المحرر موضوع: مفهوم التأوين بين السيد المسيح والبطريرك ساكو الجزء الأول ( التأوين في فكر السيد المسيح )  (زيارة 1454 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

متصل Husam Sami

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1079
  • الجنس: ذكر
  • ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
  الجزء الأول
المقدمة : لنبدأ بذات المقدمة لغبطتكم : مقالي عن التأوين والتحديث الذي سأنشره اليوم على موقعيّ عينكاوا وكلدايا جاء تلبية لما نشره غبطتكم على موقع البطريركية تحت الرابط (https://saint-adday.com/?p=47359 ) والذي لا يسمح لنا ولآخرين معينين النشر فيه ولا التعليق ... بالتأكيد نحن نعلم من هو الشخص الذي استفزك لتكتب مقالتك تلك بشأن التأوين ... لكن السؤال الملح : لماذا اليوم استوجب على غبطتك ان تثير هذا الموضوع على الرغم من ان ذاك الشخص الذي تقول عنه انه دائم ومستمر في نقد كل ما تكتب ... وجوابنا لغبطتك هو ان هناك ما يراد تمريره في عدم التركيز عليه واشغال الآخرين به وخاصةً بعد ان رتّبت الخطوط لتعيين الحكومة من خلال المعطيات الجديدة ومحاولاتكم الحثيثة للبحث عن مكان فيها حيث شهدنا وسنشهد تحركات من اجل ( التفتيش عن ظهر جديد " قفا " جديد وكما اطلقت عليهم غبطتك في الفيديو الورطة " يغطون اسفلم " أي ظهورهم خلفيّتهم ) لتكملة مشوار الأمس ... !! ما علينا من هذا كلّه فالتحركات المشبوهة ستفرز لنا النتائج والمستور اليوم سنكشفه غداً بمشيئة الرب .. وبما ان لموضوع التأوين خطورة اجتماعية حضارية لكونها سيف ذو حدّين لذلك استوجب ان نقدم ما فهمناه من خلال دراستنا للكتاب المقدس وتأملنا في نصوص السيد المسيح ومن خلال دراستنا لمشروع غبطتكم بذاك الشأن عسى ان نفلح في توضيح تلكم الحدين ..
1) كيف فهمنا التأوين في فكر السيد المسيح ... ؟ :[/color] اخذت منّا مفردة التأوين " التحديث والتجديد " في فكر ربنا يسوع المسيح مساحة دراسية تأمليّة كبيرة كانت بدايتها من كتابتنا لكتاب ( الوصايا العشرة ) حيث كان لنا بحث مقارن بين ( قانون الله وقانون الإنسان أي شريعة الله وشريعة الإنسان ) بين حمورابي وموسى . فما كان منّا إلاّ ان توصّلنا من خلال نصوص سيدنا يسوع المسيح انه ولج ذاك المفهوم وعمل عليه بشكل جرئ وخطير بحيث اتهمه الكهنة المؤسساتيون واتباعهم بأنه جاء لينقض الناموس ويغيّر شريعة الأنبياء (( متى 5 : 17 – 48 )) ... بدأ الرب يسوع ثورة التجديد والتحديث بكلمات خطيرة : ( ان كانت تقواكم لا تفوق تقوى معلمي الشريعة والفريسيين . لن تدخلوا ملكوت السماوات " كانت هذه هي المقدمة ثم دخل الرب إلى عمق التحديث بتحدي ولا اعظم منه (( سمعتم انه قيل لآبائكم ... ويختمها : وانا أقول لكم  )) وهنا تكمن روعة الحداثة والتجديد ( قيل لآبائكم ... الموروث الذي يحتاج للتجديد لأنه لا يواكب التطوّر المجتمعي الذي يقدّر بألف ومائتا عام .. كذلك يذهب إلى موروث القداسة الذي بقى جامداً لكل هذه الفترة فلم يتغيّر بل ازداد في عنجهيّته وتكبّره وانفصاله عن الشعب ليكوّن طبقة من المؤسساتيين تشكّل ترتيب مجتمعي مبني على النخبة ( اذا لم تفوق تقواكم تقوى معلمي الشريعة ... ) وهنا يعمم التقوى " القداسة " على عموم البشر " تحديث آخر خطير " وليست شهادة تمنحها المؤسسات حيث ان التقوى " القداسة " هي شهادة إنسانية تجيز لحاملها تجاوز شهواته ( أي مصالحه الشخصيّة للصالح العام أي الإنسان الآخر ) أن هذه النصوص ملأت الكتاب المقدس لكن الذي يؤمن بها يستطيع ان يراها وتبقى غائبة عن آخرين ... إذاً من الذي كان يحافظ على ذاك الموروث ... ؟ هم المؤسساتيون من الكهنة والفريسيين للمحافظة على امتيازاتهم " مصالحهم " لذلك حسبوا على التخلّف ... فيقول الرب عنهم ( لا انتم داخلوها ولن تسمحوا للآخرين ان يدخلوها ... ويقصد هنا الملكوت ... كذلك فسرها البعض انهم : لا يرحمون ولا يدعون رحمة الله تنزل على البشر ) وهنا وصفهم الرب ( عميان يقودون عمياناً والجميع إلى الحفرة ماضون ) (( انه موروث التخلّف الذي يحسب على المصالح )) وهنا لا بد ان نقول اين مفهوم الحداثة من كل هذا ؟ ... انه في كلمة ( وانا أقول لكم ) وهنا يدخل السيد المسيح في شرح التأوين والتجديد فيشرح ماذا كان في تصريف لا تقتل " العين بالعين والسن بالسن " فيعطيه بعداً حضارياً انسانياً .. وينتقل إلى الوصيّة ( لا تزن فيحررها من مفهومها الضيّق الجسدي الجنسي ويعطيها بعداً ولا أروع فيصف الزنا على انه خيانة ) ثم يتطرّق إلى العلاقات الزوجية " الزواج والطلاق " فيصل إلى القسم وحلف اليمين وتصريفه فيلزمه بقداسة الله ومدينته المقدسة بل يصل إلى موقع الإنسان في منهج قداسته فيطلب منه ان لا يحلف برأسه لأن الرأس هو مركز العقل وجوهر فكر الإنسان ومنه وبه يتّصل بالرب إلهه
2 ) الخلاصة :
أ ) ان فكر السيد المسيح وهدفه من عمليّة التأوين " التحديث والتجديد " طالت كل ما هو دخيل على علاقة الله بالإنسان والذي كان للإنسان دور في خلقها والتشبث بها وتثبيتها حماية للمصالح الفئوية المؤسساتية .
ب ) كذلك طالت كل ضرر أصاب الإنسان من أخيه الآخر لبناء ملكوت الأرض الذي سعى قداسته ليكون فاضلاً مقدساً بتسلّط فئة فرضت نفسها على انها الوسيط بين الله والشعب وان بيدها مفاتيح الملكوت وبيدها توزيع حصص القداسة أي انه عالج ( استعمار الإنسان لأخيه الإنسان ) .
ت ) ان صراع التأوين " التجديد والتحديث " كان بين طرفيّ المعادلة الرئيسيين : الأول من خارج المؤسسة الدينية المتمثل بسيد التأوين الرب يسوع المسيح الذي كانت رؤاه تنصب على تحرير الإنسان من عبودية الشريعة ( التصريف لموادها الخاصة بعلاقة الإنسان بأخيه الآخر " الخمسة الأخيرة " ) والطرف الثاني : الذي هو بمثابة المحافظ على الشريعة من عدم المساس بها والمتشبثين بإبقاء التخلّف رمزاً لاستمرارهم بالسيطرة على عقول الشعب ...
ث ) نتيجة ذلك الصراع وقتها ان تم صلب التأوين " التجديد والتحديث " بما يتصوّره المتخلفون انه انتصار لتخلّفهم وهم غافلون بأن (( التأوين يخلقه تطوّر الفكر البشري الإنساني الذي لا حدود له )) وسيبقى التأوين بين ذينك الطرفين يتراوح بين عقول سيطرت عليها خرافات التخلّف وبين عقل الله الكامل الذي يبيح تطوّر الفكر البشري نحو طريق القداسة ليتواصل مع تكامل الله والمتمثل بكلمته الممجد السيد المسيح يسوع .
3) المصادر :
أ ) نصوص العهد الجديد وتعاليم السيد المسيح
ب ) مقتطفات من كتاب ( المسيح " الإنسانية " بين استعمارين التقني والكهنوتي )
ت ) كراس ( السيد المسيح ابتدأ بالتقليد وانتهى بالخصوصية )
ث ) كتاب ( الوصايا العشرة )
 إلى الجزء الثاني بعنوان ( التأوين في فكر البطريرك ساكو المحترم )
الرب يبارك حياتكم واهل بيتكم
       الخادم   حسام سامي  12 / 1 / 2022     


غير متصل Michael Cipi

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 5233
    • مشاهدة الملف الشخصي
أخي حـسام
لو باقـية عـلى التأوين ... كان إحـنا هـمّـيـنا تأوّيـنا من زمان

غير متصل يوسف ابو يوسف

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 6323
  • الجنس: ذكر
  • ان كنت كاذبا فتلك مصيبه وان كنت صادقا المصيبه اعظم
    • مشاهدة الملف الشخصي
أخي حسام تحية لحضرتك وكل المطلعين الكرام:

أسمح لي أن أدلي برأي البسيط في جزئية من مقالك هذا الذي تقول فيه ( كيف فهمنا التأوين في فكر السيد المسيح ... ؟ اخذت منّا مفردة التأوين " التحديث والتجديد " في فكر ربنا يسوع المسيح مساحة دراسية تأمليّة كبيرة كانت بدايتها من كتابتنا لكتاب ( الوصايا العشرة ) حيث كان لنا بحث مقارن بين ( قانون الله وقانون الإنسان أي شريعة الله وشريعة الإنسان ).... (( سمعتم انه قيل لآبائكم ... ويختمها : وانا أقول لكم  ))  ), أحب أن أقول هنا أن شريعة الأنسان ممكن أن ينالها (التأوين) بحسب المعنى الذي يستخدمه غبطة البطريرك لهذه الكلمة أي التحديث والتجديد لأنها من صنع البشر لكن شريعة أبينا السماوي ثابته ولا نستطيع أن نقول عنها يشملها التأوين بأي صورة من الصور لأنها في هذه الحالة ستنطبق عليها صفة عدم الكمال! وحاشا للرب أن تكون شريعته ناقصة أو تحتاج الى تحديث وتجديد أو على الأقل أصابها الصدأ وتآكلت!! فقصد سيدنا المسيح بقوله (وانا أقول لكم) أنما هنا يُريد أن يقول للجمع هلموا أيها المعصوبي الأعين والذهن وأفهموا ماذا يُريد الرب ويبدأ بتنوريهم وشرح المراد من هذه الوصايا لهم, بدليل ما ذكرته حضرتك عزيزي من قول فادينا (لا تَظُنُّوا أنّي جِئتُ لأُبطِلَ الشَّريعَةَ وتَعاليمَ الأنبياءِ: ما جِئتُ لأُبطِلَ، بل لأُكمِّلَ(متى 5\17)) وعليه أجد أن ما قام به السيد المسيح هو شرح للعمي الذين يقودون عميان معنى الوصايا العشر وتعاليم الأنبياء وأوضح المعنى الحقيقي المراد منها موضحاً لهم ما كان خافي عنهم من المعنى المراد منها, وبهذا جدد وحدث طريقة التفكير عند البشر لفهم ودراسة كلمة الله والمراد منها, وكلنا نعلم أن البعض من رجال الدين يُأوّل التعاليم والوصايا حسب مصالحهم الخاصة! وهؤلاء تكلم عنهم السيد المسيح كثيرا وبكتهم أكثر من مرة!! وهكذا هُم اليوم البعض منهم أيضا!!! يحللون ويحرمون حسب مزاجهم! فيصفق لهم البعض من الأنتهازيين والمتملقين! ويختلف معهم البعض, لا بل يحذرهم من سلك هذه الطريق وعواقبها! وفي الأخير واحد هو فقط الذي وطئت قدماه الأرض ولم يخطئ ونحن كُلنا نحتاج الى المغفرة والرحمة من أبينا السماوي.

ربنا يباركك عزيزي حسام وعائلتك آسف اذا كنتُ قد أطلت, تقبل تحياتي.

                                         ظافر شَنو
لن أُحابيَ أحدًا مِنَ النَّاسِ ولن أتَمَلَّقَ أيَ إنسانٍ! فأنا لا أعرِفُ التَمَلُّقَ. أيوب 32.

متصل Husam Sami

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1079
  • الجنس: ذكر
  • ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الأخ العزيز مايكل سيبي المحترم
شكراً لمشاركتكم موضوعنا ... بالتأكيد نحن ايضاً كبشر نلزم نفسنا بعملية التأوين اي المقصود منها ( التحديث والتجديد ) وهذه العملية نكون من خلال مراجعة ذواتنا ... يقول المتبحرون في اللاهوت والكتاب المقدس ان علينا ( مراجعة افكارنا وقراراتنا بين حين وآخر ) والغرض من المراجعة للوصول إلى معرفة الطريق الذي نسير به ( هل يتلائم وفكر الرب الإنساني ام ربما يصيبه التلكؤ ) . الرب يسوع يعطينا مثال رائع للمراجعة التي تستلزم بعدها مباشرة عملية التحديث ( المراجعة ثم التحديث ) وهي في نصه مع الرسل عندما يقول لهم : خير لي ان ارحل وان رحلت ارسل لكم الروح القدس ليسكن فيكم ... والآن لو تساءلنا ما هي مهمات الروح القدس عندما يسكن فينا ؟ ... انها مهمات مراجعة اعمالنا واقوالنا اي اهدافنا لأنه سيكون بمثابة ( الضمير الأخلاقي الإنساني ) الذي سيرشدها للطريق ما ان سهينا عنه ... انه المراجعة لغرض التجديد والتحديث .. اي التحديث للعودة للمسار الصحيح ... مثال آخر من العرف الأيديولوجي السياسي ... نظرية ( الستراتيجية والتكتيك ) فالأستراتيجية هي الطريق الرئيسي المرسوم للوصول إلى الهدف ويكون ثابتاً لأرتباطه بالآيديولوجية لأنه طريق تحقيقها .. إذاً ما هو دور التكتيك هنا .. ؟ التكتيك هنا هو كذلك الطريق القصير للعودة للإستراتيجية حين وجود معرقلات ومصاعب انه مراجعة لما يستجد من الأحداث الغير محسوبة التي تعرقل مسيرة الخطّة ( اي استراتيجية عملها ) لذلك فالتكتيك ( مهم جداً ) لتجاوز تلك المعرقلات ... انه المراجعة ... وكل مراجعة وان كانت في حساب المؤسسات الدينية او السياسية فأنها ( حياة لأستمراريتها على المنهج الأصيل ) إذاً فالتجديد والتحديث هو ( عامل لوقف ابتلاع الإيديولوجيات القديمة والذي يلازم تطوّر المجتمعات ) .
  ملاحظة مهمة : عمر الإنسان ايضاً له حكم كبير في التجديد والتحديث بل ويخضع له ... وهذه هي عوامل الطبيعة .. فلكل مرحلة عمرية في الإنسان هناك مراجعة طبيعية تحدث للإنسان ( فكر الإنسان ) تتحكّم في مسيرته يختلف بين المرأة والرجل فعند المرأة يسمى ( بسن اليأس ) ويبدأ بعد ( الأربعين من عمرها .. معدل وليس ثابت ) اي بعد ان ينقطع الطمث عنها ... فتبدأ مرحلة عمرية جديدة في حياتها مكمّلة لمراحل ( الطفولة والشباب " المراهقة " ... وصولاً إلى مرحلة الشيخوخة ) هذه المرحلة ايضاً يمر بها الرجال ( سن اليأس ) بعد الخمسين من العمر اي ما يمكن ان ندعوه ( التحديث ) وهنا فهذا التحديث ممكن ان يأخذ اتجاهين ( الرصانة والحكمة او المراهقة الثانية والعودة لحياة الإنفلات والمغامرة واللاابالية ) ... إذاً كل كائن بشري يحتاج ( للتحديث والتجديد ) ( ان كان بفعله او مفروض عليه ) وبتحديثه وتجديده تتطوّر المجتمعات البشرية ... تحياتي الرب يبارك حياتك واهل بيتك وخدمتك
     اخوكم الخادم   حسام سامي      13 / 1 / 2022

متصل Husam Sami

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1079
  • الجنس: ذكر
  • ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
  الأخ العزيز ظافر شنو المحترم
تحياتي الخالصة .. شكراً لتواصلكم معنا ... سؤال جميل ومهم جداً يخفى على كثيرين سنحاول ان نبسط الموضوع ونشرحه من الوجهة القانونية والإيمانية وسيكون شرحنا من خلال ما سجلناه في كتابنا ( الوصايا العشرة ) فالتصبر علينا قليلاً ونعتذر من الإطالة لكونها لا بد منها لإيصال الدراسة إلى مبتغاها :
1 ) نحب ان نقول ان ما تطرقنا إليه من شرح لا يتناسب ومفهوم غبطة البطريرك ساكو لكون مبدأ التأوين ( التجديد والتحديث ) لا يتناسب مع ما قدّمه غبطته وسنفصّل ذلك وكنت ارجوا ان آخذ فرصتي في الجزء الثاني لكن ضرورة اجابتك تضطرني للكشف عن جزئيات منه لعدم احراقي الموضوع  ..
2 ) لكون حضرتك لم تطّلع على مكنونات الكتاب سنختصر ما امكن منه : لقد قارنت في الكتاب بين شريعة حمورابي ( البشرية ) وشريعة الله في ( موسى ) فكان كالآتي : الشريعتان تتفقان في انهما ( قانونيّ عقوبات ) وتختلفان في نوعية المصدر ( واحدة بشرية والأخرى إلهية بشرية ) .. إذا فالبشرية منها ( حمورابي ) فشريعته تعني تنظيم حالة المجتمع البشري أي انشاء ( دولة القانون والعدالة ) الأرضية وتحديد ( قانون للعقوبات ) ولهذا فكل شريعة بشريّة يجب ان يكون قانونها كذلك ( وقانون العقوبات يتبع نصوص ما تتضمنه الشريعة ويضع احكامها فهو " قانون وضعي " ... إذاً هو قانون اعمى لا يستطيع ان ينطلق إلى موضوع الرحمة حيث العدالة هي المصدر والأساس والقاضي هنا ملزم بتطبيق ذلك ( إذاً فالقانون الوضعي هو قانون مملكة الأرض ) ...
 اما شريعة الله في موسى فتحتوي على علاقتين متميّزتين هي ( علاقة الإنسان بالله وعلاقة الإنسان بأخيه الآخر ) الأولى تكون بمثابة الضمير الأخلاقي الإنساني للأمة حيث ان الله يكون محوراً فيها لأنه هو من ينظم تلك العلاقة وهنا نستطيع ان نلاحظ ان للرحمة أبواب كثيرة فيها لأن للمغفرة جزء كبير في برنامجها وهي تمثل ( الخمسة الأولى من الشريعة باختصار : انا الرب إلهك .. " الله يعرّف عن نفسه " -- لا تصنع لكيّ لا تعبد " أي لا تشرك معي ألهه أخرى " – لا تحلف باسم الرب بالباطل " أي احترم قداسة الله " – اذكر السبت وكرسه لي " أي خصص يوماً للرب إلهك " – اكرم اباك وامك " أي احترم من خلقك وكان السبب في وجودك " ) . وهذه اطلقنا عليها ( الثابت الخاص ) من الشريعة لأنه لا يمكن تأويله ولا التصرّف فيه ولا تغييره مهما اختلف الظرف الذاتي والموضوعي أي ( باختلاف الزمان والمكان واي تطوّر او تبديل في الوضع الإنساني ) هذه الوصايا أعطاها الرب تصوّراً وبعداً رائعاً في مثل ( الحكيمات الخمسة والجاهلات الخمسة ) فالحكيمات الخمسة اللاتي سيرافقننا إلى الملكوت السماوي هنّ الوصايا الخمسة الأولى لكونها تعبر عن شكل العلاقة مع الله .. اما الخمسة الجاهلات والتي يمثلهن ( قانون العقوبات المدني لتنظيم حالة المجتمع ) فهي خاصة بملكوت الأرض وغير مسموح بها ان تطبّق في ملكوت السماوات حيث ( لا قتل ولا زنا ولا كذب ولا سرقة ولا غيرة ولا حسد ... الخ ) ... من هنا نفهم ان شكل العلاقة الروحية في اول خمسة وشكل العلاقة الجسدية في آخرها .
3 ) من هنا نكتشف ( كمال الله في ذلك التقسيم ويد الله الحكيمة تعمل فيه ) لكونه فصل بين ملكوتين ( سمائي وارضي ) ... في الأولى اعطى الله البرنامج الأخلاقي الإنساني لكيّ يلتزم به جميع البشر من اجل سلامة " الرحمة في تطبيق عدالة المجتمع " فمن التزم ببنودها ربح علاقته مع الله والإنسان على حد سواء . وفي الثانية اعطى الله الحرّية الكاملة للبشر في تطبيق الشريعة آخذاً بنظر الاعتبار ( تطوّر المجتمعات ) ولهذا كان هناك ( نظام عقوبات يختلف في بنوده من مجتمع إلى آخر ومن بيئة إلى أخرى )
  وهنا كان للسيد المسيح وقفة جريئة ورائعة ليثبت ذلك ( سمعتم انه قيل لآبائكم ... ) وهنا يشير للتطبيق العملي لبنود شريعة الإنسان لبناء مملكته التي اطلقنا عليها في كتابنا ( الوصايا ..  بالمتغيّر العام ) الذي يطوله التغيير والتبديل نظراً لتغيّر الطبيعة المجتمعيّة في حصول التطوّر عليها ( من هنا نستطيع ان نقول ان السيد المسيح بالفعل يثبت انه كلمة الله التي لا تقف امام أي عامل تقدم للبشرية بل يشجّعها ويشد عليها لأنها نابعة من العقل البشري الذي وهبه الله للإنسان فالذي يحترم تطوّر الإنسان يحترم عقله ويحترم مصدر ذاك العقل الذي هو الله )... ( يقول السيد المسيح : خير لي ان ارحل وان رحلت ارسل لكم الروح القدس ليسكن فيكم ... وهنا نقول ان الروح القدس يسكن في عقل الإنسان أي ليكون ضميره الأخلاقي الذي يقوده لبناء المجتمع الفاضل أي ملكوت الأرض ومنه تتحقق الخمسة الأخيرة من الوصايا ) وهنا يشير الرسول بولس وسنشرحها ببساطة : ان نظام العقوبات جاء من اجل ان يحدد شهوات الإنسان بل ويلغيها لأنه مصمم للذي يخرقونه ... لكننا ونحن الذين آمنا بالرب يسوع المسيح لا نحتاج لقانون العقوبات لكوننا ارقى منه لذلك فقانوننا هو ( اللائق وغير اللائق ) لكون قانون العقوبات وضع من اجل الخطاة ليعرّفهم ( الحرام والحلال ) والذي يخطئ يعاقب في الأرض والسماء ولا وجود للغفران هنا على الأرض
4 ) عندما اتهمه الكهنة والفريسيين بأنه جاء لينقض الشريعة ويدمر تراثها ... كان جوابه بسيط جداً وحكيم ( ما جئت لأنقض بل لأتمم ) فما هو الذي لم ينقضه الرب من الشريعة وما هو الذي تممه فيها ... ؟
الذي لم ينقضه هو : الخمسة بنود الأولى أي ( علاقة الله بالإنسان " الثابت العام ) هذه البنود أكدها الرب بل وشدد عليها ولننطلق لنص حوار الرب مع الشاب الغني ( متى 19 : 16 25 ) عندما سأل الرب : كيف انال الحياة الأبدية ... ؟ وهنا أراد الرب ان يختبر إيمان الشاب فقال له ( ان اردت ان تدخل الحياة فاعمل بالوصايا وهنا يعني الرب حياة الدنيا ... ) فلم يفهم الشاب ماذا يعني ذلك فقال له : أي وصايا .. ؟ وهنا يفصّل الرب وصايا الحياة الدنيوية : لا تقتل لا تزن لا تسرق ... الخ فأجابه الغني : عملت بها كلّها فماذا يعوزني ... ؟ فاجابه السيد المسيح اذا اردت ان تكون كاملاً فاذهب وبع ما تملكه ووزع ثمنه على الفقراء وتعال اتبعني ... وهنا لنشرح ذلك على غرار ما تقدمنا به ... تكلّم الرب عن تنظيم حياة الإنسان الدنيوية بتطبيق الوصايا التي تخص بناء المجتمع الفاضل أي مملكة الأرض وعندما تحدّث عن " الكمال وان اردت ان تكون كاملاً " أي ان تحصل على ملكوت الله لأن ملكوت الله هو الكامل " كونوا كاملين كما اباكم الذي في السماوات كامل " عليك ان تبيع كل ما لديك لأن ما لديك في الأرض سوف لن تستطيع ان تأخذه معك في عالم الله ... ونعود إلى النص " اجمعوا كنوزاً في السماوات حيث لا يصلها السراق ولا تتلفها عوامل الاندثار من دود وصدأ " وهنا نأتي إلى مفردة غاية في الأهميّة وهي ( بع كل شيء واتبعني ) وهنا يتحدد كلام الرب في انه لا يريد ان يكون هناك في مجتمع الفضيلة متسوّلون بل متساوون في الأخذ والعطاء وهنا نكتشف واحدة من مبادئ " النظام الاشتراكي في فكر السيد المسيح ونصلي للرب ان يكون لنا الوقت لكيّ ننشره " ... إذاً بع كل شيء تعني ( بع مشتهياتك ) مملكة الفضيلة التي ينشدها السيد المسيح ليس فيها للمشتهيات مكان كبير ( احب اخاك كنفسك ) فهذه المحبة تقودك لأن تتمنى له الخير والتقدم بل تسعى انت لذلك له ولهذا كان للغني اموالاً كثيرة لأنه لم يهتم بأخيه ولم يساهم في رفعه لمستواه بل اهتم كيف يجمع امواله ويكثرها وهنا نعود للنص الرائع الذي يقول ( عقل الإنسان يكون خلف كنوزه ... لذلك اجمعوا كنوزكم في السماوات ... ) الكنوز تتحوّل بالوقت إلى آلهة يعبدها البشر وهنا نعود لنختلف مع الوصيّة الثانية من شريعة الله ) .. إذاً السيد المسيح هنا حذّر من التلاعب بأي شكل من الأشكال بالوصايا ( الثابتة حكماً وقانوناً وعدم المساس بها بل ثبّتها )
الآن ماهي الوصايا التي جاء لكيّ يتممها ... ؟ هي الوصايا الخاضعة للتغيير في احكامها والتي تخضع لقانون التطوّر ... وكما شرحنا في الموضوع ( حكم لا تقتل فقد سن عليه قانون يشرح عقوباته وهو " العين بالعين والسن بالسن ... أي القاتل يقتل ... فكان التحديث يشمل : النظر في جريمة القتل وتصنيفها ان كانت دفاع عن النفس او المال او العرض وان يكون النظر في مسببات القتل ... ) هكذا جدد حدّث السيد المسيح عندما اوجز ذلك بقوله : وانا اقول لكم لقد نسّب عملية التجديد والتحديث لنفسه .. أي انني اضع لكم تصريفاً جديداً غير تصريف ( موسى ومن لحقه لمواد شريعة الأرض ) او ( لقانون العقوبات ) كذلك كان مع مفهوم ( الزنا ... الذي كانت عقوبته الرجم حتى الموت وفقط شمل المرأة دون الرجل ... فكان تأوين " التحديث والتجديد " من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بأول حجر كذلك بدّل مفهوم الزنا فاعطاه بعده الرائع فنقله من الحالة الجسدية الجنسية إلى حالة مجتمعيّة خطيرة لكون الزنا يرتبط ( بالخيانة ) فمن خان زوجته خان عهده المقدس معها فقد زنا ومن خان الأمانة فقد زنا ومن خان الله فقد زنا ومن سرق او كذب او شهد بالزور ... الخ فقد زنا
الخلاصة : إذاً التحديث والتجديد طال ( تصريف احكام شريعة الدنيا البشرية لكونها تخص البشر ومملكتهم ) فقط لأن الرب الإله تركها مفتوحة لأجل ذاك ... وهذا ما نلاحظه اليوم من التحديث الذي نوّه عنه السيد المسيح في القوانين الوضعية للمجتمعات وهي الهام العقل البشري لتعاليم سيدهم يسوع المسيح ( فالمجرم برئ حتى تثبت ادانته وعندما يدان ينظر في أسباب الجريمة التي فيها يبرأ او يدان ... والسارق والزاني والكاذب كل له احكامه ومعالجاته ... من هنا نعرف ان الرب يسوع المسيح هو " الامس واليوم وغداً )
5 ) اما موضوع العميان الذين يقودون عمياناً فليس لهذا النص أي علاقة مع الوصايا الإلهية بل مع وصايا المؤسسة التي تحتم على التابع ان يتبعهم بالعمى وهذا ايضاً نلاحظه وبقوّة اليوم عندما ينتخي ( العميان ) لصالح جالس على كرسي او كاهن من العشيرة او مطران من القبيلة بينما ( التجاوز على الرب الإله او السيد المسيح وتكفيره يمر وكأنه من المسلّمات ... ) يلعبون القمار في المقاهي يكفرون وعندما يريدون ان يسبّوا منتقديهم يكفرون وعندما يخسرون في تجارة يقيمون الدنيا على الله ولا يقعدوها فلا احد يحاسبهم بل وحتى يبكتهم . لماذا ... ؟ لأن العميان يعتبرونهم مقدسين اكثر من إلههم ... هذا هو العمى ... ولنرجع لنستذكر المسرحية الهيرودستيّة في عرض السيد المسيح وبارأبا على الشعب الأعمى ليطلب منهم هيرودس اطلاق احدهم فصرخ العميان ان يطلق المجرم وان يصلب البرئ لماذا لأن العميان من القادة امروهم بذلك هؤلاء هم العميان الذين يقودهم عميان المصالح والمشتهيات كما هو اليوم القادة العميان يأمرون عميانهم للسب والشتم لكل من يعارض سياستهم او ( من يتجرأ ليذكر آلهة العميان بسوء ) .
 في الجعبة كثير والبقيّة تأتي ارجوا ان أكون قد اوفيت الموضوع شرحاً مبسطاً منطلقاً من فهمنا لجزئيات من القوانين المدنية الوضعية بما سمح لنا الوقت بدراستها وكذلك الكتاب المقدس لأن فيه من الروائع في فكر سيدنا يسوع المسيح ... الرب يبارك حياتك واهل بيتك اخي العزيز ظافر
  اخوكم الخادم    حسام سامي  16 / 1 / 2022     

غير متصل نزار ملاخا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 855
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
أخي العزيز الأستاذ حسام سامي المحترم
تحية وتقدير
قصتنا مع غبطته قصة لا تنتهي لأنها إنتقادات لأحداث تستجد وتحدث يومياً لهذا يجب أن يكون تحت المجهر، موضوعكم رائع وأجدتم فيه خير إجادة، ولي بعض الأسئلة منها :
هل كان هدف سيدنا يسوع المسيح تغيير الثوابت التاريخية للشعب اليهودي؟ هل أنكر يسوع لغته وتاريخه بحجة التأوين؟ نحن نعرف أن السيد المسيح وثّق العلاقة ما بين الله والإنسان، كان يتكلم مع ملكوت سماوي وليس تأوين أرضي، السيد المسيح لم ينكر حقيقة إرتباطه بالله الآب ولم يجامل الآخرين على حساب المبدأ، ولهذا قال مَن نكرني قدام الناس أنكره أمام أبي الذي في السماوات،  كيف ننكر القربان المقدس خجلاً من الآخرين
الحقيقة أستغرب كل الإستغراب من هكذا تصرف يصدر من رجل دين
أحسنتم وبارك الله فيكم استاذنا العزيز، تحياتي وتقديري
أخوكم / نزار عيسى ملاخا

متصل Husam Sami

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1079
  • الجنس: ذكر
  • ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الأخ العزيز د . نزار ملاخا المحترم
 شكراً لمداخلتك الجميلة اعتقد اننا من خلال الحوارات بدأنا نصل إلى فهم قريب جداً للجزء الثاني وهو فكر غبطة البطريرك ساكو للتأوين اي ( التجديد والتحديث ) هذه الأيام القلائل سنسبر فكر غبطته ( من خلال طروحاته لفكرة التأوين الذي يدافع عنها بكل قوّة ) ليتعرّف القارئ الفطن إلى الخلافات بينه وبين فكر الرب يسوع المسيح ..
 التأوين او ( التحديث والتجديد ) ليست كلمة تستخدم في كل عملية او محاولة للتغيير لأن هناك ( محددات وقواعد صارمة ) يجب ان يخوضها الباحث بل ويلتزم بها التزاماً وثيقاً وإلاّ فسيتحوّل تأوينه إلى اخلال بقواعد العقيدة الثابتة ... !! وبالتالي سيتحوّل إلى هرطقة لذلك يجب تشخيص اين يكون التأوين ( التجديد والتحديث ) واين يكون التثبيت والأسناد والتعزيز ... وهذا ما شخّصه وثبّته سيدنا يسوع المسيح ...
 واعطيناها في الخلاصة ولا بأس ان نعيدها : التجديد والتحديث لا يشمل ثوابت العقيدة مثل ( الوصايا العشرة " الخمسة الأولى منها والتي تخص علاقة الله بالإنسان " لأنها تخص ملكوت الله ووجوده ) لكن ممكن ان يتحقق التجديد والتحديث " لقانون العلاقة بين الإنسان واخيه الآخر " اي التحديث لا بد ان يطال تصريف " قانون العقوبات " التي جعلها الله تحت تصرّف الإنسان لأنه اعطاها مفتوحة المفاصل وهذه تعني الخمسة الثانية من الوصايا ( لا تقتل لا تتزن " لا تخون " لا تسرق لا تكذب لا تشهد بالزور ) فلم يجعل الله لها احكام بل تركها للإنسان يعطي احكامها المرحليّة تبعاً لقانون التطوّر المجتمعي وهذا ما قام به الرب يسوع المسيح في (( جدلية )) رائعة ( سمعتم انه قيل لآبائكم .... وانا اقول لكم ) ... مفتوحة ليلتزم الإنسان بقواعدها ثابتة ويتصرّف ( بتصريفها اي وضع " قانون عقوبات ويتضمن مواد متعددة للتطبيق على متجاوزها " يتناسب والطبيعة المجتمعيّة فيحدّث ذاك القانون كلما تقدم المجتمع ) حسب الزمان والمكان
  لن ازيد لأن القادم سيشرح ذلك بالتفصيل فللننتظر ما سنعرضه وللقراء محاورته ... تحياتي والرب يبارك حياتكم واهل بيتكم
   اخوكم  الخادم   حسام سامي    19 / 1 / 2022