المحرر موضوع: "جدائل مزركشة" في ضيافة الأمسية الشعرية للمجلس الثقافي العربي  (زيارة 797 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صباح قيا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1901
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

"جدائل مزركشة" في ضيافة الأمسية الشعرية للمجلس الثقافي العربي
د. صباح قيّا
فاجأني المجلس الثقافي العربي الذي مقره مدينة وندزر الكندية بتوجيهه دعوة شخصية لي للمشاركة كضيف شرف في تقديم البعض من أشعاري ضمن الأمسية الشعرية التي نظمها المجلس مساء الرابع من تموز 2022 في أحد المطاعم الشرق أوسطية بمناسبة العيد الوطني الكندي.
أرسلت أربع قصائد من كتابي الأخير "جدائل مزركشة" الذي صدر حديثاً ورباعية شعرية واحدة من كتابي "ومضات الألم الحاضر" الذي صدر عام 2019, تاركا لهم الأمر باختيار ما يرتأيه المجلس حسب ما يسمح به الوقت والمضمون. كما طلب المجلس إرسال نبذة تعريفية مختصرة لتقديمي للحضور في حينه.
تأسس المجلس الثقافي العربي, حسب ما علمت,  يوم 13 آب 2021. يقدم المجلس هويته كمؤسسة غير ربحية لا سياسية ولا دينية ولا عنصرية, مدنية إجتماعية تعزز التناغم الإجتماعي والسلام وقبول الآخر من خلال برامج ثقافية وإجتماعية وفنية. يضم المجلس الأفراد الناطقين بالعربية ألمقيمين في كندا والعالم على اختلاف انتماءاتهم ومعتقداتهم. كما أن المجلس مُرخّص من قبل حكومة أونتاريو- كندا ويخضع لقوانين وتعليمات المؤسسات غير الربحية.
تم إعلامي باختيار ثلاث قصائد من كتابي "جدائل مزركشة" ضمن منهاج ألأمسية الشعرية.
إمتلأت صالة المطعم بالحضور الذي تجاوز الأربعين شخصاً من الجنسين ومن إنتماءات وأقطار عربية متعددة.
قام الدكتور(ألإقتصاد) زياد الغزالي من سوريا بمهام عريف الحفل حيث أعلن عن إفتتاح الأمسية بتلاوة النشيد الوطني الكندي, واستمر في تقديم المساهمين تباعاً حسب المنهج المقرر.
ألقى الدكتور (ألكيمياء العضوية) علاء الدوري من العراق كلمة المجلس.
إبتدأ بعدها الدكتور (أللغة العربية) مديح الصادق من الإخوة العراقيين الصابئة بإلقاء أبياته الشعرية الرقيقة على أنغام آلة الكمان بقيادة المايسترو الدكتور ( ألموسيقى) زيد هشام من العراق.
تبع ذلك قصيدة لأستاذ اللغة العربية محمد الفاعوري من سوريا.
جاء دوري لتقديم القصائد المختارة من كتابي "جدائل مزركشة". شكرت المجلس على دعوته بعد أن أنهى عريف الحفل تقديمي للحضور. أوضحت بأني لست شاعراً ويدهشني وصفي بالشاعر, ولكن لي الإمكانية أن أرتّب الكلمات وأنهيها بقافية فيُقال عنها شعراً. وأضفت بأني أشعر وكأني في المراحل الأولى من السلّم اللغوي حيث أنا مجرد طبيب فقير باللغة أقف الآن بين دكتوراه باللغة العربية من جهة وأستاذها من جهة أخرى.
باشرت بإلقاء قصيدتي الأولى "عذراً لدجلة والفرات" مع الإيقاع الصادر من آلة الكمان للمايسترو د. زيد.
أسفي لدجلة يستجديَ ماءَ
تباً لمنْ سقيَ العراقَ دماءَ
وذا الفراتُ يبكي يومَهُ عطشاً
فبدى بطولهِ رقعةً جرداءَ
*****
يا بئسَ منْ سدَّ المنابعَ أصْلَها
وزاغَ عنْ مهدِ الحضارةِ أسماءَ
تلكَ المياهُ كمْ شِعرٍ ألُقَتْ بهِ
وكمْ مُطربٍ صَدحَ لها غناءَ
*****
وعاشقٍ ناجى الهزيعَ حبيبةً
فخالَها في ليلةِ البدرِ حوراءَ
وصائدٍ جنتْ منَ الأسماكِ وزناً
شِباكُهُ زادَ منْ مالِهِ رخاءَ
*****
وغريقٍ لفَّ منْ وحْلِها كَفَناً
قدَراً طالَهُ الحمامُ أمْ رِضاءَ
وكمْ منَ الأقوامِ مدّتْ بساطَها
خصوبةُ الأرضِ كانتْ لها إغراءَ
*****
روافدُ الخيرِ ضاقتْ غدرَ راعيها
فخطّت من القريضِ لهُ هجاءَ
مسكينةٌ خضرُ المروجِ تناثرتْ
مِنْ شدّةِ القَيْظِ أوراقُها صفراءَ
*****
وعنْ ضفافِها قبائلٌ رحَلَتْ
على أرضِ الشتاتِ ذاقتْهُ شقاءَ
وكمْ منَ الأشجارِ ماتتْ عروقُها
ومنَ الطيورِ هجرَتْها ظِماءَ
*****
أينَ العيونُ لمْ تبصُرْ فواجِعَنا
ولا الآذانُ تَرْنو لها سُمَعاءَ
فِعْلُ المروءَةِ غابَ عنْ مزاياهم
فغَدى التآخيَ داءً لا دواءَ
*****
تلكَ السِقامُ لا يدنو لها بَشرٌ
إلا الذي ركَبَ الرؤوسَ غباءَ
يا ويلَ منْ حسِبَ البلادَ لُعبةً
عَبَثاً بأمرِها يلهو متى شاءَ
*****
يا حسْرَتي لتاريخٍ مجدُهُ شطٌّ
منَ النهرينِ ماءٌ لمْ يبخلْ عطاءَ
يا ليتَهُ منْ دمْعِ السماءِ يُدامُ
ونعمةُ الخالقِ لا تذهبْ هباءَ
*****
عُذراً لدجلة والفرات كلاماً
حَبَسْتُ لهُ دمعَ عينيَّ حياءَ
نظَمْتُهُ شعراً يُجَسّدُ داخلي
أنَّ الفؤادَ يهفو لهُما وفاءَ
*****
شرحت للحضور مغزى القصيدة الثانية " زهور الروض" التي نظمتها إكراماً لإحدى زميلاتي في كلية الطب التي ألتقي معها ومع لفيف من الزملاء من نفس دورتي عبر الزوم مرة واحد شهرياً, حيث للزميلة شغف إستثنائي في الإهتمام بالورود والزهور.
لولا زهورُ الروضِ ما كنتُ باقيا           
ولا كان قلبي عنِ العُشقِ راضيا
أشمُّ رحيقَ الوردِ ومن عِبقِهِ               
 أخالُ نفسي طيراً حلّقَ عاليا
*****
مررتُ ببستانِ الهيامِ لاهثاً                 
فاحترْتُ بين النرجسِ والماغنوليا
أحسستُ حبّي بين الضلوعِ صارخا       
هي الكاردينيا مَنْ للجوى مُداويا
*****
لواعجُ الصِبا أودعْتُها باكراً               
فكان لي مِنْ غيرِها عهداً ثانيا
أمضيتُ زماني في رِحابِ مهنةٍ           
رضعتُ مِنْ ثغْرِها عسَلاً صافيا
*****
هيَ حكمةُ الطبيبِ كمْ أحببتُها             
حتى ورودُ الأمسِ صارتْ خواليا
عاد الحنينُ حينَ شابتْ مشاربي         
واحْدوْدبَ ما كانَ استقاماً ماشيا
*****
بانَ الربيعُ في حديقةِ منزلي               
أجولُ بين الزهورِ لها ساقيا
تباركَ مَنْ شاخَ ولمْ يَزَلْ على             
خُلقِهِ لأسقامِ الحياةِ شافيا
****
أما القصيدة الثالثة والأخيرة خلال الأمسية والموسومة "بذر البقاء", فقد نظمتها نتيجة عتاب إحدى الزميلات من مجموعة الزوم بأني أعصر قلبهم في كل لقاء بسبب الأبيات الشعرية التي تمس المشاعر الأليمة في أرض الوطن الجريح, وتسألني لماذا لا أُسمعهم شعر الغزل.
سألتني لِمَ لا تكتبُ شِعرَ الغزَلْ               
وترتشِفُ مِنَ الزهْرِ رحيقَ العسَلْ
ألا تعلمُ أنَّ الحُبَّ بذرُ البقاءِ                 
يَنبُتُ كلّما سُقيَ بماءِ الأمَلْ
*****
إنظرْ للعصافيرِ على غُصنِ الشجرِ         
تُزَقزِقُ كما تشاءُ مِنْ دونِ خجَلْ
أليسَ في عينيكَ لَمَعانُ الشبابِ             
يغارُ منهما حتى المُشتري وزُحَلْ
*****
كأنَّ أُذنيْكَ لمْ تسمعْ أنَّ الحياةَ               
بغيرِ شِراكِ العُشقِ قنوطٌ ومَلَلْ
فاطلقْ لشفاهكِ نُطْقَ عذْبِ الكلامِ           
تُحاكي يراعَكَ ما للحبيبِ حصَلْ
*****
قلتُ زماناً ودّعْتُهُ كما ودّعْتُ               
سوادَ شعري ومَنْ غابَ عني وارتَحَلْ
إنْ كانَ فؤادي قدْ أسرَّ حينها أو           
عذّبَ مَنْ أسرَّ بلا عُذرٍ أو جَدَلْ
*****
فتلكَ نزوةُ الصِبا وما ادراكِ ما             
للصِبا مِنْ نَزَواتٍ تخاليها حِيَلْ
هيَ عِلّةٌ في النُضْجِ فاتَ أوانُها             
ومِنْ بَعدِها تعلّمتُ الدرسَ والمَثَلْ
*****
تباركتْ دُنيايَ بأحلى شريكةٍ               
أودعتُ فأودعتْ بُنصري رمزَ الأهَلْ
هيَ أنا وأنا هيَ وما بيننا
تنامى معَ الأيامِ باليُسْرِ والثِقَلْ
*****
أهديتها أشعاري ولم يكنْ بينها           
منَ القريضِ ما يوحي بالمدحِ والدّجَلْ
هيَ تعلمُ أنَّ المحبّةَ أفعالٌ                   
وما الأقوالُ إلا سحابُ فصلِ أفَلْ             
*****
أعقبت الوصلة الشعرية أغاني تراثية وعزف قطع موسيقية تراثية ساهم بها الفنان أبو مصطفى من سوريا والفنان محمد البيك من لبنان وأيضاً المايسترو د. زيد هشام من العراق.
حقاً كانت أمسية رائعة برزت فيها الألفة وحب المعرفة ووحدة الكلمة مؤطرة براية الثقافة الشعرية  ومظللة بخيمة الطرب التراثي الخالد. هذا بالإضافة إلى الكرم العراقي الذي لاح خلال فترة الإستراحة.