المحرر موضوع: هل من المعقول ان يكون الانفتاح والعلاقة مع كنيسة روما ، عائقاً أمام وحدة الكنيسة ؟؟ القسم السادس  (زيارة 643 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل فاروق.كيوركيس

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 462
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

القسم السادس :
 هل من المعقول ان يكون الانفتاح  والعلاقة مع كنيسة روما ، عائقاً أمام وحدة الكنيسة ؟؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إيماننا وكنيستنا ووحدتها .. هكذا أفهمها ...
" الى كل أبناء أمتنا الآشورية  وأبناء كنيستنا المؤمنين بوحدتها "
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يردد كل مسيحيي العالم في  قانون الايمان للكنائس المسيحية .. " ونؤمن بكنيسة واحدة مقدسة ورسولية جامعة " .. والمسيح يقول " لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي." يوخنا 17: 21
ونذكركم باختصار بما قلناه سابقا ، من ان تلاميذ المسيح بشروا  في كل ارجاء الأرض بلغات مختلفة ، والإنجيل الذي بين ايدينا اليوم وصل الى ارجاء العالم بلغات مختلفة .. وبعدها تشكلت المجموعات المسيحية الاولى  ، وتأسست الكنائس والكراسي الأسقفية في بلادنا وإنطاكيا وأورشليم والإسكندرية واليونان وروما وغيرها ..
وكما ذكرنا بأن  الكنائس والكراسي الأسقفية رغم  أيمانها بالمسيحية ، إلا أن تاريخ شعوبها وثقافتها ولغتها وارثها تركت عليها بعض بصمات الاختلاف  مع  الكنائس الاخرى ، يضاف الى ذلك الظروف التاريخية والسياسية والصراعات على الكراسي  والمناصب ناهيك عن الحروب وصراع الامبراطوريات  والرغبة في الهيمنة على الشعوب .. فكان من نتيجة ذلك ، أن تأثرت الديانة المسيحية  بتلك الظروف ، تبعاً للمناطق الجغرافية والدول التي تضم تلك الكنائس والكراسي الأسقفية .. وهكذا  بدأت الخلافات بالظهور بين الكنائس والكراسي الاسقفية وتطورت الى انقسامات  مع انعقاد المجمعات المسكونية في القرون التالية وتقادم الزمن .. وأدى ذلك الى اجتهادات مختلفة حول الإيمان المسيحي والإنجيل ،         وتفاسير مختلفة حول طبيعة المسيح ومريم العذراء وخليفة مار بطرس .. وكل ما تبعها من  التفسيرات اللاهوتية الاخرى المتعلقة بالطقس والصلوات  والإسرار ..  والخ .. وكل ذلك ادى الى الاختلافات التي نجدها اليوم بين الكنائس ،  على الرغم من ان المسيح واحد والإنجيل واحد  .
                      ..
وعلى هذا الأساس ،  يمكننا القول انه لا يمكن  لأي كنيسة أن تدعي اليوم  أنها ألأفضل من بقية الكنائس أو أنها الأصح  ، أو أن المسيح يفضلها على بقية الكنائس ، فالمسيح جاء ليجمع لا ليفرق .
وهكذا ، وبمرور الزمن وتجذر الاختلافات  الخلافات والصراعات  التي ذكرناها ، قامت كل كنيسة باعتبار تفاسير واجتهادات  الكنائس الاخرى على انها خاطئة و تتعارض مع الإيمان المسيحي والإنجيل ،  وأخذت كل كنيسة تدعي انها وحدها التي تملك  الإيمان والتعليم القويم  ، وأحيانا وصلت  الأمور والخلافات الى حد الاتهام بالهرطقة وغيرها . وأنسحب ذلك تدريجيا الى كل ما من شأنه أن يميز هذه الكنيسة عن تلك ، وعلى سبيل المثال ، كيفية رشم  الصليب ، وتناول القربان المقدس
 ، وشرب الخمر ، واختلاف  مذبح الكنائس وملابس رجال الدين ، مرورا بالصوم والصلاة  وطريقة اداء القداس .. والخ
 لكننا إذا ما توخينا الصدق والأمانة  ، فأننا سنجد أنفسنا أمام جمل ونصوص   فلسفية     معبرة عن ذات الإيمان المسيحي ، وتعرف وتصف نفس يسوع المسيح  ومريم العذراء ،  لكن مع الاختلاف في اختيار وترتيب  الكلمات بأساليب مختلفة لتعطي معاني  فلسفية ومثالية متعددة او مختلفة  .. وربما  يكون مرد ذلك ، هو  ما نجده  في الأناجيل الأربعة من أحاديث وروايات لشخصية السيد المسيح وحياته على الارض ،  من  نصوص وتعابير مختلفة أملتها شخصية كاتب الانجيل ، وما شاهده وفهمه وما سمعه  ...
فنحن عندما نقرأ الإنجيل ، نرى ان هناك هناك نصوص تصف المسيح  بالأله ،  وأبن الله ، وانه والله واحد ..
فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ. وَكَانَ الْكَلِمَةُ هُوَ اللهُ. (يوحنا 1: 1)
أَجَابَهُمْ: الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّنِي كَائِنٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ. (يوحنا 8: 58)
ولكن في نصوص اخرى يصف  الانجيل المسيح كأنسان ، حيث  نرى أن المسيح ،   يتعب ، و ينام ، ويجوع ، ويعطش ، ويحزن ، ويبكي ،  ويضطرب ، ويصلي .... الخ ، والأكثر من ذلك أنه مات ..
" غطت الأمواج السفينة  وكان هو نائما " متى 8 : 24
" فبعدما صام اربعين نهارا وارعين ليلة ، جاع أخيرا " متى 4: 2
" فصرخ يسوع ايضا بصوت عظيم  وأسلم الروح : متى 27 : 50
" تطلبون أن تقتلوني  وانا أنسان  قد كلمتكم  بالحق "  يوخنا
وبالعودة الى موضوعنا  نقول ، أن المسيح عندما يقول " ليكون الجميع واحدا .." فأن ذلك ليس قولاً نستشهد به ونردده فقط عند الحديث عن وحدة شطري كنيستنا " الاشورية والقديمة "  أو نعتقد  أن هذه الوحدة هي الوحيدة والأخيرة في كنيسة المسيح .. وإنما يتوجب علينا كمسيحيين   ، الانفتاح على جميع الكنائس والحوار معها  من أجل الوصول الى فهم مشترك للإيمان المسيحي  والوحدة الروحية  ووحدة كنيسة المسيح  ، لأننا نعتقد أن  ذلك يأتي في مقدمة الواجبات والأهداف الالتزامات الروحية والإيمانية  لكل كنيسة ولكل رجال الدين من آباء ورؤساء الكنائس والاكليروس  والمؤمنين على حد سواء ...
لأننا كمسيحيين ، وأذا ما عملنا بوصايا المسيح والأيمان المسيحي وتعاليم الأنجيل ..فأننا يجب أن ندرك ، اننا سنبلغ يوما ما الوحدة  الشاملة لكنيسة المسيح الواحدة  ، ومن الطبيعي جدا أن يكون لتلك الكنيسة رأس واحد ، مثلما كان المسيح رأس الكنيسة ، خصوصا أن جميع الكنائس اليوم تدعي أن رئيسها  هو خليفة بطرس .. بمعنى  أن بلوغنا تلك الدرجة من الأيمان سوف لن يدع اي مجال للتفكير بوضع الحواجز بين ابناء الكنيسة الواحدة  إلا ضمن حدود ما ذكرناه في عدة مناسبات والذي يتعلق بضرورات اللغة  والثقافة .
 وبموازاة ذلك ، علينا أن ندرك اليوم ، بأن السلبية التي ننظر بها الى هذه الكنيسة وتلك ، إنما تعود الى إنغلاق كنيستنا على نفسها ، وبسبب التعاليم والموروثات  والعادات والتقاليد التي ورثناها من ابائنا واجدادنا ، وهذا ينطبق على الكنائس الأخرى ايضا  في نظرتها الينا ... لكن بالمقابل ،  وكما ترون فأننا نعيش في زمن الانفتاح  والإطلاع على ثقافة الآخرين ، وتبادل المعلومات والتجارب   ، ولا يمكننا التقوقع والانعزال ، كما كنا نعيش قبل قرنين من الزمان  ، أذ يتوجب علينا  تعريف العالم بأيماننا وكنيستنا وتاريخنا وحضارتنا وثقافتنا  لكي نكسب احترام العالم  وتأخذ  كنيستنا مكانها بين الكنائس الاخرى .
وبالمناسبة نرجو أن لا يفسر كلامنا هذا على أنه تأكيد لوجود علاقة غير معلنة بين الكنيسة الاشورية وكنيسة روما .. لأن ما أشرنا اليه من بلوغ وحدة كنيسة المسيح  ربما يكون اليوم حلم بعيد المنال يحتاج الى جهود وتضحيات  قد لا تكون ممكنة ومتوفرة اليوم .
لذلك فأننا نستغرب من إثارة موضوع الحوار مع كنيسة روما ( الكنيسة الكاثوليكية )  ، واعتباره  عقدة كبيرة  أو حجر عثرة في طريق لم شطري كنيستنا ...  لأننا نرى أن ذلك  يعتبر بمثابة القفز من فوق  الكثير من الحقائق والوقائع  التي يعرفها كل الاشوريين من شطري كنيستنا .. خصوصا أن كنيسة روما ليست كنيسة لا نعرف عنها شيئا ، بالعكس ، فهي ايضا كنيسة رسولية  وتحظى بأحترام المجتمع الدولي .
فبالعودة  الى تاريخنا الاشوري  والكنسي القريب  ،  سنرى  ان كنيستنا  قدمت الآلاف من الشهداء والضحايا   وتحملت  الكثير من الويلات والمآسي من اجل حقوق امتنا الآشورية  ومن اجل الحفاظ على كنيستنا  والحفاظ على  ابناء وبنات كنيستنا  ،  في الوقت الذي كان يمكنها  التمتع بالحماية  والأمان بمجرد تبعيتها الى الكنيسة الكاثوليكية .
كما يمكننا أن نستنتج من بعض المؤشرات والأحداث ، تمسك كنيسة المشرق الآشورية باستقلاليتها ونهجها  وأيمانها .
ــ  فلو كانت الكنيسة الآشورية متجهة للاتحاد او متجهة لتبعية روما  .. لما تمسكت وأصرت على التسمية الاشورية  للكنيسة .. ولتخلت عنها  من اجل سهولة  الاتحاد مع روما .. خصوصا ان الكنيسة قد عملت ولا تزال على ترسيخ  الانتماء القومي الآشوري لأبنائها وبناتها .
 ــ  وكلنا نعرف ان الكنيسة الآشورية  لم تتجاوب مطلقا مع دعوات البطريرك مار لويس ساكو نحو الوحدة التي يجب ان يكون اساسها  التبعية لروما .
 ــ أن التسمية الآشورية للكنيسة  ليست مجرد عنوان مثلما يتم تسمية العديد من الهياكل الاخرى بهذه التسمية .. وانما  وكما ترون ومنذ  تولي البطريرك الراحل مار دنخا الرابع رئاسة الكنيسة ، تم ربط أيماننا المسيحي وارثنا الكنسي مع انتماؤنا القومي الآشوري . وترون ذلك واضحا في العديد من الصلوات والتراتيل التي تربط ايماننا مع هويتنا الاشورية  .. لذلك  فأن التبعية لكنيسة أخرى يعني تخلي  الكنيسة عن هويتها  الآشورية ، وهو ما تعتبره الكنيسة خطا احمر .
ــ وكلنا نتذكر  محاولة شق الكنيسة من قبل الاسقف السابق اشور سورو بحجة الاتحاد او الوحدة مع الكنيسة الكلدانية ، أو ما أثير حينها من نيته لتأسيس أبرشية  او كنيسة اشورية كاثوليكية  والخ .. وتعرفون بالجهود والأموال التي صرفتها الكنيسة الآشورية من اجل الحفاظ على هويتها وحماية ابنائها وأملاكها .. فلو كانت  لديها نوايا للانضمام الى كنيسة روما ، لما تعاملت بهذه الصرامة مع تلك المحاولة ، خصوصا ان  التوقيع المسيحاني المشترك مع كنيسة روما كان تم التقيع عليه منذ عام 1994 ، وان المحاولة الأنشقاقية  كانت  بعد هذا التاريخ بسنوات عديدة .
ــ  ليس خافياً على أحد الغيرة الآشورية  والانتماء الآشوري الأصيل لأبناء وبنات كنيسة المشرق الآشورية .. فهل فكر الذين يروجون أو يلمحون الى وجود اسرار  وغموض حول علاقة الكنيسة بكنيسة روما ، بردود أفعال   ابناء وبنات الكنيسة الآشورية  إذا ما تخلت عن  هويتها واستقلاليتها  والتحقت بكنيسة روما ؟؟
ــ واسمحوا لنا  لنطرح هذا السؤال المهم .. ماذا تتوقعون فيما اذا انضمت الكنيسة الاشورية الى كنيسة روما .. ألا تعتقدون بأن نسبة كبيرة من أتباع الكنيسة سينضمون الى الكنيسة الشرقية القديمة ؟؟  وهذا  بالتأكيد ليس غائبا عن تصورات رؤساء  الكنيسة الاشورية .
ــ  لو كانت الكنيسة الشرقية القديمة تملك أدنى شك ، بوجود علاقة غير واضحة  بين الكنيسة الاشورية وكنيسة روما ،  وطالما تعتبر  الكنيسة القديمة هذا الموضوع أساسيا ومهماً ( بحيث  أنه  كان أحد نقاط  وعثرات الخلاف ، كما رأينا ) .. فلماذا لم تطرح  الكنيسة الشرقية القديمة هذا الموضوع منذ البداية  وقبل الشروع بالحوار ؟؟  أي كان يفترض بالكنيسة الشرقية القديمة  أن تطلب من الكنيسة الآشورية حسم موقفها وعلاقتها مع كنيسة روما كشرط اساسي  للبداية بالحوار ،  وهذا ما يفرضه العقل والمنطق .
ــ أما النقطة الأخيرة التي سنختم بها هذا الموضوع ، فهي أننا نرى ، أن لجنة الحوار للكنيسة الشرقية القديمة لم تكن موفقة في  اثارة موضوع الحوار مع كنيسة روما أو التعامل معه بهذه الحساسية ، أذ اننا نرى بأنه كان يفترض بهم الترحيب بهذا الحوار ، خصوصا أنه بعد أنجاز  وحدة شطري كنيستنا  الاشورية  ، فأن كل خطوة على طريق التقارب مع كنيسة روما  واتخاذ القرارات بشأنها ستعرض أمام سينودس الكنيسة  ( الجديد ) الذي كان سيضم وكتحصيل حاصل كل المطارنة والأساقفة للكنيسة القديمة بالإضافة المطارنة والأساقفة للكنيسة الآشورية .. وان كان هناك أمور مخفية وليست في صالح كنيستنا ، فمن المؤكد أن  مؤمني الكنيسة من ابائها وبناتها سوف لن يقفوا مكتوفي الأيدي أزاء هذه المحاولات ان وجدت .
كما أننا ومن خلال هذه المواقف من كنيسة روما الكاثوليكية ،  فأننا ننسى ان هناك ما يقارب نصف من أبناء شعبنا من الكلدان والسريان يتبعون كنيسة روما الكاثوليكية .. فهل نغلق الأبواب امام أي حوار  وتقارب معهم ؟؟ خصوصا اننا شعب واحد بكل مقوماته اللغوية والتاريخية والثقافية  والرقعة الجغرافية والطموحات المستقبلية  ، وبالتأكيد ، لا يمكننا كأشوريين  أن نتعامل مع الكلدان والسريان سياسيا وقوميا  ونجعلهم  يثقون بنوايانا ودعواتنا من اننا شعب واحد في الوقت الذي نضع خطوط حمراء على التعامل او الحوار مع كنيستهم ونقصد كنيسة روما الكاثوليكية .
وعلى هذا الاساس ، فأننى نرى ان موضوع الحوار مع كنيسة روما لم يكن يستحق كل هذه الأهمية وكل هذا التهويل بحيث تم اعتباره نقطة خلاف او اختلاف في طريق لم شطري كنيستنا الذي كان ينتظره كل الآشوريين ..
مع ذلك ، علينا أن نبقي كل أبواب الأمل مفتوحة ، مع تمنياتنا بأن يتمكن آبائنا في شطري الكنيسة من تجاوز هذه الخلافات البسيطة والعديمة الأهمية والتي لا مكان لها في حياة المؤمنين من ابناء وبنات  شطري الكنيسة ، الذي يعيشون ويترجمون الوحدة بصورة عملية في حياتهم  اليومية من خلال علاقاتهم الاجتماعية  المختلفة وروابطهم القومية التي لا تنفصم .
والى اللقاء في القسم السابع والأخير .. مع التقدير
BBC