المحرر موضوع: عامٌ آخر مضى ..  (زيارة 2054 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كمال لازار بطرس

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 160
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
عامٌ آخر مضى ..
« في: 01:11 01/01/2022 »
تمر الأيام، وتمضي الأعوام ..
كلُّ عامٍ يمضي، نقترب من خط النهاية، فتنقص أعمارنا، وتتراجع صحتنا، وتخور قوانا ..
عامٌ آخر مضى من عمر الزمن بما حمله من كمدٍ و همومٍ و شجن، وعام جديد أقبل، لا نعلم إن كان مُجلِباً لبشائر الخير والفرح، أم لمزيد من الكوارث والمحن ..
عامٌ جديد، لا نعلم ما يحمله لنا، وعامٌ مضى، توشّح بالسواد شعبُنا ..
عامٌ مضى، وعامٌ أتى .. ودّعنا واحداً، ونستقبل آخر ..
وبين القديم الذي مضى والجديد الذي أتى، تضجُّ حياتنا، ويتردد صدى أمنياتنا ..
ومثل هذا التردد بين ماضٍ لم يعد لنا قدرة على التأثير فيه، وحاضر لا نملك منه شيئاً، ومستقبل لا يمكننا التكهن بما فيه، نبقى تائهين بين ماضٍ جميل، وحاضر مؤلم، ومستقبل مظلم، نرى أنَّ حاضرَنا أفضل منه، فالأمس أفضل من اليوم، واليوم أفضل من الغد ..
ثمّة عام جديد حلَّ .. ثمّة رؤىً وأحلام وأمانٍ حائرات، وثمّة خطط وقدرات وطاقات، وثمّة صخور وحواجز وعقبات، وثمّة إنسان يبحث عن السلام، ويحلم في العيش بأمان ..
كل يوم يمضي من العمر، يمنحنا الخبرة ويمكّننا من اكتشاف حقائق جديدة، ويجعلنا في حالة بحث مستمر من أجل حياة أفضل وواقع أجمل، حتى تصبح أمور حياتنا أكثر سلاسة وأسهل ..
إذن، لماذا يتشبّث الناس بالماضي دائماً، ويقولون إنّه أجمل من الحاضر؟
إنَّ ذلك ليس من باب التشاؤم ، بل الواقع يعبّر عن ذلك، فلو رجعنا للماضي وتفاصيله، وشاهدنا الحاضر وصوره، لقلنا أنَّ الماضي حقّاً كان أجمل وأفضل من حاضرنا، وهذا رأي الأغلبية التي تردد وتقول: ما أحلى أيام زمان، فهم في حنين واشتياق إلى الماضي البعيد، بما يحمله داخلهم من ذكريات وقصص جميلة.. فعلى الرغم من صعوبة الحياة وقساوتها في ماضي الزمان، إلّا أنّ  التواصل والترابط الأسري، وصلة الرحم كانت أقوى ممّا هي عليه الآن، لأنَّ ذلك يتناسب عكسياً مع التطور، فكلّما تقدمت الحياة وتطورت، تراجعت الروابط الإجتماعية، وضَعُفَت العلاقات الإنسانية ..
وحاضرنا يقول: رغم المعايير العالية للرفاهية، بفعل تأثير التقدم العلمي والتكنولوجي على مظاهر الحياة، ورغم سهولة التواصل بين الناس، إلّا أنَّ الترابط الأسري مفقود والروابط الاجتماعية في تراجع مستمر، حتى النفوس لم تسلم من الإصابة، ففي الماضي كانت النفوس نقية طاهرة، رغم الفقر والجهل والعوز، أما في وقتنا الحاضر، ومع تقدم العلم والانفتاح، أصبحت النفوس تمتلىء بالحقد والكراهية والبغضاء، ناهيك عن الشعور بفقدان الثقة والأمان، فقد سيطر هذا الشعورعلى الجميع وأدخلهم في دوامة، أفسدت عليهم حياتهم وكل إحساسهم بالأمان، في ظل ضغوط فظيعة وخوف من مستقبل مجهول وحاضر مقلق وضعف في الإيمان، ومع محاصرة العديد من الأزمات المتتالية والمتلاحقة التي كان لها تأثير مباشر على حياة الناس و شعورهم بالخوف من المجهول، وما أقسى هذا الشعور الغريب المؤلم، في أن نشعر بأنّنا وسط أمواج متلاطمة، نبحث عن الأمان ..
وهنا نتساءل :
لماذا نقبع في دائرة الأسوأ، كـ ( حاضرنا ) دائماً ؟
هل نحن لا نعرف كيف نعيش، أم أنّنا نعيش من أجل أن لا نتعلم كيف نكون في وضع أفضل من الماضي، أم أنّنا نركض دائماً وشبح الماضي خلفنا، يطاردنا ؟
لماذا ماضينا أحلى دائماً من حاضرنا ؟
إنّها مجرد أسئلة تبحث عن إجابة مقنعة .. 


   
 




غير متصل lucian

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 3345
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: عامٌ آخر مضى ..
« رد #1 في: 06:05 04/01/2022 »
اقتباس
إذن، لماذا يتشبّث الناس بالماضي دائماً، ويقولون إنّه أجمل من الحاضر؟

إنَّ ذلك ليس من باب التشاؤم ، بل الواقع يعبّر عن ذلك، فلو رجعنا للماضي وتفاصيله، وشاهدنا الحاضر وصوره، لقلنا أنَّ الماضي حقّاً كان أجمل وأفضل من حاضرنا، وهذا رأي الأغلبية التي تردد وتقول: ما أحلى أيام زمان، فهم في حنين واشتياق إلى الماضي البعيد، بما يحمله داخلهم من ذكريات وقصص جميلة.. فعلى الرغم من صعوبة الحياة وقساوتها في ماضي الزمان، إلّا أنّ  التواصل والترابط الأسري، وصلة الرحم كانت أقوى ممّا هي عليه الآن، لأنَّ ذلك يتناسب عكسياً مع التطور، فكلّما تقدمت الحياة وتطورت، تراجعت الروابط الإجتماعية، وضَعُفَت العلاقات الإنسانية ..

رابي الاستاذ كمال لازار بطرس المحترم

انا شخصيا كنت قد بحثت عن اجابة لسؤال وهو لماذا هناك بشر يشعرون بان حياتهم تبدو قصيرة وهناك من يشعر بانها كانت طويلة؟ وهذا السؤال اهتميت به خاصة وان اكثرية من يشعر بانها تبدو طويلة هم من الشرق، ومن يشعر بانها تبدو قصيرة اغلبهم من الغرب. انا كنت قد بحثت عن اجابة علمية لهذه الاسئلة. فانت لو اتيت بشخصين اعمارهم لنقل هي 85 سنة، احدهم من الشرق والاخر من الغرب، فان الغربي سيقول لك بانه يشعر بان حياته كانت افضل من الناحية المادية ووجود الامان والحريات الخ، ولكنه قد يقول لك بانه يشعر بان حياته وكانها كانت مجرد بضعة ايام. اما الشرقي فهو حتما حياته امتلكت ظروف سيئة من ناحية الشعور بالامان وغياب الحريات الخ، الا انه قد يقول لك بانه يشعر بان حياته تبدو بانها كانت طويلة.

السبب في ذلك هو في وجود الذكريات من عدمها. وانا ارى بان الذكريات بغض النظر عن هل كانت في وقتها جميلة ام لا، فان الذكريات هي في كل الاحوال مهمة جدا. العلم يقول بان سبب شعور البعض بان الحياة تمر بشكل سريع جدا بحيث تبدوا وكأن سنين طويلة كانت مجرد بضعة ايام، يعود سبب ذلك الى ان هؤلاء لا يمتلكون ذكريات.

كيف تنشاء الذكريات؟ الذكريات تنشاء عن طريق ترابط اجتماعي مع الاخرين ، وابرز هكذا تواصل وترابط هو الترابط الاسري والعائلة والاقرباء والاصدقاء الخ ، فالذكريات هي المشاركات بينهم، من زيارات، مشاركة في الاعياد، مشاركة في الافراح والاحزان الخ هذه كلها تخلق ذكريات. مشكلة الغرب هي انهم بعد ان اضمحل الترابط الاسري واختفت علاقات الاقرباء واصبحت الحياة الذهاب الى العمل بعدها ربما احتساء شخص لوحده البيرة في مكان ما ومن بعدها ينام او قد يلتقي ربما بشخص اخر لفترة قصيرة وبعدها لن يراه اطلاقا هذه كلها جعلت الانسان يعيش بدون ذكريات.

من ينظر الى الماضي ، فهو براي يحاول ان يتشبث بالذكريات، فما يميز الانسان عن باقي الكائنات هو انه يمتلك الذاكرة، والحياة هي تصبح في الاخير مجموع الذكريات .

فاذا كانت شروط نشوء الذكريات قد اختلفت في المنطقة التي تعيش فيها ، بحيث ادت الى ما ذكرته انت في بداية موضوعك ، حيث تقول :
" تمر الايام ونحن لا نشعر بها..تمضي السنون، ونحن لا نحس بها.."

فهذا الشعور هو براي ليس ناتج بان الماضي كان اجمل او احتوى ذكريات جميلة، وانما لان الماضي امتلك ذكريات اكثر وكنت تشعر بان الايام والسنين كانت طويلة، حيث كنت تعيش اليوم بكل ثوانيه مع وجود ترابط اسري واجتماعي واصدقاء الخ وهذه الاسباب شرحتها انت بالتفصيل ولا داعي بان اعيدها.

ملخص: مشاركتي كانت للمشاركة في سؤال كنت قد اهتميت به حول "لماذا تبدو الحياة عند البعض وكأنها كانت بضعة ايام ، اي لا يشعر بالسنين وهي تمر" ، اذ وجود الذكريات هو العامل الحاسم، وتوفر وتكوين الذكريات ليس بالامر السهل فهو يحوي عدة شروط، وهي تلك التي شرحتها انت في تواجد ترابط اجتماعي واسري الخ. وانا اضيف اخيرا، بان ترابط وتواصل اجتماعي واسري يحتاح الى العيش في مكان مشترك، من الافضل ان يكون هناك عيش بين ابناء نفس الشعب من الذين يمتلكون ايضا خصوصية ثقافية مشتركة...

غير متصل كمال لازار بطرس

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 160
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: عامٌ آخر مضى ..
« رد #2 في: 21:50 22/01/2022 »
أخي لوسيان ..
في البدء، أعتذر  عن هذا التأخير في الرد على تعقيبك على المقال، وذلك بسبب ظرف صحي طارئ، ألمَّ بي لأكثر من أسبوعين ..
وافر الشكر لكم على مروركم اللطيف، وتعقيبكم المسهب على المقال ..
لا شك في أن الماضي جميل، وكلٌّ منا يتمنى أن تعود به الأيام إلى الوراء، إلى ما مضى و انقضى من العمر ، إلى أيام الصبا و الشباب، ولكن هيهات ..
نعم، الماضي جميل، ولكن التعلق به نوع من أنواع الموت البطيء ..
مرةً أخرى أشكركم ..
لك عاطر تحياتي ..