المحرر موضوع: ولادة الكنيسة من الجنب المطعون  (زيارة 640 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل وردااسحاق

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1208
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • https://mangish.net
ولادة الكنيسة من الجنب المطعون
بقلم / وردا إسحاق قلّو
قال يسوع لتوما ( هات أصبعك إلى هنا ، وانظر يديّ . وهات يدكَ ، وضعها في جنبي . ولا تكن غير مؤمن بل كن مؤمناً ! ) " يو 27:20 ".
     تجسدَ ابن الله لكي يصالح السماء مع بني البشر الساقطين في الخطيئة . دفع المصلوب ثمن الخطيئة على الصليب فتمم الفداء والخلاص بتكفيره عن خطايا الجنس البشري ، قال الرسول ( صادقة هي الكلمة ومستحقة كل قبول : أن المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلص الخطاة الذين أولهم أنا ) : 1 تيم 1: 15 " . فمن يؤمن به وبعمل صليبه سيخلص من الدينونة الأبدية ، أسس الرب المتجسد شعباً جديداً مختاراً أستلم كرم الله من الشعب القديم الذي رفضه الله لعدم أمانته ، ولعدم إيمانهم بأبنه ، والشعب الجديد هو جسد الرب ، أي كنيسته المقدسة والمسيح هو رأسها وراعيها ، ولدت الكنيسة من جنبه المطعون على الصليب ، فيسوع هو الذي حبلَ بكنيسته ، وعاش ألم المغاض الذي تكلّلَ على صليب الجلجلة .
حواء أخذت من ضلع آدم ، أي من جنبه ،  لتصبح أم البشرية . ومن الجنب المطعون ليسوع الذي هو آدم الجديد خرجت الكنيسة في سرّ من أسرار الحب الإلهي للبشر، فالرب يسوع أبدع بخليقة جديدة على الصليب ، وكذلك بقيامته من بين الأموات .
    فوق الصليب طلب يسوع المغفرة لصالبيه ، ثم أسلمَ الروح إلى أبيه السماوي . وعبارة ( أسلمَ الروح ) تعادل تعبير ( نفخَ ) . قال الكتاب ( نفخ الله في التراب ، فكان آدم ) " طالع تك 7:2 " . وعلى الصليب ، أسلمَ يسوع الروح ، فكوّنَ بروحه الكنيسة ليستمر وجودها على الأرض ، وفي السماء . لم يكوِّن الكنيسة من التراب ، بل من الكلمة .
       مريم العذراء أحتلت المكان المرموق في حياة مؤمني كنيسة ابنها لتصبح هي صورة الكنيسة فيتعاطى معها المؤمنين كأم ربهم ومخلصهم لكي تحتضنهم وتحميهم وتشفع لهم عند أبنها المخلص الذي هو الشفيع الأعظم لدى أبيه السماوي . فالعلاقة بينها وبين ابنها الإله عبر الأجيال هي علاقة كيانية دموية وروحية ، لا يمكن إنكارها ، ولا يمكن الإستغناء عن دورها كأم لله وللكنيسة .
   المسيح الذي حبلَ بالكنيسة منذ يوم ولادته إلى صعوده على مذبح الصليب ، وَلدها على قمة الجلجلة . وكانت أمه مريم واقفة عند الصليب تمثل صورة تلك الكنيسة حديثة الولادة وأماً لها ، قبل الصلب كانت علاقتها بيوحنا الحبيب ، كعلاقتها مع كل المؤمنين . لكن عندما قال يسوع لها عن يوحنا الحبيب ، هذا أبنكِ . وليوحنا ، هوذا أمكَ . هنا وضع المسيح حجر أساس الكنيسة وأعلنها في تلك الساعة ، فأخذ يوحنا العذراء إلى بيته . أي أخذها ليصبح أبناً لها بكل معنى الكلمة . وأبناً للكنيسة الجديدة . تمسكت الكنيسة بمريم بكونها والدة الإله ، وما دام الرب يسوع هو أبن الله ، أتى منها بالجسد ، فالكنيسة أيضاً تأتي من والدة الإله بالروح . تأتي منها إلى أبنها ، وهكذا تتم الذبيحة الإلهية بشفاعة والدة الإله . وتبقى مريم أمةُ لله ، ومطيعة مخلصة لربها وأبنها الذي أخذ منها جسده .
  علاقة الكنيسة بأم الإله هي علاقة والدة يسوع بالمؤمنين به متجذر من الدماء والماء التي سالت على الصليب فأسس سر الأفخارستيا الذي هو مركز كل الأسرار الكنيسة وأهمها .
      قال الأب الأقدس مار فرنسيس : تولد الكنيسة من فعل محبة الصليب العظيم ، من الجنب المطعون الذي خرج منه دم وماء كعلامة لسرّي الأفخارستيا والعماد . فالقوة الحيوية في عائلة الله وفي الكنيسة ، هي محبة الله التي تتحقق من خلال محبته ومحبة الآخرين بدون تفرقة ومقياس ، لأن الكنيسة هي العائلة حيث يُحِبُ المرء ويُحَب .
         الخليقة التي انحدرت من الأبوين كانت من تراب ، والرب الإله نفخ في التراب فصار التراب نفساً حية . ، أما على الصليب فغفر الرب للص اليمين الذي وبخ لص اليسار لأنه كان لا يزال يهزأ بالمخلص ، قال له : نحن نستحق العذابات التي نحن فيها ، أما هو فلا ، بل قبلَ هذه المعانات بدون تذمر . بهذا عبّرَ للمسيح بأنه قال له ( نعم ) لإرادة الله ، واعترف ببراءة يسوع . وأكتشف أيضاً سر المسيح ، لهذا قال له ( أذكرني يا يسوع إذا ما جئت في ملكوتك ) فقال له ( ... ستكون اليوم معي في الفردوس ) " لو 23: 39-43 " .
       أسس المسيح كنيسة قوية ، وأبواب الجحيم لا تقوى عليها ، فيها نتغذى جسد ودم الرب لكي نعيش ، ولنبقى مقيمين فيها ، ونحتمي بها من عدو الخير . وتبقى صورة كل إنسان يأتي بالآخرين أليها هي الصورة التي تشّده بصورة عفوية إلى والدة الإله ، وكأن مريم هي المعلمة التي تحفظنا وتعلمنا إقتبال الكلمة ، وكيف نعمل من أجل إنقاذ كثيرين لنأتي بهم إلى ابنها الفادي . ليتمجد أسمه القدوس .
   التوقع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) " رو 16:1 "