المحرر موضوع: إيماننا وكنيستنا ووحدتها .. هكذا أفهمها ... القسم الأول  (زيارة 598 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل فاروق.كيوركيس

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 462
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

إيماننا وكنيستنا ووحدتها .. هكذا أفهمها ... القسم الأول
" الى كل أبناء أمتنا الآشورية  وأبناء كنيستنا المؤمنين بوحدتها "
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المقدمة :
نحن كمسيحيين وكأبناء لكنيسة واحدة موحدة ( المشرق الاشورية والقديمة ) .. مثلما نؤمن بالآب والابن والروح القدس التي لا يمكن  الفصل بينها  ، هكذا  نؤمن ايضا  أن كنيستنا ومسيحيتنا  وأمتنا الآشورية  مترابطة مع بعضها ولا يمكننا فصلها عن بعضها ( على الأقل في يومنا هذا )  ..
 لقد اعتنق آبائنا وأجدادنا الأوائل  الأيمان المسيحي عبر حدث تاريخي كبير ( ربما قبل تبشير مار توما الرسول ) والذي  تمثل بإيمان الملك الآشوري أبكر أوكاما ملك الرها بالمسيح  ، عندما سمع بمعجزاته  وراسله  طالبا منه ان يزور مملكته ليشفيه من مرضه  ،  لكن المسيح رد عليه  بإرسال أحد تلاميذه الاثنين والسبعين الذي تقول الروايات انه مار أدي الذي ارسل  المسيح معه منديلاً الى الملك بعد أن مسح وجهه به   .. وهكذا انتشرت المسيحية في الرها  والمناطق الاخرى المجاورة لها .. وهناك مصادر تاريخية تذكر ان  الملك  أبكر أوكاما    كتب  عن إيمانه  الى أحد او أثنيين من ملوك  الممالك الآشورية  القريبة  .. وخير دليل على ذلك   هو  انتشار  المسيحية  في كل من الرها وحدياب  بحلول نهاية القرن الأول .. وتقول الروايات او المصادر أن مار أدي  قد  أصبح أسقفا على الرها  ، و ( بقيذا ) أسقفا على حدياب .. طبعا  بالاضافة  الى دور مار مارتوما الرسول في التبشير   في  ( بلاد النهرين ) وبلاد فارس والهند والشرق بصورة عامة ..
لكن التبشير بالمسيحية لم يكن مقتصرا  علينا وعلى بلادنا  أوفي اسيا فقط .. وأنما شمل  أفريقيا وأوربا وشعوبها المختلفة ايضا  ، بواسطة بقية  تلاميذ ورسل المسيح  وبواسطة من جاء بعدهم ..
 فرغم  إيماننا بالمسيح الواحد ، و بإنجيل واحد.. إلا أنه يجب أن نعلم ، أن  التبشير كان  بلغات مختلفة  ، مثلما تم ترجمة الإنجيل الى لغات مختلفة ، ومن الطبيعي والمنطقي جدا ، أن تكون هذه الترجمات المختلفة قد أثرت على صياغة  الكثير من المعاني  و النصوص  الأصلية  بسبب ما نجده من أختلافات بين  لغة وأخرى  ، بالأضافة الى اعتماد  اسلوب النقل الشفوي  للكثير من  الاحداث والروايات المتعلقة بالمسيح واقواله وأمثاله . ...
وهكذا انتشرت  المسيحية في مناطق جغرافية مختلفة وشاسعة  شرقا وغربا وشمالا وجنوبا ( نسبة الى أورشليم  ) ، وبداية نشوء المجموعات المسيحية الأولى وتأسيس  الكنائس في اسيا وإفريقيا  وأوربا  خلال  القرون التي تلت ظهور المسيحية ، وانتظام هذه الكنائس في كراسي أسقفية متعددة  من أجل ادارتها و تنظيمها .. لكن كما نعلم فأن هذه
 الكراسي الأسقفية تأثرت  بالصراعات السياسية  بين إمبراطورية الغرب وإمبراطورية الشرق  ، بالإضافة الى  الصراع الذي استجد بين  الكراسي الأسقفية نفسها ، على السلطة  والنفوذ  .
لذلك يمكننا القول أن  كل هذه العوامل التي ذكرناها أعلاه    .. قد أدت الى اختلافات  واجتهادات  في فهم واستيعاب  ما جاء في الأنجيل  وأعمال الرسل و العقيدة المسيحية و ما جاء  في  بشارة   الرسل والتلاميذ ، وما تبعها من اختلافات واجتهادات  في تفسير  طبيعة  المسيح  اللاهوتية والناسوتية  ومريم العذراء ومكانتها وموتها وانتقالها والخ  .. وبالتالي فأنها   امتدت لتشمل   الطقوس والاسرار والصلوات ومراسيم ادائها ،   يضاف الى ذلك  فأن  الفي سنة من الزمان التي مرت على كنيستنا  بكل أحداثها التاريخية والسياسية  والاجتماعية  ، وأنتقال كرسيها  من منطقة جغرافية  الى أخرى ..  هرباً ،  أو بدوافع أخرى   ، وتعاقب العشرات من البطاركة على سدتها ..  كانت كافية   لتؤثر على موروثاتنا الكنسية من ابائنا وأجدادنا الاوائل ..  وخير دليل على  هذا التأثير  الزماني  والمكاني على كنيستنا والكنائس الأخرى   ،  هو  ذلك  الإجماع والتوافق بين   الكنائس المسيحية المتعددة على العقيدة المسيحية والمفاهيم اللاهوتية   في المجامع المسكونية الأولى  .. ثم  اختلافها  وعدم توافقها في المجامع المسكونية  فيما بعد .
فنحن ، وللأسف الشديد / مازلنا ، ومازال الكثير من كهنتنا .. وحتى في هذه الأيام التي نعيشها ،  لا يميزون  بين ما قاله المسيح مجازاً ( ليس فعلياً ) لخدمة الفكرة التي يريد توصيلها  وما بين ما هو وصايا فعلية  للتطبيق .. ولكي لا يساء فهمنا ، فنحن نفتخر بموروث كنيستنا  باعتبارها رسولية  ،   ونفتخر  بالعديد من أبائنا  من المعلمين الاوائل امثال مار نرسي ، ومار عوديشو ومار افرام وغيرهم ، ونفتخر  بنشرها للمسيحية  الى الهند والصين ، ونفتخر  بكونها كنيسة الشهداء  لما قدمته من شهداء في سبيل ايمانها وفي سبيل الحفاظ على ابنائها .. لكن في نفس الوقت ، علينا أن نعترف بأن  كنيستنا مرت بمراحل وظروف  تاريخية عصيبة   .. وكانت في الكثير من مراحل تاريخها  في حالة هروب وتنقل  من مكان الى آخر بسبب الاضطهادات والمذابح ، رغم تخلل ذلك بعض السنين من الاستقرار  والأمان ، وكل هذا  ألقى بضلاله وتأثيراته السلبية  على  الكنيسة  وبما ادى الى    الى ضعف في التعليم  بسبب الافتقار  الى  المدارس و  وانتشار الجهل والخرافات بين اتباع كنيستنا  ، وبالتالي  افتقدت كنيستنا الى  مدبرين متعلمين  ودرجات كهنوتية  متعلمة  ، .. مما  أثر على نموها  تطورها  وقدرتها  على  مواكبة  التقدم  العلمي والاجتماعي  الذي كان يجري في العالم ..
 وكما ترون  فأننا الى  اليوم ،  في حالة هروب وهجرة  مستمرة ،  ويكاد يكون سعي الكنيسة  محصورا  بالتواصل مع أبنائها  وتوفير  الكهنة والشمامسة  والكنائس للرعيات المنتشرة في كل دول العالم .. مع الاعتراف  بعدم قدرة  الكنيسة   على توفير الكنائس والكهنة و المدارس  والجامعات  والدراسات العليا  لأبناء وبنات الكنيسة  ولرجال الدين والكهنوت بصورة عامة .. باستثناء بعض الرعيات ، وإذا ما أضفنا الى ذلك .. الانقسامات  التي تعرضت لها كنيستنا  وما تتركه تلك الانقسامات من مضاعفات  سلبية  على قوتنا  وعلى  كل امكانياتنا من أجل  التقدم والتطور ، و  تأثير قسمتنا  على  مجمل عملنا القومي الآشوري .. فأننا من هنا سندرك  ..   اهمية وحدتنا ولم شملنا .
أن  أملنا وهدفنا  سيبقى  قائماً على الإيمان بوحدة كنيستنا  ، ولم شملها  مهما كان الثمن ومهما كانت التضحيات  .. لان بقائنا منقسمين ( وأن كان شكليا )  لا يتناسب مع  إدعاءنا بانتمائنا الى امة واحدة  و انتمائنا الى كنيسة واحدة .. بالإضافة اى ان  هذا الانقسام  يفقدنا احترام الكنائس الاخرى  مثلما يفقدنا احترام أبناء وبنات كنيستنا وامتنا الاشورية ،  خصوصا انه على النقيض من  ايماننا بالمسيح ووصاياه  ..
ورغم  أن  الروابط القومية التي تربطنا كأشوريين من ابناء الامة الواحدة   ، وروابط الاخوة والقرابة التي لا تعد ولا تحصى ومشاركتنا مع بعضنا في كل المناسبات القومية والدينية  بدون حواجز ،  ومشاركتنا في افراحنا واحزاننا  كلها   تثبت اننا حقا أبناء كنيسة واحدة .. لكن مع  ذلك ، نرى من الضروري ونحن نسعى لبناء صرح هذه الوحدة المرجوة بروح من الاخوة والمحبة  ، ان يقوم  هذا الصرح على اساس متين  وعلى صخرة من الأيمان القويم  لكي لا تتزعزع وتنهار غدا ، ولكي لا نسمح لأحد بالتربص بها وتهديدها وقسمتها من جديد . .. بحيث يكون  اساسها قائما على الوقائع التاريخية للأيمان  المسيحي   وعلى موروثاتنا العريقة  لآبائنا من المعلمين الاوائل  الذين ذكرتهم اعلاه ..مع الأخذ بنظر  الاعتبار  الواقعية  والعقلانية والعلمية  .. من اجل الحفاظ  على أيماننا المسيحي ولكي  تكون كنيستنا قادرة على مواكبة عجلة الزمن والتطور ..
ومن هنا   ،  يجب علينا  أن نميز بين الموروث العريق  الذي يخدم  ارثنا الكنسي وإيماننا الاصيل  .. وبين بعض الموروثات الكنسية   التي ورثناها  بسبب بعض العادات والتقاليد  والمعتقدات التي كان سببها الجهل وانتشار الخرافات  ، أو اعتبار بعض القصص والروايات والاساطير  المتداولة  من تاريخنا وإرثنا  الاشوري  على انها منزلة من السماء .
ان غايتنا من هذا السرد التاريخي القصير لنشوء المسيحية  ، كان من اجل الوصول الى قناعات جديدة .. نتخلى فيها عن التمييز بين الكنائس على اسس غير واقعية .. او نعتقد ان كنيستنا افضل من الكنيسة الفلانية ، أو أن ايماننا  أقوى من أيمان الآخرين .. او أن  تعليمنا هو القويم  والحكيم ، وتعليم الآخرين ضعيف ومنحرف .. فمعظم الكنائس  رسولية .. وكل كنيسة  تسرد في تاريخها   ، أن الرسول  والتلميذ الفلاني  بشر في بلادهم  وهكذا .
وفي ختام هذه المقدمة ،  فأننا كنا نتمنى ، أنه بمجرد الإيمان  بالاتحاد والوحدة  الكنسية ، فأنه سوف لن يكون  هناك مكان  لـ ( نحن ) و ( انتم ) او ( كنيستنا ) و ( كنيستكم ) ، وانما يكون هناك    اندماجا   و اتحادا روحيا وإيمانيا  لا ينفصم  ، لن يكون فيها مكان  للتمييز والتفضيل على اساس الانتماء السابق  ، ولا مكان فيه  لوضع شروط  ومطالب ثانوية على حساب  الهدف  الأسمى  والأكبر  المتمثل بوحدة كنيستنا .. لأن هذا هو  إيماننا   في كل زمان وحين   .. وأن أملنا وهدفنا  سيبقى  قائماً على الإيمان بوحدة كنيستنا  ، ولم شملها  مهما كان الثمن ومهما كانت التضحيات  .. لان بقائنا منقسمين ( وأن كان شكليا )  لا يتناسب مع  إدعاءنا بانتمائنا الى امة واحدة  واننا أبناء كنيسة واحدة .. بالإضافة اى ان  هذا الانقسام  يفقدنا احترام الكنائس الاخرى  مثلما يفقدنا احترام أبناء وبنات كنيستنا وامتنا الاشورية ،  ناهيك عن  انه يتنافى مع  ايماننا بالمسيح ورسالته ..
والى اللقاء في القسم الثاني .. مع التقدير
BBC