المحرر موضوع: نعم نحن شركاء المصير  (زيارة 422 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صلاح بدرالدين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 945
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
نعم نحن شركاء المصير
« في: 18:43 27/06/2022 »
نعم نحن شركاء المصير
                                                             
صلاح بدرالدين

   الغالبية الساحقة من دول العالم ليست مقتصرة على قوم واحد ، ولون واحد ، وثقافة واحدة ، بل تضم قوميات وشعوبا قدر لها برضاها او خلافه ان تعيش معا في اطر وطنية ، وماعليها الا التعايش السلمي ، وقبول الاخر في ظل دساتير ، وقوانين ، تضمن حقوق الجميع ، وتحدد واجباتهم أيضا ، والكرد وفي ظل تقسيم وطنهم التاريخي من الشعوب التي تتوزع على عدة دول ، وتعيش مع ثقافات ، وحضارات مختلفة .
   ليس هناك من الاحياء في كل سوريا من العرب ، والكرد ، والمكونات الأخرى القومية ، والدينية ، والمذهبية ، من هو مسؤول عن رسم حدود الدولة السورية الراهنة ، او حارب من اجل فصل سوريا عن الإمبراطورية العثمانية ، أو وقع على اتفاقية سايكس – بيكو ، او وافق على ضم لواء الاسكندرون لتركيا ، او شارك في تقسيم كردستان التاريخية ،وتوزيعها على دول اربع بينها الدولة السورية  ، او شارك في صياغة اول دستور يستبعد ذكر ، وحقوق جميع المكونات الأخرى ماعدا المكون العربي الرئيسي أو أو .
  وليس هناك من الاحياء الكرد من جيلنا ، ومن الجيل الذي من بعدنا ، اندمج طوعا في المجتمع الجديد مابعد الانسلاخ عن الجسم الكردستاني الاوسع ، فقد ولدنا ككرد سوريين على خطى الإباء ، وجيل الرواد الأوائل ، الذين ارتضوا بالواقع الجديد الذي فرض على الجميع ، ثم انبثقت الحركة السياسية الكردية مابعد – خويبون – كتعبير عن خصوصية الكرد السوريين ، وتجسيد الهوية الجديدة ، وتعريفها ، ومحاولة نيل استحقاقاتها ، منطلقة من مبدأ العيش المشترك مع العرب السوريين ، والمكونات الأخرى ، تحت سقف الموطن الجديد .
  ماسبق ذكره ، والتاكيد عليه بمثابة توضيح لاصحاب توجهات خاطئة ، يخلطون بين تيارات شوفينية بالقومية السائدة ، وبين العرب السوريين كشعب ، ويحاولون مساءلة الحركة الكردية في بدايات ظهورها ، وتجريمها لانها نادت في أدبياتها السياسية بالاخوة ، والصداقة والعيش المشترك بسلام بين الكرد والعرب ، ويزعمون ان المواقف تلك لم تجلب سوى الالام ، والظلم ، والمعاناة للكرد ، ولكن ماذا لو رفض الكرد السورييون حينذاك قرارات الإرادة الدولية ، والحلفاء المنتصرين ، وحملوا العصي والسكاكين لمحاربة أقوى جيوش العالم ، فماذا كان سيحل بهم ؟ اغلب الظن لم نكن لنجد اليوم وجودا قوميا كرديا ، ومثل هذه النتائج الكارثية حصلت لقوميات عديدة في منطقتنا ، وفي العالم .
  يتناسى هؤلاء حقائق ، ووقائع التاريخ ، الذي أسسه ووضع نتائجه الأقوياء ، فقد وجد الكرد في الأجزاء الأربعة انفسهم بقدرة الإرادة الدولية التي لم يعلى عليها شيئا ضمن اطر دول قومية ( تركية – فارسية – عربية ) وهم كانوا الضلع الأضعف لاسباب ذاتية وموضوعية معروفة  ، باشد الحاجة لقبولهم مواطنين مع الاحتفاظ بخصوصيتهم القومية ان امكن ، ومن الطبيعي جدا ان يبدي الكرد في كل مكان عن حسن نواياهم ، بعد الإخفاقات التي منيت بها انتفاضاتهم ، وثوراتهم ،  ورغبتهم بالعيش بسلام ، وامان ، متآخين ، ولذلك ناضلت حركاتهم السياسية بغالبيتها من نفس تلك المنطلقات ، وبالوسائل السياسية السلمية ، وبعضها بالمقاومة المسلحة والدفاع عن النفس ، حتى يثبت وجوده التاريخي عبر الحوار ، والاقناع ، ومن ثم يطالب بالحقوق ، في مجرى النضال الوطني الديموقراطي العام .
  لقد حيكت العشرات من المؤامرات ، ووضعت مثلها من المخططات ، من جانب الأوساط الشوفينية الحاكمة ، وأجهزتها القمعية العنصرية من اجل توريط الحركة الكردية ، ومناضليها في قضايا يمكن ان تصبح ذريعة لاستخدام العنف الى درجات الإبادة ، وقد علمنا في الستينات انه في احدى اجتماعات القيادة البعثية بدمشق اقترح احد العسكريين المغامرين خيار إبادة الكرد في منطقة الجزيرة ، ونفذ البعث السوري بعضا من توجهاته العنصرية عندما هبوا لنجدة رفاقهم – بعث العراق – وارسلوا جيشهمم لمحاربة الثورة في كردستان العراق ، كما ان جميع الاحكام الصادرة بحق المناضلين الكرد في المحاكم العسكرية ، ومحكمة امن الدولة العليا ، كانت تتتضمن اتهامات " باقتطاع جزء من سوريا " ، " تشكيل خطر على الامن القومي " ، وهي كلها تدور في خانة العداء المبيت للانقضاض .
  من الممكن والجائز ان يخطئ رواد الحركة السياسية الكردية الأوائل في العديد من المسائل ، ولكنهم اصابوا في مسألة التقارب مع العرب السوريين ، والتحاور من منطلق المصير المشترك في الوطن الواحد ، ولم يقبلوا يوما ان يندمج شعبهم على حساب تاريخهم ، وثقافتهم ، وخصوصيتهم القومية ، والى جانب ذلك تمسك القسم الأكبر بخيار حل القضية الكردية في اطار حق تقرير المصير ضممن سوريا ديموقراطية موحدة ( الاتحاد الشعبي الكردي ) مثالا .
  من حسن الحظ لايشكل هؤلاء الناقمون ، العدمييون ، الانعزالييون ، قطاعا ، او تيارا سياسيا حتى ، بل مجرد أفراد خارج الوطن ، تنقصهم الحجة ، والفكر التنويري السليم ، وبالرغم من ذلك من الواجب تفنيد مزاعمهم ، فاذا كان هؤلاء واثقون من اطروحاتهم المشككة بحقيقة التعايش السلمي الكردي العربي ، والرافضة لدعوات التاخي ، والصداقة ، والمتجاهلة للانتماء الوطني للكرد السوريين ، فماذا ينتظرون ؟ فليعلنوا عن ماهو في مخيلتهم ، وليصارحونا علنا انهم بصدد اعلان دولة مستقلة ، وليحددوا جغرافيتها ، ويحافظوا على حدودها ويعلمونا عن نوعية الأسلحة التي بحوذتهم تضاهي أسلحة الدول ،  وليحددوا شروط المواطنة في ظل دولتهم ، نحن نعلم ، وهم يعلمون ان مايدعونه مجرد كلام ، ولكن الخشية ان تحسب مغالطاتهم على الكرد ، وسببا في تجييش جماعات شوفينية بالسلطة وخارجها ، وذريعة لتنفيذ مخططات عدوانية تجاه شعبنا  .
  نحن الكرد السورييون  كشعب له خصوصيته القومية ، والثقافية ، شركاء كل السوريين في وطننا من العرب ، والتركمان ، والمسلمين ، والمسيحيين ، وسائر الطوائف ، والمذاهب ، سنناضل كما في العقود الماضية جنبا الى جنب من اجل تحقيق اهدافنا المشتركة ، في إزالة الاستبداد ، وتحقيق التغيير الديموقراطي ، وإرساء النظام السياسي العادل ، وحل القضية الكردية حسب إرادة الكرد ، وبالتوافق الوطني ، والعيش معا بسلام وامان في سوريا جديدة تعددية ، تشاركية .
  اما الذين لهم مواقف أخرى ، او اجندة خاصة ، من الكرد ، فليطرحوا مافي جعبتهم للرأي العام ، ولا يكتفوا فقط بالاعتراض من اجل الاعتراض فقط ، او المزايدة الرخيصة على الوطنيين الشرفاء ، وممارسة الغوغاء ، ونشر اقوال ومصطلحات – شعبوية – جوفاء من دون أي مضمون فكري ثقافي ، ثم عليهم ان لايخلطوا الأوراق ، وان يتحلوا بالشجاعة ولو لمرة واحدة ، ويميزوا بين نهج الحركة الكردية الاصيلة ، والوطنيين الشرفاء في مسألة الانتماء الوطني ، والتوازن بينه وبين الانتماء القومي ، وبين أدعياء ( الامة الديموقراطية ) ، و ( اخوة الشعوب ) على حساب الانتماء القومي ، واستخدام الشعارات لالهاء ، وتضليل الرأي العام .