المحرر موضوع: الشرق الأوسط هدفا لاسياد " القمتين "  (زيارة 289 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صلاح بدرالدين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 945
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الشرق الأوسط  هدفا لاسياد " القمتين "
                                                                         
صلاح بدرالدين

  في  مقالات سابقة تناولت حيثيات انعقاد قمتي جدة وطهران ، والظروف المحيطة بهما محليا ، وإقليميا ، ودوليا ، وماصدر منهما من بيانات إعلامية ، والاحتمالات التي وضعناها كمتابعين ، وفي هذه ( القضية ) سنتابع تداعيات القمتين على قضايا المنطقة ، وبالأخص انعكاساتها المباشرة على ماتعنينا منها بشكل مباشر .
  اذا كان الطرفان الرئيسييان ، الداعيان الي قمتي – جدة ، وطهران -  أمريكا ، وروسيا لم يحققا اهدافهما المنشودة المباشرة فانه يمكن القول ان القمتين لم تنجحا بمنظار الطرفين ، وحسب مصالحهما ، وكما خططا لهما ، وهذا لايعني ابدا انهما لم يقطفا اية ثمار ، او ان المشاركين الاخرين خرجوا خالي الوفاض ، فيبقى الامر نسبيا وطويل المدى ، في حسابات الربح الخسارة لدى الدول ، وفي مباريات لعبة الأمم .
      قمة جدة
  كان السقف الأعلى للتوقعات الامريكية الطموحة، ان تختتم القمة بشبه معاهدة ، او وثيقة استراتيجية ، تلتزم فيها الأطراف بامرين اساسيين أولهما الانفتاح العربي الرسمي النهائي على إسرائيل ، واستكمال خطوات معاهدة السلام – الابراهيمي – بين إسرائيل وعدد من الدول ، وثانيهما التزام الدول الخليجية بالاستراتيجية الامريكية ، والغربية عموما تجاه روسيا ، والتعويض عن النفط والغاز الروسيين ، وقطع الطريق على أي تغلغل روسي صيني اقتصادي وعسكري بالمنطقة ، وموقف عربي مساير للسياسة الامريكية المتارجحة حيال ايران ، وكان الاعتقاد الأمريكي ان الجانب العربي سيطالب مقابل ذلك بالضمانات الأمنية لانظمتها خصوصا ، والتعاون العسكري في وجه ايران ، وحماية مصادر الطاقة ، وطرق عبورها .
  معظم هذه التوقعات ان لم يكن كلها لم يتحقق ، وماجرى هو ابرام اتفاقيات ثنائية او تفاهمات شفهية ، ويقال تم تمرير اتفاقيات مهمة  لم يعلن عنها ، فالادارة الامريكية ( الديموقراطية )  كانت قد قررت منذ أعوام خاصة بعهد – أوباما - الانسحاب من الشرق الأوسط ، وعقد صفقة مع جمهورية ايران الإسلامية ، مع انشغالها بالمواجهة مع روسيا وكذلك الصين الان ، والقضايا الداخلية ، خصوصا بعد الحرب الروسية على أوكرانيا ، هذه الإدارة التي أخطأت كثيرا في سياساتها الشرق أوسطية ، وتجاهلت حلفاءها التاريخيين ومن بينهم السعودية ودول الخليج وغيرها ، كما انها تخلت عن تمسكها – ولو النظري – بمسائل الديموقراطية ، ودعم الحركات التغييرية ، وخذلت اصدقاءها في احلك الظروف ، وفي اوج صعود الحركات الإرهابية ، وعدوانية الميليشيات الإيرانية ، وجاء الانسحاب العشوائي من أفغانستان كخاتمة درامية للهيبة الامريكية ،  وبالتالي لم تعد تمتلك رؤية سليمة  ثاقبة لتطورات الاحداث ، وحلول ناجحة تجاه مشاكل المنطقة ، مما افقدها كل ذلك الصدقية امام دول وشعوب الشرق الأوسط .
  في هذه الحالة ليس من المستبعد وبعد مواجهة الفشل في قمة جدة ، والحرج الذي اصاب إدارة بايدن الضعيفة أصلا ، ان تقوم بردود فعل سلبية كاطلاق عمليات ، وحبك خطط ، على غرار سياسة  ( الفوضى الخلاقة ) التي كانت وراءها إدارات أمريكية سابقة ، فلايمكن تبرئة الامريكان من التوترات الأخيرة في سوريا ، ولايمكن التغاضي عن دور ما للامريكان في مايحدث الان من تدهور للأوضاع في العراق وكردستان ، وهكذا الحال في تعنت الحوثيين باليمن ، وحوادث العنف المتجددة بليبيا ، ومايخبئ القدر للبنان .
         قمة طهران
  كانت روسيا تخطط لاخراج تلك القمة الثلاثية بمظهر حلف مواجه لامريكا وحلفائها خاصة وانها احوج ماتكون الى من يؤيد حربها القذرة على أوكرانيا ، خاصة وانها وضعت في حساباتها تقديم تنازلات سخية  ( سورية )  لكل من تركيا وايران مقابل ذلك غض الطرف عن أي اجتياح عسكري تركي بمناطق محددة ، وافساح المجال اكثر للدور الإيراني بسوريا عسكريا ، وامنيا ، واقتصاديا ، وكما يظهر فان تركيا العضو بحلف الناتو لم تتجاوب مع الرغبة الروسية ، حتى ايران لم تجد مصلحة لها في الانخراط بحلف روسي بشكل علني خاصة وانها مازالت تامل بالاتفاق مع الغرب لاعادة مليارات الدولارات .
  الى جانب ذلك فان الطرفين الاخرين لم يحققا ماارادا من القمة ، وعلى الاغلب لم يكن بحساباتهما تحقيق أي شيئ لان القمة كانت بين المتناقضات أصلا ، وجمعتهم المصالح الانية وليست الاستراتيجية ، وسيبقى كل طرف يسير في سياسته من دون أي تبديل ، فقط تبقى المسائل الاقتصادية ، والعلاقات التجارية ثابتة ، ومتطورة ، وستقوم تركيا بالتنسيق مع روسيا وأوكرانيا حول نقل القمح و والحبوب الى الدول المعنية عبر البحر الأسود ، اما في سوريا فهناك خلافات وتناقضات بين الأطراف الثلاثة .
  المصالح الانية تربط روسيا وايران حيال قضايا الشرق الأوسط ، وقد تدفعهما الى تعميق التعاون العسكري ، والأمني خصوصا في سوريا ، والعراق ، ولاشك انهما ستواجهان السياستين الامريكية والتركية في سوريا ، وستعملان على تعزيز نفوذ النظام وكسر شوكة معارضيه ، ونشر جيشه في مناطق نفوذ – قسد – كما ستضغطان باتجاه التفاهم بين جماعات – ب ك ك – والنظام مباشرة او عبر مركز – قنديل – وبذلك يتم عزل الامريكان عن الساحة السورية ، واقتصار دورهم على تمويل ، وتسليح المقاتلين  من – قسد - دون مقابل ، وامام ذلك فان السوريين وبينهم الكرد سينتظرون المزيد من التوترات ، والتدخلات ، والتطورات السلبية ، والمخططات التدميرية  التي تقف من ورائها روسيا وايران ، ونظام الاستبداد .
       العراق وكردستان
  هناك اكثر من طرف دولي واقليمي  يقف وراء التطورات الدراماتيكية بالعراق واولها نظام ايران ، وهناك أيضا أطرافا دولية وإقليمية ومحلية متورطة وتسعى للاساءة الى إقليم كردستان العراق ، واحراج حكومته ، وتجاهل مؤسساته ، والنيل من إنجازاته ، والتخريب على علاقاته الاقتصادية مع الجوار ، نظام ايران يريد التعويض عن فشل قمة طهران ، وعزلته الدولية الخانقة ، ولفت الأنظار عن افتضاح امر مواليه ببغداد ، باستهداف إقليم كردستان وشعبه ، ومؤسساته الديموقراطية ، ولاشك ان الجماعات المسلحة الشيعية الولائية ، وكذلك مسلحو – ب ك ك - ، وجماعات حزبية كردية عراقية ستكون من ادواته المنفذة .
  الكرد السورييون ، والعراقييون هم الضلع الغر الطري واكثر المستهدفين في ردات الفعل هذه بشأن فشل قمتي جدة وطهران ، ويبدو انهم من أوائل ضحاياه ، اما الأسباب فلاشك ذاتية ، وموضوعية .
  مايتعلق الامر بالكرد السوريين هناك فرصة لاستدراك الامر قبل وقوع الكارثة الأكبر ، وليس امامهم أي طريق للانقاذ سوى التوافق على عقد المؤتمر الجامع بغالبية وطنية مستقلة ، ومشاركة الأحزاب بالثلث غير المعطل ، وهنا نناشد كل طرف وطني سوري ، او كردستاني ، او إقليمي ، او دولي يعتبر نفسه معنيا بالملف الكردي السوري ، المساهمة في دفع الأمور بالاتجاه الصحيح بعيدا عن التحزب ، والمصلحة الخاصة ، لان توحيد الحركة الكردية السورية حول المشروع القومي والوطني الديموقراطي سيعزز قوى الحركة الديموقراطية السورية ، وسييرسخ العلاقات الأخوية الكردستانية ، وسيكون ضمانة سلام ووئام مع الجوار ، وعاملا من عوامل النهوض ، والقضاء على الإرهاب ، والعنصرية ، ونهاية الحروب الاهلية .