المحرر موضوع: نقاط عراقية على حروف مقتدى  (زيارة 617 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31535
    • مشاهدة الملف الشخصي
نقاط عراقية على حروف مقتدى
لمن نسي نُذكر بـ"اعتزالات" مقتدى المتعددة وبـ"عوداته" المعروفة والمتوقعة ثم كان القتيل قاسم سليماني في كل مرة يعيد عصفورَه النافر إلى عشه الأول ويجعله يتخلى مرغما عن بالوناتهِ الدخانية المزعجة.
العرب

عوّد مؤيديه بالتقلبات والاندفاعات المتناقضة
نعم، هي نقاط عراقية وليست عربية ولا أميركية ولا إيرانية، باعتبار أن أهل القرية يعرفون بعضهم، في حين يجهله الآخرون.
ومبدئيا لا بد من إيضاح مسألتين، الأولى أن كل عراقي وطني شريف ومخلص وأمين يتمنى أن يكون زعيم التيار الصدري مقتدى صادقا في توبته عن المحاصصة والفساد والسلاح المنفلت والتبعية، بعد أن تبين له الخيط الأبيض، أخيرا، من الخيط الأسود، وقرر أن يُكفر عن “جهاد” سبع عشرة سنة كان فيها ركنا أساسيا ومهما في العملية السياسية المغشوشة الفاشلة الفاسدة التي أفقرت الناس ودمرت الوطن وجعلته مزرعة ملحقة بأملاك الولي الفقيه.

والثانية أن الحسنات يذهبن السيئات، ولكن فقط حين تكون حقيقية ولا غبار عليها ولا رجعة عنها. والمعروف عن مقتدى أنه بدأ يعد أهله العراقيين بمحو سيئاته القديمة بحسنات جديدة. فقد أصبح، منذ نهاية الانتخابات الأخيرة في أكتوبر من العام الماضي، ينادي برفض المحاصصة، ويصر على الاستقلالية، ويطلب حصر السلاح بيد الدولة، ويعد بمحاربة الفساد، وهي كلها مبادئ سامية يحتاج إليها الشعب العراقي في أيامه الغبراء التي حُكم عليه بها منذ أن ارتكب الأميركيون الجريمة الكبرى بحقه، وسلموا أمنه وثروته ومستقبل أجياله القادمة إلى شلة من الأفاقين المزورين والمنافقين الانتهازيين المختلسين الذين يقتلون القتيل، كل يوم، وكل ساعة، ثم يمشون في جنازته، دون خوف ولا حياء.

أولا، إن المحاصصة التي يرفضها ويُسميها “خلطة عطار” قد استبدلها بمُحاصصة أخرى، ومع نفس أطراف المحاصصة السابقة. فحليفُه الأكبر والأقوى في ائتلاف “إنقاذ وطن” مسعود بارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، هو نفسه الشريك الأقوى في المحاصصة القديمة، منذ أيام المعارضة العراقية السابقة، وقبل الغزو الأميركي بسنوات. وعليه ما عليه من مخالفات وتجاوزات سيادية مالية ونفطية وسياسية وحتى ثقافية تقوم جميعها على مبدأ طعن القسم العربي من الوطن في خاصرته، والتعاون مع عدوه الأجنبي على الإثم والعدوان. وهو الذي يشكو مواطنوه الكرد، قبل غيرهم، من فساد ولده وابن أخيه وباقي أفراد أسرته الذين أصبحوا من أصحاب المليارات المهربة إلى الخارج في إقليمٍ تعجز حكومته عن دفع رواتب موظفيها، وتضطر إلى الشحاذة من حكومة المركز لسدادها. ومسألة استخراج النفط العراقي وتهريبه إلى تركيا وإسرائيل لا تحتاج إلى دليل، خصوصا على واحد صاحب سطوة ودراية كمقتدى.

ثانيا، بخصوص السلاح المنفلت لا ينسى العراقيون أن التيار الصدري كان وما زال من كبار وأوائل أصحاب الميليشيات التي تمتلك محاكمها الخاصة، وسجونها، ومكاتبها الاقتصادية التي توفر لها ولصاحبها الأموال التي يحتاج إليها لدفع الرواتب وتمويل المكاتب وشراء الأسلحة وتدريب المجاهدين والتآمر على المعارضين، وقتل المتظاهرين.

لا ينسى العراقيون أن التيار الصدري كان وما زال من كبار وأوائل أصحاب الميليشيات التي تمتلك محاكمها الخاصة، وسجونها، ومكاتبها الاقتصادية التي توفر لها ولصاحبها الأموال التي يحتاج إليها لدفع الرواتب وتدريب المجاهدين والتآمر على المعارضين، وقتل المتظاهرين

ثالثا، محاربة الفساد. وقد كان ممكنا أن نصدقه في عزمه على محاربة الفساد ومحاكمة كبار الفاسدين، لو بدأ بتياره أولا، فقصقص أجنحة شخصيات صدرية عديدة مفضوحة متورطة في الفساد، ولكنه يطالب دائما، لكي يعاقبها، شهود عيان رأوا الميل في المكحلة، عملا بأحكام الزنا في الإسلام.

فوزارات مهمة منها الكهرباء والصحة، ومنافذ حدودية، ومؤسسات سيادية كانت من حصة التيار الصدري، ومحرمة على غيره من شركائه في المحاصصة منذ العام 2005 وحتى اليوم.

ويكفي أن نتذكر أن أبرز حلفائه السنة أحمد الجبوري (أبومازن) صاحب الملفات والأحكام القضائية العديدة بتهم فساد، ثم مشعان الجبوري الذي طردته المحكمة الاتحادية، أخيرا، بعد ثبوت قيامه بتزوير شهادته الدراسية، ولكن بعد أن أصبح بها من أصحاب الثروات والحظوة والمقامات.

رابعا، مع اعترافنا بأن الأخ مقتدى كان الصوت الوحيد المشاكس داخل البيت الشيعي الإيراني، إلا أنه يعرف، أكثر من غيره، بأن موضوع العراق غير منفصل عن مجمل المشروع الفارسي المتكامل الذي يصر على قضم ما تبقى من أرضٍ عراقية، خصوصا مناطق الشرائح العراقية المشاكسة العربية الشيعية، وتحويل أهلها جميعا إلى مواطنين إيرانيين ينشد أطفالهم، كل صباح، في تحية العلم، “إنا نحبك يا إيران”، من أجل إكمال تنظيف الطريق أمام القطار الإيراني المندفع غربا إلى آخر ما يمكن من شواطئ وحدود.

ولمن نسي أو نخشى أن ينسى نُذكر بـ”اعتزالات” مقتدى المتعددة، وبـ”عوداته” المعروفة والمتوقعة عن كل اعتزال. ففي أعوام 2013، و2015، و2018 أعلن عن اعتزاله، ثم كان القتيل قاسم سليماني، في كل مرة، يعيد عصفورَه النافر إلى عشه الأول، ويجعله يتخلى، مرغما، عن بالوناتهِ الدخانية المزعجة حول “شلع قلع” وحول استقلالية القرار الوطني العراقي.

ففي 2018، مثلا، فجروا له مستودع سلاحه في مدينة الصدر، فكانت جرة أذن قوية أفهمته أن خروجه عن النص قد زاد عن حده، وأن الأوان قد آن لأن يعود إلى قواعده سالما، وأن يلتمَّ تحت العباءة الإيرانية جنبا إلى جنب مع “الميليشيات الوقحة” التي كان يجاهر باستحالة تحالفه معها، رغم ما في هذه العودة من خسائر سياسية وشعبية، وسقوط من عيون الكثيرين من العراقيين.

ويومها كان أول المهللين والمُزغردين لعودة الفرع الصدري إلى الأصل الخامنئي هم نوري المالكي وقيس الخزعلي وقادة آخرون بارزون في الحشد الشعبي.

وأخيرا إن سيرة مقتدى نفسه وتكوينه النفسي قد عوَّدا مؤيديه وخصومه، على حد سواء، على التقلبات والاندفاعات المتناقضة.

ومن آخر أخبار الأخ أنه أعلن تحوله إلى المعارضة الوطنية، ولكن فقط لمدة 30 يوماً، وسوف يعود بعدها.

 والله وحده، والبيت الشيعي، والحرس الثوري، وإسماعيل قاآني، أعلم بما سوف يعود به على الشعب العراقي من جديد.