المحرر موضوع: الأحزاب الشيعية في العراق تفتح النار على المستقبل  (زيارة 611 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31448
    • مشاهدة الملف الشخصي
الأحزاب الشيعية في العراق تفتح النار على المستقبل
من الضروري بالنسبة للأحزاب الشيعية المهزومة أن يتم تعطيل المتغير السياسي الذي إذا ما استقام واستقر سيؤدي إلى قيام نظام سياسي جديد.
MEO

أنا الشيعة.. أما أنتم..
انتهى الحوار بين الأحزاب الشيعية المنتصرة والمهزومة في الانتخابات العراقية الأخيرة إلى الفشل. ذلك ما كان متوقعا. وكان متوقعا أيضا أن ذلك الفشل سيؤدي إلى صدام مسلح.

اما ما لم يكن متوقعا أن يجري ذلك الصدام بطريقة غير مباشرة. وهو ما حدث فعلا حين تعرضت مقرات الأحزاب التي تحالفت مع مقتدى الصدر لهجوم مسلح، ليس من الصعب القاء مسؤوليته على الميليشيات التي هي واجهة الأحزاب الخاسرة في الانتخابات.

ذلك الهجوم هو رسالة تهديد أولية إلى القوى التي تمثل الأحزاب السنية والكردية التي قررت أن الحفاظ على مصالحها يقتضي التحالف مع الصدر في مواجهة حاسمة مع الأحزاب التي تأكدت حقيقة أنها فقدت قاعدتها الشعبية وقد صار وجودها رهينا بالقوة المسلحة التي يمثلها الحشد الشعبي.

لم تعد الصورة اليوم غامضة غير أن المشهد السياسي سيزداد اضطرابا وسيكون التصعيد المتشدد هو سيد المرحلة القادمة. ربما يتراجع حلفاء الصدر عن تحالفهم معه غير أنهم لن يذهبوا بذلك التراجع إلى درجة التحالف مع أعدائه الذي سيزدادون شراسة بحثا عن فرصة لإسقاط حلمه في تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر التي يحق لها تشكيل الحكومة.

سيكون شرط تلك الكتل "السنية والكردية" أن تحل الأحزاب الشيعية خلافاتها وهو ما لا يمكن توقع حدوثه. لقد ذهب الطرفان كلا في طريقه ولم يعد اللقاء في منتصف الطريق ممكنا. 

انتظار سيطول ولن تتشكل بموجبه حكومة جديدة تخلف حكومة مصطفى الكاظمي التي سيطول أمد بقائها من غير صلاحيات.

بات من الواضح أن الأحزاب المهزومة لم تعد تنظر بعين الارتياح إلى ما يجري من حولها، بل أنها وصلت إلى قناعة مفادها أن حلفاء الأمس صاروا في غنى عنها وهي مهزومة كما أنهم صاروا على استعداد للتآمر عليها بعد أن ضمنوا ضيق القاعدة الشعبية التي تستند عليها وهي قاعدة تتألف من أفراد الميليشيات الذين قد يفقدون مصادر رزقهم إذا ما انتهت هيمنة الأحزاب على الدولة وثرواتها.

في منطق الأحزاب فإن هزيمتها في الانتخابات كانت عنوانا لمؤامرة، الهدف منها اضعاف قدرتها على ضبط العلاقات بين ما يسمى بـ"المكونات العراقية" داخل نظام المحاصصة الطائفية وهو أمر غير مسموح به لا بالنسبة لإيران وحدها بل وأيضا بالنسبة لمَن يديرون ماكنة الفساد في سياق مصالح متداخلة صارت هي الأساس في إدارة هيكل الدولة. وليس من المستبعد أن الحكومة، أية حكومة ستكون عاجزة عن العمل الإيجابي إذا ما أعلن أتباع الأحزاب المسيطرون على مفاصل الدولة عن عصيان أوامرها والعمل على افشال مشاريعها.

لقد تمسكت الأحزاب الشيعية المهزومة برغبتها في الغاء نتائج الانتخابات بالرغم من توقيع المحكمة الاتحادية على تلك النتائج. وكانت تتوقع أن الصدر سيعتبر انتماءه المذهبي هو الأساس فيعمل على تغليب ذلك الانتماء على ما يمكن أن يحدثه التمسك بالنتائج من شقاق داخل ما يُسمى بـ"البيت الشيعي" الوهمي. كان الحل جاهزا ويكمن في العودة إلى توافقية تحل خلاصاتها محل نتائج الانتخابات وبذلك تستعيد الشيعية السياسية تماسكها في مواجهة الآخرين الذين سيعتبرون أنفسهم مجرد ذيول مستفيدة من ذلك التوافق ويكونون على استعداد للطاعة أينما بحل القرار الشيعي.

غير أن الصدر ركب رأسه كما يُقال وصار يغري الآخرين بضعف أبناء "مذهبه" تحت شعار الأغلبية الوطنية التي صدمت الأحزاب حين ذهب إلى التطبيق الذي لم يكن في حقيقته إلا محاولة لتكريس هيمنة التيار الصدري على المشهد السياسي في ظل التفاف سني كردي.

لذلك كان من الضروري بالنسبة للأحزاب أن يتم تعطيل المتغير السياسي الذي إذا ما استقام واستقر سيؤدي إلى قيام نظام سياسي جديد. صحيح أن ذلك النظام سيكون هو الآخر نظاما طائفيا غير أنه سيستبعد هذه المرة حلفاء إيران الأكثر تبعية وخضوعا وهو ما يعني بناء دولة جديدة لن تقوم على معادلات التسوية الأميركية الإيرانية الجاهزة.

ولقد فضلت الأحزاب أن تبدأ بالحلقات الضعيفة قبل أن تبادر الصدر بهجومها. تضعفه سياسيا قبل أن تنهكه عسكريا. وقد لا تحتاج إلى الصدام المسلح به إذا ما انفض عنه مناصروه من السنة والأكراد.

سيكون على أولئك الآخرين أن يتجنبوا السقوط في الأرض الحرام.

فهل سيتمكن الصدر من الاستمرار في تقديم اغراءات التحالف معه في ظل ذلك الخوف الذي سيتمكن من حلفائه؟

في متاهة ذلك السؤال سيعيش العراق جحيما من نوع مختلف.