المحرر موضوع: جورجيا ميلوني أول امرأة تحكم إيطاليا منذ زمن إمبراطورات روما  (زيارة 544 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31484
    • مشاهدة الملف الشخصي
جورجيا ميلوني أول امرأة تحكم إيطاليا منذ زمن إمبراطورات روما
خبراء اقتصاديون يرون أن روما لن تتجرأ على معاداة بروكسل، طالما هي في حاجة ماسة إلى استمرار المساعدات التي يوزعها الاتحاد الأوروبي.
العرب

أقل من الفاشية أكثر من اليمين
روما – بقيادة الإيطالية جورجيا ميلوني البالغة من العمر 45 عاما أصبح حزب فراتيلي ديتاليا الحزب الأول في البلاد بعد أن حصد قرابة ربع أصوات الناخبين في الانتخابات التشريعية التي أعلنت نتائجها مساء الأحد الماضي، ما سيمكّن زعيمة الحزب من تشكيل حكومة جديدة، كأول امرأة تتولى رئاسة الوزراء في إيطاليا.

ويصنّف فراتيلي ديتاليا كحركة سياسية أقل من الفاشية الصريحة، ولكن أكثر من اليمين المعروف. لذلك سارعت ميلوني المنتصرة إلى طمأنة المواطنين بالقول “إذا دعينا لحكم هذه الأمة فسوف نفعل ذلك من أجل جميع الإيطاليين. سنفعل ذلك بهدف توحيد الناس وتعزيز ما يوحدهم وليس ما يفرقهم”.

إغلاق البلاد
صعود ميلوني يثير قلق الأوروبيين الذين يسألون عن الخطوة التالية، معتبرين أن تحالف اليمين المتطرف مع القوى المحافظة في إيطاليا هو في طريقه إلى إحداث زلزال سياسي في أوروبا

استطاعت ميلوني تحويل نسبة هزيلة جداً حصل عليها حزبها في الانتخابات الماضية إلى فوز ساحق، باستقطاب الكثير من الإيطاليين المستائين والغاضبين مما اعتبروها “إملاءات” من الاتحاد الأوروبي وكذلك بسبب غلاء المعيشة وأفق الشباب المسدود.

بمفردات تذكّر بأفلام المافيا الإيطالية، تضع ميلوني شعار “الله – الوطن – العائلة”، معلنة أهدافها التي تنص على إغلاق الحدود الإيطالية لحماية البلاد من “الأسلمة”، وإعادة التفاوض بشأن المعاهدات الأوروبية، ومحاربة “مجموعة الضغط لمجتمع المثليين” وكذلك بالكثير من الحديث عن “الخريف الديموغرافي” للبلاد التي تسجل أعلى متوسط أعمار بين الدول الصناعية بعد اليابان مباشرة.

قبل سنوات كانت قد وصلت إلى مسامع ميلوني قصة ”الاستبدال الكبير“ الذي يروجه اليمين في عموم أوروبا، فنددت ما اعتبرته غزواً ثقافياً تتعرض له إيطاليا، وقد رفعت صوتها بهذه النبرة لدرجة أن الكثيرين صنفوها على أنها تمثل ”مرجعاً في الاحتجاج والسخط”.

ولدت ميلوني في روما عام 1977 وهي ابنة بيئة متواضعة، في بلاد عادة ما تتحكم فيها العائلات الكبرى، ربّتها أمها وحدها في حي للطبقة العاملة بالعاصمة الإيطالية بعد أن تخلى عنهما والدها فور ولادتها، فكبرت ونشطت في صفوف الجمعيات الطلابية اليمينية، وعملت مربية أطفال ونادلة، وفي أواسط التسعينات ترأست جمعية في المدارس الثانوية اتخذت الصليب السلتي شعارا، ورسّخت حضورها في الأوساط الشبابية المتشددة، وهذ يفسّر ازدحام مكتبها بالتماثيل الصغيرة للملائكة وصورة البابا يوحنا بولس مع الأم تيريزا.

فازت في أول انتخابات محلية وهي في سن 21 وأصبحت أصغر وزيرة في إيطاليا على الإطلاق عندما منحتها حكومة برلسكوني في عام 2008 حقيبة الشباب وهي في سن 31.

قدراتها البلاغية مكنتها من لفت انتباه وسائل الإعلام والبرامج الحوارية، فباتت ملهمة لجيل الشباب الذي افتقد لامرأة قيادية لفترات طويلة، وكانت تهتف أمام أنصارها قائلة “أنا جورجيا أنا امرأة أنا أمّ وأنا إيطالية وأنا مسيحية”.

إرث موسوليني

حزبها تحاول ميلوني مقارنته بالحزب الجمهوري الأميركي وحزب المحافظين البريطاني
ميلوني وحزبها يعلنان نفسيهما ورثة شرعيين للحركة الاجتماعية الإيطالية، وهو حزب فاشي جديد أسّس بعد الحرب العالمية الثانية، وسبق لميلوني وأن أعلنت لمحطة “فرانس 3” التلفزيونية الفرنسية أن الدكتاتور بينيتو موسوليني كان “سياسيا جيدا”. لكنها لا تريد التصريح رسمياً بأنها فاشية تماماً، لذلك عادت وقالت لمجلة “السبكتيتور” البريطانية مؤخراً “لو كنت فاشية لقلت ذلك”، مضيفة قولها “لا مكان للأشخاص الذين يحنون إلى الفاشية والعنصرية ومعاداة السامية”، غير أنها قالت لأنصارها بعد فوزها “يجب أن نتذكر أننا لم نصل إلى نقطة النهاية، فنحن في نقطة البداية. اعتبارا من الغد يجب أن نثبت جدارتنا”.

هي الأم الكبرى الشابة لحزبها فراتيلي ديتاليا، الذي أسسته نهاية العام 2012 بعد أن أدارت ظهرها لاضطرابات اليمين، وعندما شكل ماريو دراغي الحاكم السابق للبنك المركزي الأوروبي في فبراير 2021 حكومة وحدة وطنية لإخراج إيطاليا من الأزمة الصحية والاقتصادية كانت ميلوني وحزبها الطرف الوحيد الذي رفض المشاركة، وقالت حينها إن “إيطاليا في حاجة إلى معارضة حرة”.

تبالغ ميلوني في تقدير حزبها، حين تحاول مقارنته بالحزب الجمهوري الأميركي وحزب المحافظين البريطاني، حيث تُقدر الوطنية والقيم العائلية التقليدية، ويبدو هذا امتيازاً لها بين الساسة الإيطاليين، فقد ألقت خطاباً باللغة الإسبانية في يونيو الماضي، كانت صريحة فيه هذه المرة أكثر من ذي قبل، حين قالت لمناصري حزب فوكس اليميني الإسباني “نعم للأسر الطبيعية، لا لجماعات الضغط المثلية، نعم للهوية الجنسية، لا للأيديولوجيا القائمة على النوع، نعم لثقافة الحياة، لا للسقوط في هاوية الموت، لا لعنف الإسلام، نعم للحدود الآمنة، لا للهجرة الجماعية، نعم للعمل من أجل شعبنا، لا للتمويل الدولي الكبير”.

سر نجاح ميلوني

ميلوني ستجد نفسها أمام تحديات كبيرة، أبرزها ارتفاع الأسعار ودين يمثل 150 في المئة من إجمالي ناتج إيطاليا المحلي
سر نجاح ميلوني، حسب المراقبين، يكمن في قيمة حداثتها في عالم السياسة الإيطالية القديم الذي دائما ما هيمن عليه الرجال، إضافة إلى تمسكها الراسخ بمواقفها، وحذرها الشديد لا سيما في فترة ما قبل الانتخابات، حين حثت حلفاءها على عدم تقديم تعهدات لا يمكنهم الوفاء بها ووعدت بأن تكون أمينة على إدارة الحسابات العامة الهشة في إيطاليا.

وطمأنت المؤسسة الإيطالية القائمة برسالة قوية مؤيدة للغرب تعهدت فيها بزيادة الإنفاق الدفاعي والوقوف في وجه روسيا والصين. وقد نددت بالغزو الروسي لأوكرانيا منذ اليوم الأول، وسيكون عليها كرئيسة للحكومة أن تواجه مجموعة هائلة من المشكلات من بينها ارتفاع أسعار الطاقة وآثار حرب فلاديمير بوتين.

رسائلها شديدة اللهجة شجعت الصحف الإيطالية على المقارنة بينها وبين رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت ثاتشر، صاحبة اللقب الشهير ”المرأة الحديدية“، ومثلما حطمت ثاتشر الحاجز غير المرئي الذي يعيق تقدم النساء في بريطانيا لتتولى منصبا رفيع المستوى قبل 43 عاما، فعلت ميلوني الأمر ذاته.

تعارض نظام ”الكوتا“ لضمان التنوع وتعزيز وجود النساء في البرلمان أو المناصب العامة، وتقول إن المرأة عليها أن تصل إلى القمة بجدارتها، وتضيف “عندما تكونين امرأة غالبا ما يتم الاستخفاف بك.. لكن هذا يمكنه حقا أن يساعدك”.

ميلوني ترفض دخول المهاجرين إلى بلادها، وسبق لها وأن دعت إلى فرض حصار من القوات البحرية على ساحل البحر المتوسط في أفريقيا لمنع المهاجرين من الوصول إلى إيطاليا

ترفض ميلوني دخول المهاجرين إلى بلادها، وسبق لها وأن دعت إلى فرض حصار من القوات البحرية على ساحل البحر المتوسط في أفريقيا لمنع المهاجرين من الوصول إلى إيطاليا. وأثارت الجدل عندما نشرت فيديو على السوشيال ميديا، قبل أشهر، وصفته بأنه لحظة اغتصاب لاجئ في إيطاليا لنازحة أوكرانية.

بصعودها لم يعد أحد يسأل عن السبب، بل بات الكل في أوروبا يفكر في الخطوة التالية، معتبرين أن تحالف اليمين المتطرف مع القوى المحافظة في إيطاليا هو في طريقه إلى إحداث زلزال سياسي في أوروبا.

إيطاليا هي ثالث قوة اقتصادية في منطقة اليورو، والتغيير الكبير فيها سينعكس على الفور على بقية القارة، وضمن كيان الاتحاد الأوروبي ومؤسساته، ولهذا أشارت رئيسة المفوضية الأوروبية الألمانية أورسولا فون دير لاين إلى أن لدى الاتحاد الأوروبي “أدوات” لمعاقبة الدول الأعضاء التي تنتهك سيادة القانون وقيمه المشتركة، فردت ميلوني بالقول على تويتر “في أوروبا، إنهم قلقون جميعا لرؤية ميلوني في الحكومة. انتهى العيد. ستبدأ إيطاليا بالدفاع عن مصالحها القومية“.

أما رئيس التجمع الوطني الفرنسي جوردان بارديلا فقد غرّد قائلاً “قدّم الإيطاليون درسا في التواضع للاتحاد الأوروبي الذي ادعى من خلال صوت فون دير لاين أنه يملي عليهم تصويتهم“.

ستجد ميلوني نفسها أمام تحديات كبيرة، قد لا تكون البلاغة ومعاداة المهاجرين كفيلين بحلها، أبرزها الارتفاع الحاد في الأسعار في وقت تواجه إيطاليا دَينا يمثل 150 في المئة من إجمالي ناتجها المحلي، أعلى نسبة في منطقة اليورو بعد اليونان.

ويقول الخبراء الاقتصاديون إن روما لن تتجرأ على معاداة بروكسل، طالما هي في حاجة ماسة إلى استمرار المساعدات التي يوزعها الاتحاد الأوروبي في إطار خطته للإنعاش الاقتصادي بعد كوفيد – 19 والتي يمثل هذا البلد أول المستفيدين منها وبفارق كبير عن الدول الأخرى.

خطاب ما قبل الانتخابات يختلف عادة عن خطاب ما بعدها، وقد سبقت ميلوني زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبن حين تخلت في نهاية المطاف عن مشروع الخروج من اليورو. ولهذا يعتقد الكثيرون أن هامش التحرك أمام ميلوني محدود للغاية.

ميلوني ستجد نفسها أمام تحديات، قد لا تكون البلاغة ومعاداة المهاجرين كفيلين بحلها