المحرر موضوع: المثقفون النشاط الفكري والسياسي في العهد العثماني المؤثرات الداخلية والخارجية على الحركة الفكرية في العراق  (زيارة 506 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سهيل الزهاوي

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 33
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
             
المثقفون النشاط الفكري والسياسي في العهد العثماني      المؤثرات الداخلية والخارجية      على الحركة الفكرية في العراق


سهيل الزهاوي

   أن تاريخ بلورة الوعي القومي وتنامي الروح الوطنية وبروز النشاط الفكري والثقافي في العراق ولا سيما بين المثقفين والطلبة ومساهمتهم في الحركة الوطنية العراقية المعادية للغاصبين العثمانيين يرتبط بتأثير ثورة (1905 -1907) الروسية وبانتصار الثورة التركية البرجوازية عام 1908.
  لم ينبع هذا الوعي والنشاط الفكري والثقافي من الفراغ وإنما ارتكز على التغيرات الهيكلية في أوضاع البلدان العربية عامة والعراق خاصة، في إطار التغيرات الدولية في تلك الحقبة الزمنية. إن التغيير في العراق هو محصلة لعوامل وطنية وعالمية وكذلك شأن الأفكار التي ظهرت في تلك الفترة، ولسنا نفهم هذه الأفكار بمعزل عن تفاعل وتداخل هذه العوامل الداخلية والخارجية.
   لقد خضع العراق كسائر البلدان الاخرى للسيطرة العثمانية طيلة أربعة قرون ((منذ بداية القرن السادس عشر إلى بداية القرن العشرين))، وساد البلاد عهد التخلف والظلم والفساد واضطهاد وانتهاك العادات والتقاليد والحقوق القومية والحملات العسكرية والتجنيد الإجباري، وكانت لها نتائج خطيرة على مستقبلها.
  وكان العراق كسائر البلدان العربية تعاني من اضطهادين: أي اضطهاد الرأسماليين الأجانب، بعد تغلغل الرأسمال الأجنبي في نطاق الدولة العثمانية ومن ظلم السلطة الاستبدادية للدولة العثمانية. (1)
   إزاء هذه السياسة التعسفية ظهرت حركات متواصلة عربية - كردية ضد الاضطهاد والاستغلال التركي، وفي سبيل الظفر بالحقوق القومية، وكان مطلب الاستقلال الذاتي واللامركزية أكبر المطاليب أهمية في ذلك العهد وقد عبرت القوميتين العربية والكردية في العراق عن مطامحها وإرادتها سواء بالثورة، ثورة بغداد في 13 حزيران (1831) -  أو الانتفاضات والعصيان في كثير من المدن والأرياف وغالبها فلاحية بقيادة بعض الملاكين الأحرار - أو الجمعيات والاندية، وكان بعض هذه المؤسسات يتجاوز القطر العراقي والبعض الآخر (عربي - كردي) وكان العاملون فيها على الأغلب من المثقفين والضباط والتجار.(2)
أن وقوع العراق في الطرف الأقصى من الامبراطورية العثمانية المترامية الاطراف، أدى إلى انعزاله عن المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية لهذه الدولة.
  ومع ارتباط العراق بالسوق الرأسمالية العالمية وخاصة بعد شق قناة السويس أدى إلى نشوء البرجوازية إلا أن تطورها كانت تسير بشكل بطيء وانعكست ذلك سلبا على تغيير البنية المتحجرة للمجتمع العراقي، وابقت تأثير التقاليد الاجتماعية والدينية على المجتمع، بذلك لعب العنصر الديني نفوذاً واسعاً في الحياة السياسية في البلاد.   
وبأن هذا النمو المشوه للرأسمالية، ادى الى عجز البرجوازية بسبب كياناتها الضعيفة وارتباطاتها بالإقطاعيين ورأس المال الأجنبي عن النهوض بالشعب وقيادته في النضال المعادي للحكم الأوتوقراطي العثماني وضد تغلغل رأس المال الاستعماري.
  كما كان الطبقة العاملة في دور التبلور، قليلة العدد، واكثريتهم من العمال الموسومين، لا ترتبط بالمصانع الكبيرة، وتحمل عبء التقاليد الاجتماعية، والخواص القومية، والدينية، والاقتصادية.
أما الفلاحون، فلم يكن لهم تنظيم سوى التنظيم القبلي الأبوي، الذي كان أساسه المادي حيازة الأرض المشاعية للقبيلة والتي تملكها الدولة، وأخذ هذا النظام بالتفكك منذ الثلث الأخير من القرن التاسع عشر، فنضالات الفلاحين تمت تحت قيادة شيوخهم.
  وفي هذه الفترة التاريخية، ظهر على المسرح السياسي ممثلون عن الفئات الاجتماعية الوسطية من المثقفين والطلاب والضباط والتجار الصغار وهؤلاء كانوا يتسمون بتذبذب واسع لميولها وطموحاتها.
  في مطلع القرن العشرين، بل في أواخر القرن التاسع عشر تأسست في العراق عدد من المدارس الحديثة في المدن الكبيرة كبغداد، والموصل، والبصرة، أول مدرسة ابتدائية أسست في محافظة ديالى هي مدرسة علياوة في عام 1887م في قضاء خانقين في قرية علياوة وغيرها. وسبق ذلك التاريخ حيث أسست إرسالية الآبـاء الكرمليين التبشيرية مـدرسة الآبـاء الكرمليين في بغداد سنة 1734 م. تخرج منها عدد من المتعلمين العصريين وتعرفوا من خلال دراستهم في هذه المدارس على الأفكار الديمقراطية البرجوازية ((الحرية، المساواة، العدالة)) وعلى مثل الثورة الفرنسية.
  كما أن المدرسة الرشدية والاعدادية العسكرية كانت قد خرجت عدد كبير من الضباط العراقيين الذين لعبوا دوراً هاماً في الحركة الوطنية.
  ولم تعر الدولة العثمانية اهتماماً الى إنشاء التعليم العالي في العراق، وبعد اعلان الدستور تم تأسيس مدرسة الحقوق في بغداد في عام 1908.
  لا بد أن نشير إلى أن تخريج عدد من الطلاب العراقيين من معاهد وكليات إسطنبول والجامعة الامريكية والكلية العسكرية في تركيا، قد لعب دوراً بارزاً في تشكيل فئة المثقفون العراقيون.
  في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، كان العالم العربي يفتقد الى المعرفة الحميمية بذاته بحقيقته واحتدم الصراع الفكري حول التجريدات العامة، الموقف من الإسلام والمسيحية، من الدعوة الإسلامية والدعوة العربية والتحري عن أسباب تخلف البلدان العربية وكيفية تجاوزها. (3)
  وقد لعب المسيحيون دوراً هاماً في هذا المجال وكانوا الرواد الأوائل للفكر العربي القومي، لأن المسيحيون كانوا يمثلون من الناحية الاقتصادية قطاعاً نشطاً في المجتمع العربي، كما كانوا يتمتعون بحماية فرنسا التقليدية وامتيازاتها داخل الدولة العثمانية، وبذلك توفرت لهم إمكانية النمو الاقتصادي في مجال التجارة ولعبوا في الأساس دور الوسيط بين العرب والعالم الغربي، أتاح لهم هذا الوضع ايضا سبق التأثر بالفكر الغربي وحضارته، فضلاً عن اتصالهم بالفكر التبشيرية واحتكاكهم من خلالها بالثقافة الأوروبية. (4) 
  وكان تأثير هذه الأفكار في العراق ضئيلاً باستثناء حالات فردية (5). لأن المسيحيون لم يلعبوا أي دور يذكر كنظائرهم في البلدان العربية، فضلاً عن عوامل تاريخية أخرى.
  وامتازت العراق بسيطرة التيار السلفي وايلاء اهمية بالفكر العربي القديم المستمد ثقافته من علوم الدين واللغة العربية يتدارسها الدارسون في المساجد والمدارس المختلفة. (6)
  وكان هذا التيار ((اتجاه عربي إسلامي يتمثل فيه التغني بأمجاد العرب بماضيهم والتأكيد على العربية والشكوى من الظلم وسوء الإدارة التركية. أنه اتجاه يستند على التراث العربي الإسلامي)). (7)
  ويعتبر هذا التيار في الواقع حركة وطنية اصلاحية اتسم بالمعارضة والرفض لأوضاع الفساد والتخلف والاستبداد العثماني وضد تغلغل الرأسمال الأجنبي. وهي دعوة إلى اتخاذ الأصول الدينية وتراث الماضي اساساً للتخلص من هذه الأوضاع. إلا أنه ذا نزعة اتسمت بالتزمت والجمود والانغلاق وفقدان الرؤية الاجتماعية والتاريخية تماماُ، دون أخذ التغيرات الهيكلية التي حدثت داخل المجتمع العراقي.
  وفي هذا يكمن سر ما نلاقي خلال هذه الفترة من أفكار مضطربة، حيث أحكمت الدولة العثمانية قبضته حتى في أكثر حالات ضعفه واضمحلاله له مستنداً إلى فكرة الخلافة مدعيا أن كل حركة قومية أو وطنية هي مروق على الإسلام وخروج عن الدين. (8)
  لم يكن الإسلام عقيدة طارئة في حياة المجتمع العراقي، بل أنه يفعل تأثيره منذ عدة قرون تأثيراً مباشراً على العلاقات في الأسرة والمجتمع ويحافظ على تقاليدها.
  وإلى جانب ذلك خاصية الإسلام في أن القرآن والشريعة يتضمنان المبادئ التي تمدد القواعد الأخلاقية والسلوكية للإنسان ليس في الاسرة والمجتمع، بل في حياته الشخصية ونشاطه الاقتصادي والاجتماعي. ولا يعد الإسلام بالنسبة للمؤمنين مجرد ديانة، بل هو نمط حياتهم. اضافة الى عوامل تاريخية تقليدية واجتماعية قد آثر بهذا الشكل أو ذاك في تطور الحركة الفكرية العراقية في هذه الفترة. 
بقيت طيلة القرن التاسع عشر والقرن العشرين بعيداً عن التيارات الفكرية الحديثة. لم تكن للعراق قبل الاحتلال البريطاني اتصالات وثيقة بالأوربيين على خلاف مصر وسوريا. فقد كان تأثرها بالحضارة الأوربية تأثراً غير مباشر جاءت على الأغلب عن طريق تركيا نتيجة ارتباطه الوثيق بالإمبراطورية العثمانية. لقد كان أكثر المثقفين العراقيين يعرفون اللغة التركية. كما تعرف الطلاب العراقيين على التيارات الفكرية الحديثة ايضا (9) 
 
 تأثير ثورة (1905 - 1907)الروسية
       على المثقفين العراقيين

لقد أوجد الأتراك منذ أواخر القرن التاسع عشر حركة ثورية برجوازية في تركيا وضمت الحركة المثقفين أغلبهم من الضباط الجيش والأطباء والموظفين الصغار ممثلة مصالح البرجوازية ومالكي الارض الاحرار، وشكلت منظمة سرية تعرف باسم ((الاتحاد والترقي)). المنظمة السياسية الوحيدة للشباب الأتراك، فكان مطالبهم الاساسية هي بعث الدستور.
  وبفعل التناقضات الداخلية في تركيا وبتأثير ثورة 1905 الروسية بقيادة البلاشفة والحركة الثورية في القوقاز والثورة التي انفجرت في إيران 1905، ظهر وضع ثوري في تركيا (10)، مما عجل وقوع الثورة في 3 تموز 1908. (11)
  إن هذه الثورة وما حدث في إيران والصين تبرهن على (تقدم مئات الملايين من الناس) بتأثير ثورة 1905 الروسية 
ولخص لينين بوضوح فائق تأثير ثورة 1905 على تطور حركة التحرر الوطني في الشرق ((أن الرأسمالية العالمية وحركة روسيا قد أيقظتا آسيا نهائياً، بمئات الملايين من السكان المهانين في ركود القرون الوسطى قد نهضوا للحياة الجديدة، للنضال من اجل ابجدية الحقوق البشرية الديمقراطية)) (12)
  فإن أخبار الحركة الاشتراكية ثورة 1905 - 1907 أصبحت موضع اهتمام الأوساط الثقافية التركية (13)، والتي كانت بدورها مؤثرة على المثقفين والطلاب العراقيين المقيمين في الاستانة.
  كما يؤكد السيد اسماعيل شاويس السياسي المعاصر لتلك المرحلة، أن الشباب الكرد المثقف قد اطلع على الأفكار الاشتراكية قبل ثورة أكتوبر وذلك أثناء دراستهم وعملهم في اسطنبول وغيرها من المدن الدولة العثمانية وحتى الأوروبية. (14)
  وفي داخل العراق، كان لثورة 1905 انطباعا ملحوظا وقد كتب في مجلة الرقيب "وهي من الصحف الحريصة على تطبيق الدستور" (15) متعاطفاً مع الثورة الروسية الأولى عندما جاءت بالقول:
  " أن مجلس الأمة الروسي محجوز محجور، تنفذ عليه إرادة القيصر ويضطرب لاسم نيكولاي، وسيبيريا هي سجن احرار الروس المجرمين في السياسة أو الذين يطالبون بالحرية الحقيقية أو بحقوقهم المغصوبة." (16)
  وبعد إعلان الدستور تأثر المثقفون العراقيون تأثراً عميقاً بالأفكار الصادرة عن مصر وسوريا اللذان كانا جسراً بين العراق والثقافة الغربية، وإن كان معظم المثقفين لا يميلون الى ممارسة دور فكري مماثل الذي مارسه نظرائهم المصريين والسوريين، غير أن تأثير هذه الأفكار انعكس في كتاباتهم. (17)
  لقد خلق السياسة الشوفينية الى انتهجتها الاتحادين أزمة فكرية بين المفكرين العراقيين بعد أن تخلوا عن العهود التي التزموا بها أمام الأقليات القومية في مؤتمر باريس. (18)
  وقد توضحت معالم هذه السياسة خاصة عند بدء مجلس المبعوثان الثالث اجتماعه في 17 كانون الأول 1908. (19)
  ولم يتخذ الوفد العربي أي موقف مستقل في الاجتماع إلا أنه كان معظم العرب مستائين من الوضع. (20) وبدأ الثقة والقناعة بمنظمة الاتحاد والترقي بالزوال.
  وقد انخرط المفكرون والكتاب والشعراء البارزين في النضال ضد الظلم والاستبداد العثماني والأوضاع السياسية والاجتماعية المتفسخة وضد التيارات الاستعمارية الأجنبية وبذلك خلقوا مدرسة جديدة في التفكير العراقي في مطلع القرن العشرين، وكانت هذه الحركة نتاج الأفكار التي قادها جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وعبد الرحمن الكواكبي، وإبراهيم اليازجي، وشبلي شميل، وغيرهم. وقد تصدت لهذا الاتجاه كتاب آخرون وتعرضت للاضطهاد من جانب المؤسسات الدينية متهما إياهم بالإلحاد (21) وهو السلاح القديم الجديد يشهره الحكام الرجعيون والمستعمرون في وجوه المصلحين.
  وكرد فعل للأوضاع القائمة في تلك الحقبة التاريخية أسفرت عن " تسييس الإسلام " من جهة وتطور الحركة البرجوازية في العراق ضمن التيار الديني، أي اتجاه الحركة كانت عربياً - اسلامياً ضد سياسة الاضطهاد والتتريك والتغلغل الإمبريالي.
لقد ظهر بين رجال الدين نزعة تحاول أن توفق بين الإسلام والتيارات الدينية الحديثة وهي ترفض السلفية اللامنطقي وكذلك التقليد الأعمى للغرب، ليتخذوا منها سلاحاً ماضياِ ضد سياسة التتريك واثارة المشاعر الدينية كوسيلة فعالة لمكافحة التغلغل رأس المال الغربي الاستعماري.
  وكانت هذه الدعوة لتجديد الإسلام، وهي استمرار ابداعي في ظروف تاريخية لتراث قديم، وبهذا الصدد يجدر الإشارة الى أن الحقيقة المعروفة، أن الشيعة في العراق قد ورثوا من المعتزلة له مفهوم الاعتماد "المنطق والعقل". (22)
  لقد تمخض الجدل والنقاش بين رجال الدين حول النظريات الفلسفية والاجتماعية ونظام الحكم الاستبدادي المطلق والملكي الديمقراطي ومنها الحكم الجمهوري (23) الى ظهور تيارين متناقضين أولهما اصلاحي معادي للاضطهاد القومي تمثل البرجوازية الصغيرة والثاني رجعي تناهض الدستور تمثل مصالح كبار الملاكين والإقطاعيين والأسر الأرستقراطية في المدينة.
   ففي إطار الحركة الوطنية العراقية وقفت طائفة من رجال الدين الشيعة المستنيرين إلى جانب قوى وفئات اجتماعية في المطالبة بالدستور والحياة الديمقراطية والدعوة إلى الحركة القومية في نطاق الدولة العثمانية.
  وقام هذه الطائفة من رجال الدين بحملة دعائية واسعة لأفكارهم من خلال عقد الاجتماعات والندوات السياسية في المدارس الدينية والبيوت. (24) وشكلوا الحلقات الدراسية في الجوامع يدرس فيها مبادئ العلوم الحديثة التي استمدوها من المجلات والكتب المصرية. (25)  ونظم الأناشيد القومية والوطنية، وكما أيد رجال الدين تأسيس المدارس الحديثة مما اكسب حركة التجديد قوة وقبولاً في الأوساط المحافظة وخاصة الجماهير الأمية. (26)
  وكانت هذه الجهود تتحرك نحو إنقاذ الإسلام السلطوي أو إبراز قسماته التاريخية كعقيدة أو اكتراث الحركة الوطنية "بعد تدهور الإسلام الرسمي" في أواخر العهد العثماني الى مذهب لا عقلي انعزالي. (27) فهي توجه نحو تجديد الإسلام في إطار موقف اجتماعي إصلاحي، الى جانب طابعها الديني وطابعها الاصلاحي فهي محاولة نحو الاستقلال الذاتي للعراق ضمن الدولة العثمانية ومناهضة للتغلغل الغربي في البلاد أي كانت جوهرها ذات طابع سياسي نضالي كذلك.
  أما التيار الثاني التي تجمعت حول جماعة المشورة وهي حركة اسلامية معادية للدستور كان محورها نقيب اشراف بغداد "السيد عبد الرحمن النقيب" يساندها الملاكين الكبار وبعض رجال الدين السنة فانضموا فيما بعد إلى الحزب المعتدل. (28)                                 
  انتعشت الحركة السياسية ما بعد الدستور على أساس طائفي شكلياً، فقد وقف اكثرية رجال الدين الشيعة مع التجديد بينما وقف رجال الدين السنة الاتجاه المناهض للدستور، غير أن الارتباطات الطائفية، لم تكن اساساً هي التي تحدد الطابع السياسي لهذه الحركات. فمثلا وقف بعض رجال الدين الشيعة أمثال كاظم اليزدي ضد إعادة الدستور العثماني. (29) بينما وقف يوسف السويدي وهو من الطائفة السنية لا يفوقه منزلة إلا نقيب بغداد مع الحركة الدستورية. (30)
  ساعد رجال الدين في العراق بنشاطهم الفكري على جذب أكثر فئات الشعب تخلفاً، كما ساعد على عزل العناصر الدينية المستبدة، التي حاولت أن تعيق عملية التجديد وحتى ارجاع مسيرتها الى الوراء مما يؤدي حسب تعبير لينين الى اصابة البلاد بالفساد. (31) وقد كان تأثير العامل الديني المتمثل بالتجديد ايجابيا على العمليات السياسية في هذه المرحلة التاريخية من حياة البلاد.
  أن التيارات الفكرية التي ظهرت بعد إعلان الدستور، كانت ثمرة التناقضات الداخلية وفي تفاعلها وصراعها سلباً وايجاباً مع الحضارة الغربية.
"أي أنها محصلة الصراع الفكري من أجل تحديد الهوية القومية والاجتماعية وتجديدها، أنها محصلة صراعات طبقية وقومية بين قوى داخلية."
  فان التيارات الدينية منها والعلمانية كانت تتحرك في إطار فكر برجوازي متأرجح بين شرائحه وفئاته العليا والوسطى لهم موقفاً سياسياً اجتماعياً إصلاحيا وسطيا. وهي دعوة عقلانية إصلاحية في الأساس ضد المؤسسات الرجعية.

مساهمة الطلبة في الحركة الوطنية العراقية
             بعد اعلان الدستور   

  جذبت شعارات قادة ثورة 1908 ((حرية، عدالة، مساواة)) في البداية مشاعر وعواطف الشعوب الخاضعة للدولة العثمانية الذين كانوا يعانون من الاضطهاد القومي على يد السلطة الغاصبة.
  حيث شاعت بين الأوساط البرجوازية العربية بكافة شرائحها وفئاتها الأوهام على نطاق واسع حول إمكانية تحقيق المطامح العربية بنشر اللغة العربية وتحسين أوضاع الولايات العربية والمحافظة على التقاليد والعادات العربية باعتبارها مظاهر اسلامية. وهو ما كانت تصبو إليها الحركة الوطنية العربية مع تأسيس أول جمعية عربية في الأستانة في الثاني من أيلول 1908 أي قبل الثورة بأقل من شهرين، وهي جمعية الإخاء العربي. 
  وقد سار الإخاء العربي على اثر جمعية *الاتحاد والترقي* وانطلقت قادة الإخاء من مبدأ الجامعة العربية واعترفت بما يسمى بالأمة الإسلامية. (33)
  بيد أن الطابع البرجوازي للثورة ساعد على تدهور سريع في الاتجاهات الديمقراطية لحركة الأتراك الشباب. وبذلك كشفت عن الأهداف الشوفينية لقادة الاتحاديين الذين جاءوا بالدستور، فقد اتبعوا ذات السياسة السابقة للدولة العثمانية تجاه الشعوب الخاضعة لهم ((فإذا كان السلطان يريد جعل الدعوة الإسلامية وسيلة للحفاظ على كيان امبراطوريته، فإن الاتحاديين تبنوا لنفس الغاية سياسة قومية بالضد من مصالح الشعوب الداخلة في نطاق الدولة العثمانية. بما في ذلك الشعب التركي.))  مما أدى إلى انسحاب العرب وبقية القوميات الاخرى، وبدأ العمل على تشكيل منظماتهم الخاصة بهم بعد أن أصيبوا بخيبة أمل جراء النهج غير المتوقع الذي سار عليه الاتحاديون بعد تسلمهم الحكم.
  وبصدد الانتصارات الأولى التي أحرزتها ثورة تركيا الفتاة، كتب لينين ((هذا الانتصار ما هو إلا نصف انتصار، بل حتى جزء أقل من انتصار، إذ أن نيقولاي الثاني التركي قد اكتفى آنذاك بوعده المتعلق ببعث الدستور المشهور)) (35) 
  إن الوضع الجديد الذي ظهر في بداية القرن العشرين المتجسد في أزمة القمة، حيث دب الفساد في ماكينة الدولة العثمانية وتفسخ العلاقات الإقطاعية من جانب، وتشديد اضطهاد الجماهير الشعبية،
 لم تكن قيادة الحركة الوطنية الناشئة ((قادرة على تحويل الرضوخ السلبي للاضطهاد إلى حالة نشطة من السخط والانتعاش)) (35)
  يشكل عام 1908 وما بعده علامة مهمة في تاريخ الحركة الوطنية العراقية، فكما ذكرنا سابقا ويمكن إرجاع هذا التطور الى التغيرات الهيكلية التي حدثت في بنية المجتمع العراقي وفي تفاعلها السلبية والايجابية مع الحركة التحررية من أجل الإصلاحات الدستورية التي كانت تقودها جمعية " الاتحاد والترقي "، مما أدى إلى ازدياد الوعي الوطني والقومي في صفوف الحركة الوطنية العراقية وتراكم هذا الوعي الى حركة ضاغطة مما أدى الى تراجع الاتحاديين عن مواقفهم السابقة. وحفزت الطلبة وسائر المثقفين لتبني مبدأ المعارضة ضد النظام العثماني والدعوة الى الحكم الذاتي واللامركزية.
  لقد ساهم عدد غير قليل من الطلاب العراقيين الى جانب الضباط وسائر المثقفين، في تأسيس الجمعيات والمنظمات وعقد المؤتمرات في الخارج، بل إن بعض الطلاب العراقيين الذين يدرسون في معاهد وكليات المدنية والعسكرية في اسطنبول بادروا إلى تأسيس عدد من الجمعيات قبيل الحرب العالمية الأولى.
  لقد لعبت الطلبة العراقيين دوراً بارزاً في المنتدى الأدبي الذي تأسس في عام 1909. لم تكن لأهداف المنظمة الرسمي أي صلة بالسياسة، وكانت في الظاهر جمعية أدبية محضة وفي الواقع سياسية ومركزاً لتجمع الطلاب والمثقفين من العرب وتلقى فيه المحاضرات والخطب. (38) كما حصلت على مطبوعات ممنوعة من مصر والولايات المتحدة الأمريكية واستخدمت بالدرجة الأولى كستار لمنظمات القوميين العرب السرية. (39)
  كما أرسل المنتدى وفدا الى الموصل وعقد اتصالات مع عدد من الطلبة ودعاهم الى تنظيم أنفسهم داخل أحزاب وجمعيات. (40) وقد نجح إلى حد كبير في بث الفكرة الوطنية في سوريا والعراق. (41)
  بمبادرة من الطلبة العراقيين في اسطنبول تأسست في أيلول عام 1912 جمعية العلم الأخضر. (42) اقتصرت نشاطاتها على الأمور الادبية وتقوية الروابط والعلاقات المتينة وبث الوعي السياسي بين الطلبة. (43)
  كما ساهمت الطلبة في المؤتمر العربي الأول في باريس التي دعت إليها جمعية العربية الفتاة في عام 1913. (44) 
  لقد كانت لهذه الجمعيات والمنظمات وخاصة المنتدى الأدبي أثراً كبيراً في توعية الطلبة العراقيين الدارسين في الاستانة، وبعد تخرجهم لعب هؤلاء دورا مؤثراً في بث الوعي الوطني في صفوف الشعب العراقي.

   أصداء ثورة 1908 التركية
       في داخل العراق

  لقد استقبل العراقيين انتصار الثورة وإعلان الدستور بابتهاج وحماس عالين باعتبارها عهدا جديداً لتآخي القوميات على اختلاف عقائدها وخاصة في بغداد. أما في الموصل كان الدستور وسيلة للتخلص من الوالي مصطفى بك، ولم يشعر أهل البصرة أي تأثير سيطرأ على حالتهم. (45) ولكن انعكس تأثيره بالأساس على المثقفين والمتعلمين. (46)
 
  فقد بدأت الحركة الوطنية المعارضة لحكم الاتحاديين في شكلها الجنيني بعد إعلان الدستور تأييدها للمشروطية لكنها وقفت ضد سياسة التتريك، غير ان هذه الحركة لم تخرج عن إطار الدولة العثمانية. وعبرت عن نفسها في بغداد من خلال بعض المثقفين والصحفيين الذين التفوا حول صحيفة بين النهرين للتعبير عن رغبتهم في الإصلاح والتقدم وتحقيق حقوق الشعوب الخاضعة للسلطنة العثمانية في المساواة، وشكلوا فرع تابع لحزب الحرية والائتلاف في بغداد، والذي كان في الواقع حزباً تركياً يعارض سياسة الاتحاديين ويتعاطف مع مطالب القوميات غير التركية. (47)
  وشهدت الصحافة انتعاشاً كبيراً عقب إعلان الدستور بعد أن كان هناك ثلاث صحف فقط في العراق تصدرها السلطة العثمانية باللغتين العربية والتركية في كل من مراكز الولايات الثلاثة " بغداد، البصرة، الموصل". بعد إعلان الدستور مباشرة بلغ عدد الصحف والمجلات ما يقارب السبعين. (48)
  وكان الغاية من إصدار هذا العدد الهائل من الصحف والمجلات، تعود الى رغبة المثقفين في القيام بإصلاحات وطنية (49) وصارت هذه الصحف مناراً للاتجاهات السياسية والفكرية الإصلاحية التي أثرت في بلورة الوعي الوطني لدى الجماهير الشعبية.
  لقد أدركت البرجوازية العراقية الناشئة ومثقفوها اهمية الدعوة الى تأسيس المدارس والمعاهد العالية والتدريس فيها باللغة العربية، (50) وقد اتخذت الدعوة من الصحافة والمجالس العمومية ومجلس المبعوثان ميادين لإثارة هذا المطلب. (51)
 فقد نشر جريدة الايقاظ في البصرة سلسلة من المقالات تدعو إلى الإصلاحات في النواحي السياسية والإدارية والاقتصادية، ونادت بتأسيس المدارس ومجانية التعليم وتعميم اللغة العربية في معاهد التعليم ودوائر الدولة، وطالبت بتأسيس مدرسة الصناعة. (52)   كما نشرت الصحف الاخرى وخصوصا المفيد وصدى بابل والرياض والعرب وغيرها الدعوة لنشر التعليم. (53)
  واندفع المثقفون إلى تأسيس المدارس الاهلية لتكون مركزاً لنشر الوعي الوطني في صفوف الطلبة. فتأسست " مدرسة تذكار الحرية " (54) في البصرة في تشرين الثاني عام 1908 ومدرسة " الترقي الجعفرية " (55)    في بغداد والتي افتتحت في 12 كانون الأول 1908 وقد اصبحت هاتان المدرستان منتديين سريين يجتمع فيها المفكرون والأدباء والكتاب ممن أن انضموا الى الحركات السياسية العراقية المعادية للاتحاديين وتعقد فيها الاجتماعات والندوات يحضرها الطلاب. (56)
  وأصبحت المدرستين المرتضوية والعلوية في النجف كنادي للطلبة، يطالعون فيها الصحف التركية والإيرانية والمصرية وتعرفوا من خلالها على التيارات الفكرية الحديثة وتعقد فيها الاجتماعات لبحث الأمور السياسية والأدبية. ولا تنحصر أهمية هاتين المدرستين، انهما كانت من الوسائل التي ساعدت على نشر التعليم والثقافة الحديثة في محيط كمحيط النجف فحسب، بل أن تأييد معظم علماء لفكرة تأسيسها ومنهجها اكسبت حركة التجدد قوة وقبولاً في الأوساط المحافظة وخاصة الامية منها. (57)
  إضافة إلى ذلك لعبت المدارس التي أنشأتها الدولة العثمانية في بعض أنحاء العراق دورا فاعلاً في خلق جيل جديد من المثقفين العصريين يرفضون الظلم والنظام الاستبدادي للدولة العثمانية وبدأوا بنشر الوعي والروح الوطنية والأفكار الحديثة في صفوف الجماهير الكادحة ينير في أذهانهم تطلعاً نحو آفاق جديدة. (58)         
 بدأت الفئات المتعلمة والمثقفة ولا سيما طلاب الحقوق وأساتذتها، وكذلك بعض السياسيين في اتخاذ مواقف أشد تجاه الدولة العثمانية، فانتشرت فكرة اللامركزية بعد أن حدث تطور في الفكر السياسي لدى الوطنيين العراقيين وازداد رسوخا في أذهانهم في بداية العقد الثاني من القرن العشرين نزوعا إلى الحكم الذاتي، بعد أن اقتنعت بعدم جدوى الارتباط بالأحزاب السياسية التركية. إلا أنه لم يصل الوعي الوطني إلى حد المطالبة بالاستقلال التام. وهكذا تشكلت في أواخر 1912 في بغداد جمعية جديدة تحت اسم " النادي الوطني" (59) والتي كانت تحت تأثير العناصر الإقطاعية الكومبرادورية الأشد قوة. 
  وكانت الجمعية أدبية في مظهرها لكنها صارت مركزاً للنشاط السياسي للمثقفين العراقيين من خريجي المدارس العليا التركية وطلاب الحقوق وبعض الشباب من الفرات الاوسط وعدد كبير من الضباط العراقيين العاملين في الجيش العثماني. (60)   
  وسرعان ما ارتبطت جمعية النادي الوطني بجمعية الإصلاح في البصرة (والتي شكلها طالب النقيب في 28 شباط 1913)، في الواقع تبنت جمعية البصرة وبغداد برنامج حزب العثماني اللامركزية واصبحتا فرعين بارزين له (61)
  إن قادة الحركة الوطنية العراقية لم تفهم واقع وطبيعة الدول الاستعمارية وقد اتجه قسم منهم إلى التعاون معهم ضد الدولة العثمانية، غير أن ظهرت " منظمة اليد السوداء " التي بادر الى تأسيسها الطلبة الدارسون في الكليات والمعاهد المدنية والعسكرية في اسطنبول تنادي بحق تقرير المصير والتحرر التام من الدولة العثمانية ودعت إلى الفتك بالخائنين الذين يناوئون فكرة التحرر من السيطرة العثمانية. (62) 
  واتسمت الحركة الوطنية العراقية حتى الحرب العالمية الأولى بالميوعة وليست لها وجهة سياسية واضحة وموحدة ولم تكن عميقة الجذور لانعزالها عن الجماهير الشعبية وسرعان ما تفتت المنظمات التي تشكلت قبيل الحرب العالمية لأسباب اقتصادية بحتة. 

    التحركات الطلابية
الإضرابات والمظاهرات

شهدت السنوات الممتدة بين عام (1908- 1913)، بداية نهوض حركة التحرر الوطني العراقي. اقتصرت أنشطة قادة الحركة الوطنية في هذه الفترة على الدعاية للأفكار القومية والوطنية. الانعزال عن الشعب كان السمة المميزة للحركة الوطنية، التي لم تستطع من تنظيم الجماهير الشعبية أو قيادتها بصورة ثابتة وربط نضالات التي تجري في المدن مع تحركات وانتفاضات الفلاحين من اجل الارض التي بلغت أوجها في عامي (1913 - 1914) (63)
 لقد خاضت الجماهير الطلابية سلسلة من الإضرابات والمظاهرات التي لم تخرج عن نطاق المقاومة العفوية وبدافع الأوضاع السيئة القائمة داخل المدارس وضد السياسة الشوفينية للسلطة الجديدة ومحاولتها بتتريك المدارس. إلا أنها ساهمت بهذا الشكل أو ذاك في توعية الجماهير الطلابية وفي التحدي للأوضاع القائمة ومقاومة الظلم والاستبداد.
  أثار النظام البوليسي الصارم في العهد العثماني استياءً واسعاً بين طلاب المدارس المختلفة وخاصة أساليب إدارات المدارس اللاتربوية واتباع هذه الإدارات التميز الاجتماعي والطبقي في معاملة الطلبة، حيث خصص غرف خاصة لأبناء الأثرياء، مما خلقت هذه السياسة تململ في صفوف الطلبة ولا سيما في عهد السلطان عبد الحميد.
  عبرت الطلبة عن احتجاجهم على الأوضاع القائمة بأشكال مختلفة. فقد أقدمت الطلبة على كتابة الشعارات ضد السلطان عبد الحميد لقمعه الحريات والأفكار وتم توزيعها بصورة سرية داخل المدرسة. (64)   
    عندما ظهرت بوادر الحركة الدستورية في إيران عام 1905، أثار الرأي العام العراقي وطالب رجال الدين في النجف الى مساندة نضال الشعب الايراني في سبيل حقوقها الديمقراطية، وكان لهذا الحدث تأثيرها الكبير على تفكير الطلبة في المدارس الدينية من خلال الطلاب الإيرانيين.
  فقد سارع تلاميذ المدارس الدينية مع رجال الدين في تنظيم البرقيات ورسائل الاستنكار إلى السلطات الإيرانية تطالبها التقيد بالدستور ومجلس شورى في عام 1906. (65)
  وقد أطلق الحركة الدستورية في عام 1908 عنان مبادرات الجماهير الشعبية، حيث تلقى الطلبة خبر اعادة العمل بالدستور بالفرح والابتهاج وانطلقت المظاهرات الطلابية تحيي هذا الحدث. (66) كما انضم العديد من الطلبة في النجف الى منظمة الاتحاد والترقي وأصبحوا دعاة لنشر مبادئ الدستور عن طريق المدارس الدينية وجرى طبع النشرات على الة الرونيو وتوزيعها. (67)
  أما في بغداد فقد ساهم الطلاب في نشاط الحركة التي برزت ضد الأساليب القسرية التي كانت إدارات المدارس تتخذها ضد الطلبة.
 فقد أعلن طلاب المدرسة الحربية في بغداد الإضراب والتظاهر ضد مديرهم وأخرجوه عنوة. كما قرر طلاب الصف الخامس في الاعدادية الملكية في بغداد إعلان الإضراب احتجاجاً على سوء معاملة معاون مدير المدرسة مع الطلاب، وبعد لحظات خرجوا إلى ساحة المدرسة وبدأوا بتحريض بقية الطلاب على الإضراب والتضامن معهم، وقد حاول مدير المدرسة منعهم من الخروج إلا أن محاولاته بغلق الباب فشلت امام اصرار الطلبة، فكسرو باب المدرسة وانطلق جموع الطلبة قاصداً السراي لمقابلة الوالي.
 قدم وفد مكون من ستة طلاب مطالبهم للوالي وطالبوا بمحاسبة معاون مدير المدرسة على السلوك غير التربوي تجاه الطلاب.
 فقد احالهم الوالي الى مدير المعارف لدراسة مطالبهم إلا أن الأخيرة قد تواطئ مع مدير المدرسة ورفض مقابلة الوفد الطلابي.
  استغل المدير تراجع بقية الطلبة عن مواقفهم، قرر الادارة طرد الطلاب الستة المساهمين في الوفد لمدة اسبوع، بسبب عفوية الإضراب وضعف التنظيم وعدم تضامن الطلبة مع الوفد ادى إلى فشل الإضراب وعدم إحراز النجاح في محاسبة معاون المدير.
  بعد تعيين الوالي الجديد لبغداد اوعز الى المدعي العام بالتحقيق مع معاون المدير. ولكن المعاون خاف من مغبة عمله فهرب إلى أفغانستان عن طريق إيران، أعيد الطلبة الى مدرستهم واستقبلوا من قبل زملائهم باحترام وتقدير وأصبحوا من الطلبة البارزين في المدرسة وتألفت في المدرسة لجنة منهم بالإضافة إلى مدير المدرسة وأحد أعضاء التدريسية للإشراف على إصدار مجلة مدرسية أسبوعية باسم "لمعة معارف". (68) 
   يعد بداية التطور النوعي في نشاط الطلبة بعد ان تأسس مدرسة الحقوق في بغداد عام 1908 حيث صارت المدرسة منطلقاً للحركات السياسية والقومية ضد الحكم العثماني، مما أرعب الوالي جمال باشا السفاح الذي تولى مهامه في 30 آب 1911 وأصدر بياناً يدعو فيه عن أسباب إغلاق المدرسة بحجة واهية مفادها أن مدرسة الحقوق لا تليق ببغداد ولعدم وجود اناس متعلمين أكفاء للدخول فيها، (69) وعلى أثر صدور البيان، فقد عمت في بغداد سلسلة من الاحتجاجات على القرار المجحف بحق الطلبة. حيث وقفت جريدة ما بين النهرين موقفاً تضامنياً مع الطلبة.
 ولم تكتف بنشر بيان الوالي بصدد إلغائه لمدرسة الحقوق، بل هاجمته ايضاً بعنف. وكان لهذه الاحتجاجات صدى واسع أدى إلى فشل محاولات الوالي إغلاقها، وأعيد فتحها بعد إصدار الأوامر له من اسطنبول. (70)
 


غير متصل سهيل الزهاوي

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 33
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
 
 
الحركة الاضرابية في مدينة الموصل

   سادت مدينة الموصل بكامل أشكالها من الاقتصاد الإقطاعي، واتصفت العلاقات الاجتماعية والاقتصادية في هذه المنطقة بحرمان الفلاحين من الأرض وتركيزها بأيدي الإقطاعيين. وتميز بضمور كامل في العلاقات الأبوية البطرياركية. (71)
  وكان الموصل نموذج حادا للظلم في تسجيل الطابو وتميز الإقطاع بكونهم يستمدون سيطرتهم من قوة الحكومة. فإن حائزي الأرض في الموصل لم يكونوا في وضع يسمح لهم بممارسة أي معارضة للسلطة الحاكمة. (72)
  وكانت البرجوازية التجارية في الموصل لهم مصلحة بالاحتفاظ بروابط سياسية مع تركيا، لكون الموصل منذ زمن بعيد مركزا ومحطة تجارية لتجارة الموصل مع تركيا وسوريا (73) وبقيت هذه الروابط رغم انخفاض التصدير بعد ربط العراق بالسوق الرأسمالية. (74) فضلا الى قوة النزعة الدينية التي كانت تشكل عقبة أمام تطور الحركة المعادية للحكم العثماني. (75)
  لهذه الأسباب وغيرها، لم يكن الوعي الوطني والقومي عميقاً وفعالاً قبيل الحرب العالمية الأولى.
   لعب الطبقة الوسطى ولا سيما المثقفين والطلاب في بث الوعي الوطني والقومي في صفوف الجماهير، كما اتسم الموصل بنسبة عالية من المثقفين والطلاب تضم بين سكانها بعد بغداد لكثرة ما كانت فيها من مدارس في العهد العثماني. (76)  وقد تشكلت في الموصل جمعية سرية من ممثلي التجار الصغار والضباط والمثقفين، اختفت بعد فترة قصيرة. (77)
  لقد ألف طلبة دار المعلمين في الموصل تجمع، كانت مهمته بث الروح الوطنية في صفوف الطلبة وينشد الأناشيد الحماسية التي تثير الروح القومية في كل مناسبة. (78) وبتأثير المنتدى الأدبي تألفت جمعية "العلم" السرية من ممثلي المثقفين والطلاب في عام 1914 قبل الحرب العالمية الأولى بقليل. (79) 
  لقد جابه الجماهير الطلابية سياسة التتريك التي انتهجها الاتحاديين وعبروا بالإضراب عن استيائهم لهذه السياسة الشوفينية.
  ومن اهم ما حدث في هذا المجال فقد طالب الجماهير الطلابية في دار المعلمين برفع مستوى المدرسة وحث المعلمين الأتراك على القيام بتدريسهم على أكمل الوجه والامتناع عن مضايقتهم، بعد أن عين الاتحاديون عددا من المعلمين المتعصبين للقومية التركية وابعدوا نظرائهم العاملين في الحركة الوطنية.
  على إثر إقدام الإدارة على طرد ثلاثة من الطلاب النشطاء، فقد عقد الطلبة اجتماعا في المدرسة العلمية وقرروا الإضراب عن المدرسة حتى يلغى قرار الطرد، وانتخبوا ثلاثة طلاب متفوقين في دروسهم للخدمة في المدرسة العلمية عوضا عن مدرسيهم (80) وعندما تفاقم الوضع اضطرت الإدارة إلى استدعاء الشرطة.
  وبعد مضي سبعة عشر يوماً أبرق الطلاب خلالها إلى مدير المعارف ومدير الداخلية ورئاسة الوزراء في الاستانة، برقيات تتضمن مطالبهم، وكما أرسلوا صور من تلك البرقيات إلى الصحف البارزة في اسطنبول.
  لقد استجاب المسؤولون في دار الخلافة العثمانية لمطالب الطلبة واوعز الى الوالي التحقيق في القضية وشكل لجنة رباعية من وجهاء المدينة.
  في الوقت الذي وصلت اللجنة إلى المدرسة، تجمعت الطلاب في فناء المدرسة وأخذت تهتف بشعارات وطنية حماسية تعبر عن روح التحدي والإصرار على النضال من أجل تحقيق مطالبهم، فاضطرت الإدارة الرجوع عن قرارها واعادة المفصولين إلى مقاعد الدراسة. (81)

الخلاصة
  لو دققنا في هذه النشاطات والتحركات الطلابية، فنجدها اتسمت بطابع العفوية وعدم الثبات في غالب الأحيان ولم تتحول الى حركة جماهيرية مطلبية واسعة تدك قلعة الدولة العثمانية.
 يرجع اسبابها الى نقص الخبرة وعدم النضوج السياسي وهي كانت سمة من سمات الحركة الوطنية عامة في تلك الحقبة التاريخية، فإن المعارضة في العراق اعتبرت نفسها جزء من المعارضة العامة في داخل الدولة العثمانية أكثر من كونها قوة خارجية في إطار دولة تواقة إلى الاستقلال.
  بل إن الطلبة امتشقت سلاح الإضراب في نضالها من أجل تصعيد روح التحدي والإصرار على مطالبيها. رغم أن بعض هذه الإضرابات صغيرة الحجم، إلا أنها أضفت قوة اجتماعية جديدة وقوداً في الحركة الوطنية العراقية المعادية لحكم الغاصبين العثمانية.
  إن هذه المظاهرات والإضرابات الطلابية، قد خبرت الحركة الوطنية بأهمية العمل الجماهيري في تحقيق مطالبيهم وتدل في نفس الوقت مدى الوعي الذي وصل اليه الطلبة.       

   
 .....................
(1)   -  لوتسكي، تاريخ الأقطار العربية الحديث، دار التقدم، موسكو، 1971، ص. 390 - 391
(2)   -  سعاد خيري، تاريخ الحركة العربية المعاصرة في العراق الجزء الاول 1920 - 1958، ص. 17
(3)   - محمود أمين العالم، الوعي والوعي الزائف، دار الثقافة الجديدة القاهرة ص. 34
(4)   - د. محمد أنيس، محاضرات عن تاريخ الشرق الأوسط، الجزء الأول، ص. 25 عن مجلة دراسات عربية، العدد 2، السنة الخامسة عشر كانون الأول 1978، ص. 18
(5)   - د. وميض جمال عمر نظمي، ثورة 1920 ((الجذور الفكرية والاجتماعية للحركة القومية العربية والاستقلالية في العراق))، الطبعة الثانية، بغداد 1985، ص. 65
(6)   - د. عبدالاله احمد، نشأة القصة وتطورها في العراق 1908 - 1930، طباعة ونشر دار الشؤون الثقافية "آفاق عربية" الطبعة الثانية بغداد 1986، ص. 4
(7)   - د. عبد العزيز الدوري «التكوين التاريخي للأمة العربية "، ص. 232- 233 عن حسين جميل، العراق شهادة سياسية 1908 1940، دار السلام، لندن 1987، ص. 8 - 9
    (8) - رفعت السعيد، الأساس الاجتماعي للثورة العرابية، مكتبة مدبولي، ص. 100
    (9) -محمود العبطة، رجل الشارع في بغداد، 1972، ص. 201
  (10- الثقافة الجديدة، العدد 76، تشرين الأول 1975، ص.124
 (11) - لوتسكي، نفس المصدر السابق، ص. 369
(12) - البرافدا، 7 مايس، عن الثقافة الجديدة العدد 15 تموز 1970، ص. 67
(13) - لوتسكي، نفس المصدر السابق، ص. 395
(14) - الدكتور كمال مظهر أحمد، دور الشعب الكردي في ثورة العشرين العراقية، مطبعة الحوادث، بغداد 1978، ص. 56
(15) - روفائيل بطي، صحافة العراق، الجزء الاول، بغداد، 1985، ص. 47
(16) - الرقيب، العدد 9 بتاريخ 7 سفر 1327، السنة الأولى، عن عمر فياض، جذور الفكر الاشتراكي في العراق 1920 - 1934، دار ابن الرشد للطباعة والنشر، الطبعة الأولى 1980.
(17) - وميض جمال عمر نظمي، نفس المصدر السابق، ص. 74
(18) - لوتسكي، نفس المصدر السابق، ص. 402
(19) - المقتطف، المجلد الرابع والثلاثون، يناير 1909، ص. 95، عن آفاق عربية، العدد الثالث، السنة الرابعة عشر، آذار 1989، ص. 61
(20) - لوتسكي، نفس المصدر السابق، ص. 401
(21) - وميض جمال عمر نظمي، نفس المصدر السابق، ص. 68
(22) - وميض جمال عمر نظمي، نفس المصدر السابق، ص. 70
(23) - د. عبدالاله احمد، نفس المصدر السابق، ص. 17
(24) - حسن الاسدي، ثورة النجف، بغداد دار الحرية للطباعة، 1975، ص, 11-12
(25) - د. علي الوردي، لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث الجزء الثالث، بغداد 1972، ص. 8 - 9
(26) - حسن الاسدي، نفس المصدر السابق، ص. 78 - 79
(27) - وميض جمال عمر نظمي، نفس المصدر السابق، ص. 68
(28) - آفاق عربية، العدد الثالث آذار 1989، السنة الرابعة عشر، ص. 61
(29) - حسن الاسدي، نفس المصدر السابق، ص. 10
(30) - وميض جمال عمر نظمي، نفس المصدر السابق، ص. 100
(31) - افجيني بريماكوف، الشرق بعد انهيار النظام الاستعماري، دار التقدم، موسكو 1985، ص. 68 
(32) - جورج انطونيوس، يقظة العرب، ترجمة ناصر الأسد واحسان عباس، بيروت 1982، ص. 177 عن مجلة آفاق عربية العدد 3 آذار 1989، ص. 61
(33) - لوتسكي، نفس المصدر السابق، ص.399
(34) - الدكتور كمال مظهر، ترجمة محمد ملا عبد الكريم، كردستان في سنوات الحرب العالمية الأولى، الطبعة الثانية، بغداد 1985، ص. 95
(35) - لينين، المادة القابلة للاحتراق في السياسة العالمية، مجموعة من المؤلفات      الكاملة الروسية، المجلد 17، ص. 377، عن لوتسكي نفس المصدر السابق، ص. 397
(36) - افجيني بريماكوف، نفس المصدر السابق، ص. 56
(37) - لوتسكي، نفس المصدر السابق، ص. 402
(38) - سليمان فيضي، في غمرة النضال، شركة التجارة والطباعة المحدودة، بغداد 1952 ص. 58
(39) - لوتسكي، نفس المصدر السابق، ص. 403
(40) - ابراهيم خليل، الحركة العربية في الموصل قبيل الحرب العالمية الأولى، ص. 84 - 85 عن مجلة آفاق عربية العدد 3 تشرين الأول 1979، ص. 54 - 55
        (41) - على البازركان، الوقائع الخفية في الثورة العراقية، مطبعة السعد، بغداد
        1954، ص. 12 
          (42) - عبد الرزاق الحسني، تاريخ الاحزاب العراقية، الطبعة الثانية بيروت 1983،
      ص. 19
          (43) - سليمان فيضي، نفس المصدر السابق، ص. 85
         (44) - تألفت الجمعية في سنة 1911 في فرنسا، لم يكن من بين مؤسسيها أعضاء
         من العراقيين وقد انتمى إليها في الفترة ما بعد الحرب العالمية بقليل.
         احلام جميل، الأفكار السياسية للأحزاب العراقية في عهد الانتداب 1922 - 1932،
       منشورات مكتبة المثنى، مطبعة الزمان، بغداد 1985، ص. 5     
        (45) - نجدت فتحي صفوت، العراق في مذكرات الدبلوماسيين الأجانب، منشورات
          دار التربية والتحرير، بغداد، الطبعة الثانية 1984 مطبعة منير ص. 76- 7 - 78
        (46) - د. علي الوردي، نفس المصدر السابق، ص. 161
        (47) - وميض جمال عمر نظمي، نفس المصدر السابق، ص. 98 - 99 
        (48) - عبد الرزاق الحسني، الثورة العراقية الكبرى، الطبعة السادسة، مطبعة
         العرفان، صيدا لبنان 1972، ص.27
       (49) - سليمان فيضي، نفس المصدر السابق، ص. 71
       (50) - عبد الرزاق عبد الدراجي، جعفر ابو التمن ودوره في الحركة الوطنية في 
       العراق 1908-1945، دار الحرية للطباعة، الطبعة الثانية، بغداد 1980 ص. 32
     (51) - سليمان فيضي، نفس المصدر السابق، ص. 152 - 160 - 162
     (52) - روفائيل بطي، نفس المصدر السابق، ص. 51
    (53) - آفاق عربية، العدد 3 آذار 1989، ص. 62
    (54) - سليمان فيضي، نفس المصدر السابق، ص. 67 - 68
   (55) - عبد الرزاق عبد الدراجي، نفس المصدر السابق، ص. 35
   (56) - سليمان فيضي، نفس المصدر السابق، ص. 76
   (57) - آفاق عربية، العدد 3 تشرين الثاني 1979، ص. 54 وحسن الاسدي، ثورة
    النجف ص. 78 - 79
   (58) - د. علي الوردي، نفس المصدر السابق، ص. 7-8                
   (59) - وميض جمال عمر نظمي، نفس المصدر السابق، ص. 98 - 99
   (60) - عبد العزيز الدوري، التكوين التاريخي للأمة العربية، دراسة في الهوية والوعي 1984 ص. 236 عن مجلة آفاق عربية العدد الثالث آذار 189 ص. 62
  (61) - وميض جمال عمر نظمي، نفس المصدر السابق، ص. 99
  (62) - سليمان فيضي، نفس المصدر السابق، ص. 86
  (63) - لوتسكي، نفس المصدر السابق، ص. 398
  (64) - نصير الجادرجي، من أوراق كامل الجادرجي، بيروت، دار الطليعة للطباعة والنشر 1971، ص. 41
 (65) - هبة الدين الشهرستاني، مجلة العلم النجفية، العدد الأول، سنة 1910
 (66) - محمد صادق الحسيني، عمران في بغداد، ص. 213 عن مجلة آفاق عربية العدد 3 تشرين الثاني 1979
 (67) - حسن الاسدي، نفس المصدر السابق، ص. 78 - 79
 (68) - ناجي شوكت، سيرة وذكريات ثمانيناً عاماَ 1894 - 1974، الطبعة الثالثة، مطبعة دار الكتب، بيروت 1977، ص. 20 - 21
 كان الوفد الطلابي مكون من " ناجي شوكت، بهجت زينل، فاضل محمود، مصطفى عاصم، عبد العزيز الخياط، ومزاحم الباجه جي".
(69) - عبد الرزاق الهلالي، معجم العراق، الجزء الأول، مطبعة النجاح بغداد 1953، ص. 235
(70) - روفائيل بطي، نفس المصدر السابق، ص.48 - 49
(71) - ل.ن. كوتلوف، ثورة العشرين التحررية في العراق، ترجمة الدكتور عبد الواحد كرم، مطبعة اوفيست الديواني، بغداد 1985، ص. 63، 65،67
(72) - وميض جمال عمر نظمي، نفس المصدر السابق، ص. 97، 98
(73) - د. محمد سلمان حسن، التطور الاقتصادي في العراق، الجزء الأول، الناشر المكتبة العصرية، صيدا، بيروت، ص. 89
(74) - د. محمد سلمان حسن، نفس المصدر السابق، ص. 131
(75) - سليمان فيضي، نفس المصدر السابق، ص. 121
(76) - د. علي الوردي، لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث الجزء الخامس، مطبعة المعارف، بغداد 1977، ص. 53
(77) - وميض جمال عمر نظمي، نفس المصدر السابق، ص. 98
(78) - عبد المنعم الفلاحي، أسرار الكفاح الوطني في الموصل، الجزء الاول، مطبعة شفيق 1958، ص. 33
(79) - عبد المنعم الفلاحي، صفحات مطوية من تاريخ الحركة القومية، صدى بابل الموصل العدد 158 9 أيار 1952، وميض جمال عمر نظمي، نفس المصدر السابق، ص. 98
(80) - عبد المنعم الفلاحي، نفس المصدر السابق، ص. 116 - 117
(81) - ابراهيم خليل، ولاية الموصل دراسة في تطوراتها السياسية " 1908 - 1922" بحث من مجلة الخليج العربي التابع لجامعة البصرة ص. 140 عن آفاق عربية العدد 3، تشرين الثاني 1979، ص. 54