تحية وإحترام عزيزي أستاذ نزار ملاخا,
شكرا عزيزي لأهتمامك بمقالي البسيط (غبطة البطريرك ساكو و (السورث).) وتناولك إياه بمقال منفصل حيثُ جاء فيه قولك: (كتب الأستاذ ظافر شنو بتاريخ الثالث من شباط 2022 مقالا يمتدح فيه غبطة بطريرك الكلدان بشكل ملفت للنظر، أستغربتُ ما جاء فيه لذا قمتُ بالرد والتوضيح لبعض الأغلاط والمغالطات التي وردت)!.
بصراحة عزيزي نزار بهذه المقدمة جعلتني أشك بنفسي! وبمقالي البسيط الذي كتبته, فكل ما جاء فيه هو مجرد شكر قدمته لغبطة البطريرك ساكو لأستخدامه لغة أبناء شعبنا (السورث) في مخاطبة أبناء رعيته والمشاهدين الكرام وكونها (السورث) تبقى لغتنا التي لن نتنازل عنها وتفتخر بها كنيستنا الكلدانية وشعبها, وأجدها رسالة مهمة للرعية وشجعته على الأستمرار بهذا النهج, كما قدمت الشكر لكل من يعمل على الحفاظ على (السورث), فأين وجدت المديح المُلفت للنظر في هذا الكلام والأغلاط والمغالطات!!؟؟ وأنا من ذكرت في نفس المقال وقلت (ملاحظة بسيطة: يتضح جلياً في هذه المقاطع الصعوبة التي واجهها غبطته في أنتقاء بعض الكلمات وسلاسة الأسترسال في الكلام!) وقلت أيضاً (ولا أخفيكم سراً أن قلت أنني أُخالف غبطته الرؤية في بعض الأمور التي ذكرها في هذه المقاطع الصورية التي تستحق الوقوف عندها ونقدها, فبالنسبة لي ليس كل ما يقوله رجل الدين أُردد بعده آمين دون تمحيص مضمون الكلام, وهذان المثالان اللذان أوردتهما أعلاه فيهما ما يستحق الوقوف عنده ونقده بمحبة للفائدة العامة, لكن اليوم هذا ليس موضوعي هنا.) وبمراجعة بسيطة لمقالاتي السابقات ستجد الكثير من النقد الموجه لغبطته في تلك المقالات الى أن وصل الحال بغبطته يوما ما قائلاً عني: (مقالي عن التأوين والتحديث، الذي نشر على موقع البطريركية قبل بضعة أيام، جاء تلبية لطلب شخص مستمر في نقد كلِّ ما أكتبه، وكأني طالب عنده!), نعم عزيزي أنا أنتقد ما يستحق النقد وبالدليل والبرهان أسند النقد الذي أستخدمه, فعلى سبيل المثال قول غبطته في مقاله (سفر يونان, رحمة الله وأستياء النبي)( يستخدم الكاتب المُلهَم اسلوب الرواية، ولا يحمل وقائع تاريخية مؤكدة. هذا ما يقوله جميعُ علماءِ الكتاب المقدس المعاصرين1. ثمة عناصر خيالية مثل الحوت الذي ابتلع يونان وبقي في جوفه ثلاثة أيام بلياليها، واليقطينة التي وَقَتْ صلعة يونان من حرّ الصيف! ) طيب هنا من حقنا أن نتسائل أيهما أكثر خيالية بقاء يونان حياً داخل بطن الحوت لثلاث أيام أم أقامة شخص أنتن بعد أربعة أيام من دفنه؟ (فقالَ يَسوعُ: ((أزيحوا الحجَرَ! )) فأجابَت مرتا، أختُ الميتِ: ((أنتَنَ يا سيِّدُ، فلَهُ في القَبرِ أربَعَةُ أيّامٍ)) يوحنا 11\39. اقلها يونان والحوت كانوا أحياء لكن ماذا عن إنسان ميت ودُفن بقبر لمدة أربعة أيام بشهادة أختيه وأنه أنتن!! كيف لعقولنا أن تقبل قيامة هذا من الموت ولا تقبل بقاء ذاك على قيد الحياة؟؟ وكيف يُعلم السيد المسيح السامعين ويقول أهلُ نينَوى سَيَقومونَ يومَ الحِسابِ معَ هذا الجِيلِ ويَحكمونَ علَيهِ، لأنَّ أهلَ نينَوى تابوا عِندَما سَمِعوا إنذارَ يونانَ، وهُنا الآنَ أَعظمُ مِنْ يونانَ.(متى 12\41) . فعلى أي أساس تاب وسيقوم أهل نينوى!! هل بروايه رمزية؟؟ وهل كان السيد المسيح يحتاج ليدعم كلامة أن يستخدم روايات رمزية!!, مع هذا تجدني أجلتُ تناول هذا الموضوع لوقت آخر وقلت (لكن اليوم هذا ليس موضوعي هنا) وتناولت الجانب الإيجابي لأستخدام غبطته لغتنا (السورث) في مخاطبة الرعية والسامعين الكرام.
عزيزي نزار أنا ولدتُ وترعرت في البصرة الفيحاء وكُنا يومها نستخدم مصطلح (سورايا و مشلمانا) للأستفسار عن الديانة, وأيضا كُنا نستخدم مصطلح (سورث و عربي) للأستفسار عن اللغة, أما عن الأصل فكنا نقول أننا كلدان حالنا حال الأرمن والآشوريين والسريان, هذا الكلام يخص المحيط الذي كُنت أعيش فيه في البصرة, وعندما كُنا نذهب صيفاً الى قريتنا تللسقف لم أكن أسمع أحدا يتطرق الى اللغة الكلدانية يومها بل كان الحديث يدور بالسورث حول السورث والعربي والكرمنجي وغيرها حسب ما تسعفني به الذاكرة, وهذا جوابي على قولك (ولم تكن كلمة (سورايي) متداولة عندنا، على الأقل في بيتنا وبقية القرى الكلدانية)..... (كانت الثقافة التي نشأنا عليها والبيئة التي تربّينا فيها هي (لشانا كلذايا أو الأصح لشانا كلدايا) لم أسمع وربما أنت أيضاً لم تسمع بعبارة (لشانا سورايا)).
أمر آخر بشأن السورث التي تقول عنها: (نستطيع أن نضعها في خانة اللهجات وليس اللغات، لأن وبسبب أن كل لغة لها جذورها وأبجديتها وعائلتها) طيب ماذا عن أبجدية لغتنا الكلدانية ولغة أخوتنا الآشوريين؟ التي من المفترض أن تكون المسمارية هي الأبجدية الخاصة بنا نحن الكلدان على الأقل لأرتباطنا ببابل وأور الأرض التي خرج منها الخط المسماري وأول أبجدية عرفها العالم, كيف تحولت بقدرة قادر الى أبجدية أبجد هوز التي نستخدمها اليوم في كنائسنا؟؟ أستطيع أنا اليوم أن اربط أبجدية السورث بالعبرية وحتى العربية إذا رفعنا منها التنقيط لتقارب رسومها وشكلها لكن كيف لي أن أربطها بالمسمارية التي خُطت بها مسلة حمورابي وكُتبت على الثور المجنح؟؟ أي لغة وأبجدية بابل ونينوى يومها؟؟ وما هذا الشعب الذي أخترع أحرف أبجد هوز ولا لغة لها!! اذن نستنتج بالمنطق أن أبجدية أبجد هوز لغتها هي السورث التي نتكلمها اليوم نحن الكلدان والسريان والآشوريين وحتى من غير ملل, وهكذا أيضا هناك من اليهود من يتكلم بها, وبالتأكيد هذه اللغة وابجديتها أحدث زمنياً من اللغة الكلدانية وابجديتها وأسهل منهما للأستخدام لذالك بقيت الأولى وأندثرت الثانية, لكن هل هذا معناه أن اللغة الكلدانية لم تؤثر في السورث؟ أغلب الظن أن لم يكن بالتأكيد أنها أثرت لأنها الأقدم ولغة السورث أخذت منها شيئاً ما, كما تكون قد أخذت من الآشورية أيضاً, على الأقل في مجال اللغة نطقاً وليس الأبجدية كتابة فشتان ما بين الكتابة المسمارية وأبجدية السورث, أقلها حسب تصوري البسيط هذا التفسير يقبله العقل والمنطق لأن أبجدية السورث اليوم أن لم أكن مخطئ جاءت من خارج حدود بابل ونينوى, اذن كيف يصح أن نقول اليوم أنها كلدانية بحته أو آشورية كما يقول أخوتنا الآشوريين؟؟ طبعا كلامي هذا كلام إنسان بسيط لا يمتلك درجة علمية في أختصاص اللغات والآثار وما يتعلق بها, لكن هكذا فهم التأريخ وكلامي يحتمل الصواب والخطأ وليس لِزاماً على أحد الأخذ به.
عزيزي نزار ما يهمني في مقالي الذي شكرت فيه غبطة البطريرك ساكو وتطرقت حضرتك اليه هو أستخدام غبطته للسورث ونشر مقاطع فيديو بها مع أنه غير متمكن منها مثل العربية مقارنة بأخوته! لهذا كان يستحق التشجيع, وواجبنا يحتم علينا التمسك بلغتنا (السورث) لأنها طوق نجاتنا من الأنقراض والرابط الوحيد لنا بعد السيد المسيح بعدما فقدنا الأرض والتأريخ فهناك أياد تحاول جاهدة تدمير آثارنا وكُتبنا في بلدنا الأم وكل ما يربطنا به! لهذا قلتُ سابقاً لأحد الأخوة في أحد ردودي: (اما مساله التسميات فهذه يجب ان تكون اخر همنا .فنحن نشبه ثلاثه ركاب جالسون في مركب مثقوب و يغرق ويتشاجرون على تسميه ماسيحصل لهم !! احدهم يقول سنموت . والاخر يقول سنتوفى . والاخر يقول سنهلك . ولا احد منهم يفكر كيف يعالج الثقب في المركب !!! و الاخرين يراقبوهم من الشاطئ و يشمتون بهم فرحين.) ولا مانع أن أكرر هذا الكلام اليوم وغداً وبعده, وعلينا جميعاً ترك النقاشات التي لا تغن ولا تسمن وننتبه الى الغد قبل فوات الأوان فنحن راحلون لكن ماذا عن الأجيال القادمة؟ هل سنورثهم هذه النقاشات التي هُم في غنى عنها في غربتهم بعيداً عن أرضهم وتأريخهم! والى متى؟؟ عوض أن نزرع فيهم أننا عائلة واحدة وليس ثلاث.
كلمة أخيرة, عن نفسي كلي يقين أنه لم يقدم سياسي أو شخصية أو تجمع كلداني ولا حتى الرابطة الكلدانية وغيرها أو كائن من يكون ربع الخدمة التي قدمها غبطة البطريرك ساكو أن كانت بقصد أو بغير قصد لأسم الكلدان ورفعه بين التسميات الأخرى وجعلة متداول بين الناس في العراق وخارج العراق بسبب تحركات غبطته وتنقلاته ولقاءاته المتكرره! فيتسائلون من هذا؟, يُجاب "أنه بطريرك كنيسة الكلدان", لذا أدعوا القوميون الكلدان إن وجدوا أن يستفادوا من وجود غبطته على رأس الرعية, فوجوده مكسب حقيقي للكلدان اليوم, هذا ليس مديحاً أو تملقاً لغبطته بل الواقع كما اراه كلمة الحق يجب أن تُقال, فأنا (لن أُحابيَ أحدًا مِنَ النَّاسِ ولن أتَمَلَّقَ أيَ إنسانٍ! فأنا لا أعرِفُ التَمَلُّقَ)(أيوب 32)).
تقبلوا تحياتي واحترامي.
ظافر شَنو