مخطوطاتنا السريانية وكيف تم الحفاظ عليها في الازمنة التي تلت النكبات
( بعد غزوة نادر شاه نموذجاً )
لايسعني الا ان اشارككم الرحلة التي ارتأيت ان لا اكون فيها وحيداً وانا انتقل معكم في ربوع الذاكرة اثناء بحثي عن بعض المخطوطات القديمة التي كتبت في بلدتنا العزيزة تلكيف او التي كتبت في بلدة النُساخ والخطاطين القوش العزيزة على نفقة ابناء تلكيف لإجل كنيسة تلكيف او احد ابنائها او لدير ماركوركيس ـ بعويرا الذي كان فيه التلاكفة من اكبر المساهمين في تلبية احتياجاته ونفقاته بحكم القرب الجغرافي الذي لايتجاوز العشركيلومترات ونيف . نبدء رحلتنا بعد ان نكون قد اجتزنا الحدود والفواصل المكانية والزمانية الى العاصمة الفرنسية پاريس ومنها ننتقل الى المكتبة الوطنية الفرنسية ـ قسم المخطوطات السريانية فنقف باجلال امام المخطوطة المرقمة ( 310) التي هي انافورة مار ادي ومار ماري الليتورجية للنساطرة( كنيسة المشرق ) لنُزيل عنها بعض من غبار الماضي فنتصفح المخطوطة الجميلة لتنقلنا تلك السطور لعام 1744ميلادية حيث تذكرالمخطوطة التي سوف اقوم بترجمتها
ܐܫܬܠܡ ܟܬܒܐ ܗܢܐ ܒܝܪܚܐ ܒܪܝܟܐ ܬܫܪܝ ܩܕܝܡ . ܟܗ ܒܗ . ܒܝܘܡ ܚܡܫܒܫܒܐ ܕܫܢܬ ܬܪܝܢ ܐܠܦܝܢ̈ ܘܚܡܫܝܢ ܘܫܬ ܠܣܝܩܘܡܐ ܕܝܘ̈ܢܝܐ ܒܪ̈ܝܟܐ [135] ܐܬܟܬܒ ܒܩܪܝܬܐ ܒܪܝܟܬܐ ܐܿܠܩܘܫ . ܩܪܝܬܗ ܕܢܚܘܡ ܢܒܝܐ . ܕܥܠ ܓܢܒ ܥܘܡܪܐ ܩܕܝܫܐ ܕܪܒܢ ܗܘܪܡܝܙܕ ܦܪܣܝܐ . ܡܰܥܡܰܪ ܠܗܿ ܡܪܢ ܐܡܝܢ . ܐܬܟܬܒ ܒܝܘ̈ܡܝ ܐܒܗ̈ܬܐ ܚܣܝܐ̈ . ܘܪ̈ܥܘܬܐ ܡܥܠܝܐ̈ . ܡܪܝ ܐܠܝܐ ܩܬܘܠܝܩܐ ܦܛܪܝܪܟܐ ܕܡܕܢܚܐ . ܘܡܪܝ ܝܫܘܥܝܗܒ ܡܝܛܪܦܘܠܝܛܐ ܢܛܪ ܟܘܪܣܝܐ ܐܰܕܝܐ ܘܡܐܪܝܝܐ ......ܟܬܒ ܡܚܝܠܐ ܘܚܰܛܝܐ . ܩܫܝܫܐ ܝܰܠܕܐ . ܒܪ ܩܫܝܫܐ ܥܒܕ ܝܫܘܥ . ܒܪ ܩܫܝܫܐ ܚܕܒܫܒܐ . ܒܪ ܩܫܝܫܐ ܝܣܪܝܠ ܐܠܩܘܫܝܐ .[136] ܐܟܬܒ ܠܟܬܒܐ ܗܢܐ ܡܢ ܡܕܡ ܕܝܠܗܝܢ ܕܗܠܝܢ ܢܫܐ̈ . ܐܡܬ . ܘܡܪܝܡ ܒܰܪܬܗܿ . ܘܗܠܢܐ . ܘܬܟܐ . ܘܐܶܠܦܝܐ ܡܗ̈ܝܡܢܬܐ ܘܡܢ ܦܘܠܚܢܗܝܢ ...ܩܫܝܫܐ ܥܒܕܝܫܘܥ . ܒܪ ܡܗܝܡܢܐ ܟܰܢܘܢ ܕܡܢ ܩܪܝܬܐ ܒܪܝܟܬܐ ܬܠܟܐܦܐ . ܘܐܓܙܪܗ ܡܛܠ ܥܘܡܪܐ ܩܕܝܫܐ ܕܡܪܝ ܓܝܘܪܓܝܣ ܕܒܝܬ ܥܘܝܪ̈ܐ . ܕܥܠ ܓܢܒ ܡܕܝܢܬܐ ܡܘܨܠ .....ܘܟܕ ܐܬܟܬܒ ܟܬܒܐ ܗܢܐ . ܩܫܝܫܐ ܗܘܪܡܙܕ ܒܪ ܩܫܝܫܐ ܒܪܝܟܘ . ܐܝܬܘܗܝ ܗܘܐ ܩܢܟܝܐ ܕܥܘܡܪܐ ܩܕܝܫܐ ܕܡܪܝ ܓܝܘܪܓܝܣ .
[تم الانتهاء من كتابة هذا الكتاب في يوم ٢٥من شهر تشرين الاول المصادف ليوم الخميس لسنة 2056 يونانية( الموافقة لعام 1744 ميلادية ). كُتِبَت هذه المخطوطة بقرية القوش المُباركة قرية ناحوم النبي بقرب دير الربان هرمزد الفارسي ليديمها الله آمين . كُتبت بأيام الآباء القديسين والرعاة الأجِلاء مار ايليا البطريرك الجاثليق لكنيسة المشرق والمطران ايشوعياب ناطر كرسي مار ادي ومار ماري . كَتبها الضعيف والخاطئ القس يلدا ابن القس عبديشوع ابن القس حاذبشبا ابن القس إسرائيل الالقوشي كُتب هذا الكتاب لإجل هؤلاء النساء إيمِيت وابنتها مريم وهيلِانه وتْخّهِ وإلپيه المؤمنات ومن أجر عملهم ومن القس عبدإيشوع ابن المؤمن كانون من قرية تلكيف المُباركة ومُنح لدير ماركيوركيس ـ بعويرة بقرب مدينة الموصل المدينة الكبيرة . وعندما كُتب هذا الكتاب كان القس هرمزد ابن القس بريخو القائم بخدمة دير مار كوركيس المقدس]
لابد ان اشير هنا ان الذي استوقني منبهراً امام هذه المخطوطة هو تاريخ الانتهاء من كتابتها والمتبرعين من اجل كتابتها لصالح دير مار كوركيس ومن اجل تحليل تلك الدوافع الكامنة وراء ذلك الاحسان والفترة الزمنية التي استغرقها كتابة هذه المخطوطة وربطها بالحدث الجلل الذي حصل في الاشهر القليلة التي سبقتها الا وهو حصار الموصل من قبل نادر شاه (Sep 13, 1743 – Oct 20, 1743 ) يمكننا الاستنتاج بان قرى الموصل كانت قد تعرضت للخراب والدمار على ايادي قوات نادر شاه بعد حصار فاشل للموصل دام أكثر من أربعين يوما حيث تكبدت قواته خسائر فادحة فانسحبت بعد ان ا فرغت حقدها وعاثت فسادا في قرى الموصل ومنها بالطبع ديرمار كوركيس وتلكيف الاقرب الى الموصل .
فقد كتب السيد فتح الله القادري في ارجوزته عن حوادث عام 1743 ميلادية ما نصه ان الفرس بقيادة نادرشاه اذ لم يتمكنوا من ان يحتلوا الموصل عزوا انفسهم بنهب وحرق القرى المجاورة ومن بينها تلكيف وله ذلك هذه الابيات
قرى الموصل فتكوا فيها وفي تلكيف بطنة ثم في تلسقف
فجمعوا ذخائراً لاتحصى ثيراناً اغناما فلا تستقصى
فكل الدلائل تشير الى ان هولاء النساء كانوا قد اجتازوا تلك المحنة العصيبة بفضل العناية الالهية وشفاعة القديس ماركوركيس وما كان منهم الا ان يردوا على ذلك الاحسان ببعض من اموال اتعابهم ولذلك تحملوا نفقات كتابة تلك المخطوطة الطقسية من اجل اهدائها لرهبان دير مار كوركيس الذين اتى الدمار والحرق على كل كتبهم الدينية كاقل واجب من اجل المساعدة في تهيئة الظروف الملائمة للرهبان من اجل اكمال صلاتهم الطقسية وبتقديري فأن حالات كهذه من التبرعات من قبل المؤمنين والتي كانت كثيرة ساهمت الى درجة ما في الحفاظ على مخطوطاتنا السريانية فكل نسخة اضافية لاي مخطوطة تاريخية او دينية اعطت فرصة اكبر للحفاظ عليها في زمن كان فيه استنساخ اية مخطوطة يحتاج الى اشهر عديدة من الجهد واموال كثيرة وكانت فرص ضياعها واندثارها كبيرة بفعل القلاقل واللاستقرر الذي ساد المنطقة وكذلك الجهل مع وجود الرغبة في اهلاك كلما هو مختلف عمّا يؤمنون به .