الريادة الفكرية عند أب الآباء البطريرك مار لويس ساكو رأس الكنيسة الكلدانية .
إن إنتاج وايجاد وتطوير ادارة دينية او اجتماعية او حالة جديده مفيده للمجتمع يتطلب قدر كبير من المعرفه والمَلَكة العلمية والفكرية بالاضافة الى الكاريزما ( النعمة الالهية) للتاثير بمعونة الروح القدس على محيط معين بعيداً عن التقليدي والرتابة لايجاد مساحة واسعة من العمل ، لاضافة الجديد والحديث ، ولبث روح التجدد والتطور ، كل ذلك تجسد في شخصية البطريرك مار لويس ساكو السامي الاحترام ، ولمسنا ذلك في اعماله وافكاره وانجازاته وحضوره الايماني والاجتماعي .
وكانت كنيستنا الكلدانية في العراق قد وجدت نفسها في ظرف معين واستثنائي حصراً في فترة مثلث الرحمات البطريرك مار عمانوئيل دلي بانها منهكة ومتقطعة الاوصال ، وغير مواكبة للاحداث المتسارعة التي كانت تعصف بالبنية الاجتماعية والسياسية في وطننا العراق حينها، وبعد تسنم غبطة البطريرك مار لويس ساكو سدة البطريركية ، أورثَ ثقل كبير من الترهل والتبعثر والتسيب وتدخل الغير معنيين في شوون الكنيسة الدينية والادارية ، وعليه كان لابد من استحداث وسائل وسبل جديدة لمواكبة حالات جديدة طرات على مجتمعنا سواء على صعيد التعدد ( الاختلاف) الثقافي بسبب الهجرة ، والتهجير او التحول الديموغرافي الخطير لمسيحيي العراق ، بالاضافة الى ثقل المؤثرات الاجتماعية التي افرزتها الحروب المتوالية التي مر فيها العراق واثرت على المستوى العلمي والثقافي لعموم العراق ومجتمعنا المسيحي خصوصاً .
وهنا لابد من التوقف والحديث عن دور الفكر الريادي والتنويري لغبطة البطريرك مار لويس ساكو والمَلَكة العلمية والكاريزما التي تجتمع فيه كشخص ريادي ، غير نمطي ، يبحث عن الافضل لانتاج ممارسات افضل لطقوسنا الحياتية والدينية .
واِنْبَرى منذ اليوم الاول لتنصيبه لقيادة السدة البطريركية في (06/03/2013) ، (الانتخاب 01/02/2013) ، للتصدي للمشاكل بالمواجهة والاصلاح باستقلالية وشفافية لياتي بالجديد والمفيد ، فاصلح الشؤون الداخلية سواء كان املاك الكنيسة او البنية الهيكلية للكنيسة ، ووقف بحزم امام الخروقات واعادة الامور الى نصابها الصحيح ، وايضاً على مستوى الاداري فكانت الحكمة موجودة وطاغيه ، فاضاء جوانب كثيرة في كنيستنا من خلال وجوده وخبرته العلمية والمعرفية ، فاعاد لها ايضاً حضورها الوطني والدولي وعرَف العالم باهميتها وتجلى ذلك بان جعل الصرح البطريركي قبلة للوفود الدينية ، الثقافية ، الاكاديمية ، العلمية والسياسية ، سواء المحليه او الاقليمية او الدوليه.
واكماله مسيرة تجديد طقسنا الكلداني التي كان قد بُدأ بها من قبل تسنمه سدة البطريركية ، بما يتلائم والتغيير الحاصل في التركيبة الاجتماعية لشعبنا مع مراعات موروثنا الديني وابعاده عن فكرة حبس او حجر الموروث في حقبة زمنيّة خارجة عن سياق التّاريخ وتبدلاته ، بحيث لا يكون هذا الموروث تابوه في نظر الباحث او المحلل ولا يجوز تغييره ، ومع مراعاة روح طقسنا الكلداني بما يتلاءم مع التغير الزمني .
فكان لابد من شخص يحمل فكر ريادي يحتوي كل هذه المتغيرات ويمتلك صفات الثبات والتصدي بروح من المسؤولية والاستقلالية مع مراعات واحترام لكل الاراء والافكار ، وهنا ظهر دور غبطة البطريرك المؤثر والمبدع ، وخلال اقل من عقد من الزمن بقليل لاحظ القاصي والداني كيف تدار كنيستنا بالعراق ، وكيف اصبحت حاضرة بقوة في اي نشاط ديني او وطني وعلى كل الاصعدة .
وبعد كل هذا الكم الهائل من الجهد والبذل والعطاء والنجاح ، ومع استمرار قطار العمر بالمسير ، جاءت محطة الاستراحة ، للتفرغ لاعمال ذات اهمية بمكان تخدم الكنيسة ويتطلب فيها راحة البدن ، فغبطته سيدرك في العام المقبل بعون الله عامه ال 75 ، وهذا هو السن القانوني للتقاعد ، ومع انه غير ملزم بهذا القانون ولكنه يمتلك حق شخصي في القرار ، فهنا علينا التفكير ملياً ، اليس لنا حق على غبطته ، نحن ابناء رعيته بان نتلمس منه الاستمرار في خدمة كنيستنا الكلدانية الى ما اتاه الله من عمر طويل ؟