المحرر موضوع: صعود الرب إلى السماء ܣܘܠܵܩܐ  (زيارة 721 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل وردااسحاق

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1208
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • https://mangish.net

صعود الرب إلى السماء  ܣܘܠܵܩܐ
بقلم / وردا إسحاق قلّو

   بعد يوم الأربعين من قيامة الرب من بين الأموات تحتفل الكنيسة المقدسة بعيد الصعود الذي يصادف في يوم الخميس من كل عام ، ويوم الصعود هو آخر يوم لوجود المسيح مع شعبه بجسده القائم من بين الأموات وعليه سماة جروحه المقدسة فيتعمق المؤمنون في معنى العيد بالصلاة والتأمل ، فيوم الصعود هو يوم الوداع بعد أن ألتقى يسوع مع التلاميذ وتراءى لكثيرين بعد قيامته وشجعهم للسير في السراط الذي رسمه لهم . فصعود الرب إلى السماء هو فراق محزن لكنه إنسلاخ بالنسبة إلى التلاميذ . فالمعلم الذي يغادرهم ، ويرفع أمامهم بجسده البشري إلى السماء ، كان لهم نوح وحزن وألم ، لكن صعوده قبل الجميع إلى السماء هو لتهيئة المكان المناسب للمؤمنين به . صعد يسوع من جبل الزيتون بعد أن بارك الجميع بيده المباركة وإفترق عنهم بصعود جسده أمام الجميع نحو السماء وإلى أن دخل في سحابة لكي يدخل في مجد الثالوث . نزل أولاً من السماء فهبطت السماء معه إلى الأرض ، لكي تتجه الأرض بعد ذلك إلى السماء وبحسب وعده لتلاميذه ، ولم يتركهم يتامى ، بل سيهىء لهم المكان .
صعد أمام الجميع في اللحظات التي كان الجميع ينظرون إليه ، وجاذبية الأرض عاجزة عن إجتذابه إليها ، لأن جاذبية السماء أقوى من مغناطيسية الأرض .
   لم يذكر أعمال الرسل وجود مريم أم الإله مع الرسل لكي تودع إبنها إلى عرشه السماوي . فإين كانت العذراء ، أليست مستحقة أكثر من الجميع لتتمتع بهذا الفرح العظيم ؟ نعم هناك صمت وإخفاء لوجودها ، كما كان هناك صمت وسكوت عن موضوع لقاء إبنها معها بعد القيامة ، لكنها كانت في وسط التلاميذ يوم العنصرة .
   العذراء كانت موجودة حتماً في الصعود ، وهذا ما يثبته لنا التقليد الكنسي . والكنيسة نظمت أناشيد تتلى بهذه المناسبة ، منها ( أقبلت مع تلاميذك إلى جبل الزيتون فكانت معكَ والدتكَ يا باري الكل ، فإن التي توجعت حين آلامك أكثر من الجميع وجب أن تتمتع أكثر من الكل بالفرح بتشريف ناسوتك أيها السيد ) .
   ظل الرسل ينظرون نحو السماء إلى أن ظهر لهم ملاكان سماويانِ بلباس أبيض ، فقالا للرسل ( أيها الجليليون ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء ، أن يسوع هذا الذي أرتفع عنكم إلى السماء ، سيأتي هكذا كما عاينتموه منطلقاً إلى السماء ) " أع 1: 1-13 " كذلك في يوم قيامته من بين الأموات ، قال الملاكان للنسوة ( لماذا تبحثنَ عن الحي بين الأموات ؟ ) " لو 5: 24" والغاية من ظهور الملائكة هو لتاكيد تلك الحقيقة .
   حركة يسوع العمودية نحو السماء يوم الصعود ، هي صورة لمجيئهِ الثاني ، وكما أكدوا الملائكة للحاضرين ، فتسرب الفرح إلى قلوب الحاضرين كما رأوا سيدهم المنتصر داخلاً في مجده الأبدي . وهذا المجد جاء بعد أن حقق النصر ، ونشر الملكوت في القلوب ، وأنهى مهمته الأرضية لينال الأستقبال اللائق به في السماء . لمع بريق الأمل في المودعين لمخلصهم ، فولد في قلوبهم فرحاً عظيماً ، لأن الصعود هو الخطوة الأولى نحو العنصرة . فبعد هذا الفراق إلتجأ الجميع إلى العلية مع العذراء لكي يقضوا الأيام العشرة القادمة بالصوم والصلاة ، والإستعداد لقبول وعد الرب في إرسال الفارقليط لهم لكي يعزيهم ، ويقويهم ، ويقودهم إلى مرحلة العمل الذي ينتظرهم . ففي يوم الصعود أشتموا رائحة نار العنصرة ، فشرعت أذهانهم تنفتح تدريجياً . فإنطلقوا من جبل الزيتون إلى أورشليم لينتظرو هناك وعد السيد . فرغم إنتقاله وغيابه عنهم شعروا بالأمل والغبطة .
   وعلينا نحن أيضاً أن نتهيأ للإنطلاق إلى حيث هو المخلص ، إلى تلك الديار التي أعدها لنا بحسب وعده . فلنتهيأ ونلبس لباس العرس لكي ندخل في ذلك العرس العظيم . فحياتنا الأرضية ليست إلا مقدمة للحياة الآتية التي نحن مزمعين للإنجذاب إليها .
    يسوع المسيح الذي تركنا في الجسد موجود معنا ، وفي داخلنا بروحه القدوس إلى أن نصل إلى مملكته السماوية فنصبح له شعباً ، ويكون لنا رباً وإلهاً أبدياً 
والمجد الدائم للرب الصاعد إلى السماوات
التوقع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) " رو 16:1 "