المحرر موضوع: لماذا الكونفدرالية في شمال العراق؟ انفصلوا رجاء  (زيارة 790 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31448
    • مشاهدة الملف الشخصي
لماذا الكونفدرالية في شمال العراق؟ انفصلوا رجاء
قرار واحد بطرد ممثلي سلطة العشيرة من بغداد وإعلان التخلي عن المحافظات الثلاث وتحصين الحدود معها وقطع كل أشكال الاتصالات سوف يكون جوابا جذريا يحسم كل شيء دفعة واحدة.
العرب

المهم راحة البال
لم يكسب العراقيون من وجود ممثلي العشيرة الحاكمة في إقليم كردستان في برلمان بغداد وحكومتها المركزية سوى فاسدين إضافيين، أثروا على حساب شعبهم وعلى حساب العراق. وبالتالي، فإن انفصالهم خير من بقائهم عالة وعلة على أكتاف الآخرين.

محافظات إقليم كردستان الثلاث: السليمانية ودهوك وأربيل، يمكنها أن تنشئ دولة مستقلة، في أي وقت تشاء. يمكنها أن تعلن عن نفسها إمبراطورية، وأن تعين قيصرا ليتولى حكمها. هذا شأن يخص الأكراد. ولا يفترض أن يتدخل فيه أي أحد.

يمكن للمرء أن يتفهم الدوافع التي تملي على الغالبية العظمى من العراقيين، النظر إلى انفصال هذه المحافظات على أنها “خسارة وطنية”. أو على أنها “تمزيق” أو “تفتيت” لأبناء الوطن الواحد. إلا أن كلاما مثل هذا لا علاقة له بحقيقة أن سلطة العشيرة حولت إقليم كردستان إلى مرض عضال بالنسبة إلى العراق، لم تنفع معه الترضيات ولا التسويات.

لم تقدم سلطة العشيرة إلى الحكومة العراقية إلا فاسدين على رؤوس الأشهاد، تحالفوا مع فاسدين من أمثالهم، ليقودوا العراق إلى مهاوي الخراب والإفلاس. كما لم يتحالفوا في البرلمان إلا مع ميليشيات وعصابات من أمثالهم أيضا. وكان من مصلحتهم أن ينخرطوا في نظام “المحاصصة” الطائفية، لكي يحولوا الإقليم إلى حصة خاصة بالعشيرة التي تحتكر اليوم كل الامتيازات وكل السلطات. وكأي عصابة تستولي على كنز، فقد استولت سلطة العشيرة على حصتها من الكنز وتركت الشعب الكردي يفقر ويعاني المرارات.

تطالب سلطة العشيرة الآن بإقامة كونفدرالية، بدلا من النظام "الفيدرالي" القائم. فهو على فساده، لم يعد يكفي. وها هي تطلب حصة أكبر.

طموحات سلطة العشيرة أصبحت تنظر إلى نفسها على أنها إمبراطورية.. لا بأس هذا شأنها الخاص. كل ما على العراقيين أن يفعلوه هو أن يتخلصوا من أعباء هذا المرض العضال

الدافع الرئيسي هو أنها بينما تريد أن تأخذ من ميزانية العراق حصة من عائدات نفطه، فإنها لا تريد أن تعطي لهذه الميزانية حصة من عائداتها النفطية هي.

نوع من البلطجة هو الذي يقنعها الآن، بأنها تستطيع أن تمارس الابتزاز لمن يحتاجون أصواتها لتشكيل حكومة جديدة. إنه ابتزاز يقول: إما أن تعطونا ما نريد، أو أن نأخذ عنوة ما نريد.

الجواب الصحيح على مطلب الكونفدرالية، هو دفع الإقليم إلى الانفصال، حتى من دون الحاجة إلى التفاوض بشأن الحدود. ذلك أن حدود المحافظات الثلاث معروفة، ولا تتطلب أي نقاش. أما إذا انطوى الأمر على مطالب توسعية أخرى، فإن القوة المسلحة يمكنها أن توفر الجواب الكافي.

قرار واحد بطرد ممثلي سلطة العشيرة من بغداد، وإعلان التخلي عن المحافظات الثلاث، وتحصين الحدود معها، وقطع كل أشكال الاتصالات، سوف يكون جوابا جذريا يحسم كل شيء دفعة واحدة.

التتمة الطبيعية لهذا الجواب، يجب أن تمنع ازدواجية الانتماء. فإما أن يكون المواطن كرديا، فيُرحّل إلى دولته المستقلة، أو أن يعتبر نفسه عراقيا، فيتخلى عن “جنسيته” الكردية.

ولا تعود هناك أي صلات سياسية أو اقتصادية بين البلدين. هذا سوف يقلل بدرجة كبيرة كمية الفساد المشترك بين الطرفين. فلا يعود الإقليم يرسل نوابا إلى البرلمان في بغداد، ولا تعود سلطة العشيرة تطالب بحصة في الحكومة، ولا في الميزانية.

وحيثما تشيع سلطة العشيرة ثقافة عنصرية معادية للعراق، فقد يكون من المفيد تشجيعها، على إقامة جدار فصل عنصري بين إمبراطورية كردستان المستقلة، وبين العراق.

مفهوم تماما أيضا أن كركوك تستقر، بالنسبة إلى سلطة العشيرة، في عين الأطماع. ولكن الحقائق السكانية التاريخية، تقول إن هذه المحافظة مختلطة الأقليات، تركمانية وعربية وكردية. وهي بسبب طبيعتها هذه تجسيد للطبيعة المختلطة في عدد آخر من محافظات العراق، مثل الموصل وبغداد.

كيف ستحل الدولة الكردية المستقلة مشاكلها مع تركيا وإيران، فهذا شأنها الخاص. فحتى لو انتهى الأمر إلى أنها أصبحت ضحية لأطماع توسعية تركية أو إيرانية، فهذا أمر يجب ألا يقلق أحدا. سلطة العشيرة أولى بأن تتدبر أمورها بنفسها.

وهناك اتفاقيات دولية مألوفة، يمكن الاستعانة بها، لتقاسم الحقوق في المياه، طالما أن نهر دجلة وبعض فروعه يمر من أراضي جمهورية كردستان الديمقراطية الحرة المستقلة.

انظر في تاريخ العلاقة الدامية بين العراق وميليشيات العشيرة في كردستان. وسترى كم أنها كانت علاقة مثيرة لليأس والإحباط، وكم كانت مصدرا للآلام والأضرار

تستطيع هذه الدولة أن تستضيف قواعد عسكرية أميركية أو إسرائيلية أو يابانية. هذه لا يفترض أن تكون قضية بالنسبة إلى العراقيين. ولمَ تكون؟ فمن حق هذه الدولة أن تدافع عن نفسها بأي طريقة تشاء. المهم ألا تعتدي على العراق في الجوار. وألا تتبنى تطلعات توسعية في أراضيه.

ويمكن على الفور أن تقوم دولة كردستان الحرة المستقلة، بأن تصدّر النفط والغاز الذي ينبع من أراضيها، حسبما تشاء إلى أين ما تشاء. وأن تغذي ميزانيتها من عائداتها الخاصة. فلا تطلب من بغداد شيئا، ولا تطلب بغداد منها شيئا.

راحة بال عظيمة، مثل هذه، سوف توفر للطرفين فرصة لكي يحل كل شعب مشاكله مع حكومته. وبالنسبة إلى العراقيين، لن يعود ممثلو الأكراد هم “بيضة القبّان” التي لا تتحالف إلا مع الفساد، والتي لا تفرض شروطا إلا لضمان حصتها من الفساد.

سوف ننتهي من هذا القرف، مرة وإلى الأبد.

لا يحسن بأحد أن يجادل في مفهوم “حق تقرير المصير” للشعب الكردي، ولا أي شعب آخر. هذا الحق شبع اعترافا وتقديسا، مما يغني عن النقاش فيه. “تريد تنفصل، تفضل، روح الله وياك. خلينا نشوف قفاك”. هذا هو الجواب الأمثل. إنه جواب نزيه ويتوافق مع القيم السياسية المتداولة. فطالما أن التعايش بات مصدرا للأذى والصداع، فمن الخير أن نتخلص منه.

تشيكوسلوفاكيا كانت دولة واحدة، وأصبحت دولتين. يوغسلافيا أصبحت عدة دول. الاتحاد السوفياتي تفكك إلى عدة دول. بريطانيا العظمى نفسها تنتظر استفتاء على انفصال أسكتلندا، فضلا عن أيرلندا الشمالية. الشعوب المتحضرة تستطيع أن تستوعب انفصال أحدها عن الآخر، طالما كان ذلك يجسد إرادة حرة، أو حتى غير حرة، لشعبها. المهم راحة البال.

الأبواب يمكن أن تظل مفتوحة لتبادل المصالح والتعاون والاستثمارات المشتركة، كمثل العلاقة بين أي دولتين مستقلتين. كما يمكن لهذه المصالح أن تنقطع كليا. ليأخذ كل بلد طريقا يبتعد عن الآخر. وهذا أفضل. لكي يقطع الطريق على الذاكرة.

انظر في تاريخ العلاقة الدامية بين العراق وميليشيات العشيرة في كردستان. وسترى كم أنها كانت علاقة مثيرة لليأس والإحباط، وكم كانت مصدرا للآلام والأضرار.

لا يهم على الإطلاق، أن الحكومات العراقية حاولت أن تقدم للأكراد حقوقا وامتيازات لم يحصل أشقاؤهم الأكراد في تركيا وإيران وسوريا على مثلها. كما أنها حاولت قمعهم أيضا. لقد كانت هذه وتلك مجرد تجربة. ويثبت الآن أنها كانت تجربة فاشلة. فطموحات سلطة العشيرة توسعت وأصبحت تنظر إلى نفسها على أنها إمبراطورية، يقودها قيصر أعظم من قياصرة روما. لا بأس. هذا شأنها الخاص. كل ما على العراقيين أن يفعلوه هو أن يتخلصوا من أعباء هذا المرض العضال.

حبتان براسيتمول سوف تكفيان، من بعد الانفصال، لإزالة الصداع.