المحرر موضوع: ولاء المثقف لثقافة الحزب والتحزيب ينتقض من شرعية الولاء لقضية شعبه !!  (زيارة 557 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل أوشانا نيسان

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 322
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

ولاء المثقف لثقافة الحزب والتحزيب ينتقض من شرعية الولاء لقضية شعبه !!
أوشــانا نيســان
اتخذت الكتابة متنفسا لاستنشق حريتي في التعبير والنقد البناء وتصحيح الاعوجاج في مسيرة شعبنا الابي، قبل دراستي لقسم وسائل الاعلام والاتصالات في السويد قبل ثلاثة عقود. وقتها قررت أن لا أدخر جهدا في المشاركة ضمن مسارالتصحيح ووضع الاليات اللازمة لتحويل صحوتنا الجديدة الى واقع ملموس. ولكن علينا جميعا أن نعترف، أن دعاة قضية شعبنا الكلداني السرياني الاشوري المصيرية، مثلما حاولوا تجنب الوقوع في كل ما من شأنه أن يثير غضب الكّتاب الانتهازيين، بالقدر نفسه راهنوا علنا على نهج الحيادية في قضايا الشعب والوطن. ومن المنطلق هذا سنحاول اليوم تسليط الضوء على النتائج السلبية لتهورات البعض من القيادات العشائرية سابقا، واخفاقات المثقف الولائي ومسؤوليته في صناعة تراث من الفشل المتراكم.
قضيتنا من الوجهة التاريخية!! 
" من أسباب رفض الاستقلال الكامل للعراق، أنه لم يُعتبر بعد أنه يمتلك روح التسامح تلك التي جعلت من الممكن  دون أي تخوف ، وضع مصيرالأقليات العرقية والدينية الموجودة في الأراضي الممنوحة له، تحت حمايته، ألا بضمان حماية تلك الاقليات شرطا مسبقا ومدونا لآنهاء الانتداب"، دونت هذه الملاحظة رسميا ضمن ديباجة قرارعصبة الامم المرقم 54 عام 1932.
الواضح أنه رغم مرور أكثر من 100 عام على تشكيل الدولة العراقية، و90 عام على توصية عصبة الامم ومقرها بروكسل، فأن النخبة السياسية العراقية بشقيها السنيّة والشعية خلال أكثر من 100 عام خلت، بأشد الحاجة اليوم الى آلية سياسية "نزيهةّ" خاصة بحقوق الشعوب العراقية الأصلية وعلى راسها شعبنا الكلداني السرياني الاشوري في العراق، وحقه في تقرير المصير وعدم التمييز والثقافة، كما ورد ذلك في حلقة الخبراء الدراسية الدولية بشأن وصول الشعوب الاصلية الى العدالة والحقوق بتاريخ 27 شباط -1 أذار 2013.
صحيح أن الحكومات العراقية بجميع مشاربها السياسية والمذهبية انتهكت فعلا، جميع القوانين الدولية والوطنية التي تتعامل مع الحقوق الإنسانية والسياسية للأقليات الاصيلة وعلى راسها، البند المثبت في الفصل الاول من قرارموافقة الجمعية العامة لعصبة الامم في استقلال العراق بتاريخ  3 تشرين الاول من عام 1932، بشرط قانوني مفروض جاء فيه:
 " الحفاظ على الحقوق الخاصة للطوائف الاشورية والكلدانية في العراق، حسب وصف دانيرج في عصبة الامم .. ذلك يعتبرشرطًا قانونيًا لظهورالأمة العراقية بعد انتهاء الانتداب عام 1932. لآن العراق أساسا لم يكن يمتلك السيادة ولا الارادة الحقيقية حتى بعد نيل ذلك الاستقلال المزعوم".
بمعنى آخر، أن جميع اجراءات الاستعمارالبريطاني وخططه البشعة ضمن سياسة  فرّق تسد مثلما ولدت منقوصة، بالقدر نفسه أستغلتها العقلية العشائرية والمذهبية المتخلفة لمعظم الشعوب العراقية، بهدف ضرب شعبنا الاشوري وابادته عن بكرة أبيه، ولا في سبيل ترسيخ دعائم الوحدة الوطنية وفق التعددية. رغم أن " وجود الآشوريين في شمال العراق كان عاملاً هامًا في تحديد حدود العراق مع تركيا، اذ لولا الآشوريين ، فمن المشكوك فيه للغاية أن العراق كان سيحصل على ولاية الموصل بأكملها"، ورد النص في موافقة عصبة الامم عام 1932.
علما أن الهدف الشوفيني لمعظم العشائر العراقية، ما كان له أن يتحقق أيضا، لولا تصاعد النخوة والشهامة في رؤوس بعض وأؤكد "البعض" من المماليك الاشورية وفي مقدمتهم المرحوم ملك ياقو ملك أسماعيل. الامر الذي يمكن للقارئ الكريم أن يستنتجه من خلال قراءة  كتابه المعنون  "الاشوريون بين الحربين العالميتين"، وكيف جاءت مذبحة سميل عام 1933 نتيجة لخيانة الاكثرية من المجتمعين في مؤتمر" سرعمادية " بتاريخ 16/حزيران/1932، ومن ثم عصيان ملك ياقو ولجوءه الى سوريا أولا، ثم جريمة أبنه ديفيد الثانية، بعد أغتياله لقداسة البطريرك مار ايشاي شمعون في سان هوزيه بولاية كاليفورنيا بتاريخ 6 تشرين الثاني 1975. الاغتيال الذي وضع حدا لزعامة البطريرك الدنيوية نهائيا عام 1976.
علما أن مسألة غياب الصحافة الوطنية النزيهة داخل العراق عموما وغياب صحافة شعبنا الاشوري على وجه التحديد، الى جانب غياب دورالمثقف الاشوري «العضوي» حسب وصف المفكر الإيطالي أنطونيو غرامشي، تم تشويه حقيقة ما جرى ويجري في العراق حتى يومنا هذا..     
حاجة شعبنا الى صحوة سياسية وفكرية نزيهة!!
الحق يقال، أن شعبنا اليوم بحاجة ماسة الى أستحقاقات أكثر، ليس مجرد مقاعد برلمانية أو حتى حقائب وزارية، وأنما بحاجة الى صحوة سياسية وفكرية نزيهة، بموجبها يمكن لنا اعادة صياغة تجمع ثقافي ملتزم وفاعل، من شأنه ربط العمل الحزبي النزيه في الداخل ونقل صورة النضال الحقيقي الى بلدان الاغتراب بالشكل الصحيح. لآن التلكؤ الاستثنائي الذي رافق وبات يرافق تجمعاتنا السياسية والثقافية والفكرية بأنتظام ولاسيما بعد الهزائم والنكسات التي تتعرض لها المسيرة والمثقف، مصدره غياب صحافة الشعب واستشراء ظاهرة الشعورباليأس أزاء الوقائع والاحداث وخيبات الامل منذ قرون. وأن الاكثرية من أبناء شعبنا وعلى راسها النخبة المثقفة في الاغتراب، باتت تعيش واقعا أكثرغرابة مما ينسجه خيال معتوه. بحيث سالت نفسي مرارا، أي سقوط مذهل ذاك الذي يقود مثقفا رزيناً ليصبح داعية أو مثقف ولائي لقيادي متهم أساسا، طبقا لما ذكره ديستوفسكي في رواية "الاخوة كرامازوف"،" أن البشر لا يريدون الحرية ولا يرحبون بمن سيقودهم الى الحرية".
وعن جدلية الخلاف بين السياسي والمثقف العضوي، فأنها شكلّت خللا كبيرا ضمن مسيرة نضالنا السياسي،لآن المثقف العضوي هو المرشح لردم الهوة الفاصلة بين جميع شرائح المجتمع. وأن مهمة المثقف النقدي الرصين، تبقى ضمن الرقابة ورفض الاستبداد السياسي أونهج التحّزب بقدر ما يتعلق الامر بنضال شعبنا في الوطن، بدلا من السكوت والولاء من أجل تأمين المكاسب الشخصية!!
فالثقافة طبقا لمداخلة ألياس خوري في مؤتمر مؤسسة الدراسات الفلسطينية، تستطيع أن تحمل المجتمع وتحميه من السقوط.. وميزخوري بين مثقف البترو دولار والمثقف المنحني والخائف، وجلهم ساهم في صناعة ثقافة الحضيض التي جسدت اختلاط الأصوليات والاستبداد وعلاقات التبعية معا..ثم ميز خوري بين مثقف البترو دولار، والمثقف الحر العضوي النقدي والمستقل الذي يضطلع بدور سياسي واجتماعي وينتج ثقافة تحرر مستقلة. وحذر من مغبة انعزال المثقف النقدي داخل بيئة أكاديمية بعيدا عن قضايا شعبه. بعدما رأى أنه يستطيع الحضور والتدخل عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تتيح مستويات مختلفة من التأثير في الحراكات الاجتماعية.
وفي الختام يمكن التأكيد على النقاط المشتركة التي جمعت العراقيين قبل الصحوة وبعدها:

- جاء قرارألغاء الهيمنة ضمن مؤسساتنا الروحية والدنيوية بنتائج عكسية وسلبية، بعدما شجع ظاهرة التفرد بالسلطات السياسية - الحزبية وحتى العشائرية، لآن القرار ورد أساسا ضمن أطار مخطط مشبوه ودخيل. الى جانب غلق ملف نضالنا القومي - الوطني داخل وطن الاباء والاجداد لآكثر من نصف قرن متواصل
- أغتيال صحوة الفكرالقومي "النزيه" قبل ولادته، من خلال زرع ثقافة الكراهية والتحزيب، وبالتالي ربط هوية الثقافة والمثقف بمجموعات من الانتهازيين وسماسرة الاحزاب والثقافة. بحيث أصبحت المرحلة تاريخية  من حيث رموزها من المثقفين الولائين بأمتياز، مهمتهم مراقبة  العلاقة المتحركة بين الحزب والشعب حسب رؤيتهم الولاءية وليس حسب رؤية المثقف العضوي والمنحاز لشعبه. لآن المثقف في بلادنا عقل بلا سلطة حسب وصف كاتب عربي، في مواجهة سلطة بلا عقل!! ذلك نتيجة لحرص المثقف الولائي على تشجيع القيادات الحزبية المشبوهة، رغم استقوائها بالاجنبي، بدلا من تشجيع القيادات الفاعلة والنزيهة داخل الوطن. حيث ظل المثقف الولائي يجتهد بأنتظام ويقيم المحاضرات والندوات بهدف تشويه صورة بعض الاحزاب وقياداتها، بذلك تنامت ظاهرة اعتذارالقلة القليلة الباقية من مؤيدي بقية الاحزاب المنافسة وقياداتها في ساحات النصال.