المحرر موضوع: أمنيات جديدة تتكرر كسابقاتها  (زيارة 807 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل شمعون كوسا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 200
    • مشاهدة الملف الشخصي
أمنيات جديدة تتكرر كسابقاتها
شمعون كوسا

لقد تمنيتُ كثيرا في حياتي ، وكنت احتفظ بها دوما في سرّ نفسي .  فكرت يوما بإطلاقها علنا من أعالي الجبال ، وعندما لم تلقَ طلباتي استجابة ، انحدرتُ عند سفوح الجبال لقراءة غيرها  بصوت عال، وعندما لم احقق هنا ايضا تقدما ملحوظا، قلت لماذا  لا أجرب اليوم حظي لأطلاق أمنياتي فوق الاشجار . أعجبتني الفكرة كوني مُطلاّ على حديقة صغيرة تضمّ بين ساكنيها مجموعة من اشجار باسقة  طال عمرها ، فطفقتْ تمتدّ في هاماتها صعودا ، وتزداد جذورها تأصّلاً وتعزيزاً لعمقها. قمت واخترت شجرة في وسط الحديقة ، شجرةً  توفر لي بعض مداسات لا بدّ منها للتسلق  . بعد محاولتين ، افلحتُ في خطوتي الاولى وتابعت التسلق مستندا على عقود الشجرة  وبعض اغصانها المتكسرة ، الى ان بلغت منتصف الشجرة ، وهناك حطـّيتُ رحالي .
كان الفرع الذي اخترتُه، غصنا قويّا. جلست عليه قليلا كي التقط انفاسي وافكر في ما سوف اتمناه لهذه السنة وكيف سأصوغ طلباتي.  وبينما كنت رافعا رأسي ، منشغل الفكر، أبصرت بعض العصافير تتجه نحوي وتستقر على اغصان صغيرة بقربي.  خلتها في البدء ، قادمةً للاحتجاج على احتلالي حيزا مخصصاً  لها ، من اغصان قد تحطّ عليها  أو أعشاش  تأوي اليها ، غير انها عندما استقرت بهدوء ، ايقنت بأنها قادمة للترحيب بيّ . الوفد الصغير ازداد عددا إلى ان رأيت نفسي  محاطا من كل الجهات  ، بطيور مختلفة الاحجام والالوان.   
احسستُ بحرج أمام هذا الحشد الكبير من الطيور ،  ولكي  اخفّف من  وطأة حرجي وازيل الغموض الذي يكتنف حضوري بينها ، قلت لها باني تسلقت الشجرة  لاطلق تمنياتي للعام  الجديد.  وبعد ان قمت بشرح بسيط  ، هبّ طير صغير ليقول: انها فكرة جميلة ، وانا بنفسي سأحمل احدى رسائلك ، وتبعه عصفور آخر متبرعا بحمل الرسالة الثانية ، واذا بالطيور ، الواحد تلو الاخر ، يعرضون  خدماتهم في القيام  بدور ساعي البريد .
قلت لهؤلاء المتبرعين من اخوتي الطيور : انا ممتنّ جدا لترحيبكم واستعداداتكم، لاني كنت فعلا حائرا في كيفية اطلاق الامنيات وايصالها الى عناوينها ، لاني فعلا كان يساورني  شك كبير في مصير تمنياتي السابقة التي اطلقتها عبر الاثير.  على الاقل سأكون الان مطمئنا لبلوغ الرسائل الى الجهات المعنونة لها. ولكني من جهة أخرى، لا زلت حائرا في اختيار أمنياتي .
انتفض احد الطيور المتقدمين في السن نسبيا ، وقال: انا اعرف انك  من العراق ، بلد لم يذق طعم الراحة منذ سنوات عديدة . يا صاحِ ، أتنقصك المادة لصياغة احدى أهمّ امنياتك؟ أعقبه طير آخر وقال: هل ان ما يعانيه العالم الان أمر هيّن ؟ هل موضوع الوباء الذي بدأ ويرفض كل اتفاق للمغادرة أمر يسير ؟ الم يسبق لك وان كتبت  عن نفس الموضوع؟  لماذا لا تطلق امنيتك بحرارة مكررا  دون انقطاع  كلمة يا ليت ،  لعلك ستحصل على نتيجة.  وهبّ  طير آخر كان قد رفع اصبعه منذ البداية ليقول : هل تجد طبيعيا وضع العالم وسط تلوث يتفاقم في كل دقيقة وفي كافة الميادين ؟  اليس هذا موضوعا في غاية الاهمية؟ أما الطير الرابع تقدم بهدوء عميق ليقول : ألا يجدر بك ان تعيد الى الاذهان وفي كل مناسبة متمنّياً  بحرارة ان يعود الناس الى الاخلاق الحميدة ، والى مبادئ نسوها وابتعدوا عنها كثيرا . ألا تمثل هذه القيم  الاساسَ المتين لديمومة مجتمع يودّ العيش والتعايش بسلام ووئام؟
قلت لجمع الطيور ، إن ما ذكرتموه هو كافٍ ووافٍ ، وبما انكم اصحاب الافكار الاساسية ،  لماذا لا تكمّلون فضلكم عليّ وتجّنبوني مشقة صياغتها ؟  قام الطير الاول فقال : انا اعرف بلدكم وتاريخه ، بلد عريق متحضر . لذا ، ابدأ مباشرة بتأنيب مسؤوليه  لاقول : باعتقادي انكم على بيّنة تامة بانكم  على رأس بلد عريق ، سكنته اقوام اشتهرت بحضاراتها ، بحيث كان  يُدعى   بلدكم هذا مهد الحضارات . ألا تخجلون لممارساتكم التي أطفأت شعلة هذا البلد ، بعدما كانت تهتدي بها الامم ؟  بلد لم يكن يعرف الا الحرية ، أتيتم لتكبتوا على انفاسه وتكبلوه بقيودكم  ، بلد لم يعرف غير البحبوحة ، فاتيتم انتم لتصيّروه  فقيرا مستجديا عبر جشعكم  وفسادكم. فاذا كان العراقيون قد انتخبوكم ، اليس لكي  تقوموا بخدمتهم وليس لانتهاز الفرصة  لتحقيق مصالحكم ؟ اتيتم فجردتم الشعب من كل شئ بحيث افقدتموه كرمه وانفتاحه على الاخرين.  يا ليتكم تعودوا عن غيّكم وتعيدوا للعراق هيبتَه ومكانتَه .واقول أيضا :  الى  متى يبقى هذا البد مضطربا لا يقبل الاستكانة ؟ هذا البلد الذي كان قد انفتح على العالم بسعة افكاره واشعاعه ، لماذا تقهقر واصبح لا يؤمن برسالته ، فاتجه بالمتاجرة  بالدين والطائفية والمذهبية .  كان يجب ان يكون العراق بلد الجميع. يا ليت ان يستجاب هذا الطلب الملحّ جدّا الذي لولاه سيفقد البلد هويته.
اما الطير الذي اختار المجال الصحي ، جاء مبتهلا : يا ليتنا جميعا ، نتخلص من وباء ، بدأ غامضا واستمر غامضا لحدّ الان ؟ لقد  دخلنا دوّامة لن تتوقف. امنيتنا الحارة هو ايجاد مخرج من النفق الذي بتنا نجهل طوله، فلا نكاد ننتهي من سلالة الى ان يتم الاعلان عن سلالة اخرى اكثر ضراوة . الى متى يبقى الناس  محرومين من ابسط متعهم ، الى متى يبقى الناس مكمّمين ملثمين خائفين من بعضهم البعض ، بحيث اصبحوا مشروعا لممارسات صحية متناقضة ، ومختبرا للقاحات لا تحصى الى  تحوّلت اجسامنا ، بفضل الابر المتكررة ، الى شبه  مناخل . يا ليتنا وليتكم تنجون من هذه المحنة.
اما الطير المكلف بمعالجة البيئة فانه قال : لا يأبه الناس كثيرا لهذا الموضوع ، ولكن حياة البشر اصبحت رهن السيطرة على هذا المجال .اقول هذا لان التلوث بات  ومنذ سنوات ، يهدد الحياة بكافة ميادينها ، من بشر و طير وحيوانات ونباتات ، اوهواء وماء وطعام . انه الانسان ، ومع سبق الاصرار ، يصنع بيده هذه السموم واسباب الموت البطيء . لم يعد هناك شئ على حاله الاول . يا ليت يعي الناس ، لاسيما المسؤولون ادارة هذه الافة المتفاقمة،  ويتيقنوا بانهم متجهون نحو نهاية البشرية . لقد شوّهوا خليقة أوجدها الله طاهرة خالية من اي دنس ، لم تكن الطبيعة تحتاج الى اجتهاداتهم لتحسينها ، يا ليتهم يتخلون عن الجشع والمطامع اللذين  يقودانهما ، فيتركون الطبيعة وشأنها .
اما الطير الحائز على دبلوم الآداب ، فانه اعرب عن امنيته  بصوت خافت ، وبرصانة وجدّية ، وقال : اين انتم من مبادئ تربّيتم عليها ؟ لماذا نسيتم الاخلاق والفضائل ؟ لماذا لم يبقّ وجود للحبّ والتسامح ؟ لماذا ابتعد الناس عن التضحية وخدمة المحتاجين ؟ لماذا انقاد الانسان تماما لأنانيته التي جعلته يدوس حتى على ضميره ؟ يا ليتكم تفكرون مليّا بهذا الموضوع فتعودوا الى احترام الكبير واسعاف الضعيف . لِتتكرّر هذه الامنية كي تغدو الابتسامة معبرة عن صدقها في الطيبة والتسامح والخدمة والتضحية . ألم تكن الاخلاق دوما اساسا  لقيام المجتمعات؟
كان كل طير يصوغ امنيته ، وينطلق بها الى الأعالي . عند خلوّ الشجرة من الطيور ، تركت مكاني ونزلت منشغل الفكر بالدرس الذي القته عليّ  الطيور . هل سيفلح الطيور بما لم افلح به انا ؟ كنت متفائلا  بمبادرة الطيور ، بالرغم من دندنتي  لأغنية فريد الاطرش ، يا ليتني طيرا لأطير حواليك، والتي تنتهي بمقطع يقول : كلمة يا ليت عمرها لا تعمّر بيتا  ، بقيت متفائلا !!!


غير متصل وليد حنا بيداويد

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 3064
    • مشاهدة الملف الشخصي
رابي شمعون كوسا
شلاما رابا

كتبت تعليقا جميلا ولكن الكومبيوتر انطفأ على غفلة وكان التعليق (ان الذي يحدث في كوردستان يوازي ما تفعله الراسمالية بهدف القضاء على البشرية)
وسؤالي الم تقول تلك العصافير التي جاءت لتساعدك متى سيحق للبرلماني الكوردستاني ان يتحدث عن النفط الابيض ولا يقطع عنه الصوت؟ يعني على الاقل شوية من الديمقراطية الكوردية
الم تقول تلك العصافير ايضا اين يوجد الحطب والقليل من الاشجار اليابسة في كوردستان ليشعلها الشعب الكوردستاني لتدفئة اطفالهم؟
او لم تسال العصافير اين يهرب النفط الكوردستاني، بعض العصافير جلبت لنا الاخبار ان القليل من عائداتها 300000000 مليون دولار هي في البنوك اللبنانية
انا اخجل ان اسال تلك الطيور الم تقول ان الحصص الارزاق المسروقة اين تذهب؟
ما بقى عندي الا سؤال اخير يا عصافير فتشوا وشوفوا من يسرق اسف اسف يا عصافير من يستقطع رواتب الشعب الكوردستاني والى متى الاستقطاعات؟
عاشت اناملك رابي شمعون 

غير متصل شمعون كوسـا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 219
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
اخي وليد بيداويد

لقد خطر ببالي الاقليم ، ووشوشت باذن رئيس وفد العصافير اذا كان بيتهم من ينطق بالكردية ، فاجابني بان المختص بشؤون الشمال قد طار صوب الجبال في هذه الايام . اخي وليد هل تعتقد بان منطقتكم تختلف عما يجري في العاصمة ، انه نفس الانسان وبنفس الاستعدادات والاهواء والااطماع . كل ما يحدث لدينا هي مسلسلات تتوالى بحلقات متشابهة.لعلي في تمنياتي المقبلة ساعثر على طير من منطقتكم لاحصل على جواب عن تساؤلاتكم!!!! شكرا لمداخلاتك التي اعتز بها .