المحرر موضوع: اعتكاف مقتدى الصدر وسيلة لمواجهة الخصوم  (زيارة 554 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31496
    • مشاهدة الملف الشخصي
اعتكاف مقتدى الصدر وسيلة لمواجهة الخصوم
الصدر جرّب كل أنواع السياسة من الميكيافيلية إلى الليبرالية والثيوقراطية الكهنوتية وشكل تحالفا مع الشيوعيين ودخل في تحالف ثلاثي مع الأكراد والسنة، لم يترك مجالا في السياسة إلا وخاض فيه.
العرب

رجل التناقضات
مقتدى الصدر رجل الدين الشيعي وابن رجل الديني الشيعي مالئ الدنيا وشاغل الناس، جمع تناقضات الدنيا في شخصه، فهو الوطني الغيور، والطائفي الشرس، والسياسي والإصلاحي والثوري، وهو المعارض ضد الحكومة التي يشكل نصف طاقمها، وهو الخطيب الحسيني وزعيم شعبوي كبير يرفع شعار “لا شرقية ولا غربية”، لا للاحتلال الأميركي ولا للمحور الإيراني، مع أن سطوته السياسية وهالته الشعبية لم تظهرا إلا بعد احتلال القوات الأميركية للعراق وهيمنة إيران وحلفائها على الحكم في بغداد. جرّب كل أنواع السياسة من الميكيافيلية والبراغماتية إلى الليبرالية والثيوقراطية الكهنوتية “الغاندية”. شكل تحالفا مع الشيوعيين عام 2018، ودخل في تحالف ثلاثي مع الكرد والسنّة 2020، وهو لم يترك مجالا في السياسة إلا وخاض فيه وتفوق على كبار السياسيين.

أحب المناصب وأخذ حصة الأسد منها في كل الحكومات العراقية المتعاقبة بعد 2003 (حصل على  رئاسة 16 لجنة برلمانية من أصل 25 لجنة شكلها البرلمان مؤخرا)‏، ومع ذلك فهو لا ينفك يناشد الأحزاب السياسية في رومانسية وطنية جياشة ‎“‎خذوا المناصب والكراسي، واتركوا لي الوطن.. ماضون بالإصلاح ولن نتنازل!”،‎‏ وكأنّ العراق بفضل إصلاحاته أصبح أغنى وأجمل وأعظم دولة في المنطقة، لا أوسخ وأسوأ وأوحش دولة في العالم، كما جاء في تصنيف منظمة الشفافية الدولية.

والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: ماذا أنجز قائد “التيار” وصاحب ثلاث ميليشيات طائفية (جيش ‏المهدي وسرايا السلام ولواء اليوم الموعود) للعراق والعراقيين كل هذه السنوات الطويلة؟ هل ردع ‏فاسدا أو أصلح مؤسسة حكومية وارتقى بها؟ الجواب، كلا، بل ساهم بشكل مباشر ومن خلال مشاركته الطويلة في إدارة الحكومات المتعاقبة في إيصال العراق إلى الحالة المزرية التي هو عليها الآن.

والصدر لم يقف عند هذا الحد، بل سعى جاهدا لإسكات كل صوت يدعو إلى التغيير. فعندما اندلعت الانتفاضة التشرينية الشعبية الإصلاحية، وقف ضدها واعتبرها “بداية فتنة يخططون لها بدعم خارجي مشبوه”، وطالب المحتجين بـ”عدم زج العراق في أتون العنف والغوغاء الأرعن والتصرفات الصبيانية السّمجة”، ودعا الحكومة إلى مواجهتها، وفي حال عدم قيامها بذلك قال إنه سيكون “مضطرا إلى التدخل على طريقتي الخاصة والعلنية”.

قد يفاجئ العالم غدا بقرار انسحابه من الحلف الثلاثي وتشكيل حكومة “أغلبية شيعية” مع خصومه الإطاريين، وهذا أمر وارد ومتوقع من سيد "الحنانة"

هذا هو رأي الصدر في الإصلاحات عن طريق الانتفاضات والاحتجاجات. يريد أن يكون هو فقط من يحرّك الشارع العراقي ويحتكر حق الانتفاضات “المليونية”، لا يشاركه فيها أحد!

أراد تشكيل حكومة أغلبية وطنية فشكل مع الثنائي محمد الحلبوسي، السنّي، ومسعود بارزاني، الكردي، تحالفا سماه “إنقاذ وطن”، ولكن تعذر عليه تشكيل الحكومة لأنه لم يستطع إحراز ثلثي مقاعد البرلمان الـ220 كما حددته المحكمة العليا المسيّسة، فذهب إلى “الاعتكاف” دون استشارة حلفائه الكرد والسنة، الذين كانوا يتعرضون لأبشع أنواع الهجوم من قبل خصومه، الإطار التنسيقي وإيران، وصل إلى حد إطلاق الصواريخ الباليستية على أربيل عاصمة إقليم كردستان، وإصدار قرار من المحكمة “المسيّسة” بعدم دستورية قانون النفط والغاز، الذي صوّت عليه البرلمان الكردي عام 2007، في خطوة تعتبر أكبر ضربة للاقتصاد الكردي الذي يعاني أصلا من حصار جائر فرضته الحكومات العراقية علي الإقليم منذ عام 2014.

وكذلك هو الأمر بالنسبة إلى حليفه الآخر الحلبوسي، الذي تعرض إلى ضغوط سياسية هائلة من خلال إطلاق سراح خصومه السياسيين وتبرئة ساحتهم من التهم الكبيرة المنسوبة إليهم لإضعاف دوره في قيادة المكون السني، تمهيدا لإزاحته من العملية السياسية.

 جرى كل ذلك وهو معتكف غير آبه بما يحدث لشركائه. ولم تكد تنتهي مدة اعتكافه حتى أعلن عن ذهابه إلى المعارضة السياسية مادام لا يستطيع تشكيل حكومة الأغلبية. وهذا القرار أيضا اتخذه من جانب واحد دون استشارة حليفيه.

ورغم تأكيده في السابق الدفاع عن شركائه “لن نسمح لأحد كائنا من كان أن يهدد شركاءنا”، وقف موقف المتفرج غير آبه بما يحدث لشركائه السياسيين وتركهم لمصيرهم.

وقد يفاجئ العالم غدا بقرار انسحابه من الحلف الثلاثي وتشكيل حكومة “أغلبية شيعية” مع خصومه الإطاريين، وهذا أمر وارد ومتوقع من سيد “الحنانة”.