المحرر موضوع: في شرعية التمثيل الشعبي .. الأحزاب الكردية السورية مثالا  (زيارة 338 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صلاح بدرالدين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 944
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
في شرعية التمثيل الشعبي .. الأحزاب الكردية السورية مثالا
                                                                         
صلاح بدرالدين

   إزاء ظاهرة تكاثر الأحزاب الكردية السورية ، ( تجاوزت المائة ) والشقاق المستمر بصفوفها ، وتبديل الولاءات لطرفي الاستقطاب ( ب ي د   و. ب د ك ،س ) ، يتساءل المواطن الكردي العادي : ماذا تمثل هذه الأحزاب ؟ وهل ظهرت بارادتنا ؟ وهل تعبر عن طموحاتنا ؟ .
 هذا مانسمعه في الوسط الكردي بشكل دائم وفي السنوات العشرة الأخيرة بصوت أعلى ، ويتردد صداه ، انه تساؤل شديد العمق ، غني المعاني ، نابع من خيبات الامل ، وخسارة الرهان ، يحتاج الى إجابة موضوعية ، من موقع المسؤولية الوطنية ، والأخلاقية ، حتى لو كانت جارحة للبعض ، ومفاجئة لبعض آخر ، فالموضوع يتعلق بالشأن العام ، وبتاريخ حركة شعب ، ويجب ان لايخضع البت فيه للاعتبارات الشخصية ، أو المواقف الفكرية ، والسياسية ، وسيكون ومهما كانت الإجابة قابلا للنقاش ، والاخذ والرد .
  بداية لابد من التأكيد أن أي شعب في عصرنا الراهن وبينهم الكرد ، وفي كل المراحل ، بامس الحاجة الى أدوات تنظم الحياة السياسية ، والاجتماعية ، وتحقق الأهداف الكبرى، والمطالب الحياتية، بالطرق المناسبة المتاحة ، هذا من حيث المبدأ ، ومن جهة أخرى فان قيام ، ونمو ، ونضال الأحزاب ، في سبيل الحرية ، والديموقراطية ، والتقدم لن يستقيم الا في ظل النظام الديموقراطي الذي يكفل حرية الرأي ، وهذا ما كان يعوزه السورييون عموما ، والكرد على وجه الخصوص ، منذ انقلاب البعث بداية ستينات القرن الماضي ، لم تشهد البلاد أي تطور وطني ديموقراطي ، وطبقت الاحكام العرفية ، وتم تكميم الافواه ، وقمع المعارضة ، وزج المناضلين بالسجون ، والمعتقلات .
  جرت محاولات عديدة في غضون العقود الماضية  لتشكيل أحزاب ، وتنظيمات سياسية ، في السر ، وفي العلن ، وباستثناء عهود شبه ديموقراطية مابعد الاستقلال ، لم تكن بالمستوى المطلوب بعد سيطرة البعث ،  رغم ظهور قيادات فردية ثورية ، ولم تظهر عبر التخويل الشعبي ، كما لم تكن تمثل مصالح الطبقات الاجتماعية بصورة علمية ، وموضوعية ، كما تحصل في المجتمعات الديموقراطية ببعض البلدان الغربية ، الراسمالية ، كانت في بلادنا غالبا فئوية ، مناطقية ، عصبوية ، بالإضافة الى انكشافها امام السلطات ، واختراقها ، وإمكانية شقها في أي وقت من جانب الأجهزة الأمنية .
   في الحالة الكردية
  ظهر الحزب الكردي السوري الأول ( الحزب الديموقراطي الكردستاني – سوريا ) عام ١٩٥٧ ، كحاجة موضوعية استجابة لامرين متكاملين ، الأول : لتنظيم الصف الكردي ، وقيادة نضاله السلمي المدنيي ، من اجل المساهمة في الحياة الوطنية ، وانتزاع الديموقراطية ، وتحقيق الحقوق القومية المشروعة ، وذلك لملئ الفراغ الحاصل حيث امتنعت الأحزاب السورية القومية ، والشيوعية ، والإسلامية عن تبني القضية الكردية في برامجها ، او طرح المظلومية الكردية ، والامر الثاني : انبثق في خضم موجة تشكل وتاثير الأحزاب الديموقراطية على المستوى القومي في المنطقة فقد سبقه اعلان كل من : ( حزبي ديموقراطي كردستان ايران ١٩٤٣ – ١٩٤٤ ، والحزب الديموقراطي الكردستاني – العراق ١٩٤٦ ، ولاحقا الحزب الديموقراطي الكردستاني – تركيا ) ، جميع هذه الأحزاب ، بمافيه السوري ، كانت استجابة لارادة النخب الكردية  في أزمنتها المختلفة ، حتى من دون تخويل شعبي ، او تنظيم استفتاء ، وانتخابات ديموقراطية عامة ، لان الظروف المحيطة لم تكن تسمح بذلك ، اما الى اية درجة مثلت هذه الأحزاب أهداف ، وطموحات ، ومصالح الشعب ، وهل كانت سياسات قادتها وأداؤها بالمستوى المطلوب وعلى طريق الصواب فقد يحتاج الجواب الصائب الى المزيد من البحث ، والتمحيص .
  الانقسام الفكري ، والتنظيمي ، والسياسي ، الذي أطاح بوحدة الحزب الأول منذ العام ١٩٦٥ ، لم يلغي حاجة الكرد السوريين الى حزب منظم يمثل ارادتهم ، ويطرح قضاياهم في المحافل الوطنية ، والإقليمية ، والاممية ، ويرعى احياء وتطوير الثقافة الكردية ، ويواجه النظام الشوفيني المستبد ، ويفضح مخططاته العنصرية امام الراي العام ، ويساهم في احياء الثقافة الكردية ،  اما إشكالية التمثيل الشرعي ، وتخويل الأغلبية ، فظلت على ماهي عليها دون حل ، بسبب كما نوهنا أعلاه ، سيادة الاستبداد ، وخنق الحريات ، والإجراءات الشوفينية الصارمة تجاه الكرد خصوصا .
  ومن دون الدخول بتفاصيل الخلافات بين اليسار ، واليمين حول مضمون القضية الكردية ، والمسألة القومية ، ودرجات التمثيل الشعبي ، حيث ذكرنا جوانب منها في القضايا المطروحة السابقة ، فانني أميل الى اعتبار تدني التمثيل الشعبي أكثر ، وهبوط درجات التعبير عن إرادة ، وطموحات الكرد الى اسفل الهرم ، من جانب الأحزاب التي تكاثرت ، وتوالدت ، منذ أواسط ثمانينات وبداية تسعينات القرن الماضي ( ليس بهدف ملئ فراغ مثلا ، او تمثيل طبقة اجتماعية ، او اجتراح نهج قومي متطور أكثر رسوخا )  أي بعد حلول مرحلة " الانحطاط " التي تقلصت فيها مسافة التمثيل من نخب ، وجماهير ،  الى شلل ، ومجموعات ، وعائلات ، وازدهر المال السياسي ، وترسخت خطة " تكريد الصراع " ثم مهدت هذه التراجعات لترسيخ التبعية للمحاور ، والعمل لمصلحة اجندات خارجية على حساب مصالح ، وطموحات الكرد السوريين ، وهو بحد ذاته شكل عاملا مساعدا في تنفيذ مخططات افراغ المناطق ، وتغيير تركيبتها الديموغرافية ، التي واجهها الحزب عندما كان يحظى بنوع من القبول من جانب قطاع واسع من الجمهور الشعبي الكردي .
  كيف السبيل لاستعادة التمثيل الشعبي ، والتعبير عن إرادة الغالبية الكردية ؟
   التطورات الموضوعية في الملف الكوردي بالمنطقة عموما والكردي السوري خصوصا ، وازدياد درجات الوعي السياسي ، والنضج الثقافي ، وتقديمات العلوم ، والتكنولوجيا في مجال التواصل الاجتماعي ، وسهولة عقد اللقاءات ، والمؤتمرات بمعزل عن المخاطر الأمنية ، ومن دون تكاليف مادية باهظة ، يسهل الطريق امامنا ، ويحفزنا لتحقيق الكثير من الخطوات ، وتوفير الشروط اللازمة ، لاعادة بناء الحركة الكردية السورية ، وتوحيدها ، من خلال المؤتمر الكردي السوري الجامع ، علىى أسس سليمة ، وبما تتلاءم مع ركب التقدم ، والظروف المحيطة ، بالاستفادة من أخطاء الماضي ، والتفاعل مع متطلبات الحاضر والمستقبل ، وقبل هذا وذاك التعبير الصحيح عن مصالح ومطامح الغالبية الشعبية على الصعيدين القومي ، والاجتماعي .
  وكما أرى فان تجارب العمل الحزبي في المنطقة كلها ، وفي حالتنا الكردية السورية أيضا ، بمرارتها ، واخفاقاتها ، لن تتكرر ، بل ان السبيل الأمثل هو انتهاج بناء حركات واسعة ببرنامج شفاف توافقي ، تضم أوسع الطبقات الاجتماعية ، والقطاعات الشعبية ، تتعدد ضمنها الآراء ، وتتنافس الأفكار بحثا عن الأفضل ، وتحمل المشروع القومي ، والوطني الكردي من اجل التغيير الديموقراطي ، وتثبيت الحقوق المشروعة ، وهذا ما سينبثق عن المؤتمر المنشود .
  والطريق الوحيد للوصول الى المبتغى هو الانتقال من مرحلة سيولة الأحزاب ، والاستقطاب الحزبوي ، والصراعات بالوكالة ، وضخ المال السياسي ، والتبعية ، والاتكال ، واستعارة التاريخ ، والامجاد ، الى مرحلة متجددة في الفكر ، والسياسة ، والأخلاق النضالية السامية ، واختيار اطر العمل السياسي المنظم ، والموسع  بطريقة ديموقراطية ، شفافة ، بحيث يشمل كل طبقات ، وفئات المجتمع ، بالتفاعل الإيجابي مع شروط المرحلة النضالية الآنية ، هذا هو الطريق الوحيد لاستعادة التمثيل الشعبي ، وتعزيز العوامل الذاتية ، والبدء بتغيير العوامل الموضوعية لمصلحة قضايانا القومية ، والوطنية ، والديموقراطية .