المحرر موضوع: العلاف يستذكر محطات من تاريخ ارمن مدينة الموصل  (زيارة 706 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عنكاوا دوت كوم

  • مشرف
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 37773
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
العلاف يستذكر محطات من تاريخ ارمن مدينة الموصل
عنكاوا كوم-خاص
سلط المؤرخ الموصلي المعروف  ابراهيم العلاف  الضوء حول محطات من تاريخ ارمن مدينة الموصل وذلك بموقعه التواصلي على الفيس بوك .. واشار العلاف الى ما تركه ارمن المدينة من بصمات راسخة في ماضي المدينة  خصوصا في اعقاب هجرتهم من مناطقهم في المدن التركية بعد الاهوال التي قاسوها جراء المذابح التي جرت بحقهم  واقر المؤرخ  الاكاديمي المعروف بوجود قصص مؤلمة وراء نزوح وهجرة الارمن واستقرارهم بمدينة الموصل حالهم حال اقرانهم ممن استقروا في عدد من المدن العربية وفيما يلي نص المقال .
قبل فترة  ، كتبتُ شيئا عن اطروحة دكتوراه في جامعة القاهرة نوقشت قبل سنوات عن ( أرمن مصر ) ، وقد أثار العنوان انتباهي ، حيث ان لدينا كتابات عن أرمن العراق وارمن الموصل  ومواقفهم في التاريخ الحديث والمعاصر ، لكني لم أجد دراسة أكاديمية متفردة عنهم .
وقد ندبتُ نفسي ، لكتابة مقال مقتضب عنهم أحاول فيه أن أحدد بعض معالم تاريخ أرمن الموصل في التاريخ الحديث والمعاصر .. واقول بادئ ذي بدء ، ان أرمن العراق عراقيون قح يحملون اليوم جنسية جمهورية العراق ، ومنذ تشكيل الدولة العراقية الحديثة سنة 1921 ، منهم وخاصة كبار السن كانوا كبقية العراقيين يحملون الجنسية العثمانية حيث ان العراقيين والارمن كانوا يعيشون ضمن الدولة العثمانية من منتصف القرن  السادس عشر الميلادي وحتى نهاية الحرب العالمية الاولى سنة 1918 .
وقد حاول عدد منهم خلال الخمسينات والستينات من القرن الماضي ، ان يسافر الى جمهورية ارمينيا التي كانت تحت سيطرة الاتحاد السوفيتي السابق ، لكنهم اصطدموا بواقع تلك الجمهورية وكفوا عن الرحيل اليها ووجدوا في العراق وطنا آمنا لهم .
وقصة الارمن في العراق ، كما في بقية البلدان العربية ، قصة مؤلمة اذ ترتبط القصة بما حدث للارمن من مذابح   الاولى في القرن التاسع عشر ، والثانية خلال الحرب العالمية الاولى وفرارهم من أمام الجيش العثماني  الى العراق والشام ومصر على وجه الخصوص .
 ولقد قرأت الكثير عن ما لحق به من مظالم بين سنتي 1915 و1923 في (تركيا العثمانية ) .  كما اشرفتُ على اطروحة الدكتور غسان الجوادي عن (المسألة الارمنية والدولة العثمانية ) والتي قدمها الى جامعة الموصل قبل سنوات . والى الان اتذكر ما كتبه عنهم الاستاذ فائز الغصين في العشرينات من القرن الماضي وما دبجه في ذكرياته عنهم الاستاذ عبد العزيز القصاب متصرف ( محافظ ) الموصل الاسبق  عن ما جرى لهم بعد فرارهم في الشام الى العراق ومدينة الموصل بالذات كما ان ما كتبه الطبيب الموصلي الارمني الدكتور كريكور استارجيان في مذكراته  ايضا  ، يعد في مقدمة المصادر عن تاريخهم في الموصل والعراق والدولة العثمانية قبل ذلك .
المدونات التاريخية التي بين ايدينا  تزخر بأسماء ارمن من الموصل اشتغلوا في تجارة الخيول وتجارة الاقمشة ومنهم ميناس جقمقجيان الذي كان موجودا واسرته في الموصل منذ النصف الاول من القرن الثامن عشر  .  وهناك ما يشير الى  ان الارمن كان لهم دور مع اخوانهم في الموصل في الدفاع عن الموصل خلال حصار نادرشاه سنة 1743 م .
وكان للارمن ، محلة خاصة بهم  قريبة من الدواسة ومن حديقة الشهداء كما ان لديهم مقاه خاصة بهم ونوادٍ ومدارس وسوق .. وقد عرفهم الموصليون أُناس منضبطون يحبون القانون ويعملون من اجل الموصل والعراق وقد كانت علاقتهم بالعشائر العربية وخاصة شمر قوية ، وكثيرا ما حدثني عنهم صديقي الاستاذ  الاسبق في قسم اللغة الانكليزية بكلية الاداب –جامعة الموصل  الدكتور لازم مهران اوانيس ، وهو منهم وقد عاش لفترة بين شمر ويتحدث اللهجة البدوية بطلاقة .
 كما ان صديقنا المرحوم الدكتور صلاح الدين امين طه عميد كلية الاداب الاسبق  بجامعة الموصل ، كتب عن الارمن وارمينيا  في رسالته للماجستير واطروحته للدكتوراه .
الوجود الارمني في الموصل  اذا  لايرتبط بالحرب العالمية الاولى ، وما تعرض اليه الارمن من تشريد ، ومجاعة ، وظلم، بل ان لهم تواجد سكاني قديم في العراق يرجع الى قرون بعيدة في الغور ؛ فالمصادر التاريخية المتداولة تشير الى موجات أرمنية بشرية قدمت العراق من موطنهم الاصلي ارمينية عبر ايران ، وكان حاكم الموصل في القرن 13 بدر الدين لؤلؤ ارمنيا بالاصل . وقد استوطن قسم من الارمن في الموصل واخذنا نسمع عن وجود ابرشيات لهم منذ سنة 1222 م ، وسرعان ما اتجه عدد من الارمن نحو المدن العراقية الاخرى ومنها بغداد والموصل وكركوك حتى ان العثمانيين ، وكانوا يحكمون العراق ، اعترفوا بالارمن كطائفة مستقلة عن بقية المسيحيين فكانت لديهم قوانينهم  ، وتشكيلاتهم   الدينية   (الروحانية ) والادارية والتعليمية والقضائية والرياضية والفنية.
ظل الامر هكذا سنوات وقرون الى ان اندلعت الحرب العالمية الاولى ودخلت الدولة العثمانية الحرب الى جانب الالمان 1914 ، وانحاز عدد من ابناء الارمن للمعسكر الغربي الثاني المتمثل ببريطانيا وفرنسا وتشكلت مقاومة ارمنية للحكم العثماني ، وحصلت المواجهة بين الارمن والسلطة العثمانية وكانت النتيجة سلسلة من المذابح تعرض اليها الارمن ؛ فبدأت هجرتهم ، وازداد نزوحهم الى المناطق المجاورة ومنها  مدينة الموصل التي احتضنتهم ، ورعتهم وساعدتهم على الاندماج بالمجتمع الموصلي الى درجة كبيرة جدا حتى ان عددا من الاسر الموصلية زوجت ابناءها ببنات ارمنيات وهذه الاسر معروفة في الموصل وهي كثيرة منها اسرة نوري الارمني واسرة عارف السماك واسرة صديق محمد عبد الله وغيرهم من الاسر الموصلية المعروفة .
يقول واسترو Wustrow  ،  وهو القنصل الالماني في الموصل في تقرير كتبه سنة 1917 : ان عدد المهاجرين الارمن الذين دخلوا الموصل ربيع سنة 1917 بلغ قرابة (8000 ) نسمة معظمهم من النساء والاطفال ...وكانت حالتهم صعبة ..." .
اما عبد العزيز القصاب متصرف الموصل الاسبق فيقول في كتابه (من ذكرياتي ) المطبوع في بيروت سنة 1961 بأن من هاجر الى الموصل بلغ قرابة ( 40 ) الف نسمة ، يشكل الارمن من بينهم نسبة كبيرة .
بعد الاحتلال البريطاني للعراق ، ومنها الموصل التي دخلت تحت سلطة الانكليز بعد الهدنة سنة 1918 اجرت السلطات البريطانية ما سمي بالاستفتاء الاول سنة 1919 لمعرفة رأي العراقيين في " اقامة دولة عربية واحدة تقوم بإرشادها بريطانيا تمتد من الحدود الشمالية لولاية الموصل حتى الخليج العربي " ، وكان الارمن ممن طلب منهم الرأي ، فنظموا مضبطة اشرتُ اليها في رسالتي للماجستير سنة 1975 والتي قدمتها الى كلية الاداب –جامعة بغداد بعنوان :(ولاية الموصل :دراسة في تطوراتها السياسية 1908-1922 ) ، ولاتزال غير منشورة وكانت مضبطة الارمن المقدمة في 6 كانون الثاني سنة 1919 تتضمن الرغبة في ان تدار شؤونهم من قبل بريطانيا وجاء فيها بالنص :" نحن ملة الارمن الذين هم من اهل الموصل والمستوطنين بها نريد من حكومة انكلترا ان تدير شؤوننا " .. ومن ابرز الموقعين على المضبطة : القس طاويديان وداؤود حقيرقجيان ومختار محلة ارمن الموصل سركيس جقماقجيان .
وعندما طلب الانكليز من العراقيين البيعة للامير فيصل بن الشريف حسين ملكا على العراق في 11 تموز 1921 صوت الارمن لصالحه .
 الارمن في الموصل  يتحدثون العربية لكنهم لم ينسوا لغتهم الارمنية الغربية ، وتعدادهم في العراق يربو  على ال ( 37 ) الفا ، ولهم كنيستهم الخاصة المسماة الكنيسة الارمنية الارذودكسية لكن هذا لايعني عدم وجود اتباع للمذهب الكاثوليكي بينهم  وتتمتع  هذه الكنيسة بالحصانة والاحترام من قبل السكان على مختلف انتماءاتهم الدينية .
ونستطيع القول ان أرمن الموصل  يتمتعون  بثقل سكاني ، ففي الموصل للارمن كنائس منها كنيسة الارمن ..
هذا فضلا عن للارمن نواد رياضية مثل نادي الهومنتمن في الموصل الذي تأسس سنة 1949 كما ان لهم مدارس  ورياض للاطفال ارمنية في مناطق تواجدهم  وخاصة في منطقتهم في محلة الدواسة وقرب حديقة الشهداء .فضلا عن عدد من الجمعيات الثقافية ومنها جمعية الشبيبة الارمنية في الموصل والتي يرجع تاريخ تأسيسها الى 13 اذار سنة 1927 .
ويعتز الارمن بقوميتهم ولغتهم وشخصيتهم الحضارية ويعرفون تاريخهم بشكل جيد كما ان قسما منهم كتب عن اسهاماتهم الثقافية في الفن والعمارة والادب واللغة .
ويفخر الارمن كذلك بعدد من رموزهم الذين اشتهروا في ميادين الادب والسياسة والاقتصاد والفن  والتصوير الفوتوغرافي والمعمار ومنهم على سبيل الطبيب الموصلي الارمني الدكتور كريكور استارجيان صاحب القصر الجميل في الموصل المبني على الطراز الارمني وكان يقع في منطقة النبي يونس وقد هدم للاسف في الثمانينات وله مذكرات منشورة كتبتُ عنها مقالا متوفرا في النت .
ومن رموزهم الباحث والكاتب الكبير يعقوب سركيس صاحب المؤلفات والدراسات العديدة ومنها كتابه (مباحث عراقية ) ولي ايضا مقال متوفر  عنه في النت ، واسادور اوهانسيان لاعب كرة السلة العالمي في الموصل والمؤرخ نرسيس صائغيان والدكتور موسيس دير هاكوبيان الطبيب والكاتب ومؤلف كتاب " حالة العراق الصحية في نصف قرن " وهو من منشورات وزارة الثقافة والاعلام في العراق سلسلة دراسات 1981 .. وقد قدم له الدكتور حنا خياط أول وزير للصحة في الدولة العراقية الحديثة 1921 وكانت الطبعة الاولى من هذا الكتاب قد ظهرت سنة 1948...والدكتور موسيس دير هاكوبيان كان يعمل طبيبا في الوقاية الصحية لمنطقة مدينة الموصل وقد ألف هذا الكتاب بعد اطلاعه على تقارير الامراض السارية فدرس تطورها وتحرى عن مصادرها والطبيب الدكتور روبرت مرمديجيان وكان يعمل في الموصل والدكتور كره بيت وكان صديقنا في الموصل خلال السبعينات وله عيادة في شارع غازي بالموصل  ومن  مركبي الاسنان الذين عرفتهم الموصل حنا جقمقجيان وروبرت مومديان في شارع نينوى وكان ديكران ايكماكجيان من تجار الموصل وكان سركيس افندي جقماقجيان مختارا للارمن في الموصل ومن المصورين الفوتوغرافيين المعروفين في الموصل وقد ادركناه آكوب كريكور بنجويان وهو خال المصور الفوتوغرافي العالمي الكبير مراد الداغستاني. ولازلنا نذكر بخير سكرتيرة عمادة كلية الاداب بجامعة الموصل خلال السبعينات  الانسة اسدغيك طاطول وكانت من ابرع وأكفأ السكرتيرات في العراق على حد علمي ومعرفتي .
ومن المصورين الفوتوغرافيين الارمن الذين برزوا في الموصل ومنذ اواخر الثلاثينات ( اكوب بنجويان ودكران غازريان ) وكان لكل منهما استوديو للتصوير في شارع الملك فيصل الاول .ومن تجار المنسوجات في الثلاثينات ايضا اكوب يبرميان في خان القلاوين .
ومن اصحاب المقاهي الارمن في الموصل خلال الثلاثينات اسطيفان ادوك ونظيف بغداسان في شارع الملك فيصل الاول يقينا اننا لانستطيع الاتيان بكل من برع من الارمن واشتهر لكننا نؤكد ان الارمن كانوا ولازالوا يصرون على القول انهم عراقيون اولا وأرمن ثانيا مما يؤكد اخلاصهم للعراق وسعيهم من اجل بناءه ورفعته .
كما برع عدد كبير من الارمن وخاصة في الموصل في المهن والحرف والتجارة وادار بعضهم مطاعم مشهورة واشتهر عدد من الارمن في مهن من قبيل (الوايرمن ) و(الفيترجية ) و(التورنجية )  والقوندرجية ومنهم مثلا (كره بيت بدروس ) ومن حلاقي الارمن  كيرام ارتين ومهران  مارتوز في شارع الملك فيصل الاول –العدالة وسيروب زادويان في شارع غازي ونيشان علاقيان  في شارع نينوى.ومن باعة الحلويات كرابيت ونس في شارع الملك فيصل الاول ومن الخياطين اواهنيس ديرطاونيان في شارع الملك فيصل الاول وطاطول كريكور وطاويك كريكوريان في شارع الملك فيصل الاول ايضا  .وكان مهران اوانيس صاحب كراج في شارع نينوى
 اما آرتين كره بيت فكان له معمل للاحذية في شارع النجفي ورد ذكره في الدليل الرسمي العراقي لسنة 1936 وعرفنا منهم في الموصل كثيرين لازلنا نذكرهم بخير لدقتهم وحسن صناعتهم واخلاقهم العالية منهم ددي الميكانيكي وبوغوص الوايرمن وكره بيت الحلبي بائع الكرزات .
ومن الاطباء الارمن الدكتور بابا برهان وكانت له عيادة خاصة في شارع نينوى
وخلال الثلاثينات من القرن الماضي كانت لهم في الموصل شركات وجمعيات منها ( شركة منكوبي الارمن ) المعروفة ب(الهافر ) .
 وقد عرفت من الارمن اشخاصا انخرطوا في الاحزاب السياسية العراقية وارتقوا درجات عالية في السلم الحزبي سواء اكان ذلك في الحزب الشيوعي او حزب البعث العربي الاشتراكي او الحزب الوطني الدمقراطي او الحزب الدمقراطي الكردستاني .
ان مما يُعرف به أرمن الموصل  انهم أناس جديون نشيطون مخلصون للعراق مسالمون يعملون بكل تفان من اجل ان يحفروا لأنفسم مكانة تليق بهم في المجتمع العراقي .كما عرفت المرأة الارمنية بإقتصادها وتدبيرها ويقول الموصليين ان المرأة الارمنية تصنع من  ربع كيلو من اللحم مثلا عدة اصناف من الاطعمة في حين ان غيرها تضع في القدر كيلو من اللحم  وتصنع نوعا واحدا من الطعام
أي نشر، أو إعادة تحرير لهذه المادة، دون الإشارة الى " عنكاوا كوم " يترتب عليه أجراءات قانونية