المحرر موضوع: حتمية انهيار النظام السياسي في العراق  (زيارة 617 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31484
    • مشاهدة الملف الشخصي
حتمية انهيار النظام السياسي في العراق
الركلة الأميركية التي أوصلت سياسيي الصدفة إلى سدة الحكم واستمرارهم لتسعة عشر عاما توقفت لفشلهم في حكم البلد وتطوير أنفسهم وعجزهم عن تحقيق أيّ مكاسب للشعب تمكنهم من الاستمرار لفترة أطول.

العرب

نظام سياسي فاسد
وفق قانون الاستمرارية لنيوتن، عندما نقوم بركل الكرة بقوة تستمر بالتحرك بسرعة ثم تأخذ بالتناقص حتى تنخفض سرعتها إلى الصفر أخيراً.

وهكذا قام الأميركان بدفع نظام الحكم في العراق بقوة، وبقي مستمرا بالتناقص مع الزمن، حتى وصل بعد تسعة عشر عاما إلى نقطة الصفر.

وهذه حقيقة لا تخفى على كل مراقب للعملية السياسية في العراق، فهي الآن في مرحلة الاحتضار فلا الحوار ولا مجلس النواب ولا الميليشيات ولا الجارة الشرقية قادرون على إيقاف التدهور إلى حد الصفر.

حيث أن الشعب قد أصيب بخيبة أمل كبرى بنظام الحكم الديمقراطي الذي كان يصبوا إليه، عندما تم تفريغه من محتواه نتيجة حرف الدستور، وتشريع القوانين التي تخدم سلطة الأحزاب الفاسدة. ونهب خيرات البلد.

فبعد تقاسم موارد العراق الضخمة تم القضاء على الصناعة ثم التعليم والصحة.

وأضعفوا الدولة إلى حد تمكين دول الجوار من التدخل في الشؤون الداخلية حتى فقد العراق استقلاله وسيادته.

الخلافات الحزبية وصلت إلى حد كسر العظم وأصبح النظام على حافة الهاوية، بعد أن انهارت كل محاولات إصلاح النظام من الداخل

إنها عملية ممنهجة لتدمير الدولة والبنى التحتية لها، مما جعل قطاعات واسعة من الشعب تحت خط الفقر، مع تفشي الأمية والبطالة، وما رافقها من تعاطي المخدرات وانتشار العصابات المنظمة والقضاء على الثقافة والعلوم والفنون

وكذلك إهمال مصادر الثروة المائية حتى تجاسرت دول الجوار على قطع الأنهار والجداول.

وعمت الفوضى بعد تكريس الحس الطائفي. واتّباع سياسة تكميم الأفواه ومصادرة حرية التعبير، واغتيال المعارضين وقمع الاحتجاجات، مع عجز القضاء عن توفير العدالة.

لقد أصبح الفساد جزءًا لا يتجزأ من النظام السياسي في ظاهرة غير مسبوقة، مما جعل العراق من بين أكثر دول العالم فسادًا وتخلفا.

فالطبقة السياسية تحولت إلى مجاميع من المافيات تحرسها ميليشيات خاصة تتولى عمليات النهب المنظم.

أما الخلافات الحزبية فقد وصلت إلى حد كسر العظم وأصبح النظام على حافة الهاوية، بعد أن انهارت كل محاولات إصلاح النظام من الداخل وانتهت الترقيعات والفتاوى والقرارات القضائية، وانكشفت ألاعيب قادة الأحزاب فأخذوا يدورون في حلقة مفرغة لانهاية لها، ولم نجد فيهم رجلا رشيدا لتدارك الوضع وانتشال الوطن من بؤر الفساد والتخلف والعمالة.

لقد تسلطت على حكم العراق منذ عام 2003 شخصيات مغمورة تافهة جلبها المحتل الأميركي ممّا يسمى بالمعارضة، وما هم سوى لصوص وقتلة هاربين من الوطن تحت شعارات دينية، سرعان ما انكشفت وظهر للعيان زيف الادعاءات.

فعملوا على تخريب كل المظاهر الحضارية لهذا البلد الأصيل. وعارضوا كل محاولة لإعادة تشكيل الدولة أو بناء نظام سياسي رصين، تحت شعارات قدسية زائفة لسلب حق الشعب في الحياة الحرة الكريمة.

لقد أصبح الفساد جزءًا لا يتجزأ من النظام السياسي في ظاهرة غير مسبوقة، مما جعل العراق من بين أكثر دول العالم فسادًا وتخلفا

وهكذا تم تشويه الديمقراطية وحكم الشعب، حتى وصلوا إلى نقطة الصفر واللاعودة. وهم في كل مرة يعيدون تدوير نفس الوجوه، ويكررون نفس الأطروحات القديمة التي عفا عليها الزمن في محاولات رخيصة لكسب تأييد الناس البسطاء، ولكن دون جدوى.

ومع كل ذلك مازالوا يحاولون بشتى الوسائل والطرق إيقاف الانهيار الشامل لمنظومتهم السياسية الفاسدة المتخلفة. ومع إدراكهم لنهايتهم القريبة، فهم مازالوا يسعون حتى النفس الأخير للبقاء في سلطة لم تكن في أيّ يوم من الأيام على مقاسهم.

فقد لبسوا لبوس الديمقراطية والورع والحديث باسم الأغلبية. ولكنهم خانوا الشعب وسرقوه واضطهدوه، وانقلبت الأغلبية التي ادعوا تمثيلها عليهم بعدما تكشفت أوراقهم وتدينهم الزائف وادعاءاتهم الكاذبة.

وبعد أزمات الحكم المتكررة نتيجة المحاصصة وتقاسم الثروات، كان آخرها فشل الأحزاب والكتل الحاكمة من الاتفاق على تشكيل الحكومة لمعارضتهم أيّ بادرة إصلاح للخروج من نظام تقاسم قوت الشعب، فأصبح النظام السياسي مشلولا تمامًا.

ولم يعد بالإمكان إنقاذ هذا النظام المتهرّئ بأيّ وسيلة كانت، ووصل إلى نهايته المحتومة.

وهكذا فان الركلة الأميركية التي أوصلت سياسيّي الصدفة إلى سدة الحكم، واستمرارهم لتسعة عشر عاما قد توقفت لفشلهم في حكم البلد، أو تطوير أنفسهم مع عجزهم عن تحقيق أي مكاسب للشعب تمكنهم من الاستمرار لفترة أطول.

والآن تقع على عاتق الجماهير مهمة إطلاق رصاصة الرحمة على رأس النظام، وإزاحة الفاسدين عن السلطة نهائيا، والمباشرة في بناء الدولة على أنقاض عبثهم وفسادهم.

دولة تليق بالعراق وأهله، وليس ذلك ببعيد.