل زيد ميشو

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 3448
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

ذاتنا مأساتنا، ومقدساتنا بها
زيد غازي ميشو
zaidmisho@gmail.com


رغم ان ذاكرتي (بايكة هوى) منذ نعومة أظافري التي (ياما انترست طين لعبة الدعابل)، وأعاني من نسيان كثير من الأحداث والمناسبات والشخوص والأسماء، لا بل حتى أغلب الأمور المهمة، وأعزي سبب ذلك إلى اللا مبالاة التي اتصف بها،، او لسقوطي أكثر من مرة من مكان عالي ويدفع رأسي الثمن، بسبب مشاغبات طفل ومراهق يصعب السيطرة عليه، وقد تكون في إحداها أتلفت انسجة الذاكرة.
من بين المدرسين في سبع مدارس تنقلت لها كالبدو، لا أكاد اذكر سوى البعض منهم ولا يزيد عن اصابع اليد الواحدة، وأيضاً لا أذكر غير الخطوط العريضة في بعض الأمور دون اي تفاصيل، وقد يستغرب البعض بانني لا أذكر سوى مدخل المطبخ و (الطارمة) لبيتاً سكناه سنة كاملة في حي الميكانيك وبعمر 23 سنة.
ولا شيء من فترة مناولتي الأولى والدروس التحضيرية لها سوى بعض السراب، وأكثرها (جقلت) عيني منظر الكاهن وهو يرفع يداه عند المدخل ويقول (بوسوا إيد ابونا)، وانا احاول ان (أختلف) دون جدوى كمن يخفي نفسه خلف إبهامه، فقد لاحني من الطيب نصيب وقد ذلتني تلك القبلة مراراً رغم أنف طفل حر غير واعي لكرامته التي يسحقها تقليد تافه لا يمت للمسيح بصلة.
ومع كل تلك الذاكرة (العنجوقية)، إلا أنني ابقى متأكداً من أنني لم أذهب للكنيسة من بعد المناولة الأولى سوى في بعض الأعياد منساقاً، واخرج من بعدها متململاً للأسف الشديد، حتى قررت الإيمان عام 1985، فبدأت الذهاب إلى كنيسة الصعود، وكانت ايام رائعة وسط الأخوات والأخوة، واقل من سنة عدت إلى سابق عهدي رافضاً الإيمان لسبب القيته على الإرادة الإلهية، إذا طالما جعلناه شماعة نلقي عليها الأخطاء ونحملها وزر نقوصنا، حتى ولادة إبن أخي البكر وحبيبي، وكان الزمن الفاصل بين التذبذب في الإيمان والأستمرار الأبدي فيه بوعي وليس من باب الحفاظ على الموروثات.
قد أكون قد نسيت غالبية الأشياء المرّة قبل الجميلة، لكني لن أنسي الفرق بين مدارس الراهبات ومدارس الدولة للمرحلة الأبتدائية، نعم القسوى هي سمة الكادر التدريسي، ومن يُدَرِّس لا يُربي، ويفرض الطاعة له بضرب (الجلاليق والراشديات والبصق احيانا ووابل الشتائم على الطالب الأسير وأهله)، لكنه لم يفرض وجوده الأخلاقي، وغالبية الطلبة لم يتأثروا بشخصية معلم جميلة، حيث لا شخصية سوية للمعنفين، ومع ذلك شربنا القول الذي لا يليق بهم: قف للمعلم تبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا، ولو صدق المثل لنكرنا وجود الرسل ومن يرسلهم.
في مدارس الراهبات يعلمون الأخلاق، والألتزام، وأحترام الآخر، يعلمون المسامحة والحب وإن كان هناك قلة شواذ من الهيئة التدريسية علمانيين كانوا أم راهبات، لكن الخط العام هو تربوي وتعليمي بحت.
حقيقة مأساة كبيرة عندما نتذكر من معلم شتائمه على الطالب والأهل، او جبروته، والوجع من العصا ولوي الإذن وجر خصلة الشعر، وما يثير حفيظتي عندما يأتي العاطفيون في المهجر ويتباكون على مدارسنا مولولين وقائلين: (شلون جان التعليم عدنا؟ يخبببلللل)، أما أهبل شريحة التقيت بها  هم الذين يفتون مغردين: ضرب المدرسين للطلاب ضرورة تعليمية وتربوية، ولولاها (ما صار براسنا خير)، من طاح حظ صماخكم الأغبر والخير إللي إنتوا بي!!
وغالبية العوائل تستعمل ذات السياسة المهينة والمذلة مع أبنائهم، حيث بعتبرون قمة التربية تكمن في الموالاة المطلقة، موالاة للكبير، أب – أم – عم – خال – مدرس – مدير – رئيس – شرطي – رجل دين – قائد أوحد، أي شي ممكن يوالون هسى ما جحش ومربوط من إذنة.
المهم والأهم في التربية بمفهوم الشرق السعيد هو ان لا يكون الأنسان حراً.
أن يكون الأنسان حرا عليه أن يصطدم ويواجه الواقع المر الذي رسم له.
فحلت العبودية مكان الحرية، والتذلل مكان الكرامة
ومن يعاكسني الرأي فليقف بصدق أمام المرآة ويسأل نفسه: يا فلان، كم صنماً تعبد؟ او كم شخصاً يسيطر عليك او تضع أمامه بينك وبين نفسك خطوط حمراء؟
شخص من العائلة – من العشيرة – مدرس – مرؤوس – رجل دين – صاحب سلطة مدنية .. وغيرهم
وعندما اتتنا الحرية على طبق من ذهب زنينا بها، أغتصبناها بشراها حتى نزفت، أسقطنا بها أصناماً وأتلفنا أخرى، أهملنا قسماً منها وأتخذنا معبودات غيرها، وكبرى الآلهة التي عبدناها هي آلهة الذات، ذاتنا الممزوجة بشخصية متقلبة لا تعرف ما تريد اليوم، ولماذا فعلت هذا وذاك، أو تختار تلك
وفي تعريف بسيط: الشرقي لا يعبد أو يتبع الله الخالق، بل ذاته وما تربى عليه، يقدس مجموعة آلهة شكلت شخصيته وشخصيته غير مستقرة أبدا.
مشكلة المشاكل بـ ... مسؤول فاسد .. ومدافع عنه
والخلل...كل الخلل يظهر جلياً بطبعة قدم على الظهور المنحنية