المحرر موضوع: عيد مار كوركيس الشهيد ... شفاعته وتكريمه  (زيارة 770 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل وردااسحاق

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1208
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • https://mangish.net
عيد مار كوركيس الشهيد ... شفاعته وتكريمه
إعداد / وردا إسحاق قلّو

   مار كوركيس هو أحد القديسين الشرقيين المشهورين . ولد في الأراضي المقدسة في مدينة ( اللد ) عام 280 من أبوين ميسورين ، أسم الوالد ( أنسطاسيوس ) والأم تدعى ( تاؤبستا ) . الأخلاق المسيحية كانت زينة ً تتلألأ في تلك العائلة المباركة ، فتربى كوركيس بالإيمان والتقوى .
 يختلف أسمه بين لغة ولهجة . فبالكلدانية يسمى ( كوركيس ) وبالآشورية يدعى ( كيوركيس ) وفي شرق المتوسط ( جرجيس ) ، وبالقبطية ( جرجس أو جاؤرجيوس ) وبالأيطالية  ( جورجو ) وبالأنكليزية ( جورج ) ، ومعنى أسمه باليونانية ( فلاح )  . توفي والده وهو في الرابعة عشر من عمره فربته امه التقية المؤمنة الشابة الحسناء وهي في مقتبل العمر والغنى ، لكنها نذرت نفسها ألا تعرف أحداً بعد زوجها لتتفرغ لتربية أبنها على مبادىء المسيحية وعلى تعليمه وتهذيب أخلاقه ، فشبّ الولد ، وكان بهجة عائلته  بجمال طلعته ، وكمال نفسه ، ومثالاً حياً لأقرانه . كافأ الرب الوالدة على تضحيتها فجعل أبنها أمير الشهداء ، وشفيع الكنيسة كلها . تكرمه كل الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية في الشرق والغرب .
   بعد أن بلغ السابعة عشر من عمره دخل في سلك الجندية فشاهده الأمبراطور ذيوكلسيانس يوماً على جواده ، وكان عالي القامة ، بهي الطلعة ، حاد النظرات ، فاستدعاه وكلمه ، فوجده لطيف الحديث ، كثير الأدب . فأحبه وأدخله في فرقة الحرس الملكي . وتحدث عن ما كان لأبيهِ من الخدمات السابفة أمامه ، فرقاه وجعله قائد الألف . فلم يكن بين القواد الرومانيين الفرسان من كان أجمل منظراً ، وأعدل قواماً ، وأشد حماسة من ذلك الفارس المسيحي .

     سار الأمبراطور ذيوكلسيانس على سراط من سبقه من الملوك في إضطهاد المسيحيين ، ففجر الدماء المسيحية كالأنها في الأمصار . وكان عهده أشد عهداً حل بالمسيحية بسبب عبادتهم لإله الحق ، فكان القديس له بالمرصاد . فبدأ أولاً يجاهر بلوم الأمبراطور ، فنصحهُ رفاقه خوفاً عليه لكي لا يحل به ما حل بغيره من سخط ذلك المستبد . اما هو فلم يعبأ بكلامهم ، بل أزداد حماساً ، وعرف بأنه لا بد من الوقوع بين يدي ذلك الظالم . لكن عزة نفسه وإيمانه أبت عليه إلا أن يجاهر بإيمانه ، وأن نال العذاب والموت الرهيب . وبدأ يتغنى بعذوبة وحلاوة الإستشهاد حباً بالمسيح ، وكان حينها إبن العشرين سنة فقط .
   الخطوة الأولى التي قام بها كانت جمع أمواله الكثيرة وتوزيعها على الفقراء . وأعتنق ما كان عنده من العبيد ، وأخذ يستعد بالصلاة لساعة الموت .
   تجرأ مار كوركيس وقابل الأمبراطور وأخذ يدافع بحماسة أمامه عن المعتقد المسيحي ، ويدحض بجرأة ما ينسب إليهم من الإفتراءات ظلماً وعدواناً . وطلب منه أن يترك لهم الحرية كباقي البشر في مملكته . فغضب الأمبراطور من جرأته ، لكنه كظمَ غيظهِ ، مأخوذاً بسحر كوركيس وفتنة كلامه ، فقال له بهدوء ( أيها الشاب ، كن حريصاً على مستقبلك ) لكن كوركيس رده متحدياً ، فإستشاط ذيوكلسيانس غضباً ، وأمر الجند أن يجردوه من سلاحه ، ويقودوه إلى سجن مظلم للعذاب . فأوثقوا رجليه وشدوها بالحبال وجعلوا على صدره حجراً عظيماً ، وتركوه هكذا مطروحاً على الأرض . لكن القديس أخذ يسبح الله ويعظم قدرة المسيح الملك طول الليل .
   في الصباح استقدمه الملك آملاً أن تكون تلك العذابات والإهانة قد كبحت جماح حماسته وهدأت ثورته وأعادته إلى رشده . لكنه ظهر أمامه بأشد صلابة وأكثر جرأة   أستمر هذا البطل في تحدي الأمبراطوروكل العذابات إلى يومه الأخير عندما صلبوه وقطعوا رأسه فأسلم الروح في سنة 307 م ، فوصل خبر أستشهاده إلى الشرق والغرب . ومن يوم أستشهاده أخذت الكنيسة بتكريمه ، وطلب شفاعته ، وبدأ الرسامون يعَبّرون عنه كفارس مغوار يمتطي صهوة جواده الأبيض وهو يطعن برمحه تنيناً كبيراً ( رمزالوثنية ) التي تحداها إلى يوم وفاته . والتنين موجود حتى في قصص الحضارة السومرية والصينية .
  كثرت عجائب القديس في الأرض كلها ، فسابقت الشعوب بتكريمه ببناء الكنائس والأديره ومذابح الكنائس بإسمه إعترافاً بما قد هو للكنيسة ببذل الذات ، وبشفاعته وقوة قداسته .
أعلنته الكنيسة الكاثوليكية قديساً عام 404 م في عهد البابا جلاسيوس الأول . ، وتعده نصيراً للكنيسة الجامعة ، والكنيسة الشرقية تدعوه ب ( عظيم الشهداء ) . ففي بلاد النهرين تعد كنائسه الأكثر بين الكنائس والمذابح ، وهكذا بالنسبة إلى بقية بلدان الشرق . أما بريطانيا فأخذته شفيعاً لها . أما فرنسا وروسيا يكرموه إكراماً عظيماً ، وإتخذته جمهورية جَنَوا في إيطاليا شفيعها الأول والأكبر. وفي مدينة البندقية بإيطاليا أنشأت فرقة رهبانية عسكرية على إسمهِ . وشعب اليونان يعتبروه أمير الشهداء . أما الكنيسة البيزنطية فأتخذته في ما مضى شفيعاً لها في الحروب ، ونسَبَت إلى شفاعته انتصارات باهرة وأجترح آيات ومعجزات كثيرة ، وكان يستنيانس الملك قد بنى على اسمه كنيسة فخمة في مدينة ( اللد ) مسقط رأسه .
   أما القسطنطينية فإمتازت بإكرامه فكان فيها خمس كنائس على إسمهِ . وقسطنطين الملك هو الذي أمر ببناء الأولى منها . كذلك الإنكليز يكرموه أعظم تكريم ، وإتخذته المملكة شفيعاً لها . ودعي كثير من الملوك بإسمه . وظهر يوماً للملك ريكردوس الأول في حروبه ونصرهُ على أعدائهِ . فأنتشرت عبادته في كل بلاد إنكلترا . وأمر المجمع الأنكليزي العام في أوكسفورد سنة 1222 أن يكون عيد القديس جاورجيوس إلزامياً في كل إنكلترا . كما جعله الملك إدوار الثالث الشفيع الأكبر لفرقة حاملي وسام ( ربطة الساق ) وهو أرفع وسام عند الأنكليز .
 وإمتازت فرنسا بتكريمه ، فقد شادت القديسة ( كلوتلدا ) إمرأة ( كلو فيس ) ملك الفرنجة كنائس وهياكل عديدة على اسمهِ . كما هو شفيع لكثير من المدن والقرى الفرنسية .
 تحتفل الكنيسة الكلدانية بعيده يوم 23 نيسان من كل عام ، وتقوم القرى التي هو شفيعها بقيام مهرجانات سنوية بأعداد أكلة الهريسة الشهيرة ، يشترك في إعدادها كل أهل القرية من الفقراء والأغنياء ، لكي يجمعهم شفيعهم على مائدة المحبة ليتناول الجميع الطبخة المعدة بأسمه .
 ختاماً نطلب شفاعة هذا القديس اللابس الظفر لأنه قدم نفسه قرباناً للمسيح له المجد ليصبح أحد قديسي الكنيسة بعد أن أحتمل عذابات مختلفة ، وأخيراً أنتصر بأكليل الشهادة [/color].
        التوقع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) " رو 16:1 "