المحرر موضوع: الحركة الكردية السورية واستقلالية القرار  (زيارة 472 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صلاح بدرالدين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 945
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الحركة الكردية السورية واستقلالية القرار
                                                                     
صلاح بدرالدين

   
  قضية استقلالية القرار السياسي  تواجه جميع الحركات ، والأحزاب ، وحتى الدول المستقلة ، وهي من اعقد ، واهم القضايا التي تواجه شعوب العالم منذ القدم وحتى الان ، وتندلع الصراعات ، والحروب حول هذه المسالة ، فمبدأ حق تقرير المصير يجيز الحرية المطلقة ، والخيارات الكثيرة من دون اكراه ، وفي الحالة الكردية السورية ، فبسبب الوضع الجيو استراتيجي الخاص ، والنسبة العددية ، والموقع الجغرافي ، والحالة الوطنية العامة المتسمة بالتعقيد ، فان الحركة السياسية تواجه هذه المسألة منذ نشوئها وحتى الان ، وتجري محاولات من اجل التصدي لها في مختلف المراحل .
  ظهر مصطلح " القرار المستقل " للمرة الأولى في أدبيات الحركة الكردية السورية ، مابعد كونفرانس الخامس من آب ١٩٦٥ في خطاب ( البارتي اليساري – الاتحاد الشعبي ) ، وذلك بوجه كل من التيار اليميني في دعوته موالاة النظام ، وتسخير قرار الحركة الكردية لارادته ، ومحاولات جناح المرحوم – الطالباني – ومن ثم حزبه الاتحاد الوطني الكردستاني الذي اعلن من دمشق عام ١٩٧٥بدعم مباشر من نظام حافظ الأسد في التدخل بشؤون الحركة الكردية السورية ، وتعاونه مع الرجل القوي آنذاك ( اللواء علي دوبا ) رئيس المخابرات العسكرية ، من اجل  تشكيل حزب كردي سوري جديد ، حيث توصل الطرفان با الاستفادة من معلومات الحزب الشيوعي السوري ( بكداش ) ، وخبرة عضوه القيادي المرحوم– رمو شيخو – الى قائمة من خمسين عضوا من كرد سوريا كنواة للحزب المنشود .
    وقد كان المرحوم الطالباني يروج بان الدافع من وراء ذلك هو بناء حزب قوي ومعقول لكرد سوريا ، ولكن الحقيقة كانت غير ذلك وهي ضرب ( اليسار – الاتحاد الشعبي ) بعد تصحيحه لمسار الحركة ، وتبنيه لمبدأ تقرير المصير ، ومعارضته للنظام ، وعدم الخضوع لتهديداته من جهة ، ومغرياته من الجهة الأخرى ،  وبناء تحالفات كردية – وطنية – إقليمية – كردستانية – اممية ، ودحره لفكر ومواقف اليمين بين أوساط الجماهير ، واتخاذه الموقف المناقض لمواقف النظام وحزب الطالباني بخصوص الثورة الكردية بكردستان العراق ، وقائدها الراحل مصطفى بارزاني . 
  في الواقع كان الطالباني يطمح بالاستيلاء على جميع مفاصل الحركة الكردية خارج العراق ، في صراعه مع قيادة الزعيم الراحل بارزاني ، والظهور بمظهر ( التقدمي ) ، وكان اعتماده الرئيسي على نظام دمشق ، حيث تبادلا الخدمات من اجل المصالح المشتركة ، وكان التركيز شديدا على كرد سوريا ، وتركيا ، وحصلت تدخلات ، وصرفت أموال ، وأقيمت تنظيمات وأحزاب في الساحتين ، ويطول الحديث في هذا المجال حيث تناولته بمناسبات عديدة ، وجئت على ذكره بمذكراتي ، ولكن الموضوع بايجاز شديد هو ان الطالباني قد سبق – اوجلان -  بربط مصير حزبه واعوانه بسياسات نظام الأسد في المنطقة كان يتفاخر بصورة له وهو يحمل جوازا سفرا دبلوماسيا سوريا مع قوله : سوريا بلدي الأول ؟! ويقصد سوريا نظام الأسد ، وهنا استطيع ان ازعم اننا في ( الاتحاد الشعبي ) أبطأنا واوقفنا كل خططه بشان الحركة الكردية في الساحتين السورية اعتمادا على جماهيرنا واصدقائنا ، والتركية بالتنسيق مع رفاقنا في التيار القومي الديموقراطي اليساري الكردستاني هناك في ذلك الوقت .
      المرحلة الثانية في موضوعة استقلالية القرار
   بعد وصول – اوجلان – الى سوريا ، وتوافد رفاقه ، ومسلحيه ، وإرساء علاقة التبعية المطلقة لنظام الأسد ، وبعد انتشار الأحزاب الكردية العراقية المعارضة لنظام الدكتاتور صدام، في البلدان المجاورة للعراق ( سوريا – ايران – تركيا ) ، وبعد الاعتماد الكامل لحزبي ديموقراطي كردستان ايران ، والمجموعات الكردية الإيرانية الأخرى على النظام العراقي ضد نظام طهران ، وبعد توجه وفد اليمين الى بغداد أواخر ١٩٩٣من وراء ظهر الحركة الكردية في العراق ، بعد كل ذلك تبدل مصطلح " القرار الكردي المستقل " الى مبدأ ، واستحوذ على اهتمام اكبر ، بل اصبح شعارا في مصاف الشعارات الكبرى الاستراتيجية ، بعدما ظهر عمليا ان هذه الانظمة في الدول المقسمة للكرد ووطنهم ، ليست بوارد دعم واسناد قضية حرية الكرد بل تسعى الى استخدام حركتهم لتنفيذ مخططاتها ، وضرب الكرد ببعضهم ، وقدكانت هذه الأنظمة وجنبا الى جنب استقبال ممثلي الأحزاب من هذا البلد وذاك تعمل جاهدة من اجل التنسيق الأمني فيما بينها ( ثنائي وثلاثي ورباعي )  لمحاربة الحركة الكردية أينما كانت وخصوصا بالعراق بعد صعودها وحصولها على المكتسبات القومية  .
  في هذه المرحلة وبالرغم من فشل جميع الأحزاب ، والحركات الكردية ، والكردستانية من تحقيق أهدافها المعلنة بالاعتماد على هذا النظام اوذاك ، الا انها لم تراجع أخطأءها بهذا المجال ، ولم تعلن أي موقف نقدي تجاه هذه المسألة الخطيرة ، بل ان من وقف ضد مبدأ الاعتماد على الأنظمة الغاصبة شكل ( اقلية ) وكاد ان ينحصر ( بالاتحاد الشعبي ) الذي حورب من اجل ذلك ، وتعرض لابشع أنواع الدعايات التحريضية ، عبر طبع ونسخ وثائق مزورة في مكاتب المخابرات العسكرية ، ومحاولات الاختراق والشق ، الى درجة انه هو من اصبح متهما بالتعامل مع تلك الأنظمة ، وليس التي تمارسها ليل نهار ،و وهي مفارقة غريبة على أي حال .
     المرحلة الثالثة في موضوعة استقلالية القرار
  وهي مانعيشها الان منذ بدايات الثورة السورية ، حيث تحولت – استقلالية القرار -  كمصطلح ، وشعار ، ومبدأ ، الى احدى المفاصل الأساسية في القضيتين القومية والوطنية ، وذلك بعد تصفية الثورة ، وتحريف خط سير المعارضة ، وتوالي المحتلين ، وتوزيع مناطق النفوذ بينهم ، وبين النظام ، والفصائل والميلشيات المسلحة ، وبعد الانقسامات الحادة في الساحة الكردية السورية ، وارتباط أحزاب طرفي الاستقطاب بالمحاور الخارجية .
  في هذه المرحلة لم يعد القرار بايدي السوريين ، واصبح الخارج سيد الموقف ، هذا الخارج الذي لن يحقق السلم والاستقرار ، بل سيدير الازمة كما يشاء ، وحسب مصالحه ونفوذه في سوريا ، والمنطقة ، والعالم ، لذلك فان السوريين جميعا وخصوصا المعارضون للاستبداد ، والباحثون عن سوريا جديدة ديموقراطية تعددية تشاركية ، ليس امامهم سوى انجاز عدد من المهام  العاجلة لتحقيق الهدف المنشود ، وفي المقدمة استعادة قرارهم الوطني المستقل .
   في الساحة الكردية وبالرغم من ان مبدأ استعادة القرار المستقل تحول الى مطلب شعبي عام ، الا انه لن يتحقق في ظل المعادلة الحزبية الراهنة الرابطة بين أحزاب طرفي الاستقطاب ، والتي تنازلت عنه عمليا ،  وتحقيقه يشكل جزء من المهام الأخرى ، بل مرتبط بانجازها ، فبدون توحيد الحركة الكردية ، واستعادة شرعيتها ، لن ينجز القرار المستقل ، ولن تتوحد وتتشرعن الحركة الا بإعادة بنائها من جديد ، ولن يعاد بناؤها عبر الاتفاقات الحزبية الخاضعة بدورها الى قرار الخارج ، بل عن طريق عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع .
  القرار القومي او الوطني الكردي المستقل في هذه المرحلة يكاد ان يتمحور حول الحركة الكردية كبداية وكمدخل ، يعني ان يقرر كرد سوريا بأنفسهم توحيد ، وتعزيز طاقات حركتهم ، وان يضعوا بأنفسهم مشروعهم القومي ، وبرنامجهم الوطني ليعبرا بصدق وواقعية  عن مصالحهم ، وطموحاتهم ، وان يحافظوا على شخصيتهم من الذوبان ، أو خدمة اجندات الاخرين ، ولايعني انعزالا عن البعد الكردستاني بل سعيا وراء التنسيق ، والعمل المشترك على قاعدة الحوار الديموقراطي ، والاحترام المتبادل للخصوصيات ، وتقدير المصالح المتبادلة ، يعني ان تقوم الحركة باسم الكرد السوريين بالدور الإيجابي المتقدم في الشأن القومي العام بعيدا عن المزايدات ، والنفاق ، والمكاسب الشخصية ، يعني ان تشكل تجربة حركتنا في استعادة القرار المستقل نموذجا لشركائنا بالوطن ، ودرسا لاشقائنا في الحركة الكردستانية بالمنطقة .