المحرر موضوع: خطاب الرعب في نتائج الانتخابات السويدية  (زيارة 643 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31448
    • مشاهدة الملف الشخصي
خطاب الرعب في نتائج الانتخابات السويدية
صعود اليمين في السويد كان متوقعا. السويديون يحتجون على اليسار المتراخي والمحافظين عديمي الفاعلية.
MEO

صورة مرتبكة للديمقراطيين الاجتماعيين
انتهت الانتخابات التشريعية السويدية وأفضت إلى تغيير كان مرتقباً ومتوقعاً بعد معركة انتخابية شرسة بين أحزاب اليمين واليسار، وفازت كتلة اليمين بـــــ 176 مقعداً في البرلمان مقابل 173 مقعد لكتلة اليسار التي تحولت لمواقع المعارضة في البرلمان بعد أن حكمت السويد لثماني سنوات.

لطالما كانت برامج الاحزاب السويدية في الانتخابات تدور حول دولة الرعاية الاجتماعية والاقتصاد والوظائف والعمل. لكن تغيرت المواضيع التي هيّمنت على الحملات الإنتخابية فأصبحت تدور حول الجريمة وتصفية الحسابات الدامية بين العصابات ومشكلات الهجرة والاندماج والزيادة الحادة في فواتير الطاقة وغيرها.

لماذا هذا التغيير في البرامج الانتخابية؟

مما لاشك فيه أن أي متابع للوضع في السويد يدرك تماماً أن المزاج العام للشارع السويدي قد تغيّر عما كان عليه بعد انتخابات عام 2018 التي صدمت الجميع بفوز حزب سفاريا ديمقراطيا اليميني المتطرف والذي يقدم سياسة متشددة ضد المهاجرين ودخول 62 من أعضائه للبرلمان السويدي، بعد أن كان قد حصل على 49 مقعدا في انتخابات 2014. الصعود الملفت لليمين المتطرف وتجاوب الناخب السويدي مع برامجه والتصويت له بقوة في انتخابات 2022 ليحصل على 73 مقعدا في البرلمان ويكون الحزب الثاني من حيث عدد الأصوات في الانتخابات الحالية بعد الاشتراكيين الديمقراطيين وبالتالي تراجع أحزاب اليسار وتفوق كتلة اليمين وتفوقها بثلاثة مقاعد على كتلة اليسار المرتبكة، كل ذلك بات أمراً واقعاً في السويد التي في طريقها للتخلي عن الوجه المبتسم لموجات الهجرة التي وصلت لها وبالتالي تتخلى عن سمة الرفاهية التي وسمتها لعقود.

مع مشكلة الهجرة والركود التضخمي الاقتصادي الذي ضرب العالم بسبب فايروس كوفيد-19، كان التاريخ يعيد نفسه ويرفع المد لمراكب اليمين المتطرف لقمة السلطة كما ادى الكساد العظيم في الثلاثينيات لصعود اليمين المتطرف في اوروبا الغربية.

لكن الصورة لا تبدو قاتمة الى هذا الحد كما يتداول في الاوساط المهاجرة عن خطاب الرعب الذي تطلقه أحزاب تحالف اليمين. فالحزب الاشتراكي الديمقراطي حقق النتيجة الافضل وحصل على 30.5% من الأصوات وهذه نتيجة أعلى بـــــ 2% من انتخابات 2018، وهذا يعني المزيد من المؤيدين لسياسة الاشتراكيين رغم زيادة الجريمة ومشاكل الهجرة والبطالة في حكمهم لثماني سنوات سابقة. بل من الأجدى تفسير نتيجة الانتخابات بأن الناخبين السويديين يريدون أن تصبح السويد مثل الدانمارك وبقية دول الشمال الأوروبي دولة هادئة دون صخب الجريمة والهجرة والبطالة والعزلة.

وبعيداً عن خطاب الرعب والقلق الذي يجتاح المجتمعات المهاجرة في السويد فإن التغيير الذي حدث هو تغيير في مراكز كتلة اليمين بتراجع حزب المحافظين وتقدم سفاريا ديمقراطنا، ونفس الشيء حدث في كتلة اليسار بتقدم الاشتراكيين بـــــ 2% وتراجع حزب اليسار بنفس النسبة.

وهنا يبرز السؤال: هل صوّت السويديون لليمين المتطرف؟ وهل هبّت رياح اليمن المتطرف على السويد؟

هنا تجيب صحيفة الاكسبريسن اليومية الواسعة الانتشار: "لم تهب رياح يمينية على الإطلاق.. السويد ليست داعمة لليمين المتطرف، وحتى من انتخب سفاريا ديمقراطنا لم يفعل ذلك من أجل دعم اليمين المتطرف، وإنما يأساً من قدرة أحزاب المحافظين والاشتراكي والأحزاب القديمة في معالجة المشاكل المستمرة في السويد. لا توجد في السويد رياح يسارية قوية ولا رياح يمينية قوية بدلاً من ذلك، فإن الانتخابات هي دعوة لعودة النظام للسويد، لقد صوت نصف السويديين لليمين البرجوازي وصوت النصف الاخر لليسار الاشتراكي – والجميع وعد بقمع جرائم العصابات وسياسة هجرة منظمة ومشددة."

 ربما علينا التروي قبل أن تظهر النتائج على الارض بعد تشكيل الحكومة، وحتى ذلك الحين يمكننا أن نرى نتيجة الانتخابات على أن أغلبية كبيرة من السويديين يريدون أن تصبح السويد أكثر شبهاً ببقية دول الشمال. دولة منضبطة في استقبال المهاجرين.. ودولة لا توجد بها نسبة عالية من الجريمة. الناخبون لا يريدون أن تصبح السويد هنغاريا جديدة، لذلك انتخب السويديون أحزاب الكتلتين بالتساوي لا من أجل تيار يساري متطرف ولا من أجل تيار يميني متطرف.. بل من أجل عودة السويد للاستقرار الاجتماعي.