المحرر موضوع: لابد أن ينتهي زمن الأحزاب في العراق  (زيارة 611 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31431
    • مشاهدة الملف الشخصي
لابد أن ينتهي زمن الأحزاب في العراق
بين الثراء والفقر يمشي النظام السياسي العراقي كمَن اختار عن قصد أن يمشي في حقل من الألغام.
MEO

التنظيف الأهم في داخل المبنى
مع الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003 وبعده بسنوات كثر عدد الأحزاب السياسية التي تمثل مصالح أفراد وجماعات وكان ذلك مرحبا به من أجل أن يبدو أن هناك تنوعا في الحياة السياسية ترويجا لشعارات الديمقراطية، غير أنه في حقيقته لم يكن إلا من أجل تقاسم الثروة العراقية التي أعتبرت غنيمة حرب.

يومها تحول نظام المحاصصة الطائفية إلى نظام للمحاصصة الحزبية وتم تثبيت ميزان القوى في السلطة بحيث تبقى الحصص قائمة بغض النظر عن نتائج الانتخابات التي يتم التلاعب بها من قبل مجلس النواب الذي يمثل اعضاؤه مصالح تلك الأحزاب ولا يمثلون الشعب الذي وضعهم على الكراسي كما يُفترض بهم.

تلك الظاهرة المعلنة التي صارت بمثابة تقليد ثابت لا يمكن الخروج عليه كانت هي الجذر الذي تفرعت منه أنواع الفساد الذي استشرى بطريقة جنونية بحيث أعتبره خبراء الاقتصاد غير مسبوق في التاريخ البشري ولن تنجح معالجته عن طريق الوسائل التقليدية.

الأحزاب والفساد متلازمان، لا يستغني أحدهما عن الآخر. ليس هناك حزب غير متورط بصفقات فساد هائلة. والفساد معلن في العراق لأنه يستند إلى سلطة الأحزاب التي حجمت القانون حتى عطلته. فالحديث عن الفساد يمس الأحزاب وهو ما يعني تسيس القانون وهي عقدة يعجز القانون عن تخطيها.

وبسبب حجم الفساد الهائل وسعته فإن كل المشاريع الخدمية في بلد هدمت فيه الحروب بنيته التحتية معطلة ولا يمكن تنفيذها لخلو الخزانة العراقية من الأموال. لم يمنع كون العراق ثريا بسبب صادراته النفطية الحكومات العراقية من الإستدانة من المؤسسات المالية الدولية بسبب عجز الموازنة المستمر. كل ذلك يحدث فيما يزداد عدد الفقراء حتى وصلت نسبتهم إلى ثلاثين بالمئة من المجتمع العراقي.

العراق دولة ثرية ليست لديها القدرة على معالجة كارثة تدني المستوى المعيشي لسكانها والعراق في المقابل دولة فقيرة تُعقد بين حين وآخر من أجلها مؤتمرات للمانحين الذين يعرفون الحقيقة فلا يبسطون أيديهم من أجل أن لا يساهموا في المهزلة. بين الثراء والفقر يمشي النظام السياسي كمَن اختار عن قصد أن يمشي في حقل من الألغام. وليست الألغام هنا سوى الأحزاب التي صار التهديد بنشوب حرب أهلية هوايتها التي تمارسها من أجل بث الخوف والرعب في قلوب أبناء البلد الذين صاروا بمثابة شهود زور.

الانتخابات الديمقراطية التي تُقام كل أربع سنوات هي مناسبة لتجديد بيعة الشعب للأحزاب. فهي إذاً انتخابات مزورة مهما قيل عن نزاهتها. لابد أن يكون للصدر مقاعده وللمالكي مقاعده ولباقي زعماء الأحزاب والميليشيات مقاعدهم. أما ما سُمي بالاختراق الذي شهدته الانتخابات الأخيرة قد كان نوعا من الزخرف الذي تطلبه تدهور الأوضاع في الشارع بعد احتجاجات 2019 المليونية. الامتيازات التي حصل عليها النواب الجدد هي نوع من الفساد. لم نسمع أن أحدا منهم قد تخلى عن تلك الامتيازات. بطريقة أو بأخرى هم في طريقهم إلى المساهمة في الفساد.

ماكنة الفساد التي أسسها الأميركان ورعاها نوري المالكي، رئيس الحكومة من 2006 إلى 2014، بقوانين هي بمثابة كوارث اقتصادية مثل قانون رفحاء، متقنة الصنع وضخمة وخفية وليس في الإمكان اكتشاف ممراتها، ذلك فإن تلك الماكنة بالرغم من انتسابها إلى الدولة العميقة تتغذى من أموال الدولة العراقية. فالعراق بلد تُستنزف كل إيراداته المالية قبل أن تدخل في الموازنة العامة. ما يقوله رئيس الحكومة وأعضاؤها هو نوع من الخداع والتزيين الذي لا يمت إلى الحقيقة بصلة. الحقيقة تقول إن العراق دولة مفلسة. ستبقى كذلك ما دامت الأحزاب هي التي تحكم.

ما حدث مؤخرا ليس جرس إنذار. بل هو بداية النهاية. لابد أن تُطوى صفة الأحزاب. ليس لأنها عاجزة عن تأليف حكومة تدير شؤون المواطنين في المرحلة المقبلة، بل لأن وجودها صار أشبه بالغيمة السوداء التي تحجب الشمس. لم يعد في إمكان العراقيين أن يعيشوا حياتهم بطريقة سوية في ظل وجود الأحزاب والقوانين التي ترعى مصالحها ومصالح المنتفعين منها الذين يقيم معظمهم خارج العراق.

كانت هناك حرب مؤجلة بين شعبين. شعب محروم وشعب مترف. معادلة صنعتها الأحزاب. لذلك فما لم تتخل الأحزاب عن السلطة فإن تلك الحرب ستقوم في أية لحظة. ما حدث في الأيام الماضية هو جزء من تلك الحرب، غير أنه الجزء الذي يشبه الصفعة. كانت هناك حرب شيعية شيعية وهي الباب الذي يطل على انهيار النظام.