المحرر موضوع: الابداع والاخلاق  (زيارة 368 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل خالد عيسى

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 336
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الابداع والاخلاق
« في: 17:13 28/06/2022 »
الابداع والاخلاق

الدكتور
 خالد اندريا عيسى

 
القضية هنا ليست جديدة ولكنها كانت دائما مثار خلاف ولم يحسمها أحد.
.إن البعض يرى أن الإبداع عمل أخلاقى تحكمه ضوابط سلوكية وثوابت أخلاقية، بينما يرى البعض الآخر أن الإبداع شيء لا حدود له وأن الحرية المطلقة هى التى تضع الحدود والضوابط وأن من حق المبدع أن يكون حراً حتى لو بلغ حدود الشطط والتنافر.
.كانت هذه القضية مثار خلاف فى عصور متعددة وانقسم النقاد والمبدعون وحتى الجمهور حولها وإن بقى الخلاف بين جميع الأطراف دون حسم أو قرار.
ـــ هناك أكثر من سبب جعلنى أعود إلى هذه القضية أمام ظواهر جديدة فى حياتنا تتطلب وقفة نراجع فيها أنفسنا وثوابتنا وأخلاقياتنا.إن هذه الظواهر تتجسد فى هذا الواقع الأخلاقى والسلوكى الذى افرز أمراضا جديدة.
أولاً:
إن الخلاف كبير جدا بيننا وبين عالم مفتوح حسم قضايا الحريات بكل أشكالها منذ زمن بعيد وأصبحت له ثوابته التى لا تهتم كثيرا بالجانب الأخلاقى فى حياة البشر لأن رغباته تسبق كل شيء وعلى كل إنسان أن يختار أسلوب حياته
ثانياً:
إن البعض يرى أن قضية الأخلاق قضية نسبية وهى تختلف من وطن لآخر وكل وطن يختار أخلاقياته ومن شخص لاخر.
.فليست هناك صيغة أخلاقية تصلح للبشر جميعا وأن الإبداع انعكاس لظروف كل مجتمع وهذا الاختلاف يتفاوت ما بين حدود الانضباط وظواهر الفوضى ولا توجد أخلاق كونية، لأن العالم مختلف. 
وفى العصور الحديثة حاولت الشعوب أن تمارس أخلاقياتها كما تريد وإن تجاوز البعض فى فهم معنى الحرية حتى وصلت إلى حدود الفوضى .
ثالثا:
إن اخطر ما يواجه الإنسان الآن أن يحاول البعض فرض أخلاق وسلوكيات وأنواع من الفوضى لا تتناسب مع شعوب أخري..هناك محاولات لتشويه هويات وثوابت وجذور ممتدة فى أعماق الزمن والتاريخ وقد اتضحت أبعاد مؤامرة كبرى للقضاء على مكونات الجنس البشرى من حيث التنوع والاختلاف والخصوصية .
رابعا:
كان العبث فى مكونات الفكر والعقائد والإبداع والسلوك والأخلاق أهم الجوانب التى سعت قوى الشر والدمار إلى تشويهها.. 
وقد أخذت هذه المحاولات أكثر من طريق:
◙ الطريق الأول
محاولات نشر ظاهرة الكسل والابتعاد عن التواصل المعرفي فى المجتمعات العربية والاجنبيه بين الأجيال الجديدة.
.وتسللت برامج هذه الدعوات المريضة إلى تقديم نماذج رديئة تحت مسميات الإبداع والحداثة والتنوير والكسل.. ووجدنا على الساحة أفلاما تشجع ترك البحث العلمي وأخرى تدافع عن مواكب الكسالى وتقيم لهم المظاهرات والحفلات..ووجدنا كُتابا يروجون لهذا الفحش ونقادا يدافعون عنه ووجدنا حملات دولية للدفاع عن حقوق الكسل والنوم بالعسل وحقهم فى ممارسة طقوسهم الغريبه.. 
بل وصل الأمر إلى تكتلات وتجمعات تحت دعاوى الحريات وأصبحت ظاهرة الترهل والكسل عامه ومريحه جدا شبحا يطارد الأجيال العربية وللأسف هناك إجراءات كثيرة تشجع ذلك كتابة وحضوراً وفنونا وإبداعات مغرضة.. 
إن فى العالم العربى الآن جبهات كثيرة تتبنى هذه الدعوات الشاذة وللأسف فإن المناخ يشجع ذلك أحيانا ويمهد له الطريق.
◙ الظاهرة الثانية
التى يحاول البعض نشرها بين شبابنا الآن هى ظاهرة انتقاد الأديان والهجوم الضارى على مقدسات الشعوب أديانا وكتبا وأخلاقا وسلوكا.
.وكذلك نشر الافكار السوداء والتمرد عن قوانين الوله والكسل دارت المؤامرة وشاركت فيها جبهات كثيرة بدأت بالطعن فى عقائد الآخرين والتشكيك فى مقدساتهم واختراق عقول أجيالهم بمظاهر الانحلال والفوضي.
ثم كانت دعوات الانحراف ونشر سلوكيات غريبة على مجتمعات لها عقائدها وثوابتها الأخلاقية.
ـــ اعترف بأن المؤامرة حققت الكثير من أهدافها.. لقد أصبح الحديث عن جمود البحث العالمي امرأ عاديا فى بعض الطوائف الاجتماعية..
وأصبحت هناك مطالب بحق الكسل و الكسالى فى ممارسة حياتهم وشاهدنا مظاهرات فى دول عربية وغير عربيه تطالب بحقوقهم..
وعلى جانب آخر وجدنا دعوات فجة على مواقع التواصل الاجتماعى تدعو الى ترك العمل المفيد والصحي وتشكك فى الأديان وتهاجم رموزها..
وظهرت أفلام وكتابات تروج لكل ما يرفض الأخلاق تحت دعاوى حرية الإبداع.. 
والأسوأ من ذلك أن تجد من يشجع ذلك كله ويطالب بالفصل بين ثلاثية الإبداع والحرية والأخلاق.
ـــ إن قضية الأخلاق لا يمكن أن تنفصل عن قضايا الإبداع كتابة وفنا وسلوكا وإن الذين يروجون للقبح هم دعاة الفوضى والرذيلة..
إن التزام الإبداع بالأخلاق ليس دعوة للانغلاق ولكن الإبداع الحقيقى يرفض الفوضى ويدعو لإنسان أفضل وحياة أكثر إنسانية..
أن تكون هناك دعوات لتشويه العقائد فهذه دعوات مريضة لا يمكن لمجتمع يحافظ على ثوابته أن يفتح أبوابه للفوضى وامتهان كرامة البشر..
إن كل مجتمع يتحمل مسئولية حماية الناس من مثل هذه الدعوات وأن يرفضها ويحاربها لأنها ضد طبيعة الأشياء والبشر..
وعلى دكاكين الفوضى أن تدرك أننا نعيش فى مجتمعات تقدر الأديان والعلوم وتحترم الحريات وترفض الفوضى واختلال القيم..
 ومن هنا يجب أن نتصدى لمثل هذه الأفكار الشاذة والسلوكيات المريضة.
ـــ إن الدعوة للفصل بين الأخلاق والإبداع دعوة مغرضة وأن واجب الشعوب أن تحمى مقدساتها وتصون ثوابتها ولا تترك أوطانها تقع فريسة نماذج سلوكية تتخفى فى الحضارة.. وهى دعوات لتشويه الجنس البشرى حتى تسود الفوضى وتسقط منظومة الأخلاق.. هناك جبهات كثيرة تشجع موجات الانحلال وتروج لها ويجب أن تكون الشعوب على وعى بأنها تخضع لعمليات دمار شامل فى أخلاقياتها وعقائدها وثوابتها.. 
وأن هناك عمليات اختراق مدروسة ومبرمجة لتغيير هوية هذه الشعوب..نحن أمام مؤامرة كبرى تتجه الآن لتغيير هوية أجيالنا الجديدة وأخشى أن تجد لها استجابة مع الإلحاح والإبهار والاصرار.
ـــ إن الإنسانية لا يمكن أن تخضع لعملية استنساخ تلغى طباع الشعوب ومكوناتهم..
إن العبث فى مكونات الجنس البشرى قد فشلت جميعها وإن الإنسان لابد أن يحافظ على صورة خلقه الله عليها، لأن عمليات التجميل ربما نجحت فى ترميم الملامح ولكنها فشلت فى استنساخ إنسان تخلى عن كل أسرار الخالق فيه.. 
تبدو القضية شائكة ولكن محاولات تشويه البشر دينا وسلوكا وأخلاقا تحت أى دعاوى جريمة لا يقرها عرف ولا قانون.
ـــ هناك هجمة شرسة من أفلام وقصص الشذوذ كتبت للأطفال وللأسف فإنها تجد من يروج لها فى بعض الدول العربية وهى تطرح بدائل شاذة لعلاقات مشبوهة أمام أطفالها وتمارس معهم عمليات غسيل مخ بهدف إقناعهم بهذه المفاهيم والسلوكيات وهم يراهنون على أن الوقت كفيل بتنفيذ برامجهم.
ـــ تبقى كلمة أخيرة: إن ما تتعرض له أجيالنا الجديدة من محاولات المسخ والتشويه والاستنساخ يتطلب وعيا جماعيا يحمى مستقبل أوطاننا ويصون ثوابتنا..
وعلى المغامرين أن يدركوا أن لكل شعب أرضه التى عاش عليها وأخلاقه التى نشأ عليها وعقائده التى آمن بها..وأن استنساخ نوع بشرى واحد قضية مستحيلة