المحرر موضوع: الفساد  (زيارة 1291 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل بولص آدم

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1185
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الفساد
« في: 16:20 02/10/2022 »


الفساد

  بولص آدم

  هي قصة لاتُصدق، وما أكثرها، فكل يوم في الواقع قصة منها لاتُصدق، هذا لايهُم.
  كُنتُ جالساً على الصوفا والبرتقالة تجلس على كفي، بدأ رأس السكينة ينغرز بميلان يحزها من القطب الشمالي لها وحتى جنوبه بحركة لولبية. نزعت القشر على مهل ووضعته على مُشمع الطاولة بإتقان، ظننتها برتقالة مُستنسخة. وهذا ايضاً لا يهُم.
  ستقسمها الى ثلاثة أثلاث وتعطي لزوجتك وابنك الثلثين وتبلع الثلث الثالث، ستُطيلُ المضغ قبل ذلك. إنها البرتقالة الأخيرة. ستصبح أفقر بألفين. برتقالة لذيذة خلفت ورائها كآبة، عاطل، يائس من ايجاد عمل. هذا هو مايهُم، توَتَّرت وضغطت بقدمك اليسرى على البلاطة، احسستَ بأنها تحركت. أزحتها على مهل وبدأت بالسكين في يدك بالشخط في الأدمة، فَرَّغت غضبك. لصق البلاطة سيجعلك أفقر بثلاثة آلاف.
  كَتَبتَ ايميل الى ... تسألهم عن وظيفة. دُستَ بسبابتك على مفتاح Enter، دُستَ ثانيةً، الرسالة لاتُرسل، هذا بحاجة الى تصليح، ستصبح بستة آلاف أفقر.
  عاد الغضبُ. ستذهب الى المطبخ وتعود بسكينة أكبر، تُزيحُ بلاطة الأرضية ثانيةً وتُفرغُ غضبكَ بطعن الآدمة. ما اجملَ صُدفة التنفيس.
  المجموع، أحد عشر ألف أفقر. ترتفعُ الحرارة، البرد قارص، المدفأة مُطفئة. الغيروسين سيجعلُكَ أفقر بستين ألف للبرميل منه.
  ستنزعُ بلوزتكَ غضباً وتذهبُ الى المخزن وتعودُ بحازقة جذور يدوية وتخلعُ حفنة تُرابٍ من مربع البلاطة المٍزاحة جانباً. كانَ المخزنُ الضيق رطباَ مُظلماً. اللمبة المعطوبة ستجعلُك بعشرة الآفٍ أفقَر. تنزعُ القميصَ مُشتعلاً وتُفرغُ غضبكَ
 بالمجرفة هذه المرة. مكانُ البلاطة حُفرة.
  تدخُل زوجتُكَ لتُذكرك بالأيجار.
 عرضتُ عليها البدء ببيع مصوغتها الذهبية. فحَفرتُ أكثر.
 وصلت حرارتي الى سقفِ صيفي، نزعتُ الفانيلة.
 المُعلمةُ أبلغت ولدي. أن يأتي غداً بعشرة آلآف، لايعرف لماذا.
 نزعتُ البنطالَ، فعلاً تعرقت.
 أفقرُ، حالياً بمئة ألف.
 ناولتني زوجتي قرطاً ذهباً. نَزَعتُ اللباس الداخلي وحفرتُ أكثر.
 عارياً حفرتُ حتى كساني التُرابُ في الغُرفة.
 خرجتُ. ثُمَ خرجتُ وبيدي القرط. وقايضته في الشارع الصناعي برأس ألماس ملحوم بقضيب. عُدتُ عارياً يُغطي جسدي بدلة تُرابية. حافٍ ليس كالمُعتاد، حشرتُ الرأس الثاقب في آلة الثقب وحفرت حتى اختفت قامتي. أدركتٌ انني في بداية النفق.
   بعد شهر. تلقينا إنذاراً من المؤجر .. سنصبح أفقر، أفقر.
 هَبَّ ولدي وزوجتي للمعونة وحفرنا بالتناوب نفقاً بطول عشرة أمتار، قبل ان يقدح شرراً، معدن لامستهُ الحفارة. حفرنا حولها واكتشفنا انها خزنة بنك.
  عُدنا فوراً واحداً يتبعٌ الآخرَ، بشق الأنفُس عدنا الى الغُرفة.
  انفجرتُ غضباً. لاأحد سيُصدقُ. لأجل التنفيس عن الغضب بالحفر، وصلنا الى خزنة البنك تحت الأرض بنفق. لن يُصدقوا اننا عُدنا دون ان نحاولَ، مُجرد مُحاولة فتحها.
 مُتهالكين ثلاثتنُا على الصوفا، فكرت زوجتي ان استحمَّ وألبس ثانية.
 ياإلآهي، سخانُ الماء عاطل... فُقرُنا يثير الرعود والعواصف ويقلع الأشجار ويدمر. لم أعُد اعرف بكَم ألف صرنا أفقر.
 نزعتُ بلاطة أُخرى وفرغتُ غضبي هُناك، فسألتني زوجتي:
 أليس من العبث، الحفر ثانية والوصول الى نفس الخزنة والعودة بتأنيب ضمير غير ضروري؟
  - سأحفُرُ هذه المرة، بعقلية لُص.