المحرر موضوع: من واقع ذكرياتي مع بلدتي الحبيبة عنكاوا.  (زيارة 501 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صباح پلندر

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 125
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

من واقع ذكرياتي مع بلدتي الحبيبة عنكاوا.
كنت واعيا منذ صغري والى اواخر سبعينات القرن الماضي لما كانوا يحملونهاهلي واحبتي من صفات جميلة يحسدنا عليها جيراننا المنتشرون حول بلدتنا في التعايش النموذجي والتعامل الحسن مع الغير  واجملهازيارات للمرضى في بيوتهم او على اسرتهم في المستشفيات الحكومية اضف الى ذلك تقديم المساعدة للمحتاجين وبحسب الامكانياتالمتوفرة لدى ميسوري الحال...ومما اتذكره جيدا المقاهي البسيطة بحصرانها الجميلة وبيادرها وامنجل والجنجر ، كما اتذكر جيدا بيعاصحاب المواشي من منتجاتهم وخاصة اللبن امام باب الكنيسة ايام الاحاد  او عرضه امام بعض الدور الواقعة على الشارع العام كماشاهدت الكثير من الفلاحين وهم يأتون بما تجود عليهم ارضهم من البطيخ والترعوزي ويضعونها امام المارة الخارجين من الكنيسة والمفرحفي كل هذا وذاك ما ان يعبر احد الاشخاص الغريب قبل القريب ويحيي تحية الصباح المباركة على البائع الا وترى البائع يناديه وبصوتعالي تفضل ، تفضل وتذوق وخذ معك لاولادك ولاهل دارك... واذا ما الشمس حركت اشعتها على الارض وبدء الجو المحيط بالاحمام يجمعالبائع ما تبقى مما موجود على الارض وياخذه الى داره وهناك تتولى زوجته من توزيع ما تبقى في هكبة زوجها على الجيران... كما اتذكرجيدا جاري القصاب الذي كان يذبح عجلا او بقرة مساء السبت ليشتري منه الخارج من صلاة الرمش وكان الناس يشترون بالاوقية..
هكذا ما اجمل دقة الناقوس المتقطعة معلنة بوفاة شخص ما وتخرج النسوة اولا الى الزقاق او الشارع للسؤال عمن المتوفي ليشاركوا فيحمل جنازته مع الصلوات وبخشوع يتقدمها الكاهن الى الكنيسة ومن ثم الى المقبرة...كما كان في بلدتي الجميلة طقوس رائعة في الزواجحيث الطبل والزورنا ورفع المناديل الملونةمع الاغاني الشعبية التي كانت تخرج من حناجر الشباب والشابات مع الهلاهل وهم في مقدمةالجمع و لا يهدأ لهم بال وصوت لمدة لا تقل عن ثلاثة ايام وقد تصل الى الاسبوع ونحن على السطوح ليلا نسمع اغاني اهل العريس ومماتجدر الاشارة اليه بان المدعون للعرس كانوا شبابا وشيبا يمشون على انغام الزرنا والطبل في شوارع وازقة عنكاوا الى داخل الكنيسة والكلفرحين بالعريس والعروس وهما امام المذبح لنيل اكليل الزواج المقدس ومعهم اشبيني العريس العروس واذا ما كان الجمع يمر من امام احدبيوت المتوفي حديثا كان الكل يسكت حتى الطبل يتوقف عن الدق والمزمار عن الطرب احتراما لاهل المتوفي وتكريما لمن انتقل الى دار الاخرةكما كانت تجري عادة اخرى وبسيطة ببساطة الشعب الا وهي اخذ العريس الى بيوت احد الاقارب ليستحم هناك وهذه كانت تجري عصريوم السبت ليتم الزفاف يوم الاحد ...
وان لم تخوني ذاكرتي ومن عادات اهلنا الجميلة مساعدة فقير الحال والذي لاحول له ولا قوة ولا يقبلون بان يتسول واما من ناحية رجالالدين فكنا نراهم دوما بجانب المريض يزورونه ويدعون له بالصلاة كي يشفى...
اما المربون الافاضل فكانوا يقومون مقام الوالد للتلميذ وان كان الضرب مباحا الا انه كان جزء مكمل لتربية البيت، كان يحترم من قبلالجميع ويستمعون اليه ويقبلون بنصائحه ، هكذا كان حال بلدتي ولكن اليوم ونحن نعيش عصر العولمة فقد تغير كل شىء واصبح مخالفللكثير من طبائع بلدتي الجميلة وتغير معالمها وحتى احوال ساكنيها فتغيرت الكثير من الوجوه التي لم تكن مالوفة بالنسبة لنا حيث بتنوعالوافدين اليها تغيرت الكثير من العادات والتقاليد واصبحت تصرفات الكثيربن مزاجية بحسب جنسية الوافد اليها فكثرة المقاهي والفنادقوالموتيلات والمطاعم ومحلات الحلاقة للرجال وصالونات للنساء واماكن للمساج وهي كثيرة وتستغل لاغراض لا تمت الى عاداتنا واخلاقنابشيء  بالاضافة الى عيادات الاطباء والصيدليات والاسواق الكبيرة منها والصغيرة واصبحت شوارعها لا تستوعب العدد الكبير منالسيارات الحديثة بموديلاتها الجميلة والمزعج فيها الدراجات النارية المستخدمة من قبل بعض الشباب لتوصيل الاكل السفري ( دليفري) باصواتها المزعجة التي لا يتحملها سوى المزعج من امثال مستخدميها
 ولم يقف هذا التغير عند درجة ما بل شمل اللغة حيث يتكلم العنكاوي وللاسف باللهجة التي يتكلم بها الساكن فيها ولم تعد تعرف اية لغةتستخدمها عند تعاملك في ابسط امور البيع او الشراء...
واذا ما تحدثنا عن مولدات الكهرباء الاهلية فلا حدث ولا حرج من ناحية الصوت والدخان المنبعث وهو مصدر ازعاج للبيوت القريبة منها ... نعم تغير اليوم كل شىء ووصل الامر بالتعامل مع الورقة الخضراء( الدولار) اكثر من تعاملنا مع العملة المحلية وخاصة من ناحية تاجيرالبيوت او التعامل في بيع وشراء الدور والسيارات وتغيرت مع هذا الوضع الكثير من عاداتنا وتقاليدنا الجميلة وتغيرت ايضا معالم التعاملمع بعضنا حتى وصل الامر الى داخل الاسرة الواحدة ..فهل سيحالف الحظ بلدتي لكى تقاوم هذا التغير البعيد عن ماضيها الجميل وتسيربنا نحو مستقبل زاهر اكثر اشراقا لتلبية متطلبات العصر والعيش  دون خوف ودون مدح هذا او ذاك والكف عن التصفيق له  . 
   بقلم صباح پلندر.