المحرر موضوع: كلمة الخوري عمانوئيل يوخنا في مؤتمر: السلام والتعايش تحت الدستور العراقي  (زيارة 1015 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل الخوري عمانوئيل يوخنا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 418
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
بدعوة مشكورة من منظمة زاكروس لحقوق الانسان، ومقرها جنيف – سويسرا، شاركت في المؤتمر الذي نظمته المنظمة في مقر الأمم المتحدة في جنيف بعنوان:
"السلام والتعايش تحت الدستور العراقي" (Peace and Coexistence under Iraqi Constitution)
وذلك في يوم الجمعة 16 تموز 2022.
أدناه النص العربي للورقة التي قدمتها للمؤتمر:

السيد رئيس الجلسة
السيدات والسادة
الكلدان السريان الآشوريون في العراق وجميعهم مسيحيون (ساشير اليهم اختصارا بالسريان) هم من الشعوب التي عاشت في ميسوبوتاميا التاريخية التي يشكل عراق اليوم جزءا منها. فكل المهتمين والباحثين يعرفون مهد الحضارة في سومر واشور، ويعرفون نينوى ومكتبة اشور بانيبال، وبابل وبوابة عشتار.
هذا فيما قبل المسيحية.
أما ما بعد المسيحية فان الكنائس السريانية المشرقية تعود نشاتها الى القرون المسيحية الاولى في المنطقة ولتمتد شرقا الى الصين ومنغوليا. واسهاماتهم في العلوم والاداب والفلسفة وكونهم جسرا علميا ربط الشرق بالغرب هي معروفة وموثقة في الجامعات والمراكز البحثية عبر العالم، إلا في وطنهم، أكرر إلا في وطنهم، حيث هذا الوجود والدور التاريخي الطويل والمثمر مغيب في مناهج التربية والتعليم في المدارس والجامعات العراقية وبالتالي مغيب عن الذاكرة العراقية الجمعية. وهذا التغييب والاجتثاث الممنهج والمتعمد للسريان المسيحيون وكذلك الايزيدية كان البيئة التي وفرت البيئة لداعش في محاولة اجتثثاهم الفيزياوي.

اقول ان السريان، كما بقية الشعب العراقي بتنوعه الأثني والديني، تأملوا بمستقبل زاهر سينفتح امامهم مع التحرر من النظام البعثفاشي الذي استهدفهم واستهدف وجودهم وهويتهم بشكل ممنهج من خلال سياسات التعريب والتغيير الديموغرافي والتهميش والتمييز، بالاضافة الى معاناتهم مع جميع العراقيين من حروب النظام المدمرة والمستمرة.
الا ان ذلك لم يتحقق. فما بعد 2003 لم يكن افضل للاقليات العراقية مما كان قبله.
وليكون عرضنا محددا بموضوع المؤتمر، نقول ان الدستور العراقي الحالي وما ترتب ويترتب عليه من تشريعات وقوانين لم يمنحهم المواطنة المتكافئة والعدالة المتساوية كعراقيين ينتمون الى العراق بالأمس واليوم وغدا.
اختصارا للوقت، ولتلافي تكرار ما قيل ويقال في هكذا مؤتمرات وليس لها متابعات فاني لن اشير الى حقيقة كون الدستور العراقي اسلاميا شرعن القاعدة الدستورية لاعتماد الشريعة الاسلامية اساسا يسمو على شرعة حقوق الانسان وبما فتح الطريق الى اسلمة الحياة اليومية في العراق القضائية منها والتعليمية والاعلامية والاقتصادية والمجتمعية وغيرها.
ولكني اود الاضافة بان الدستور فشل في رفع التهميش الحاصل بحقهم حين اغفل في ديباجته، على سبيل المثال لا الحصر، ايرادهم باسماءهم كمجتمعات مكونة للعراق حيث اقتصرت على ايراد العرب والكورد والتركمان.
كما اغفلت الديباجة الاشارة الى اول جريمة ابادة جماعية في العراق المعاصر، مذبحة سميل 1933، التي، مع مذابح الارمن والسريان عام 1915، الهمت رافائيل ليمكن (Raphael Lemkin) لاستخدام مصطلح الجينوسايد.
كما ان الدستور اغفل الاشارة في مواده ذات العلاقة الى جميع الاقليات القومية منها والدينية حيث اقتصر على عدد منها مما رسخ لديها الشعور بالتهميش والتمييز.

هذا لا يلغي حقيقة ان الدستور تضمن العديد من المواد الايجابية نحو الاقليات.
ولكنها دون ذات جدوى ما لم تجد طريقها الى التطبيق، فعلى سبيل المثال لا الحصر:
المادة الرابعة عن اعتماد التركمانية والسريانية لغة رسمية في مناطقهم، ولكنه لا يتم تخصيص موارد مالية وبشرية ومؤسساتية للاهتمام بهذه اللغات ورعايتها لترقى الى متطلبات اللغة الرسمية.
والمادة 12 تنص ان العلم العراقي يجب ان يرمز الى مكونات الشعب العراقي. ولكن العلم المعتمد هو علم عروبي اسلامي يعكس التمييز والاقصاء بحق الاقليات حيث يلغي وجودها وتاريخها ودورها، فهو يختصر تاريخ العراق الطويل بانه إبتدأ مع تعريب وأسلمة العراق، وكأن العراق كان صحراء قاحلة حضاريا وعمرانيا الى يوم تعريبه وأسلمته.
والمادة 125 عن الادارات المحلية التي تضمن مختلف الحقوق للاقليات التركمانية والاشورية وتدعو لتنظيم ذلك بقانون، ولكن القانون لم يتم وضعه الى اليوم.
وغيرها من الامثلة.
من هنا اقول ان الدستور العراقي وما بني عليه من تشريعات وممارسات لم يمنح السلام والثقة بالمستقبل للسريان وبقية الاقليات، مثلما لم يؤسس اسسا سليمة للعيش المشترك المبني على العدالة والمساواة في الكرامة والمواطنة بعيدا عن الذمية، مما يجعل وجود السريان الكلدان الاشوريين في العراق مهددا تهديدا حقيقيا نتلمسه في نزيف ترك الوطن التاريخي والبحث عن اوطان بديلة.
انه جرس انذار فهل نحن مستمعون اليه؟


بعض التوصيات والمعالجات (بسبب ضيق الوقت المحدد للحديث):
1.   مراجعة ديباجة ومواد الدستور بما يزيل التهميش والتمييز بين المكونات العراقية الدينية والاثنية ويحقق لهم جميعا المواطنة المتساوية، فالكرامة الانسانية لا مفاضلة فيها بسبب العرق والدين واللغة والعدد.
2.   مراجعة وتعديل والغاء التشريعات والقوانين التي تعكس أيضا التمييز والتهميش، وعلى سبيل المثال لا الحصر اسلمة القاصرين.
3.   مراجعة المناهج المدرسية وازالة ما تتضمنه من اساءات وتشويه واقصاء والغاء بحق الاقليات، واعادة بناءها للتعريف الايجابي بالاقليات العراقية وبدورها الانساني والحضاري والوطني.
وينطبق ذلك أيضا على الخطاب السياسي والديني.
4.   اصدار تشريعات وتطبيق ممارسات تخلق فضاء مجتمعيا يتعرف ويعترف بالاقليات ويحترمها ويعتبرها قيمة وطنية. مثلا: اعتبار اعيادهم اعيادا وطنية، ابرازهم في الفضاء العام، الخ.
5.   الاستفادة من تجربة اقليم كوردستان والبناء عليها وتطويرها من حيث اصدار قانون خاص بحقوق الاقليات وصولا الى تشكيل هيئة وطنية خاصة بشؤونهم وتوفير الموارد المالية والبشرية والمؤسساتية لها. فحصر شؤون الأقليات بوزارة الاوقاف والشؤون الدينية هو انتقاص من هوية هذه الاقليات من خلال حصرها بهوية دينية فقط، بينما هويتهم، السريان مثالا، هي هوية قومية لغوية ثقافية  أيضا.

وشكرا لحسن استماعكم


الخوري عمانوئيل يوخنا
جنيف 15 تموز 2022
انتهى النص

ملاحظات عن المؤتمر:
1.   شارك في جلسات المؤتمر متحدثون رسميون من حكومة اقليم كوردستان بشخص المستشارين في رئاسة الأقليم  السيدين جعفر ئيمنكي ونوزاد هادي. كما شاركت السيدة منى ياقو بصفتها رئيسة المفوضية المستقلة لحقوق الانسان في الأقليم بالاضافة الى عدد كبير فاق 12 متحدثا من الطيف العراقي المتنوع قوميا ودينيا وثقافيا.
2.   من جانب الحكومة العراقية حضر الجلسات ممثل عن السفارة العراقية دون ان يتحدث في الجلسات، في حين اعتذر عن الحضور بداعي الاصابة بالكورونا السيد عبدالكريم هاشم مصطفى ممثل العراق الدائم في مقر الامم المتحدة بجنيف.
3.   رغم توجيه المنظمين الدعوة لعدد كبير من ممثلي الهيئات الدبلوماسية واعضاء البرلمان السويسري الا انه لم يشارك ايا منهم في المؤتمر مما يؤشر على ضعف العلاقات العامة للمنظمين.
4.   وهذا جعل المؤتمر اشبه بجلسات حوار داخلية عراقية بين المتحدثين كان يمكن تنظيمها في العراق ولم يكن يتطلب عناء التنظيم والسفر الى جنيف.
5.   رغم كون عنوان المؤتمر محدد بالدستور العراقي، الا ان العديد من المتحدثين لم يلتزموا عنوان المؤتمر حيث تطرقوا الى محاور اخرى. كما ان العديد من الاوراق او المداخلات كانت عرضا سرديا لمواضيع اخرى.
6.   كانت ادارة مدير جلسات المؤتمر، الدكتور ليوناردو رودريغوز، ضعيفة من حيث قيادة الجلسات والزام المتحدثين بالوقت المخصص، او الزام المعقبين بان تكون تعقيباتهم محددة ومتعلقة بالموضوع حيث كان بين المعقبين من قدم كلمات وعروض مطولة لا علاقة لها بموضوع المؤتمر من الاساس.
7.   لم يتم منح وقت كافي للمناقشات بسبب ضعف ادارة مدير الجلسات.
8.   لم يكن هناك لجنة او شخص لتدوين الملاحظات وتقدينها للخروج بتوصيات.
باختصار: كان مؤتمرا ضعيفا في الشكل والمضمون.