المحرر موضوع: .... #بغديدي_تقرا ( مذكرات من البيت الميت – للروائي فيودور دوستويفسكي )  (زيارة 612 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل نمرود قاشا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 407
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
   #بغديدي_تقرا  ....( مذكرات من البيت الميت – للروائي فيودور دوستويفسكي )
شهدت قاعة مكتبة لويس قصاب في دار مار بولس للخدمات الكنسية ، عصر يوم الاثنين 30 ايار 2022 مناقشة رواية   ( مذكرات من البيت الميت – للروائي فيودور دوستويفسكي ) وقد تحليل الروائية من الناحية النفسية والانسانية ، والظروف التي كتبت فيها الرواية .
بالرغم من مكانة رواية مذكرات من البيت الميت في اعمال دوستويفسكي الأدبية، الا ان أهميتها لا تكمن في اثرها الادبي بقدر ما تكمن في التغييرات التي احدثتها في نظام السجون في روسيا، بعد وصفه الجحيم الذي يعيشه السجناء، وما خلفه من تعاطف ليس على مستوى طبقة القراء فحسب بل ان الامر تعدى ذلك الى عامة الناس وأصحاب القرار والامراء الحاكمين في روسيا، حتى ان "الاسكندر الثاني" قيصر روسيا كانت دموعه تهطل على صفحات هذا الكتاب وهو يطالعه بشغف.
......
ملخص الرواية :
لقد عمد دوستويفسكي بكل براعة وعمق الى تحليل الدوافع النفسية والإنسانية لأفراد من المجتمع معظمهم من القتلة المجرمين ولصوص او قطاع طرق، ولعل قسوة القدر التي دفعت دوستويفسكي الى سنوات الاشغال الشاقة قد اسدت خدمة كبيرة للأدب العالمي وعلم النفس السجون في كل انحاء روسيا، ليروي لنا فيما بعد كيف يبدو من الداخل ذلك الجحيم البشري الذي أعاد للأذهان صورة جحيم دانتي في كتابه الشهير الكوميديا الالهية، ولكن بصورة اكثر قسوة وبشاعة، فلم يكن هذا الجحيم خيالياً كما تصوره دانتي بل كان جحيما حقيقياً على الأرض، وفيه من يصرخ من لهيبه ويكتوي بناره.
ان عذابات دوستويفسكي التي عاشها خلال سنواته الأربع، لا تكمن في قيوده وحريته المستلبة بقدر ما تكمن في اضطراره للعيش مع عديمي الوعي والثقافة من القتلة والمجرمين، فكان هذا هو جحيمه الحقيقي، وهذا ما يصفه لنا بنفسه (كانت المصاحبة المستمرة الدائمة للآخرين تفعل في نفسي فعل السم، وما تألمت من شيء خلال تلك السنوات الأربع كما تألمت من ذلك العذاب الذي لا يطاق).
وهناك العداوة الشديدة التي ابداها معظم السجناء نحوه، بسبب انتمائه الى طبقة السادة الذين طالما اضطهدوا أبناء الشعب وعاملوهم بكل قسوة وكبرياء وغرور، بل ان عذابه لم يقف عند هذا الحد فحتى من كان ينتمي لهذه الطبقة من السجناء على قلة عددهم لم يشعر نحوهم دوستويفسكي بأي مودة، ولم يجذبه اليهم أي شيء، وهذا ما تركه في حالة انعزال وانطواء على ذاته زادت من سواد أيامه في هذه السنوات الأربع.
ولعل المفارقة ان كل تلك العذابات وتلك العزلة اسدت خدمة كبرى للأدب العالمي من خلال التأثير الانساني والرؤيا التحليلية والنفسية والعمق الادبي الذي خرج به في نهاية المطاف، ودفعه نحو تحليل سلوك المجرم وتأثير القيود والحبس عليه، وجدوى السجون وواقعية عقوباتها، وما اتسمت به هذه الدراسات من عمق وواقعية، قد لا يستطيع معظم الباحثين النفسيين ان يدركوها ويسبروا اغوارها ما داموا يتنفسون هواء الحرية العذب بعيد عن الرائحة الخانقة للسجون