المحرر موضوع: من أجل قضية فاعلة ترتقي لمستوى التحديات.. شعبنا بين نار الوطن وتيه المهجر - الهوية *  (زيارة 775 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل جورج هسدو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 83
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
من أجل قضية فاعلة ترتقي لمستوى التحديات
شعبنا بين نار الوطن وتيه المهجر - الهوية *

جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com

لا يوجد في العالم كله شعبٌ يعاني من أزمة هوية مثلما يعاني منها شعبنا، ولا يوجد في العالم كله شعب يتشبث بماضيه وتاريخه مثلما يفعل شعبنا، وربما لا يوجد في العالم كله شعب يقدم (ثانوياته على أولوياته) ويهتم بالمختلف أكثر من المتفق عليه مثلما نفعل نحن!!.. لا يوجد إنسان عاقل في العالم يقلل من أهمية الأسم أو العنوان ولا فرق إن كان ذلك يخص شخص أو مؤسسة أو الأهم أمة، كما لا يوجد شخص سوي ينفي ضرورة التعلق بالأصل والعرق وعدم إهمال الماضي بما يتضمنه من المفاخر والرذائل.. لكن ما يجري بين صفوف شعبنا هو تقديم الخاص على العام وتفضيل الجزء على الكل والتعلق بالمحدود وترك الشامل، وبالتالي خسارة "الخاص والعام والجزء والكل والمحدود والشامل"، وهو ما يمكننا ملاحظته في أداء قياداتنا السياسية وتركيبة مرجعياتنا الكنسية والأهم في مستوى إدراكنا الجمعي.. ومهما حاول بعضنا أن يدفع بتفكيره الفردي نحو التغيير أو على الأقل (تقبل) المتغيرات وعدم التطرف لا بالتزامه المعنوي ولا بانتمائه المادي، فأنه يصطدم برفض البعض الآخر وتعنته المدفوع بخلفياته المحدودة المتغذية على (هوياته الصغيرة).. وهكذا فبعد كل إنتكاسة لتحديث نمطية تفكيرنا الشعبي وبعد كل فشل لرأب التصدعات الاجتماعية الرامية لتوحيد الرؤى، فأننا نعود لنفس مربع الفشل الذي حشرنا أنفسنا فيه إذا لم يكن أسوأ، لتبدأ بعدها حملات التبرير للنفس وتخوين الآخر!!.
فاليوم شعبنا يعاني من الخلاف على هويته القومية وعقيدته السياسية مثلما يعاني من الاختلاف على تسمياته الكنسية وولاءه الطائفي، ومن حيث لا يدري فأنه يعاني من فقدانه (لذاته التاريخية) والاعتراف بوجوده الأثني كشعب قائم بذاته ينتمي لأرومة واحدة.. ولا يختلف الأمر بين السياسي والمدني أو المتعلم والأمي أو المثقف والجاهل ولا حتى بين الحظري والقروي، فالحالة تكاد تكون واحدة ما خلا من بعض الإستثناءات الطفيفة هنا أو هناك، وهو ما يعمم (فوضى) الإنتماء والولاء عند أغلب أبناء شعبنا.. والمسيء في الأمر أن يتم تغذية هذه الخلافات وتلك الاختلافات من قبل السياسيين (المصلحيين) ورجال الدين (الإنتهازيين) والمثقفين (الوصوليين) لاستغلال التوجه الشعبي (المريض) لتحقيق مكاسب شخصية على حساب المصلحة العامة.. حيث يمكن للمتابع للشأن القومي أن يلاحظ بسهولة مدى تدهور حالة الوفاق بين أحزابنا القومية والتي وصلت لحد القطيعة بين بعضها، وإستقواء بعضها الآخر بالغريب على بني جلدتهم لجني مكاسب آنية لم تعد تشبع حتى جشعهم الفردي!!.. كما يمكن للمهتم بالشؤون الدينية ملاحظة مدى الاختلاف الحاصل بين المرجعيات الكنسية والذي ينعكس على (الرعيات) إلى الحد الذي بتنا نراهم فيه يتراشقون بين بعضهم في الاعلام ومن على منصات التواصل الاجتماعي وأحياناً حتى في المناسبات العامة، مختلفين على كل شيء إلا المبادئ الإيمانية والفلسفة اللاهوتية، تلك المبادئ التي لم تعد تهم الإكليروس (تحديداً الرتب العليا) والتي إستبدلت بالمقاولات والإستثمارات!!.
فمن يعتقد بأن واجبه في الدفاع عن هويته الأثنية (الأسم القومي) يكون عن طريق إلغاء الرأي الآخر أو تسخيفه أو تجريد الآخر من حقه في التعبير عن قناعاته وهو بذلك يهزم الآخرين ويدفعهم لتقبل رأيه وإحترام قناعته والالتزام بمفهومه لوحدة الأمة، فهو واهم وفاشل ومخرب أيضاً.. وهو بالضبط ما يفعله (الأشوري) الرافض لأي أسم تاريخي آخر لشعبنا كعنوان قومي شامل، وهو بالضبط ما يفعله (الكلداني) المناهض لوحدة شعبنا القومية ويروج لتقسيم الأمة إلى طوائف، وهو بالضبط ما يفعله (السرياني) المتعصب الذي يعمل على تخوين من يتبنى باقي التسميات.. ولمن يعتقد بأن واجبه في الدفاع عن مذهبه الكنسي (طائفته الدينية) يكون من خلال هرطقة الآخر أو التشكيك بإيمانه أو إهانه شعائره فهو واهم وفاشل ومخرب أيضاً، وهو بالضبط ما يفعله المتطرفون من أتباع كنيسة المشرق بتقسيماتها (الأشورية والكلدانية والسريانية).. لابل أن أسوأهم هو من يعتقد أن هوية الأمة وتسمية الشعب يجب أن تتوافق مع عنوان كنيسته، وعلى أتباع باقي الكنائس الإلتزام بمفهومه (الأعوج) عن الهوية القومية وشعار القضية السياسية التي يقزمها بإصراره على ربط الإنتماء القومي بتاريخ تبني شعبنا للديانة المسيحية، لابل بتاريخ انشقاق كنيسته عن الأم الجامعة!!.
وبسبب التشظي الحاصل في التوافق على تسمية جامعة لشعبنا أو عنوان شامل لقضيتنا القومية إن بسبب الجهل بالتاريخ أو التعصب للمذهب أو بسبب النظرة الفوقية والتعجرف السياسي، ولا ننسى تأثير الظروف الخارجية المحيطة بشعبنا.. بسبب كل ذلك لا مفر من ترك المسألة وعدم الاصرار على وجوب الإتفاق على هوية جامعة للمستقبل القريب مع عدم إهمال الاشكالية بالكامل، شرط أن يكون التركيز على عوامل التوحيد ونبذ كل ما من شأنه تأجيج النزاع بين متبني التسميات المختلفة، وإلا فما علينا سوى الاستمرار بصراع الديكة على أسمائنا الفرعية حتى نقضي على هويتنا القومية!!.

* (2-12)سلسلة مقالات تتناول جوانب رئيسية في العمل القومي والأداء السياسي (الكلداني-السرياني-الأشوري).

للإطلاع على المقالة (12-1) أنقر على الرابط التالي:
https://ankawa.com/forum/index.php/topic,1034995.0.html