المحرر موضوع: نص الموعظة التي القاها سيادة المطران يوسف توما بمناسبةمنح الرسامة الانجيليية في كاتدرائية القلب الأقدس، كركوك  (زيارة 702 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل المطران مار يوسف توما

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 86
    • مشاهدة الملف الشخصي
     
نص الموعظة التي القاها سيادة المطران يوسف توما بمناسبةمنح الرسامة الانجيليية في كاتدرائية القلب الأقدس، كركوك الجمعة 29 نيسان 2022

نكرّر في كلّ قداس تحية القديس بولس الرسول الذي كان يختتم رسائله بهذه الجملة: "نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله الآب وشِركة الروح القدس معكم جميعًا" (2 قور 13/13)، حياة الإنسان ليست معزولة بل هي شِركة، أو مشاركة. كل منا مدعوّ إلى التبادل على كل الأصعدة، والديانة على مر العصور، إعتمدت عناصر الشراكة. أي الأخذ والعطاء، فأصبحت "الشِركة"، أفضل كلمة لتعريف الله الروح القدس أي هذه الحياة والحياة الأبدية.
يعتمد نجاح العلاقات على هذه الشِركة والأولوية التي نعطيها لخدمة إخوتنا، لكن الفرق يأتي من أسلوب هذه الخدمة، لذا رسم يسوع بحياته خارطة طريق لجماعة تلاميذه وهي حققت نجاح الكنيسة فوق الأرض، وأعطت للمجتمعات ديناميكية كانت تفتقر إليها، وبها يمكن أن نقيس المجتمعات من حيث نجاحها وفشلها.
لولا هذه المشاركة لبقي الانجيل حرفا ميتا إذا لم يتحول إلى أفعال وبشارة فرح.
إيماننا إذن حياة مع الله الآب والإبن والروح القدس عامل فيه ومعنا. إنّ ما يشكل علاقة الآب بالإبن من جهة، وبين ما يمنحه المسيح بعد قيامته لتلاميذه من جهة أخرى هو الروح (النَفَس)، الروح القدس أقنوم العلاقة بامتياز، ومن خلاله نعطي معنى وتفسيرا لأشكال الشِركة الأخرى.
هؤلاء الشباب أمامنا قرروا (قسم مع زوجاتهم) معرفة الله، كما قال يسوع: "والحياة الأبدية هي أن يعرفوك أنت الإله الحق ويعرفوا يسوع المسيح" (يو 17/3)، بهذه المعرفة أولا ندخل الصلاة لنتمكن من ترجمة الوصية الوحيدة والأساسية التي في الإنجيل، وصيّة المحبة، بحركة مكوكية بين العمل والصلاة التي ليست تكرارًا مملا وشفهية فقط، بل حركة مستمرة واعية بحضور الله الدائم فينا.
إن كل رسامة هي توكيل للخدمة تحمل أسماء محددة لا تقتصر على أي نوع من الشماسية، هذا يعني أن المرسوم عليه واجب تشجيع الناس على قراءة الكتاب المقدس والصلاة، ويعلم بمثله بفاعلية تتحول إلى أوقات نقضيها مع الإخوة المؤمنين أو المراجعين أي الذين نخدمهم بأعمال راعوية أو رسولية، بحسب مهمة وموهبة كل واحد وواحدة. فتصبح علاقاتنا كالأواني المستطرقة: شِركة خدمة كي يزداد الفرح مع الله ومع الآخرين.
إضافة إلى ذلك، يحاول الشماس أن يعطي معنى آخر لحياته، من حيث القدرة على التنظيم واختيار الأولويات، فيقدّم أو يؤخر بالإصغاء للروح القدس الذي يهديه فتبقى الخدمة مركز ثقل كيانه.
كل جماعة محلية هي كنيسة وعليها حقوق وواجبات، كالعائلة هي مجتمع مصغّر وكنيسة صغيرة، تعيش الخدمة، في سر الكنيسة كطابع مستقبلي، الصغار يكبرون والكبار يشيخون أبي كان يحملني صغيرا، يأتي يوم أنا أحمله عجوزا. كل واحد يشارك بهذا المستقبل عن طريق خدمته. الجماعة لا يمكن أن تنغلق على نفسها، بل تنفتح لتخدم الكنيسة الشاملة لئلا يضيع شعب الله في أشكال التقوقع التعبان والمتعب.
المستقبل صعب التكهن له، لكن الرب يسوع تكلم عنه ووضع للكنيسة منهجا لتمارسه، بالشماسية الخدمة، وضع اليد (سياميذا) يشبه السلسلة، ميراث خلافة، منذ البداية "وضعوا أيديهم عليهم وأرسلوهم" في كل مكان مع أوراق ثبوتية "هوية" خدمة، جغرافية وروحانية وعمق، وضع اليد (الرسامة) هي مرآة العهد: أنا جاهز، الحركة بسيطة (مثل ماء العماذ بسيط) لكنها غنية بالمعنى والمحبة. في اعمال الرسل ذكرت ولادة الشمامسة لخدمة الموائد ولكي يتفرغ الرسل للكلمة، هذا يضحكني، اسطيفان أقيم ليخدم الموائد لكنه شماس شهيد بكلمته وقبل استشهاده يلقي أطول خطاب في العهد الجديد إنه خادم أيضا بالكلمة بشر حتى موته مثل يسوع، ترجم خدمته بالاتصال، غذى بها من أقيم لخدمتهم وصار سبب اهتداء لشاول (بولس).     
على كل خدمة إذن أن تكون ذات بعدَين: روحي ومادي، لكي نجابه التحديات، الصعوبات والفشل، ضد القلق، الهموم والكسل. وضد مجتمع ما بعد كورونا الاستهلاكي، لتصير حياتنا أكثر بساطة بعيدا عن التعقيد.
"من كان فيكم كبيرا - أي مسؤولا وواعيا وبالغا - فليكن خادما" شماسا (لو 22/26)، عندئذ سيعرف الناس أنكم تلاميذي، إذا أحبّ بعضكم بعضا" (يو 13/24)، كل يوم نفتح مكانا في قلبنا وحياتنا للآخرين أكثر فأكثر.
مبروك لشمامستنا خدمتهم، اذهبوا في كل مكان واخدموا بسخاء لا تخافوا، لا تهتموا الرب سيكون معكم...

+ المطران يوسف توما

غير متصل Michael Cipi

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 5202
    • مشاهدة الملف الشخصي
"من كان فيكم كبيرا - أي مسؤولا وواعيا وبالغا - فليكن خادما" شماسا (لو 22/26)،
************
كـلمة ( خادم ) في هـذه الآية ، لا تعـني الشماس حـصراً ، وإنما خادم في المجـتـمع ، للـفـقـيـر وللمـعـوّق وللمحـتـاج وللضعـيـف ....