المحرر موضوع: "تسجيلات المالكي" تبعثر المشهد و"رائحة الدم" تحوم على "بيت الصدريّن"  (زيارة 478 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31322
    • مشاهدة الملف الشخصي
"تسجيلات المالكي" تبعثر المشهد و"رائحة الدم" تحوم على "بيت الصدريّن"

شفق نيوز/ أدخلت التسجيلات الصوتية المنسوبة إلى رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، العراق في منعطف جديد، ربما يكون بتداعيات لا تقل أهمية عن تداعيات نتائج انتخابات 2021، وشهور التجاذب الشاقة التي تلتها.

صراع المالكي- الصدر

تكمن خطورة المنعطف الجديد في اللعبة العراقية، انه أضاف الى التوتر السياسي، "شخصنة" واضحة في "الحروب اللانهائية" المندلعة ما بين المالكي وبين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر منذ سنوات طويلة، وهي صراعات تهدد الان بجر بقية القوى السياسية والعشائرية والامنية، الى أتون نارها.

المالكي والصدر، ينتميان إلى "البيت الشيعي"، ويتحدران من خلفية إسلامية، باعتبار ان الأول يتزعم حزب الدعوة، وهو أقدم الأحزاب الشيعية في العراق الذي أسسه محمد باقر الصدر، والثاني هو زعيم التيار الصدري، ويرث شعبياً والده المرجع الديني محمد صادق الصدر.

فبالاضافة الى الاحتقان الذي أفرزته انتخابات أكتوبر 2021، بتسيد الصدر المشهد السياسي، ثم بفشله في تحقيق الأغلبية البرلمانية والسياسية المطلوبة من أجل المضي قدما في عملية اختيار رئيس الجمهورية ثم رئيس الوزراء، ولاحقا انسحابه من العملية السياسية، فان تراكم إرث الصراع الشخصي-السياسي بين الرجلين، يهدد بانفجار اكبر الان.

وكأنما لا محرمات في هذا الصراع المتمادي بين الرجلين، وكأنما القاعدة هي أن "الغايات تبرر المحرمات"، في ظل أجواء من التنافس السياسي وانعدام الثقة بين الطرفين، والاخطر ربما، غياب اي دور لقوة "محايدة" وقادرة بما يلزم من مهارة، على حسم الخلاف بين الطرفين، او التوسط فيه بينهما، اقله من اجل منع حمام دم يلوح بالافق، في "الشارع الشيعي"، وربما لاحقا اذا ما تفاقم الصراع، في مختلف الشوارع العراقية.

وتلوح شرارات هذه المخاوف في الأفق، مع تزايد التكهنات بأن الصدريين قد يلجأون الى الشارع، بعدما شعروا كما يقول مراقبون، إن استقالة كتلتهم البرلمانية، برغم أنها بأمر من الصدر نفسه، جعلت زعيمهم كـ"الاسد الجريح" كما يصفه انصاره، وها هو الان يطالب المالكي بالاعتكاف واعتزال العمل السياسي وطلب التوبة، او تسليم نفسه الى القضاء.

صِدام مسلح والقضاء يدخل على الخط

وفي هذا الإطار، رأي المحلل السياسي العراقي أحمد الشريفي لوكالة شفق نيوز ان التسريبات الصوتية، ربما تدفع الى الصدام بين القواعد الشعبية للأحزاب والكتل، فما جاء فيها للمالكي خطير جداً".

ومما يؤجج المخاوف، إن التسجيلات الصوتية التي شكك بها المالكي وحزبه، في ما تضمنته، لو كانت صحيحة، تصب الزيت لا على نار الخلاف القائم بينه وبين الصدر فقط، وإنما على مجمل الساحة السياسية في العراق، من الجنوب الى الشمال لان شرارتها تطال مختلف القوى والتيارات وحتى المؤسسة العسكرية والحشد الشعبي وغيرها.

ونفى المالكي عبر حسابه على "تويتر" التسجيلات المنسوبة اليه، وقال ان "ما نشر في مواقع التواصل الاجتماعي من كلام بذيء منسوب لي وفيه إساءة للسيد مقتدى الصدر غير صحيح"، مضيفا "أنا أعلن النفي والتكذيب، وأبقى متمسكا برغبة العلاقات الطيبة مع الإخوة الصدريين وباقي الشركاء في العملية السياسية". كما حذر المالكي من عمليات "التزوير والتزييف واستخدام أجهزة التقنية الحديثة في نسب تصريحات لي ولغيري".

لكن أعلن مجلس القضاء الأعلى، أعلن أن محكمة تحقيق الكرخ تلقت طلباً مقدماً الى الادعاء العام لاتخاذ الإجراءات القانونية بخصوص التسريبات الصوتية المنسوبة إلى زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي.

وقال مجلس القضاء الأعلى في بيان اليوم، إن محكمة تحقيق الكرخ "تجري حالياً التحقيق الأصولي بخصوصها وفق القانون".

وفي السياق نفسه، قال الشريفي لشفق نيوز ان "الخلاف بين الصدر والمالكي، ليس بجديد، لكن هذه التسريبات الصوتية عمقت الخلاف بشكل أكبر، خصوصاً أن رد الصدر عليها، يؤكد ويدل على صحتها، وهذا الأمر لن يتوقف عن إصدار البيانات والتغريدات، بل ربما يصل الأمر الى اتخاذ مواقف سياسية سواء من التيار الصدري أو قوى أخرى على اثر ما جاء في التسريبات من كلام خطير".

واعتبر الشريفي ان "التصعيد خلال المرحلة المقبلة امر وارد جداً وهذا التصعيد سيكون على المستوى الإعلامي والسياسي من خلال التصريحات والمواقف، بل الامر ربما يصل الى الشارع من خلال التظاهرات او حتى الاحتكاك ما بين انصار القوى السياسية، خصوصاً أن الحدث ما زال في بدايته".

"سنوات الدم"

وهناك دم بين الرجلين. يتذكر كثيرون كيف كانت القطيعة قائمة بينهما منذ أن قرر المالكي، عندما كان رئيسا للحكومة في العام 2008، القيام بحملة عسكرية سميت "صولة الفرسان" ضد فصيل "جيش المهدي" الذي كان الصدر يقوده، بهدف نزع سلاحه وتقليص نفوذه خاصة في وسط وجنوب العراق.

لا يبدو أن الصدر قد غفر لـ"أبو اسراء" ذلك، وقد لاحت فرصة امامه للانتقام سياسيا، عندما أفضت انتخابات العام 2010، تحقيق الصدريين كتلة وازنة في الانتخابات البرلمانية، لكن المالكي الذي كان يسعى لترشيح نفسه مجددا لتولي منصب رئاسة الحكومة، كان يحتاج الى أصواتهم البرلمانية ولم يمنحوه اياها، ما افرز مشهدا سياسيا معقدا استدعى تدخلات اقليمية وامريكية واتصالات على اكثر من محور، من ايران الى سوريا وحزب الله في لبنان، من اجل اقناع الصدر، بفتح نوافذ التسوية السياسة، وقد فعل، وان على مضض.

الا ان أقدار اللعبة السياسية في العراق شاءت ان يجتمع الرجلان على صدام مجددا، بعدما خرج الصدر الفائز الاكبر في انتخابات 2021، ثم تشكل ما عرف باسم قوى الإطار التنسيقي" التي يشكل المالكي وكتلة دولة القانون، لاعبا اساسيا فيه، وسرعان ما بدا واضحا ان "الاطار" لا يريد منح الصدريين حق الاستئثار بتشكيل قواعد لعبة سياسية جديدة، بينما كان الصدر يتحرك باتجاه معاكس متحالفا مع الزعيم الكوردي مسعود بارزاني ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي في محاولة منه لكسر قاعدة تشكيل الحكومات وفق التوافق الوطني السائدة فعليا منذ ما بعد العام 2003.

التوجه الصدري هذا أتاح لخصومه في "الإطار التنسيقي" التشكيك في نواياه بأنه يسعى الى إضعاف الدور الشيعي في تشكيل الحكومات العراقية، وتبديد صفوف البيت الشيعي نفسه وشرذمته. ولعل التسجيلات الصوتية المنسوبة الى المالكي، والتي يبدو ان مسربها هو الصحافي العراقي المقيم في الولايات المتحدة علي فاضل، من دون ان يعرف مصدرها الحقيقي وكيفية الحصول عليها، تؤكد هذه الهواجس والتخوفات المثارة من قبل بعض القوى الشيعية بمن فيهم المالكي نفسه.

ماذا جاء في التسجيلات؟

وتظهر التسجيلات المسربة حتى الآن، هجوما مركزيا على الصدر الذي يوصف فيها بانه "جاهل ولا يفهم في السياسة"، او انه يتزعم مشروعا بريطانيا من اجل انهاء التشيع في العراق، وانه يدفع العراق نحو الاقتتال الداخلي. لكن الصحافي علي فاضل يؤكد ايضا ان هناك تسجيلات اخرى تدين مسؤولين وقادة احزاب، وليست فقط تتعلق بالمالكي وما يقوله في جلسات خاصة.

تنقل مثلا إحدى التسجيلات عن المالكي قوله انه "لن يضع العراق والتشيع بيد مقتدى الصدر، حتى وان عجزت قوى الامن، فأنا لن أعجز"، ملوحا بأنه مستعد للهجوم على محافظة النجف محل اقامة الصدر، في حال حاول الأخير الهجوم على الناس والمرجعية. ويصف المالكي الصدر بانه "رجل حاقد ولديه ثلاث خصال سيئة؛ يبحث عن الدم وهو جبان، ويبحث عن المال في حين قد سرق البلد بأكمله، وأن يتسلط على الجميع ليصبح ربكم الأعلى كما يخبرونه أتباعه بأنه الإمام المهدي".

تطال شرارات تسجيلات المالكي آخرين حيث يقول "أتمنى من أمة الأخيار أن تكون مستعدة، فأن القضية ليست قضية إعلام بل تحتاج استعدادا نفسيا وعمليا ومسلحا، وتوفير لذلك غطاء"، مضيفا انه "يجب التفكير بكيفية توفير لقواتكم غطاء رسمي"، مشيرا الى أنه "يائس من الحشد الشعبي، لأن أمة الجبناء من الحشد". ويعتبر المالكي أنه "يجب توفير غطاء رسمي لحركة العشائر، كون العراق مقبل على حرب طاحنة لا يخرج منها أحد، إلا في حال تمكنا من اسقاط مشروع الصدر والحلبوسي وبارزاني" مبينا أنه "في حال سقط مشروعهم فقد نجا العراق، وان لم يسقط، فسيسقط العراق في دائرة حمراء“.

ويتحدث المالكي ايضا عن انه ابلغ الكاظمي "اني لا اثق لا بجيشك ولا بشرطتك وانما انا سأقوم بتسليح نفسي وأُقاتل ولدينا دبابات ومدرعات ومسيرات". كما يتهم المالكي بارزاني بمحاولة ضرب الشيعة عبر احتضان "السنة"، واختراق الوضع الشيعي باستخدام مقتدى الصدر.

وفي هذه التسجيلات يقول المالكي "أنا أعرفهم (الصدريين).. ضربتهم في كربلاء وفي البصرة وفي مدينة الصدر.. جبناء، والآن صاروا أجبن لأن أيديهم صارت متروسة دهن وفلوس وحرام".

والآن، ما زالت تتفاعل تأثيرات هذه التسريبات على الحياة السياسية الحالية الحافلة اساسا بالتوتر في الشهور الماضية، وهي تأتي فيما بعد استقالة الصدريين من البرلمان، وحصول قوى "الاطار التنسيقي" على وزن برلماني اكبر يتيح لهم محاولة التحرك من جانبهم من اجل جمع الاصوات اللازمة لتشكيل الحكومة الجديدة.

وفي الاساس، طفت على السطح مؤخرا، تباينات في كيفية تعامل قوى الاطار التنسيقي مع خروج الصدر من العملية السياسية، فبينما تحدثت تقارير عن ان المالكي كان مؤيدا لتجاهل انسحاب الصدريين والمضي قدما، فإن زعيم ائتلاف الفتح هادي العامري، كان يؤيد اللعب وفق الاصول المتعارف عليها، والاخذ بالاعتبار هواجس الصدر ومصالحه، حتى لو كان خارج الحلبة السياسية في الوقت الحالي.

وعلمت وكالة شفق نيوز، ان الصدر، طلب من العامري ترشيح نفسه لرئاسة الوزراء، وانه ابلغه ان التيار الصدري سيكون داعما لترشيح العامري، في حال أقدم على هذا الترشيح، وهي خطوة في حال تحققت من شأنها ربما شق صفوف الاطار التنسيقي، او ربما في احسن الاحوال، قد تساهم في اخراج العراق من نفق الانسداد السياسية المستفحل حتى الان.