المحرر موضوع: البابا فرنسيس يحض من البحرين على مواجهة منطق "الكتل المتعارضة"  (زيارة 564 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31489
    • مشاهدة الملف الشخصي
البابا فرنسيس يحض من البحرين على مواجهة منطق "الكتل المتعارضة"
شيخ الأزهر يوجه نداء إلى علماء الشيعة للحوار وتجاوز صفحة الماضي.
العرب

رسائل من المنامة يتردد صداها في العالم
المنامة - وجه البابا فرنسيس في اليوم الثاني من زيارته إلى البحرين جملة من الرسائل التي لم تخل من بعد سياسي من بينها ضرورة التصدي لمنطق “الكتل المتعارضة” بين الشرق والغرب والتي تجعل العالم في “توازن هشّ”.

وجاءت الزيارة، وهي الثانية للبابا إلى شبه الجزيرة العربية منذ رحلته التاريخية إلى الإمارات عام 2019، في إطار ملتقى البحرين للحوار “الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني”، الذي حضره قرابة مئتي شخص من مسؤولين ورجال دين بارزين من الشرق الأوسط.

وفي كلمة ألقاها في ختام الملتقى خلال حفل أقيم في ميدان صرح الشهيد في قصر الصخير الملكي بحضور العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة وشيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب، قال البابا فرنسيس إنّ “عددا قليلا” من أصحاب النفوذ يخوضون صراعا من أجل “المصالح الخاصة، يحيون اللغات القديمة ويعيدون رسم مناطق النفوذ والكتل المتعارضة”.
وأضاف “للأسف الشرق والغرب يشبهان بصورة متزايدة بحرين متخاصمين، لكن نحن هنا معا لأننا عازمون على الإبحار في البحر نفسه واختيارنا هو طريق اللقاء بدلا من طريق المواجهة، وطريق الحوار الذي يشير إليه هذا المنتدى”.

ونبّه البابا مما وصفه بأنه “سيناريو مأساوي”. وقال “نلعب بالنار وبالصواريخ والقذائف وبأسلحة تسبب البكاء والموت ونغطي البيت المشترك بالرماد والكراهية”.

ويكرر البابا انتقاده للنزاعات التي تغزو العالم واللجوء إلى لغة السلاح والتهديد باستخدام السلاح النووي، على وقع الغزو الروسي لأوكرانيا الذي دخل شهره التاسع ويعارضه بشدة.

وفي كلمة ألقاها في مسجد القصر الملكي بعد ظهر الجمعة، شدّد البابا فرنسيس على أن “إله السلام لا يقود أبدا إلى الحرب ولا يحرّض أبدا على الكراهية”، منددا بالذين “يؤمنون بأساليب القوة ويدعمون العنف والحرب وتجارة السلاح وتجارة الموت”، في إشارة ضمنية إلى بطريرك الأرثوذكس الروس كيريل، الداعم لغزو روسيا لأوكرانيا.

والتقى البابا، الذي يستخدم كرسيا متحركا للتنقل وعصا بسبب آلام مزمنة في الركبة، شيخ الأزهر في اجتماع مغلق بعد ظهر الجمعة. ووقع الرجلان عام 2019 في أبوظبي وثيقة تاريخية حول الأخوة الإنسانية.

وقالت عضو مجلس الشورى في البحرين المسيحية هالة رمزي فايز، إن اللقاء بينهما “يمثل التقاء فكرين لإرساء أسس السلام ومبادئ التعايش السلمي بين مختلف الطوائف والحضارات”.

وأضافت “إنها زيارة تاريخية لمملكة البحرين، نعتز بها جدا كمسيحيين لا في مملكة البحرين فحسب وإنما في المنطقة كلها”.

وفي كلمته أمام “مجلس الحكماء المسلمين” في مسجد القصر الملكي، بسط البابا يده مجددا للحوار. وقال “جئت إليكم مؤمنا بالله وأخا وحاج سلام. جئت إليكم لنسير معا”.

وبينما يحمل البابا فرنسيس راية الحوار مع الإسلام، وجّه شيخ الأزهر في ختام ملتقى البحرين نداء إلى علماء الطائفة الشيعية لعقد حوار إسلامي - إسلامي، يشار خلاله إلى نبذ “الفتنة والنزاع الطائفي”، في وقت تشهد دول عدة في المنطقة وحول العالم توترات على خلفية مذهبية.

توافق يدعو إلى التسامح
وقال إمام الأزهر، المؤسسة السنيّة الأكبر في العالم، “هذه الدعوة إذ أتوجه بها إلى إخوتنا من المسلمين الشّيعة، فإنني على استعداد، ومعي كبار علماء الأزهر ومجلس حكماء المسلمين، لعقد مثلِ هذا الاجتماع بقلوب مفتوحة وأيد ممدودة للجلوس معا على مائدة واحدة”.

وحّدد إمام الأزهر هدف الاجتماع بـ”تجاوز صفحة الماضي وتعزيز الشأن الإسلامي ووحدة المواقف الإسلاميَّة”، مقترحا أن تنص مقرراته “على وقف خطابات الكراهية المتبادلة، وأساليب الاستفزاز والتكفير، وضرورة تجاوز الصِراعات التاريخية والمعاصرة بكلِّ إشكالاتها ورواسبها السيئة”.

وتوجد خصومة سياسية ودينية إقليمية حادة بين إيران، القوة الشيعية الكبرى والسعودية، القوة السنية الكبرى، انعكست على العديد من دول المنطقة. ولكن بدأت الدولتان منذ أكثر من عام حوارا بتسهيل من العراق، سعيا لتحسين العلاقات بين الخصمين الإقليميين.

وتأتي زيارة البابا إلى البحرين على وقع انتقادات منظمات حقوقية إزاء سياسة التمييز التي تطال ناشطين ومعارضين سياسيين في البلاد التي شهدت اضطرابات عنيفة خلال ما سمي بثورات الربيع العربي.

ودعت تسع منظمات حقوقية بينها هيومن رايتس ووتش في بيان مشترك الثلاثاء البابا فرنسيس إلى الضغط على السلطات لوقف “تنفيذ جميع الإعدامات، وإلغاء عقوبة الإعدام، والتحقيق بجدية في مزاعم التعذيب وانتهاكات الحق في محاكمة عادلة”. ووجّهت عائلات 12 محكوما بالإعدام الخميس إليه رسالة حثّته على طلب تخفيف الأحكام.

البابا يكرر انتقاده للنزاعات التي تغزو العالم واللجوء إلى لغة السلاح والتهديد باستخدام السلاح النووي، على وقع الغزو الروسي لأوكرانيا

وكان البابا شدّد في خطابه الأول الخميس أمام كبار المسؤولين ودبلوماسيين على أهمية ألا يكون هناك “تمييز ولا تُنتهك حقوق الإنسان الأساسية، بل يتم تعزيزها”.

وأضاف “أفكر قبل كل شيء في الحق في الحياة، ضرورة ضمانه دائما، حتى عند فرض العقوبات على البعض، حتى هؤلاء لا يمكن القضاء على حياتهم”، في إشارة ضمنية إلى عقوبة الإعدام.

وفي العام 2017 نفّذت البحرين أول عملية إعدام بعد سبع سنوات من إعدام آخر شخص. ومنذ ذلك الحين، أعدمت ستة أشخاص، بعضهم على خلفية قضايا ترتبط بالاضطرابات التي شهدتها البلاد في 2011. وهناك 26 شخصا محكوم عليهم بالإعدام.

وتنفي السلطات البحرينية الانتقادات ذات الطابع الحقوقي التي تطالها.

وقال وزير المالية والاقتصاد الوطني الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة الجمعة “لدى البحرين مبادرات هامة للغاية في ما يتعلق بإصلاح العدالة الجنائية وهناك قنوات واضحة للغاية يمكن لأي من المدعيين التقدم بتظلماتهم لديها، ثمة مؤسسات مسائلة راسخة في المملكة”.

وشدد الشيخ سلمان على أن البحرين لديها “أحد أقوى نظم حماية حقوق الإنسان والعدالة الجنائية وأكثرها تطورا في المنطقة… نحن في الواقع نلعب دورا رائدا في المنطقة في هذا الصدد”.

وتعليقا على تأكيد البابا على “الحق في الحياة”، قال المسؤول البحريني إن “إشارة قداسة البابا في خطابه كانت مرجعية عامة يمكن طرحها في بلدان تمثل ستين في المئة من سكان العالم”.

وتشيد السلطات البحرينية بمضامين خطابات البابا فرنسيس منذ وصوله. وهذه الزيارة هي التاسعة والثلاثون للبابا إلى الخارج منذ انتخابه على سدّة الكرسي الرسولي عام 2013، إذ شملت جولاته أكثر من عشر دول ذات غالبية مسلمة، بينها الأردن وتركيا ومصر وبنغلادش والعراق.

وترأس البابا مساء الجمعة صلاة مسكونية في كاتدرائية سيدة العرب، أكبر كنيسة كاثوليكية في الخليج، افتتحت في نهاية عام 2021، على أن يرأس قداسا حاشدا صباح السبت في استاد البحرين الوطني، يتوقع أن يحضره قرابة 28 ألف شخص من المسيحيين الكاثوليك، غالبيتهم العظمى عمال من جنوب شرق آسيا والفلبين.