المحرر موضوع: هل العراق بحاجة الى حكم استبدادي ؟  (زيارة 852 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل د.عامـر ملوكا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 201
    • مشاهدة الملف الشخصي
هل العراق بحاجة الى حكم استبدادي ؟
د. عامر ملوكا
 
قبل عدة قرون كتب أرسطو المولود عام 384 قبل الميلاد حول الحكم الدستوري وبيّن أنه يتكون من ثلاثة عناصر مهمة، أولها حكم يكون هدفه الصالح العام، وثانياً أن يكون حكماً قانونياً تدار الدولة بموجب القانون، وثالثا تكون حكومة .....لشعب مقتنع وراضٍ بالحكم بإرادته وليس بالقوة. وأما ميكافيلي المؤرخ والفيلسوف ويشتهر بكونه أبا العلوم السياسية الحديثة، ولد عام 1469 فقد كتب بأن الحكم الاستبدادي يكون مباحاً في حالتين: عند انشاء دولة، أو اصلاح فساد. فلو أردنا مناقشة الوضع العراقي الصعب والمتشابك من خلال هذه المفاهيم لاثنين من أهم الفلاسفة الذين أنتجهم التاريخ البشري.

 هل يمكننا اعتبار الحكم في العراق حكماً دستورياً من خلال أن يكون هدفه الصالح العام، بالتأكيد الجواب سوف يكون بكلا لأن الحكم في العراق منذ سقوط النظام السابق وبكل المقاييس العلمية وعلى الأرض تشير إلى أن كل الحكومات والنظام السياسي الحاكم والذي ينتج هذه الحكومات الفاشلة والسيئة هو بالضد من الصالح العام وأوجه التخلف والإهمال واضحة في كل مفاصل الدولة، فنرى تراجعاً كبيراً في الخدمات الصحية والاهتمام بصحة الانسان وأيضاً تزويد المواطنين بالمياه للاستخدامات البشرية أو الزراعية ونرى زيادة معدل الولادات ويقابلها سوء التغذية للأمهات وللأطفال مما يرفع من نسبة الوفيات ويقلل من متوسط عمر الانسان وأيضاً نلاحظ التخلف الواضح في البنى التحتية والطرق والنقل وارتفاع معدلات البطالة وتراجع مستوى التعليم وفشل كامل للقطاع الصناعي وفتح الباب للاستيراد وخروج العملة الصعبة لدول الجوار وأيضاً ابتعاد الدولة عن بناء الانسان وزرع روح المواطنة العراقية التي غابت في زحام الانتماءات الأخرى إن كانت قومية أو طائفية.

 حسب مفهوم المفكر الفرنسي جورج بوردو حول الديمقراطية الحاكمة يقول بأنها تختلف عن الديمقراطية المحكومة والتي تنطبق على الواقع العراقي في أنها تحكمه وتراعي مصالحها بصرف النظر عن مصالح الشعب وهي ديمقراطية اسمية، أما الديمقراطية المحكومة كما في أغلب الدول الديمقراطية في الغرب فهي تسعى لمصلحة الشعب والمواطن وتسخّر النظام الديمقراطي من أجل الانسان ومصلحته والمصالح العليا للوطن،
 وأيضاً نجد المواطنة العراقية قد تراجعت كثيراً وإن عراقنا يعيش القلق والضياع لفقدانه الإحساس الحقيقي بالمواطنة، ولا يمكن للدولة من أن تسير نحو البناء والتطور والاستقلال دون تعزيز وترسيخ المواطنة العراقية، وعندما تترسخ هذه الفكرة وتكون في المقدمة سوف نخلق مجتمع المواطنين. وفي مراحل متقدمة سوف يسود مبدأ المساواة والعدالة بين أفراد المجتمع وهو يكون الضابط لكل الاختلافات الأخرى إن كانت دينية أو قومية أو طائفية.

 المبدأ الثاني لأرسطو أن يكون الحكم بموجب القانون وكل الدلائل تشير أن كل الأمور المتعلقة بالدولة العراقية لا تتبع لقانون وانما لكل قضية يفصل لها قانون وإن طبق القانون فيكون بحق المستضعفين والفقراء لصالح الأحزاب والمتنفذين وعدم تطبيق القانون على الجميع سوف يشجع الآخرين إلى كسره إضافة إلى شعور المواطن بعدم المساواة مما يؤدي إلى انتشار الفوضى والظلم وعدم الاستقرار وضياع سلطة وهيبة الدولة، والشرط الثالث لأرسطو أن يكون شعب الدولة مقتنعاً بحكومته، وهنا نستطيع القول بأن أكثر من 80% من الشعب العراقي غير راضٍ او مقتنع بهذه الحكومات وذلك يبدو واضحاً من خلال مقاطعة أكثر من 80% من الشعب العراقي الادلاء بأصواتهم في الانتخابات الأخيرة وأيضاً ثورة تشرين كانت خير دليل ومعبر عن عدم الرضا والقناعة بمن يحكم البلد ويدير شؤونه. إذن وحسب مفهوم أرسطو نستطيع القول بأن جميع الحكومات التي حكمت بعد عام 2003 هي حكومات غير دستورية،

 وأما ما يخص الجزء الثاني وهو شرعنة ميكافيلي الحكم الاستبدادي في حالتين: الأولى عند انشاء دولة، والثانية: عند اصلاح الفساد. ما يخص النقطة الأولى إعطاء الشرعية للحكم الاستبدادي في حالة انشاء دولة، فالعراق حالياً يفتقد إلى أهم مقومات الدولة المؤثرة والقوية حيث أن من أهم ما يميز الدولة القوية فرض السيطرة والحكم على مجمل أراضي الدولة وأن تكون تحت سلطتها، واستقلالية الدولة عن كل الأطراف الفاعلة والغير حكومية وممارسة سلطاتها بشكل مستقل عن كل المجموعات الاجتماعية المؤثرة كالقادة الدينيين والعشائر واعتماد الدولة على التكنوقراط ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب وقدرتها فرض سيادة القانون على كامل الأرض الوطنية، وقدرتها على استثمار الموارد وتقديم الخدمات إضافة لكل ذلك تمتلك قرارها المستقل بعيداً عن التدخلات الإقليمية والدولية. من خلال ما جاء أعلاه نستطيع القول بأن العراق الحالي يفتقد إلى مفهوم الدولة، إذن هو بحاجة إلى بناء الدولة. أما ما يخص النقطة الثانية من شرعنه الحكم الاستبدادي وهي اصلاح الفساد فقد عرف البنك الدولي الفساد بأنه “أعظم عقبة أمام التنمية الاقتصادية والاجتماعية”، إن عملية اجتذاب الاستثمار الأجنبي تعتمد على تنمية التوقعات المتعلقة بوجود بيئة عمل صحية، وتؤثر المعلومات المتعلقة بمستويات الفساد على استعداد المانحين لمساعدة البلدان النامية.
وقد صُنف العراق ضمن الدول الأكثر فساداً في العالم، قد احتل المرتبة 157 عالمياً، ضمن مؤشرات مدركات الفساد الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية عام  2021.
وتقارير صادرة عن وزارة التخطيط أقرت بوجود 6 آلاف مشروع أخذت أموالاً من الدولة ولم تنفذ المشاريع، وبينت استعادتها لأكثر من 400 ألف دونم من أراضي الدولة كانت محجوزة تحت مظلة المشاريع الاستثمارية الوهمية وغير المنجزة، التي تقدر بقيمة 90 تريليون دينار (أي ما يعادل 62 مليار دولار). إذن نستنتج بأن الفساد هو الطابع الأكثر أهمية الذي يميز الدولة العراقية منذ 2003 ونستنتج أيضاً وحسب مفهوم ميكافيلي بأن العراق يحتاج إلى حكم استبدادي شبيه بحكم النظام السابق، وهذا لا يمكن أن يحصل إلاّ من خلال انقلاب عسكري يقوده وطنيون عراقيون، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل يستطيع الوطنيون العراقيون قيادة مثل هذا الانقلاب دون الاعتماد على أمريكا وأطراف أخرى، وإن جاء عراقياً وطنياً هل يستطيع الصمود وبناء العراق القوي الموحد والمزدهر، وان جاء بدعم امريكي هل سيكون وطنياً وقادراً على بناء دولة حقيقية. أسئلة كثيرة ومستقبل غامض تشوبه الضبابية والمجهول.



غير متصل ناصر عجمايا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2363
    • مشاهدة الملف الشخصي
لالالالالالا ومليون لا العراق بحاجة الى حكم ديمقراطي حقيقي منصف للجميع وفق القانون والنظام يخضع له الجميع مع تحقيق العدالة الاجتماعية وضمانها وامنها ومستقبل اجيالها بالصحة والتعليم وكل ما يخدم الانسان العراقي