حِوار بدون رتوش
أعداد وحوار// هيثم ملوكا
حِوار مع الكاتب والناشط القومي زيد ميشو
كما أعلمنا القراء الأعزاء أن ننشر حوار بين فترة وأخرى مع شخصية ثقافية، سياسية، دينية أو رياضية. حوارنا هذا سيكون مع الكاتب والناشط القومي الكلداني (زيد ميشو)، الذي كانت له بصمات واضحة في المواقع وخصوصاً في موقع عنكاوا المعروف بين اوساط مثقفينا وشعبنا .تعرفت عليه أكثر عن قرب بالحوار. لايحب المظاهر والرسميات بل العفوية والبساطة والصراحة في تعاملاته وهذا ما لاحظته في حوارنا، وهذا مانلاحظهُ ايضاً في كتاباته ونقدهِ .ولكن أحياناً يثور ويكون نقده لاذع اذا ما أعتقد تجاوزا على بعض الخطوط التي يعتبرها حُمرْ لايمكن تجاوزها مثل الكنيسة ودورها الروحي .أو أذا ما اراد احداً تزوير أنتمائهِ و هويتهِ ولغتهِ الكلدانية التي يعتز بهما. يتقبل النقد حتى وأن كان ضد شخصهِ . لكنهُ يرفض تشويه الحقائق والمتلونين الذين يثيرون الفتن والقلاقل ويرد بقوة عليهم . أنهُ الكاتب زيد ميشو.الذي نبدأ حوارنا معه.
س1 // من هو زيد غازي ميشو ؟ زيد غازي ميشو مواليد ٥ تموز ١٩٦٦ خريج أعدادية الصناعة قسم الكهرباء، في تاريخي بعض نشاطات كنسية في العراق والأردن ولبنان وقليل في كندا أعمل في مجال النقل والتسويق. متزوج من هدى حيقار هندوش، ولي إبنتان رهام ٢٨ سنة ناردين ١٩سنة.
ولدتُ في الكوت وتعمذت في البصرة وطفولتي في منطقة المشتل ومن بعدها قضيتُ أجمل سنوات عمري في منطقة الميكانيك وذلك بسبب الخدمة الجماعية في أخوية كلمة الحياة / كنيسة الرسولين مار بطرس وبولس. سكنا في المشتل من عام ٧١ إلى ٨٩ .غادرنا العراق عام ١٩٩٤م قضينا ٣ سنوات شقاء في الأردن و٦ في لبنان التي اعشقها رغم عدم وجود أوراق الأقامة والحالة المادية كانت ضعيفة. وأخيرا انتهى بنا المطاف للأستقرار في كندا.
س2// قبل أن ننتقل الى المواضيع الساخنة، ما لا حظته في سيرتك الذاتية كانت دراستك وتخصصك في قسم الكهرباء وهو بعيد عن الكتابة والأدب. هل من الممكن ان نُعرف القُراء كيف وجَهت أهتمامك الى الكتابة ؟بالحقيقة حتى دراسة الكهرباء لم تكن أختياري للتخصص بل لتضييع الوقت، وقد كانت فترة الدراسة ممتعة، كونتُ فيها صداقات رائعة، قضينا معاً اوقات جميلة جداً ، وهذا كان ربحي، ولم أستفد شيئا من الكتب المنهجية، كون النجاح شبه مضمون.
أما عن الكتابة ، الصدفة جمعتني بالكاتب المحترف ماجد عزيزة (رحمه الله)، شخصية جميلة ويبادر في تشجيع الآخر لتقديم ما بداخلهِ .
كان حينها رئيس تحرير جريدة أكد خلفا لمؤسسها المرحوم باسل الصفار، وطلب مني أن أكون مدير مكتب الجريدة في مدينة وندزور حيث أسكن. وكان ذلك في فترة أعياد الميلاد سنة ٢٠٠٥ . وبعد سؤالي عن ماهية عملي قال:
تغطية النشاطات والأخبار في المدينة من خلال كتابة رؤوس أقلام لبعض التفاصيل مع صور، وأرسالها لي واصيغها تحت اسمك.
ورغم أرتياحي بأن أكون ضمن كادر أجمل وأهم جريدة باللغة العربية في كندا، لكني لم أستسغ أن ينزل إسمي على مادة ليست من صياغتي، فقدمت له تقريراً شبه كامل عن قداديس أعياد الميلاد في كنائس مدينة وندزور، وكانت المفاجئة بنشر التغطية كما هي بتعديلات جدا بسيطة، وهذا ما شجعني أكثر وأتجرا بطلب كتابة مقال، وتمت الموافقة من قبل السيد عزيزة، وكان طلبي هذا يسجل كأي مندفع متهور ياخذ قرارهُ حين غفلة.
فعلاً كتبتُ مقالاً وتم نشرهُ مع بعض التصحيحات القواعدية التي كنت ولا أزال وإلى الأبد لا أفقهُ منها شيئا، وما يميز المقال هو أعتمادي الأسلوب المنهجي المعروف في المقالات، واقصد مقدمة واشكالية ومَتنْ وخاتمة مع طرح سؤال في الأخير، وأتصل بي من بعد النشر قائلا: زيد، حاول أن تكتب بأسلوب شعبي في بداية دخولك لعالم الصحافة، كي تكسب قُراء ومن ثم أُكتب للنخبة، لأن مقالك هذا للنخبة.
أستغربت جداً كون مقالي الأول يعتبر جيداً، ومن بعدها نشر مقالي الثاني بأسلوب منهجي يحمل سخرية ومصطلحات عراقية، وشجعني اكثر على ذلك مبدياً فرحته مع بعض التوجيهات، فأصبح لي عمود باسمي وهكذا استمريت.
س3// كانت لك نشاطات كنسية عديدة ولازالت وقُربُكَ من رجال الدين والكنيسة .هًلْ أثرت هذه العِلاقة في كتاباتك في بعض الأحيان ؟ النشاطات الكنسية أتت بعد تغيير جذري في حياتي والأنتقال بقرار سطحي من الأدعاء باللا إِيمان إلى الإيمان، وشجع على ذلك انتقالنا من منطقة المشتل إلى الميكانيك أواخر عام ١٩٨٩م، ولم أكن حينها أستطع أن أكمل قانون الإيمان الذي نسيت بعض من كلماته.
في شهر ١١ من نفس السنة دعيت إلى أخوية الكبار، وكان بداية التعارف على أخوة واخوات نشأت بيننا علاقة مميزة منذ اليوم الاول ومازلنا نتواصل إلى اليوم.
الأسبوع الثاني، طلب كاهن الرعية أن يُبادر أحدنا عل استلام مكتبة الكنيسة بدل عن طلاب الدير كون النشاط كنسي وليس اكليريكي، ولم يبادر أحد، فرفعتُ يدي ولا أعرف لماذا، فقال الكاهن: هل هناك غير زيد؟
يبدو أنه لم يرتح لوجودي كثيرا، كوني كنت اتصرف بعفوية مع الجميع وكأننا أصدقاء عُمر، ولم يرفع أحدْ يده، فقبلتُ التحدي مجدداً، وبعد فترة تحولت المكتبة البسيطة إلى بناء مع وارد جيد جداً، نستعملهُ لدعم النشاطات بطلب من الكاهن الذي أعطانا ثقة مطلقة بعملنا وهو: ( الأب شليمون وردوني مطران متقاعد حاليا). الجدير بالذكر، عند أستلامي المكتبة من الاكليريكي (الأب) سلوان تبوني، سألني أن كنت أعرف شيئا عن الكُتب، وكان جوابي: أبدا، فقال لي: كيف سيكون لك دور في تشجيع المؤمنين على أقتناءها وانت لا تعرفها، تكلم معي بأسلوب لم أعهده من قبل، والمحبة متقدة في وجهه، فبدأت قراءتها تباعا وهذا ما جعلني خلال أشهر أن القي محاضرات بتشجيع كامل ومميز من قبل الأكليريكي بشار متي وردة (اسقف ابرشية اربيل) ومن ثم اصبحت مدرسا" للتعليم المسيحي، وفي الجوقة، ومسؤولاً للأخوية ومسؤولية التعليم المسيحي.
وبحكم وجود كنيسة مار بطرس وبولس مع الدير الكهنوتي، تعرفت على طلاب الدير ونشأت بيني وبين أغلبهم علاقة طيبة جدا و مميزة ومازالت أستفدتُ منها كثيراً، منهم من ترك الدير، وآخرين كهنة وأساقفة، الجدير بالذكر: كان طلبة الدير يعتبروني منهم، وحتى ملابسي في وقت ما طغى عليها السواد، وما زال بعض الشعور يراودني بأن عالم الكهنوت هو عالمي الذي لا أنتسب لهُ..
حتما هناك زعل وعتب من بعض الكهنة والأساقفة بسبب أنتقاداتي، لكن هذا لم يمنع محبتي وأحترامي الكبير لهم ومحبة الكثيرين وأحترامهم لي، وواثق الخطوة منهم يمشي ملكا.
وأن كان كل الاكليروس برتبهم والمؤمنين تحت سقف النقد، تبقى الكنيسة فوقهُ.
قبل ثلاث سنوات وفي أحدى الجلسات مع أصدقاء وشخص حُسب على كهنة كنيستنا للأسف والذي ببركة الرب تركها، وكان حينها يعتبرني أحد مستشاريه، وأثناء مزاح، قال لي صديق مع ضحكة طيبة: زيد ماعندك صاحب صديق، فقال لي القس:
زيد صدك سمعت اكثر من واحد ما عندك صاحب صديق مع أبتسامة خبيثة، فأجبته للفور: نعم الكنيسة خط أحمر، الكاهن على الرأس، لكن عندما يتمادى لا صاحبي ولا صديقي، وقلت له أيضا: شوف أبونا (تعبير لا يستحقه): انا أضع كاهن كنيستي فوق ظهري، لكن إذا وقعت بسببه، سننكسر معاً، لذا اقولها بكل صراحة: عندما أنتقد كاهنا" ما، يكون نتيجة وجعي وأنيني من ظهري الذي كسره.
س4// كنت بصد الأنتقال الى السؤال الأخر وهي مرحلة العمل القومي .ولكن من خلال إِجابتك على السؤال الثاني دفعني الفضول لسؤالك كونك تعمقت كثيرا بحكم نشاطاتك ودورك في الكنيسة ومع رجال الدين. السؤال برأيكم لماذا يخرج بعض الكهنة من طريق التقوى والأيمان والتسامح وووالخ ،وهم أقرب مايكون الى تلاميذ المسيح والى رسالته العظيمة في التسامح والتضحية والزهد والتواضع ؟ سأجيب رغم قلقي من تقبل الأكليروس لما سأقول، هناك واعز إنساني ممكن يقيد حرية الإِنسان السلبية ويكتمل بالإيمان السليم عند اليقين بأن الله محبة، وعلينا أن نغرفْ من تلك المحبة لتقويم أخلاقنا، وتصل للقمة عندما يختار الإنسان المؤمن بحريتهِ أن يكون رسولاً وتلميذاً للمسيح، ولا أعظم من هذه الأعمدة الثلاث .. الإنسانية - الإيمان - تلبية الدعوة الكهنوتية.
لكن عندما تتغلب عليها المصالح الشخصية التي تتحقق بأستغلال السلطة، تُضرب جميعها بِعرض الحائط، ولا يبقى منها سوى الشكليات، ويتحول الكهنوت إلى وظيفة، والإِنسان إلى غريزة والإِيمان إلى روتين تافه وممل، وسيصبح الأهم من كل مُهم في ما تسول به الأنفس، فيتحول الكهنوت من ماذا يريد الله إلى ما انا أريد.
وبحسب قناعتي، يكمن الخطأ في التنشئة الكهنوتية التي أستغلت سذاجة الشعب لتصنع من خلالهم وعليهم قواعد متينة وصلبة للسلطة، ليصبح الكاهن فوقهم وأعلى مستوى منهم، وهذا تحديداً هو السوس الذي ينخر به الكنيسة.
من خادم إلى رئيس، والرعية خراف ناطقة لا يكترث لفقدان أي عدد منها ما دام المتبقين يُشبعون حاجاته التي لا تنتهي. فأصبح أحترام مميز للكهنة، القاب لا تعد ولا تحصى، تقبيل أيادي، ركوع وأنحناء، كلها عوامل رخيصة تجرد حتى القديسين من تواضعهم. لذا اقول: نعم للكهنة والأساقفة لهُم كل الحق بالانحراف، لأن من الصعب جدا أن لم يكن من المُستحيل، أن يبقى الكاهن أميناً برسالتهِ أمام مغريات السلطة وتبجيل الشعب لهم وسيل اللعاب أمام الأمور المادية، ولو بقي حال النشأة الكهنوتية على ما هو عليه، فإن أبواب الجحيم ستقدر على سحقنا.
س5// المكون المسيحي العراقي هم سكان العراق الأصليين هم شعبنا الكلداني الذي يمثل الجزء الكبير منه ومن ثُمَ السريان والآشوريين (الآثوريين) .كانت هناك مخططات وعمل أعلامي كثيف في الخارج والداخل وبتنسيقات من أيادي خارجية الى تهميش الكلدان وأدخالهم ضمن بودقة المذهبية لطمس هويتهم والأبقاء على الهوية الأشورية(الآثورية) فقط. الم ترى أن هذا المخطط مات بعد ولادتهِ بسنوات لأن محوا تأريخ ومحو لغة ومحو أمة لايتم الا بفنائها بالكامل . وهل أضعفت هذه المخططات من وحدة شعبنا المسيحي وترابطه.؟ وهل الخلافات المذهبية بين الكنيستين كانت الدافع لهذا الأنقسام ؟ أبدء من الشق الأخير، الخلافات المذهبية بشكل عام تضعف الكنيسة، لا بل تضعف العلاقات نفسها بين المؤمنين، حيث مازال لغاية الآن يزدري المسيحيين بعضهم البعض بحجة نحن الأصح وأنتم الخطأ.
والخلافات السياسية منذ فجر المسيحية عززتْ الأنقسامات المذهبية، وفي الشرق الأوسط وتحديدا العراق عرضة لكافة أنواع الأحتلالات، وجغرافية العراق قسمت المسيحيين إلى حسب تبعية منطقة سكناهم ومن يحتلها.
حتى أصبح لنا الغرب الكاثوليكي والشرق المتعدد بمذاهبهِ، وبعد عودة الكلدان إلى الكنيسة الكاثوليكية الأم وتسمية الكنيسة بالأسم الكلداني القومي، حيث لم يكن هناك من أعتراض على التسمية، ولغاية بدء نفوذ بريطانيا التي كانت تسيطر عليها الكنيسة الانكليكانية المنشفة عن الكنيسة الأُم، وبدورها لعبت دوراً حقيراً في دعم وأسناد لمن تبقى على المذهب النسطوري، وتغيير تسميتها وقناعاتها إلى الآثورية اولاً ومن ثم الآشورية، وقد لعب بعض رجال الدين والسياسيين المنتفعين بفعالية قل نظيرها لتعزيز انشقاق قومي كبير لم يكن للكلدان علما به، فكان المخطط يمر من تحتنا بدهاء،
فأصبح هناك من ينادي بغباء بأن الكلدانية ليست قومية، بعد أن كان هناك أستحواذ دنيء من بعض السياسيين لمُقدرات شعبنا، ثبتتْ بريطانيا أركانه..
فكانت الصحوة الكلدانية التي أوقفت الكثير من الأستهتار السياسي الذي حاول أقطابه بكل الطرق وبكامل الدعم وأقصد السياسيين الآشوريون وأتباعهُم من الآغاجانيين، أن يكونوا ممثلين عن شعبنا.
ولكن، أن بقينا ككلدان كما نحن عليه الآن، لن نستبشر خيراً أبدا، لأن بين صفوف القوميون الكلدان يوجد من يفتعلون المشاكل والتي أضعفتنا بشكل لا يوصف، وكأنهم مرتزقة في أرض معركة وليسوا كلدان، ولا أستبشر خيرا ابداً كوننا منقسمين على أنفسنا بشكل مشوه، ولايمكن تجميلهُ ألا بالعمل القومي الكلداني بتنسيق وأحترام، ولا أعتقد ابداً بقرب الغد للناظرين.
س6// هناك البعض من الكلدان تم أغرائهم بالمال والمناصب وهم معروفون لدى الكلدان وقد عملوا بالضد من قومهم وقوميتهم ولغتهم .وللأسف منهم قلة من المثقفين الذين باعوا أسمهم وتاريخهم وقومهم ألا تعتقد بأن هؤلاء الكلدان المنتفعين كانوا سببا لتغذية هذا التعصب والحملة على كل ماهو كلداني وهل تعتقد بأن هذا البعض قد تورط لأن الموازين أنقلبت وأضاعوا البوصلة وهم في موقف لايُحسد عليه ،وأصبحوا منبوذين من أبناء قومهم؟ الذي يبيع نفسه فهو حتماً يذهب إلى تنظيم أقوى من حيث الدعم والنفوذ، ولو كنا أقوياء في وحدتنا لن يجدوا من يشتريهم إلا لسبب التغلغل بيننا، ويبقى العرض قائم للخونة، أومن ينطبق عليه المثل (الحشر مع الناس عيد).
المشكلة الحقيقية في من له أهداف سيئة على حساب الكلدان وبأسم الكلدان، والذين تنقسم الآراء ضدهم بين من يشخصون على أنهم شريحة ضارة تعمل على خراب الكلدان، وبين من مازال يعتبرونَ مخلصين وأن كانوا على يقين بأنهم حجر عثرة أمام اي مشروع كلداني.
مشكلتنا اكبر مع المتطوعين من الكتاب الذين كان لهم اهتمام بالجانب القومي، وبسبب خلاف شخصي مع كلداني آخر، رفع شعار: اما معي أو ضدي، وجعل هذا الخلاف فوق المصلحة العامة وشهر أسلحته ضد الكلدان على سبيل المثال لا الحصر:
شخص مهتم في الرابطة وأصبح عضواً فيها رسمياٌ كان أم ما زال طلبه في طريقه ليكون كذلك، أختلف مع عضو آخر او مسؤول، يخرج قلماٌ آخر يخبئهُ في مكان وسخ، ويبدء حملة شرسة ضد الرابطة ككل، ومن ثم ينتقد أبينا الباطريرك في الشاردة والواردة، ويتناغم بالمجاملات مع ثلة المعارضين المنشقين عن أنفسهم بعد أن أسقطوا أنفسهم في وحل من الحقد والكراهية.
صدقني أخي العزيز، لو اتفق عشرة قوميين كلدان يهمهم الجانب الأعلامي، سيعرف الجميع قوتنا، لكننا وللاسف ضُعفاء جدا جدا في انقساماتنا.
س7// المثقفون والناشطون الكلدان عملوا خلال العقود الثلاثة الماضية بقوة في ترسيخ مفهوم الوعي القومي عند الكلدان من خلال الأعلام والنشاطات المتنوعة وتأليف الكتب والبحوث ،وقد جاءوا بالوثائق والأراشيف والأدلة، لتدحض كل الأوهام والأدعاءات بخصوص لغة وعراقة الكلدان واصولهم. ماهو المطلوب بعد انتهاء هذه المرحلة والخطوات الأخرى القادمة في دفع مسيرة العمل القومي الكلداني لنيل حقوقهم الكاملة كأكبر مكون أصيل. بعض من الكتاب القوميون الكلدان الذين كنت ارفع لهم القبعة كانوا في مواجهة مباشرة مع كل مخدوع يحاول طمس الهوية الكلدانية والأدعاء بهوية غيرها، لكن بعد مؤتمر المسمى بالنهضة الكلداتية الذي عقد في ساندييغو، تغير الأتجاه لتصبح سِهامهم مصوبة على كل نشاط كلداني. بينما يسعى الكثيرين جاهدين لترسيخ الأسس القومية الكلدانية ودَحض كل افتراءات مزوري التاريخ.
ومن بين هؤلاء أيضا من يريد أن يقود الكلدان ويسيرهُم كما يشاء بحجة انه ناضل من أجل هويتنا، وعلى أثر هذا الطموح حاربَ بشدة من لا يقبل ان يكون تحت وصايتهِ، وحاربَ أيضا نشاطاتِهم والتي هي نشاطاتنا جميعا.
حتى على مستوى العمل على نيل حقوقنا ومكانتنا التي سُلبت بأجندة، يكون العمل للأسف فردياً وليس بتنسيق مع الكلدان، وايضاً الهدف تمثيل الكلدان على المستوى السياسي بأي وسيلة لذا، وأعتذر على تشاؤمي، حقوقنا ومكانتنا لن نحصل عليها طالما نحن متفرقين، وأن كان هناك من يعتقد بأنه يمثلنا في البرلمان، فهذه كذبة صعب أن تصدق، لأنهم لم يربحوا الكوتا بأصوات كلدانية، لذا لن يكون ولائهم للكلدان طالما هم صعدوا بأصوات قوى كبرى ابتلى العراق بها.
ارفع القبعة لمن يعمل بتجرد من أجل هويتنا، من في العراق اولاً والمهجر، ومنهم من يُضحي بكثير من وقته وماله من أجلنا. لكل من كتب ولو سطراً ولم يعتبره فضلاً. و من كتب شعراً وقصيدة وعمل لحناً ومن غنى من أجل الكلدان.
وأستغل الفرصة لأقول: ماذا ينفع الكلدان إِن وجد بينهم من يكتب بحثاً ويؤلف كتباً ويطبع دواويناً ويتعالى على الكلدان، ويهين بتعمد من يعمل في الساحة القومية الكلدانية، ويهين بإصرار بعض رجالات كنيستنا وبحجة أنهُ قومي كلداني أو محسوب على المثقفين الكلدان؟
س8// ذكرت في إِجابتك السابقة .هناك في صفوف القوميون الكلدان من يفتعلون المشاكل والتي اضعفتنا بشكل لا يوصف، أعجبتني صراحتك لأنك تتحدث ماهو لك وماهو عليك كناشط وكاتب قومي كلداني . كيف توصفهم أو تسميهم فهم بالنهاية محسوبين على القوميين الكلدان وهل هناك أسباب دفعتهم الى ذلك أم بسبب عدم فهمهم أو تنقصهم الخبرة في العمل الجماعي القومي.؟عندما تحارب الرابطة الكلدانية وهي مجرد فكرة من اشخاص محسوبون على القوميون الكلدان، فاعلم ان هناك من يفتعل المشاكل وعندما يحارب ابينا الباطريرك فور تسنمه السدة الباطريركية ويستعمل موقع رصين لهذا الهدف، فأعلم أن هناك من يفتعل المشاكل ومن يؤسس موقعاً للشتيمة والتهديد بأسم كلداني، فاعلم بأن هناك من يفتعل المشاكل وللأسف الشديد.بقدر أهمية نشر الوعي القومي الكلداني، هناك ما يفوق أهمية وهو الوعي الأخلاقي للمتجاوزين المشار لهم، وبدون وجه مقارنة أضع الفرق الأخلاقي والمهني بين من أسس موقع القوميين الكلدان، الناشط القومي المحترم مارتن متي الهرمز، وبين من أسسَ ويكتب في موقع حضيض، ان ترفع لن يصل إلى مستوى مواقع الرذيلة، وللأسف الشديد تحت أسم ... كلدايا انا... والكلدان من أفعالهم وبذاءتهم براء، ولو كنا نعمل بتنسيق فحتما سيتم عزلهم من الساحة القومية الكلدانية.
من جانب آخر، ولأسباب شخصية قد تكون انتماء قروي او خلاف شخصي، أو على مبدء خالف تعرف، يحمل بعض الكلدان معاولهم لضرب أي شيء أسمه كلداني، ولا أنسى ذكر وجود أحزاب كلدانية، أستعملت لتشتيت القوى الكلدانية كي لا نتوحد سياسيا ابداً، وشخصيا اتمنى وضعهم في خيارين لا غير، أما ان يتوحدوا باسم تنظيم واحد، ويصبحوا لنا ممثلين سياسيين، أو نصنفهم على أنهم آفة على جسمنا الكلداني واجب علينا معالجتها بأي شكل من الاشكال
س9// علينا أن نكون منصفين في أحكامنا وأن نفرق بين النقد البناء والصحيح وبين من يريد فقط التهجم وتشويه الحقائق لأسباب عدة.هناك البعض من أنتقد عمل الرابطة وتطبيق نظامها الداخلي والية التحضير لمْؤتمرها الأول.وهم كثر من المثقفين والكتاب ألمخلصين لقوميتهم وللعمل القومي .في هذه الحالة لايمكن اعتبار هؤلاء المثقفين او الكتاب هم يحاربون الرابطة . لا بل علينا ان نستمع لهم. واثبتت السنوات أخفاق الرابطة وعدم تمكنها من أن تكون بالمكان الذي خُطط لها أن تكون فيه.وهذا الأخفاق ليس بسبب من تظن أنهُم وقفوا بالضد منها، ولكن لأسباب عديدة لامجال لذكرها، ولكن هذا لايعني انها النهاية فيمكن تلافي الأخطاء التي حصلت وتنهض الرابطة بقوة وكل كلداني قومي مخلص سيرحب بذلك. الا تؤيد ماذكرته أعلاه؟ بالتأكيد لا يمكن أن نحكُم على من ينتقد الرابطة بأختبار أو بوعي من أجل تقويم الخطأ وإصلاح الخلل كي يكون لنا رابطة قوية تجمع كل كلدان العالم وخصوصا في أرض الوطن. لكن ما هو الحكم على من حاربها من المحسوبين على القوميون الكلدان وهي مجرد فكرة أو في بداية تشكيلها؟ ما هو الحكم على من كان مؤيداً لها أو منتمياً لها وهاجمها بشراسة بسبب خلاف شخصي؟ الكل من حقه ان ينتقد الرابطة، لا بل لا يوجد تنظيم او شخص فوق مستوى النقد، إنما الأخلاق الصحفية والواجب القومي يفرض على من يسلك الطريق القومي ان يكون بناء في نقده ولهدف الإصلاح وليس الهدم، بالنتيجة الرابطة ليست تجمع ملائكة، لذا هم دوما بحاجة للنقد والتصويب.
س10// لننتقل الان الى جانب آخر من حوارنا حول المؤتمرين الكلدانيين الذين انعقدا في امريكا (مشيغان & ساندييغو) وأنت كنت أحد المشاركين في المؤتمرين .كان هناك الكثير من الكلام حول هذين المؤتمرين الذان يعتبران خطوة نحوا الطريق الصحيح رغم كل شيئ آخر. هل ممكن أن تعطينا رأيك وبصراحة حول هذين المؤتمرين من حيث الأيجابيات التي خرج بها وماهي السلبيات أن وجدت ؟الحديث عن المؤتمرين طويل جدا، في مؤتمر النهضة الذي عقد في ساندييغو كنت جديدا في الساحة القومية الكلدانية وفي كامل الأندفاع، لكن حينها تفاجأت بالسيطرة الكهنوتية على المؤتمر والمؤتمرين بحجة التنظيم، واللذين قسموا الناشطين الكلدان إلى أصناف، هذا كلداني أصيل وهذا لا، وذاك متعاون مع الأحزاب الغير كلدانية، وغيرهم من الذين لهم باعْ في الأسم الكلداني عليهم ان يثبتوا كلدانيتهم. تعرفت في هذا المؤتمر على أشخاص من حول العالم لهم غيرة كلدانية حقيقة، لكنهم أختفوا ولأسباب عدة، أهمها الخلافات. بأختصار: هذا المؤتمر عقد ليفرق الناشطين الكلدان والسيطرة التامة عليهم بالرغم من وجود خيرة من شعبنا كان يفترض ان يُنهَض بهم في وقتها.
قبل المؤتمر كان بعض الكتاب يدخلون حوارات مع الجانب الذي يحاول تهميشنا قومياً وسياسياً، وبعده بفترة، وجهِتْ أقلامهم بالضد من أي نشاط كلداني وعددهم يزداد، كونهم يمدون الجسور فورمعرفتهم بوجود معارضة للسلطة الكنسية أو الرابطة فيما بعد.
حقيقة، كان يفترض أن يكون مؤتمراً نهضوياً بكل ما للكلمة من معنى لو تم أستغلال الطاقات وجمعها. لكن ما حصل هو تشتيتها ومحاولة السيطرة على الكلدان ليكونوا فوق الكل لا بل حتى فوق الكنيسة، وقد شعرتُ بأن طموحها هو في قيادة الكلدان كنسيا وقومياً..
مؤتمر مشيغان كان في غاية الدقة والتنظيم،عمل البعض في اللجنة التحضيرة التي كنا نجتمع من خلالها كل خميس عبر البالتوك على خلق الخلافات والمشاكل، وطالما طلبت متوسلا للأخ والصديق فوزي دلي المنسق بين الجهة المستضيفة واللجنة، ان يلغوا عقد المؤتمر لأن هدف البعض التابعين إلى الجهة الكلدانية التي تريد قيادة الكلدان هو تدمير المؤتمر كلياً، ولولا وجود الأخ دلي وقدرة تحمله وصبره وأخلاقه الرفيعة وشخصيته الطيبة، لما عقد هذا المؤتمر.
بالنتيجة، عقد المؤتمر وكشف الوجه الحقيقي للكثيرين الذين عملوا بكل قواهم لمنع العمل في مقررات المؤتمر ونجحوا، لأننا في زمن يغلب به الشر.
س11// ماهي الرسالة التي تحب أن توجهها الى أخوتك الكلدان الذين يعملون كناشطين وكتاب وسياسيين وهدفهم الحصول على حقوق الشعب الكلداني كأكبر قومية تمثل مسيحي العراق عدداً؟ان أردنا ان نكون كبار، فلنعمل بتنسيق لا يوجد أسهل من الخلافات، وهي متوفرة بيننا كثيراً، ألم يحنْ الوقت للمصالحة؟ هويتنا الكلدانية اكبر من الأنتماء العشائري أو القروي، وهي هوية عراق النهرين، في وقت ما كان هناك من يريد طمس هويتنا وتهميشنا، هؤلاء في أجازة منذ زمن، لأننا بانقساماتنا وخلافاتنا ومواقفنا المتشنجة أخذنا دورهم على أكمل وجه! لنعمل على وحدة أحزابنا وقوة الرابطة العالمية الكلدانية، ولا ننسى من الكتاب من وقف بالضد تجاه كل من يسيء لها، وأخص بالذكر الدكتور العزيز عبدالله مرقس رابي، وله برأي أروع مقالات موضفاً بها تخصصه وخبرته في علم الاجتماع لخدمة الكلدان كنسيا وقومياً ، وأيضاُ وكل من كان له دور مهم في الكتابة وأنسحب فيما بعد، واذكر هنا كلدانايا، وجاك الهوزي، وفادي دندو وآخرين.
س12// قبل ان ننهي هذا الحوار الشيق والبناء الذي تخلله الكثير من النقد ووجهات نظرك التي طرحتها وعبرت بها عن رأيك بكل صراحة. وبالتأكيد هناك البعض من له وجهة نظر أخرى حول بعض إجاباتك لذا.ولهُم حق الرُدْ سنفسح المجال للردود من قبل كل القراء للنقاش بقدر المستطاع. هل لكم كلمة أخيرة قبل أن أختم هذا الحوار. بداية أشكرك جزيل الشكر ليس تحديداً على هذا الحوار، بل لأنك تحاول أن تستثمر بعض من وزناتك من أجل هدف تؤمن به، من خلال إجراء مقابلات في زمن يندُر به توفر الوقت وهذا العمل ليس بالأمر السهل ابداً .
هناك الكثير من الأمور التي اكرههُها، ومنها ان أجد نفسي كثير الأنتقاد، وطالما تمنيت أن أكتب عن الإيجابيات فقط، إنما حقيقةً، هناك ما لا أتحمل كتمانه.
نحن لسنا في موقف عِداء من أحد، بل وجدنا أنفسنا مدافعين رغم محبتنا وأحترامنا لكل من يحاول تهميشنا، أن كان على مستوى أخوة لنا من غير الكلدان، أو حتى مع كلدان قومين وناشطين يحاولون قيادة الدفة وفق أهدافهم وتطلعاتهم او مزاجياتهم، حتى نجد أنفسنا مدافعين عن من يسيء لنا قوميا وكنسيا من الكلدان لأسباب تنحصر بين شخصية او سلطوية.
أتمنى أن يكون هناك تعايش وتنسيق بين الكلدان فيما بينهم ومع الآخرين من أجل أسمى الغايات الإنسانية على كل الأصعدة
أكرر شكري لك ولكل ناشط كلداني يعمل بحق من أجل اعلاء أسمنا بتجرد.
في ختام حوارنا هذا اشكرك انا بدوري لتعاونك معي في أجراء هذا الحوار البناء الذي كان الهدف منه تسليط الضوء على أمور كثير تخص أبناء شعبنا وغايتنا دائما ان تكون هذه الحوارات مفيدة وقيمة لتُبين مواقع الخلل والقوة في كل ماجرى ويجريً.اتمنى لك التوفيق والمواصلة في كتاباتك ونشاطاتك لأننا دائما بحاجة الى كتابات هادفة وقيمة واقلام حرة وصادقة في التعبير بعيدا عن التعصب والمحسوبيات والميول.من أجل المضي قدما لنيل حقوق شعبنا وأعلاء شأنه في كل مكان.ملاحظة // صور مرفقة مع المقال / الصور حسب التسلسل
الأولى/ مع الأب عماد البنا الذي يخدم في البصرة والأخت سناء توما /عندما كنا مسؤولين عن أخويتين مار يعقوب (ومار بطرس وبولس).
الثانية / خوات وأخوة من كنيسة مار بطرس وبولس يوم الخطوبة.مع أغلى إنسان، والدي الغالي المهندس غازي ميشو.
الثالثة / مع البطريرك مار روفائيل الاول بيداويد (الراحل) عام 1991م.
الرابعة / الدير الكهنوتي في الدورة(الأخوية) عام 1990م
الخامسة / في الأردن في أحد النشاطات عام 1996م.
السادسة / في مؤتمر النهضة مع المطران مار باوي سورو والكاتب الصديق العزيز سيزار هرمز.
السابعة / في كنيسة سانت جورج /مشيغان مع الأب ماهر كوريال والأب سلوان تبوني عام 2019م.
الثامنة / يوم تنصيب المطران مار روبرت جرجيس على ابرشية كندا في 14/12/2021.
التاسعة / صورة في المؤتمر الكلداني /ساندييغو
العاشرة /صورة مع الأصدقاء اثناء التحاقي بوحدتي العسكرية دفاع جوي /سامراء
الحادية عشر / في المؤتمر الكلداني / مشيغن
الثانية عشر / مع مجموعة من الأصدقاء في المؤتمر الكلداني في مشيغن.
الثالثة عشر / يوم تأسيس جمعية تلكيف في كندا مع مجموعة من الأصدقاء.
الرابعة عشر/ صورة أثناء العمل /كند
الخامسة عشرة/ صفحة لأحدى الخواطر التي كتبها عام 2006م تظهر أبنته بعمر 3 سنوات.
السادسة عشر / صورة شخصية تشكيلية/فوتو ونخب الصداقة والمحبة للجميع.