المحرر موضوع: الجزء الثاني "من رحاب الأسفار: مذكرات"  (زيارة 588 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل د.عامـر ملوكا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 205
    • مشاهدة الملف الشخصي
كلمتي بمناسبة توقيع المطران مار باسليوس جرجس القس موسى كتابيه الجزئين الثاني والثالث من رباعية الثمانين "من رحاب الأسفار" و "من جنى الأيام"
قراءة في "رباعية الثمانين"
الجزء الثاني  "من رحاب الأسفار: مذكرات"
د. عامر ملوكا
سيادة المطران مار جرجس القس موسى المحترم، الآباء الكهنة الأفاضل. السيد ممثل بلدية هيوم المحترم . الاخوات والاخوة الحضور  الكرام أسعدتم مساءا .
يقدم لنا سيادة المطران جرجس القس موسى كتاباً نستطيع أن نقول عنه أنه يندرج تحت اسم "أدب الرحلات"، فحاول في كتابه ومن خلال أسلوب الكتابة ومنهجيتها والغرض منها ونوع الجمهور والمتلقي الذي يتوجه له في تفاصيل رحلاته آخذاً بنظر الاعتبار اهتماماته ككاتب وفي نفس الوقت اهتمامات قرائه من خلال الوصف الجميل قاصداً في نهاية كل رحلة أن يوصل لنا الكثير من الخبرات والتجارب الحياتية المهمة لكي تكون مناراً للجيل الجديد التائق إلى الايمان والمعرفة.
وقصد الكاتب في كل رحلة أن يكتب أحداثاً ومواقف تتعلق أحياناً بالأمور الاجتماعية والعلاقات الإنسانية، وأحياناً أخرى تتعلق بمفردات وخصائص التاريخ والجغرافية، واستطاع من خلال هذه الرحلات أن يُضمّن تفاصيل دقيقة زمانية ومكانية وأحياناً نفسية.
ولقد وجدت نفسي أمام هذه النصوص التي تتوسد دفتي كتاب يحمل في ثناياه أسْطُرَ حيكت بمزيج من المشاعر والأدب والروحانية والتعلق بالجذور، والكتاب رغم عمق معاني كلماته لا يحتاج إلى جهد كبير لفهم النصوص، فهو صريح في مخاطبة العقل والروح ويفرض المفاهيم المتجذرة والوفاء الساكن في نفس الكاتب، وخاصة أن المطران جرجس كمؤلف وكمثقف ملتزم يضع نفسه في خدمة الكلمة والثقافة، وهذه الخدمة تقودنا إلى الفرح وإلى السلام وتحثنا على بذل المزيد من العطاء.
فرحتنا كبيرة بهذا الإصدار القيّم والثري بالعِبر والحِكم والخبرات والتجارب، وهو الجزء الثاني من رباعية الثمانين، ويتعزز يقيناً بمدى تشرب مار باسيليوس جرجس القس موسى بالمعرفة العميقة من خلال هذا الإصدار وإصداره السابق وبالتأكيد كتابيه اللاحقين، وأنه فضلاً عن رسالته الإيمانية التي كرّس حياته من أجلها فإنه اختار طريق العلم الصحيح والثقافة المستنيرة والمنهج العلمي الصائب والذي اشتغل على اكتساب المعلومات الصحيحة وصبها في قالب تتماهى فيه التجربة الحياتية والتجربة الإيمانية والثراء المعرفي المكتسب لتقديم خبرته الابداعية طوال العقود الماضية التي خاض فيها تجربة التأليف والترجمة. فإنّ طريق النهضة الفكرية لا شكّ أنّها تتمركز في اثنين، في اكتساب العلم واكتساب التعمّق في الروحانيّات والعمل بموجبها ومحاولة السير والاقتراب في الطريق إلى الكمال الإلهيّ".
المطران مار باسيليوس جرجس القس موسى، قلبٌ مجروحٌ بحبِّ السماء، ونشيدٌ يتمتِمُ طراوةَ الربِ ولطفِه، وكلماتٌ تمدُّ المسيحَ حتى أعماقِ الدنيا، ونقول لك شكراً على كلّ تلك الكلمات التي تجسّد كلّ واحدة منها حدثاً جميلاً ولقاءً حميماً ورحلة عزيزة.. ومواقف واجتماعية، وثقافية، وتربوية، وبيئية.. إنّنا من خلال كلماتك نستطيع أن نعرض سنوات طوال مليئة بالحيوية والنّشاط والاجتهاد والسّعي الدائم إلى التّلاقي والإنجاز.. فلم تمرّ مناسبة تخلو من جهدك وتعبك، وابتكاراتك، وكلماتك الخلاّقة والخلوقة.. وإنّ "بغديدا" ستبقى دائماً تذكُرك بالخير.. وتعتزّ بك كما تعتزّ بأبنائها ونجاحاتهم وتفوّقهم بكلّ مجال..
الكتاب جاء في 284 صفحة من النوع الكبير وهذه الطبعة الأولى في مدينة ملبورن الأسترالية 2022 مطبعة Take Off Design. وبغلاف جميل ومعّبر لوحته هي صورة بورتريه للمؤلف.
يتوزع الكتاب إلى عشرين مفصلاً تبتدئ من روما وتنتهي بأستراليا مروراً بمدن عديدة تتجاوز الأربعين تتواجد في قارات الدنيا الخمس، وتغطي مساحة زمنية تمتد لخمسة عشر عاماً تقريباً مبتدئة من العام 2000 وتنتهي في ميلاد 2016 - 2017 قوامها المشاركة الفاعلة في الرحلات والملتقيات والمؤتمرات والجولات والتجمعات والمهرجانات والزيارات، صحبة رجال دين أجلاء وعلمانيين أفاضل.
أما لغة الكتاب وأسلوبه فبرأيي يدخل ضمن السهل الممتنع، وهذا الأسلوب الجميل الذي يفهم من قبل عامة الناس وخاصة أنه موجه لهم وليس لنخبة أدبية ضيقة، هذا يذكرّنا بأسلوب الكبار الذين يدركون خطورة مكانتهم وبالتالي طريقة التعامل مع عامة الناس سواء كان هؤلاء القادة رجال دين أو مصلحين اجتماعين أو قادة شعوب وطنيين.... الخ.
الكتاب زاخر بالفنون البلاغية من استعارات وكنايات وتشبيهات جميلة، والفنون البديعية من طباق ومقابلة وجناس، وكذلك يزخر بالاقتباسات من الكتاب المقدس حيث شكلت هذه الاقتباسات تماثلاً رائعاً مع الموضوع المطروح، كذلك لا يخلو الكتاب من حِكَم وأقوال فلسفية لم تأتِ من فراغ بل من عقود من الحصاد الفكري والاطلاع الواسع في حقول المعرفة.
وعلى الرغم من أن أدب الرحلات في القرن العشرين وما بعده قد تراجع كثيراً عما كان عليه سابقاً على الرغم من كثرة المسافرين وسهولة السفر والرحلات، وهذه السهولة والاختصار الزمني للرحلة أفقدها الكثير من صفاتها ومقوّمات نجاحها إضافة إلى تحول الرّحال إلى سائح وتطور وسائل الاتصال أيضاً من العوامل التي أدت الى تراجع هذا النوع من الأدب ولكننا نجد المطران جرجس في كتابه قد ظل متمسكاً بعناصر النجاح لرحلاته وذلك من خلال حمله لصفة الرّحال على حساب صفة السائح، وكونه أديباً ورجل دين، لذلك جاءت كتاباته كسجلات وافية ودقيقة وعميقة في التعبير عن الأحداث والمواقف المكانية والزمانية لتجعلنا نحن القراء جزءاً من هذه الرحلات.
والكتاب بمجمله إضافة نوعية للكنيسة المسيحية العراقية خاصة والمكتبة العراقية عامة.