المحرر موضوع: عفوا ملفونو..الايمان المسيحي لا يتحمل وزر التطرّف العلماني!!  (زيارة 628 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل أوشانا نيسان

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 322
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
عفوا ملفونو..الايمان المسيحي لا يتحمل وزر التطرّف العلماني!!
أوشــانا نيســان

أن تغّول دعاة القومية الاشورية بشقيها العرقي والمذهبي في طريقها، الى تفكيك أرث التلاحم التاريخي المتواصل بين الاشورية كأول نظام قومي وحدوي وسليل أقدم حضارة انسانية وجدت على وجه الارض وهي حضارة الامة الاشورية، وبين المسيحية كأول دين السلام والمحبة حتى اليوم. رغم أنه يفترض بالمسيحي الاشوري قبل القومي الاشوري أن يعرفا جيدا، أن المسيح لم يذكر شعبا ولم يمجد عدالة شعب على وجه المعمورة، مثلما ذكر شعبنا الاشوري وقبلة عدالته الانسانية أنطلاقا من منابرالعدالة في نينوى العاصمة بقوله:
 رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ فِي الدِّينِ مَعَ هذَا الْجِيلِ وَيَدِينُونَهُ، لأَنَّهُمْ تَابُوا بِمُنَادَاةِ يُونَانَ، وَهُوَذَا  أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ ههُنَا "، (مت 12: 41).
أما لماذا يشكك المثقف الاشوري بدور المسيحية في خلق التبعية الفكرية التي نعيشها اليوم، فهذه مسألة تحتاج  الى المزيد من البحوثات والتحليلات العلمية والتاريخية. ولكن حقا كلما سمعت أو قرأت شيئا من هذا القبيل، تذكّرت  حكمة مهاتما غاندي حين ضجر وقال "لولا المسيحيين لصرت مسيحيا". رغم أنني وكأي أشوري أخر، أعتقد أن المكانة المميزة التي أنفردت المسيحية بوضع العدالة الاشورية في مركزها، تدفعنا الى خلق حالة جديدة من التفكير الابداعي حتى في أتخاذ القرارات المتعلقة بالوجود والمستقبل. أذ ليس من العدل أن نحمّل المسيحية تبعات سقوط الامبراطورية الاشورية التي أنهارت 612 عام قبل ظهور المسيحية. ولآجل ان يتأقلم هذا السّرألآلهي في الواقع الاشوري الصعب، يجب أن نكون مستعدين فكريا وداخلياً لأطلاق حملة التغيير ومواكبة التطور من دون التحجج بوقائع تاريخية عفى عليها الدهر.
ومن المنطلق هذا نؤكد، أن أصرار ملفونو سليمان يوسف يوسف في الربط بين مأساة "العبرانيون اليهود" والاشورين، جاء نتيجة للاوضاع غير الطبيعية التي خلقتها الانظمة الاستبدادية في بلدان الشرق الاوسط. ففي مقال للباحث سليمان بتاريخ 24 أب 2022 يكتب:
   " العبرانيون اليهود"، رغم قلة تعدادهم وافتقارهم إلى إرث حضاري عريق وتشتتهم... نجحوا في إعادة بناء دولتهم في وطنهم الأم (اسرائيل) بعد نحو 2700 عام على سقوطها على يد ملوك بابل و آشور... بينما الآشوريون...بسقوط  دولتهم على أيدي حاكم بلاد فارس (قورش)عام  612 قبل الميلاد ، أخفقوا في إعادة بناء دولتهم في بلاد آشور رغم عظمة إمبراطوريتهم وحضارتهم و كثرة تعدادهم وبقائهم في أرضهم"، أنتهى الاقتباس.
النبوءة التي سبقتها نبوءة أخرى نشرها ملفونو سليمان بتاريخ 11 سبتمبر 2020 جاء فيها:
" السقوط الأول للآشوريين كان (سقوطاً سياساً) تمثل بسقوط بابل 612 قبل الميلاد على يد الميديين الفرس. أما السقوط الثاني كان (سقوطاً قومياً) تمثل بدخولهم المسيحية". انتهى الاقتباس.
المتابع لمضمون ما ينشره ملفونو سليمان يوسف بأعتباره باحث ومحلل وصحفي غزيرالانتاج، يعرف أنه حاول ويحاول بأستمراراستقراء بواطن الاحداث التاريخية بعين العقل والتروي، في سبيل أستخلاص الدروس والنتائج التي تدللنا على دراسة الوضع المأساوي الذي آل اليه شعبنا الاشوري. ومن المنطلق هذا وحده، يجب تسليط الضوء على طروحات ملفونو سليمان وعلى رأسها نظرته الى دور المسيحية في "تعزيز روح الاستسلام والذل والهروب من مواجهة الواقع والتحديات"، كما يؤكد في مقاله الاخير.
في الوقت الذي يقرّفيه أخرون بضمنهم كاتب المقال، أن تحول الاشوريون الى المسيحية، جاء بمثابة خشبة أنقاذ للهوية الاشورية من الانقراض أثرالغزوات الاىسلامية، حالهم حال الملاين من الاشورين الذين تحولوا الى الاسلام ثم ضاعوا في العراق والدول المجاورة. حيث أن دور الحفاظ  على لغتنا القومية وعاداتنا وتقاليدنا وهويتنا كسليلي حضارة الامة الاشورية، يعود الى كنيسة المشرق بالدرجة الاولى. لآن الذبح كان الحد الفاصل بين خيارالاسلمة أو الموت، لذلك:
- خيّرالملايين من الاشوريين في العراق وتركيا وايران على الاسلمة بدلا من الموت. (الآشوريون المسلمون الذين أسسوا الجمعية الآشورية في جنوب شرق تركيا/ ايلاف.03 ديسمبر 2016)
- وجود عددا من العوائل الكوردية في الاقليم/شمال العراق، لا يزال ينعتون ب(بن - ديان) ويعني أحفاد المسيحيين/ الاشورين
الاجتهاد في تفسيرالمذاهب هو الخلاف الجوهري بين كنائس العالم!!
قد يستغرب القارئ عند قراءته لهذا العنوان الشاذ قليلا عن سياق الايمان المسيحي الواضح، ولكن يجب الاعتراف بحقيقة الاختلاف قبل الدخول في تفسيراته، للاسباب التالية:
 1- أن تحّول شعبنا الاشوري الى المسيحية كأول شعب على وجه المعمورة، جاء بقرار من الملك الاشوري أبجرالخامس أوكاما، ولا لآسباب أخرى. فالملك الاشوري طلب حضور المسيح ليشفيه من مرضه، أثر سماعه عن المعجزات التي عملها في فلسطين. فأجابه سيدنا المسيح، (سأرسل اليك أحد تلاميذي ليشفي عذابك ويعطي الحياة لك وللذين معك). الامر الذي يدل على أن مسيحية شعبنا الاشوري تؤكد على بقاء وأستمرارية الكيان السياسي الاشوري حتى فجر المسيحية، وفق خصوصياته التاريخية والقومية - الثقافية التي باتت تميّزه عن بقية مسيحيي العالم حتى اليوم. فقرارالملك الاشوري وقف ور عمليا وراء ديمومة الزعامة الدنيوية للبطريرك الاشوري الى جانب زعامته الدينية وحمايته لشعبه المسيحي-الاشوري في ولاية هكاري حتى اندلاع نيران الحرب العالمية الاولى عام 1914 وانفلات العنصرية االشرقية عن عقالها. 
 2- " الاهتداء إلى المسيحية كان سهلا على الآشوريين لأن الكثير من تعاليم الكنيسة في عهدها البدائي كانت مماثلة لمعتقدات ديانة الإمبراطورية الآشورية. في الحقيقة يمكن القول بأن العديد من مبادئ المسيحية في مهدها كانت مبنية على الممارسات والأفكار التي كانت سابقاً مركزية لأيديولوجية وديانة الإمبراطورية الآشورية"، يؤكد عالم الاشوريات في جامعة هلسنكي البروفيسور سيمو باربولا في محاضرة قدّمها في المؤتمر القومي الاشوري في لوس أنجلس 4 أيلول 1999.
3- ورث البطريرك لكنيسة المشرق الزعامة الدينية والدنيوية (وليس غيره من التسميات)، حتى أغتيال قداسة البطريرك مار أيشاي شمعون عام 1975. البطريرك الشاب الذي أكمل مسيرته الجامعية في جامعة كامبرديج عام 1927 وعاد الى العراق. حيث سارعت الحكومة العراقية في أسقاط جنسيته العراقية بقرار رقم 62 لسنة 1933 لآسباب قومية - سياسية، وتحديدا بعد أجتماعه والزعماء الاشوريين في مؤتمر سرعمادية 15-16 حزيران 1932، والمطالبة بحكم ذاتي عاصمته دهوك. علما أن مقتل البطريرك مارأيشاي شمعون والقول لمثلث الرحمات ماردنخا الرابع، كانت مسألة سياسية وليس بسبب بزواجه، وجاء القتل بيد عائلة مرموقة مثل عائلة ملك ياقو، ذلك بهدف تفرقة الشعب الاشوري).
ومن المنبرهذا نؤكد، أن كنيستنا كنيسة المشرق قدمت ضحايا لا تعّد ولا تحصى بضمنهم عدد غير قليل من البطاركة في سبيل الدفاع عن مصلحة الشعب الاشوري وحقوقه القومية الوطنية المشروعة، وليس دفاعا عن مبادئ المسيحية كما يجب أن يكون وعلى راسهم:
1- أعدام البطريرك مارشمعون برصباعي، مارميلس وشهدوست من قبل شابور الثاني عام 344 الميلادي لرفض زعيم كنيسة المشرق رفع المزيد من الضرائب على كاهل الاشوريين!!
2- أغتيال البطريرك مار بنيامين في منزل المجرم سمكو شكاك عام 1918، حاملا مشروع الاتفاقية التي وقعها القيصر الروسي، مضمونها تشكيل فيدرالية واسعة عاصمتها دهوك
3- أغتيال البطريرك مار أيشاي شمعون في أمريكا من قبل المجرم ديفيد ملك ياقو عام 1975.   
4 - تحّول موطن الاباء والاجداد في وادي الرافدين الى مهد المسيحية، حوّل المنطقة من جديد الى نقطة أستقطاب عالمي. وأن القرار مثلما عزّزهوية الانتماء الوطني الراسخ لكنيسة المشرق في كنيسة كوخي شرق بغداد بأعتباره ثالث كنيسة على وجه الارض، بالقدر نفسه شجّع بطاركة الكنيسة بضرورة البقاء داخل الوطن والتمسك بثرى الاباء والاجداد. وما عودة البطريرك الجديد بعد 89 عام من طرد مار ايشاي شمعون ونفيّه وسحب جنسيته العراقية، الا دليل أخرعلى صحة قولنا.
5 - يأتي الاختلاف بين الهوية العرقية لكنيسة المشرق لاحقا كنيسة المشرق الاشورية والكنائس المسيحية الاخرى، من خلال التأكيد الدائم لزعامة الكنسية على هوية شعبنا الاشوري. ففي كلمة البطريرك الجديد ماراوا الثالث رويل بمناسبة يوم الشهيد الاشوري وفي قصبة سميل يقول:
" صلّينا اليوم في كنيسة الشهداء هنا في سميل، أحياء لذكرى شهداءنا عام 1933. كلنا أمل أن لا ننسى كأشوريين رسالة شهداءنا ونحن في القرن 21. وعلينا أن نحقق أمنية شهداءنا مثلما علمونا بتضحياتهم...وعلينا أيضا أن نذّكر أبناء وبنات هذه الكنيسة بأستمرار، كي لا ننسى الماضي ونخطط للمستقبل بحكمة وتروي..أملين أن نفلح في الاعداد جيدا ليوم شهداءنا هنا في سميل العام المقبل وفي كل مكان بمناسبة مرور 90 عاما على يوم الشهيد الاشوري "، أنتهى الاقتباس.
6- دفاع كنيسة المشرق عن الهوية القومية وأؤكد دفاع زعماء كنيسة المشرق عن الهوية القومية الاشورية  في العراق والعالم، بات يميزهم تاريخيا عن بقية بطاركة الكنائس المسيحية الاخرى. أذ على سبيل المثال، تنامي الصحوة القومية بين أشوريي العراق وحدهم رغم قلة عددهم، يرجع الى دورزعماء الكنيسة ودورالمناطق الجبلية ذات التضاريس الصعبة التي سكنها الشعب، في الحرص على ايقاظ الصحوة القومية من سباتها ورفض الركوع بأستمرار. هذه الصحوة المغيّبة لدى الكثير من زعماء الكنائس وفي طليعتها، كنيسة الأقباط في مصر، كنيسة المارونيين في لبنان بما فيها كنائس سوريا، رغم الفارق الكبير في العدد.   
وفي الختام نؤكد على نقطة في غاية الاهمية الا وهي، غياب استراتيجية الوحدة والقدرة على التعامل مع الاحداث الطارئة خارج جدران الكنائس، أن لم نقل التأخير العمدي في تشكيل الوعي الجمعي للمسيحين العلمانين في بلدان الشرق الاوسط الشرق عموما وفي العراق وسوريا تحديدا. لربما بسبب تداعيات الهجرة التي أثخنت  جسد الامة بجروح عميقة تستصعب عليها التلاقي بين الشرائح المغيّبة داخل الوطن وغيرها من الشرائح المستقّرة في بلدان الاغتراب منذ عقود.