المحرر موضوع: المشهد الكردي السوري بين الثابت ، والمتحول  (زيارة 342 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صلاح بدرالدين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 945
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
المشهد الكردي السوري بين الثابت ، والمتحول
                                                                 
صلاح بدرالدين

   الكرد السورييون يمرون بمرحلة عصيبة على الصعيدين الوطني العام ، والقومي الخاص ، وحركتهم السياسية تعاني من ازمة مستعصية ، تتفاقم يوما بعد يوم ، ومحاولات حل الازمة تواجه عقبات ان كانت من جانب نظام الاستبداد ، والمحتلين ، او الأحزاب الكردية من طرفي الاستقطاب ( ب ي د و ب د ك س ) ، هذه الأطراف تستخدم اشكالا مختلفة من الموانع للحد من توفير أسباب الإنقاذ ، وحل الازمة ، منها عسكرية امنية ، ومنها فكرية و ثقافية ، وسياسية ، وأخرى اجتماعية ، وبعضها اقتصادية .
  في الثابت المبدئي الاستراتيجي : القضية الكردية السورية واحدة لاتتجزأ بأبعادها  البشرية ، والقومية ، والسياسية  ، وجزء عضوي في النضال الوطني الديموقراطي العام بالبلاد ،  فمنذ نمو البذور الأولى باالوعي القومي لدى كرد سوريا ، جمعت الحركة الوطنية الكردية كرد مختلف مناطق ، ومدن ، وبلدات ، وقرى الجزء الغربي ، ووحدت حركة – خويبون – منذ عشرينات القرن الماضي الإرادة الواعية الجماعية ، وظهر التنظيم السياسي الأول للكرد السوريين بفضل تعاون كرد الجزيرة ، وعفرين ، وكوباني ، ودمشق ، وكانت تجربة ( الاتحاد الشعبي الكردي ) غنية في مجال مشاركة أبناء المناطق الأربعة في صنع القرار السياسي ، والنضال من اجل الحقوق القومية ، والوطنية ، وتقديم التضحيات في سبيل انتزاع حق تقرير مصير الكرد في اطار سوريا التعددية ، الديموقراطية الواحدة .
وفي المتحول ، تجد قضايا ( تنسب للكرد وهي غير كردية سورية ، ولاتحظى بالاجماع القومي ) مثل مايطلق عليها : قضية ( شمال شرق سوريا ) ، التي تتبناها المجموعات التابعة ل – ب ك ك – كخيار فضفاض بديل للحقوق القومية خارج اطار مبدأ حق تقرير مصير الشعوب ، وتعبيرا للارتباط الآيديولوجي بقائدهم عبد الله اوجلان ، والسياسي  ، والتنظيمي ، بمركز – قنديل – العسكري القيادي لحزب العمال الكردستاني – التركي ( ب ك ك ) . 
  وفي حالات أخرى مختلفة هناك محاولات جانبية ، واحيانا فئوية عصبوية ، لادراج قضايا فرعية محل القضية الأساسية والانطلاق منها في رؤية القضية المركزية للشعب الكردي السوري  .
    فلاشك ان  احتلال عفرين ، والحاق الأذى باهلنا هناك ، وكذلك في تل ابيض ، وراس العين ، امر مرفوض ومدان ، وماحصل يشكل إجراءات من سياسة عامة ضد كرد سوريا كشعب وقضية ، تتواصل  منذ قيام الدولة السورية ، وحتى لو ازيل الاحتلال التركي في هذه الظروف فلن تسلم المنطقة لاهلها الأصليين من الكرد ،  ليديروها تحت أي مسمى ، او قد تسلم الى النظام ، وفي كل الأحوال  هناك القضية الكردية السورية العامة ومن ضمنها منطقة جياي كرمينج ، التي تتطلب الحل الشامل ، والعادل  والنهائي .
     لاشك ان أي منصف يمكن ان  يتفهم اندفاع مجموعات من اهالينا في تلك المناطق الى درجة التشدد المناطقي وهو نابع من فعل الالام ، والمعاناة وكذلك وقد يكون بمثابة ردات فعل على جهات حزبية كردية مسببة في المأساة ، او صامتة عليها ، وتبقى مآسي تلك المناطق جرحا في الخاصرة الكردية السورية ،وجزء من كل ، وهنا لايجوز تجاهل الكل من اجل الجزء خصوصا من جانب الوطنيين الصادقين .

 الى جانب تلك المحاولات السابقة ذكرها هناك قضيةاخرى تلوح بالافق وهي قضية الزعامات العشائرية  الكردية ، التي تم التمهيد لاخراجها أولا عبر المؤتمرات ، من خلال إصدارات الكتب المتتالية  التي تؤسس لثقافة منح الزعامات القبلية زورا شرف صناعة التاريخ التحرري الكردي بدلا من الحركة الكردية الجماهيرية التاريخية المستندة الى مجموع الشعب ، والانتفاضات ، والثورات الشاملة ، ومحاولات الاستقلال ، التي حدثت طوال مراحل تاريخ الكفاح القومي الكردي منذ القرن التاسع عشر وحتى الان .
   هذه القضايا وعندما يراد لها ان تتحول الى بدائل للقضية الأساسية فانها  ستعاكس المسار الوجودي التاريخي ، والجغرافي  للحركة الوطنية الكردية ، وستكون في خدمة حرمان الشعب الكردي من كونه من السكان الأصليين ، وبالتالي حرمانه من حق تقرير المصير ،  وتشكل  ردة استفزازية  ، للفكر القومي الكردي الديموقراطي المتطور والمنفتح .
    والى جانب ذلك فان تلك القضايا المفتعلة مجتمعة تكلف الشعب الكردي السوري الكثير الكثير من موارده البشرية ، والاقتصادية ، وفي النهاية تصب ( مباشرة او بشكل غير مباشر ) في مجرى استراتيجية  أعداء الكرد ، واعداء العيش المشترك بين المكونات السورية ، وتقدم خدمة كبرى للنظام الاستبدادي الحاكم ، ومخططاته في تصفية الحركة الوطنية الكردية ، اوتقسيمها ، وتحريف أهدافها ، فلو صرف النصف من ميزانيات اداراتها ، ومنابرها الإعلامية ، ومنصاتها ، وجهودها البشرية على القضية الكردية الحقيقية لامكن تصحيح مسار الحركة ، وتوحيد ، وتعزيز طاقاتها ،. واشراك ممثلي كل المناطق ومن دون تمييز بالقرار  وتوفير شروط حل قضية الكرد السوريين بالتعاون ، والتوافق مع كل المكونات السورية ، وقواها ،  وتياراتها الديموقراطية .
  ومادمنا في سيرة مثل هذه ( القضايا اللاتاريخية ) لاننسى قضية أخرى تفتعلها على الدوام فئة من المثقفين الكرد السوريين اللذين يتعاملون مع قضية شعبهم بشكل موسمي ، وهي تبرير عجزهم عن القيام بواجب العمل من اجل إعادة بناء الحركة الكردية ، من خلال انتظار ان تمارس القيادات السابقة واللاحقة بالاحزاب الكردية النقد الذاتي وإصدار كتب تحت عناوين " الاعتراف بجرائمهم بحق الكرد .. ؟! ) ، للأسف هؤلاء يخلطون الأمور عندما يساوون بين الجميع ولايميزون اية إيجابيات في تاريخ الحركة الكردية ، بل وليسوا مطلعين على مراحل نضالها ،  ويتسترون على المجرم الحقيقي المعروف ، ويتهربون من ميدان النضال ، ومن قول الحق بذرائع واهية غير موضوعية ، ومثل هؤلاء لاخير فيهم لا لشعبهم ، ولا لقضيتهم .
، بنهاية الامر ان لم  تتكاتف المساعي الوطنية المستقلة لمعالجة  ازمة الحركة الكردية السورية ، سنواجه قضايا أخرى افتراضية ، او مفبركة ، أو حقيقية ، وتتحول الى رئيسية  وعودة الى تجارب مماثلة من هذا القبيل حصلت بالحركة الكردية خارج سوريا بالأمس القريب أقول : أولم يعمق أعداء الكرد الشرخ  في التمايز اللهجاتي بين السليمانية ، ودهوك في كردستان العراق منذ ستينات القرن الماضي وحتى الان ، وكانت التكلفة باهظة في الأرواح ، والموارد ، ونضال الحركة الكردية ، والحقوق القومية  ،  الم يلعب أعداء الكرد على التنوع المذهبي بين السنة ، والعلويين الكرد ، وبين السنة والشيعة الكرد ، الم يلعب أعداء الكرد باستغلال مآسي أبناء قومنا الازيديين عبر اثارة وتشجيع النزعات الانقسامية في صفوفهم ؟ .