المحرر موضوع: الراحل شاكر مجيد سيفو : دينامية اللغة التراجيدية وشعرية السيرذاتي في "اللون يؤدي اليه"  (زيارة 1313 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل بولص آدم

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1185
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
 عن كتابي "اللون يؤدي اليه" والذي حاز على جائزة ناجي نعمان اللبنانية عام 2014. كتب شاعرنا الراحل شاكر مجيد سيفو، القراءة التالية عنها في العام 2013). نٌشرت ورقياَ حينها في صحيفة الأتحاد فقط ولم تُنشر إلكترونياً.
 يطيب لي نشرها إلكترونياً في موقع عنكاوا دوت كوم الموقر وشكراً.

دينامية اللغة التراجيدية وشعرية السيرذاتي في "اللون يؤدي اليه"

  قراءة:شاكرمجيد سيفو
   18-06-2013


تتفيأ نصوص مجموعة - اللون يؤدي إليه - للشاعر بولص آدم تحت شجرة الحزن بوعيها التام باللحظة الشعرية والوعي الشعري الفني العالي الذي تتسم به مخيلة الشاعر واستغراقه الطويل في اجتراح زمنه الكارثي الجنائزي عبر مجموعة نصوص شعرية تنضوي تحت سقف – النص السيرالذاتي بآقترانها بالأهداءات المتتالية واستدراجها لبنيتي الزمان والمكان واستثمار مخطوطة المناسبة – المحنة – الكارثة المتمثلة في الرحيل المبكر لشقيقه الفنان لوثر ايشو - فالنصوص تتحرك عبر خطوط متوازية في صناعة مشهدية شعرية تضج بمزاج اللغة السوداوية وايقاعاتها المتصدعة واستعاراتها- التحولية، وكناياتها وقيمات المعاني- وخصائص  التعالق النصي بين الوجودي والزائل ومرجعيات الفلسفة وتشييد بنى "شعرقص" تتصاعد فيها نبرات سيناريو الذات وحوارها مع الأخر واستنباب البؤر الحياتية في تشظي الموروث الحكائي ونزعات الرؤى السوريالية والرمزية والواقعية الوحشية حسب تدوين الناص أسفل غلاف كتابه الشعري هذا، كل هذه الحمولة المعرفية امتدت بالنصوص إلى بناءات حياتية ثرة لاستنبات حياة النص ومحمولاته الدلالية والشكلانية – والأسلوبية ....إن الشاعر آدم يستعرض شعريا حياة الآخر في صيغها الإنسانية والفلسفية والإبداعية والفنية الخالصة ويغوص عميقاً في رفد النص بمنظومة من التفاصيل الساخنة وتتجلّى هذه الرؤى في أنساق المعاني التي تظهر كبنى حكائية تتكثف عبر صياغات سرية موجزة تنحاز إلى الأالتصاق باليومي والوجودي في أسئلته الكونية، كالموت والحياة والخلود والزوال والضوء والظلام ، إن نص الشاعر استفزازي بلغته المخصّبة بالرموز والإشارات التي تنبئ عن مناخات ساخرة مريرة  أحياناً ومتخيلة عبر تشابكاتها الدلالية في أغلب الأحيان، فالنص شبكة دلالية تمتد أفقياً بشكل سرّي وعموديا بشكل علني ظاهراتي يتحقق في ثناياه المعنى، إذ تبرز هنا معادلة المعاناة وانصهار الزمان الكارثي فيها وتمظهرات الصور الصادمة وانقلابات الذات وتصدعها وانكساراتها عبر أطوارها التاريخ والفكر والفن والفلسفة وقد تمظهرت هذه الرؤى الكارثية في هذا الاعلان الجارح والصادم للذات الشاعرة: "حياتي ضراوة لا متوقعة/ لا تسألني رجاءً عن باقي النص/ ففي المقدمات، حصاد الزفة، مقابر مثقلة بالحقيقة/ وفي عمق الكادر، قامات مغشوشة ص12" ..
تستدعي لغة النصوص بقوة- حضور الآخر لتأسيس علاقة مع المروي واقتفاء أثر مرجعية المرواة أوالمسرودة الموجزة في هيكليتها التراجيدية الدراماتيكية في قراءتها  للعالم بصوت عالٍ، وقراءة الشاعر لها بنفس نبرة الصوت، "فالشعر الرفيع يجب أن يقرأ بصوت عالٍ، حسب بورخس" لهذا نحن الآن في قاعة الشعر وعلينا أن نقرأ ما كتبه بولص آدم بقوة وبصوت عالٍ لنمتصّ رحيقه ونمتلئ من عسلهِ ونثره وطاقته السحرية وأن ندرك  كنهه وماهيته في الأقل أن نصل إلى هذا السحر الذي هو اكتشاف جديد. وأن نقيم معه علاقة خارج توريث المعاني، بل في وعينا الكامل الجدلي مع إشكالية العلاقة الجديدة للحساسية الجديدة بالمعرفة والذائقة الشعرية في مشهدية نصوص - اللون يؤدي أليه – ثمة انحياز إلى لغة خاصة، لغة شخصية، لغة هوية الحزن والكارثة، ثمة معجم سوداوي غامق يشغل الفكر والفلسفة الشعريين لقاموس الشاعر ورهانه السير الذاتي عبر المفردة المكثفة دلاليا وتحولاتها الرمزية والإيقاعية والصوتية التي تندرج مع فكرة المعادلة التضادية - الحياة والموت – وقد تجسدت الرؤى القرائية في معظم نصوص المجموعة، ومنها نصه الموسوم: "يوم لوثر الثالث" : أردت كتابة قصيدة عن قصيدة، كتبت قصيدة عن لوثر../ حكومة لوثر التي خططت ورسمت لوحة أدم،/ ألحقت الهزيمة بالإرهاب / الله وهب لوثر شيئين من مشيئته / الحياة والموت/ وثالثهما النص البصري " يضاعف الشاعر لغته بطاقة المعاني المتعددة المتشظية، ويبتعد عن المسحة الفخمة البلاغية للغة، حيث تتجذر المفردة اليومية والتاريخية حينما يتبادل الرؤى الأسطورية والتراثية والشعبية وصولاً الى لغة الفكر والتشكيل والأجناسية الفنية المنبثة في الصور السيمية وتحولات لغة النصوص بين "الشعرقص" وشعرنة التصوير والسينما وتأسيساتها البصرية والتشكيلية وقد جسدت قراءتنا هذه، هذا النص الرائع الكبير "أولا في السنة الأولى لسكتة اللوحة المكتوبة / أصبح للشوق مجلدات / قاعات العرض – تعلق فيها الأماني / بالغ الزمن في وعود الانتظار / طيور حتى أخر ريشة من الرفيف/ تنام في أحلامنا كالعرائس الحزينة / تتوسل إليك / دفئاً لونيا ولمسة صديق / لوثر، ياعيوني / في صالة العالم، شاشة للخوف ثلاثية الإبعاد / حيوات تعيش القصص الرخيصة /... ص18 ضراوة الموت اللامتوقعة / يمثل مثل هذا النوع الشعري، تطوراً على مستويات الكتابة الشعرية التي تنزع نحو تأسيس متقابلات في الأجناسية النصية والأشكال الأبداعية مثل " المسرح، السينما، الشعر، القصة، التشكيل، فما يضاف إلى مشهدية الشاعر طبيعة التحرك الثيمي وتعدد المضامين والرهان على تحرير مسوغات التراجيديا وديناميتها المتحققة في النسق اللغوي الكثيف في قلق الذات وذات الاخر  " روحاً وجسداً ونصاً " على اعتبار الجسد نصاً والكتابة بشفراته وتنصيصاته، هذه كلها سمات تكريس النص المفتوح ... النص التحولي الانقلابي  في وثيقته البصرية المركبة .. التي تزدحم بصورة تتجاور فيها أنساق الخيال مع الواقع والتراجيديا مع الميلودراما والجنون مع العقل والمونودراما مع الدراما والتكثيف القصصي مع التكثيف الشعري، وتشيد  المعاني الخفية :
" عند الباب ابتسمنا،/ وحدك من صافحهم بقلبه فقط، كان جسدك في لحظتها في الطريق الراحة الأبدية تحت شجرة البلوط...نبحث عنك في غرفنا التي تهطل من شقوق قطرات المطر، هل نسأل عنك / لوحتك / الأخيرة/انتظرناك ألف عام في الرماد / في متاهة المرايا العمياء / كل لحظة يتمرأى فيها شبح جديد، إلا الروح.. ص19) يتحقق السير الذاتي في مجاورة الشخوص وعدد من الإشارات والرموز السيرية الذاتية في محرق النص، في تموجات المستويات الدلالية والبصرية والتشكيلية والمكانية، وتمثل صور البورتريه الشخصي للأخر الذي يتسيد مشهدية النصوص بعلامته النصية العالية هيكلية النسيج الشعري والأيقوني اذ يقيم الشاعر منها دلالاتها الرمزية وحركتها المتموجة داخل النسيج الشعري بقوة ارتكازها على بؤرة الحدث الشعري، والزمن السردي والرؤى المتناصة بينها في بنية القص، إن صناعته نص السيرة، تتطلب استدعاء كل عناصر ومشاغل الناص والنص معاً إلى جانب حضور الزمان والمكان والشخوص وتبقى هنا مهمة الشاعر خلق التبادل السري لأدوار الشخوص واللغة والعناصر الدلالية وإعادة تركيب البنى النصية التي تدخل في مجال تثوير القراءة، تثوير الهدم والبناء والكتابة من جديد للوصول إلى تثبيت النص السيري الذاتي، وقد برز هذا كله في نصه  "أغنية البطريق" [ يا أخي البطريق بيني وبينك(ميلانية) التي ستغرقك في عاطفة دفينة..... بيني وبينك تراتيل تنشدها لك (سانو) اصرخ يا بطريق / لعل (بطرس) يسمعك من (سدني) أو يجد فيك (لوثر) لوناً أزلياً فوق كنفاس اللوحة... هل ل(مارتينا وكارمن ومارتن) لكي يدرسوا في حصص الحيوان عن تراجيديا البطريق ؟ أم أنك في حاجة إلى طعام الغداء ؟ حسناً سوف أحاول الاتصال هاتفياً ب(منيرة وماجدة) لكي يساعدونا في هذه المسألة ص24 تكاد معظم نصوص الكتاب تتضمن الاشتغال على ثيمة التعالق النصي بين الذات والاخر أو بنية السيرذاتي. وأحيل القارئ إلى مثل هذه النصوص الموسومة "الخريف التالي بعد لوثر - رجل في الباص -اللون يؤدي إليه - السكتة الوحشية - الرسم بضوء متخثر- لوحة وحشية -"دفتر الخدمة التشكيلية - ويجسد هذا النص الجميل  بقوة ثيمة السير ذاتي :" المدعو لوثر ايشو أدم / ولد ليكون مهاجرا أبد الدهر/ يساق إلى الخدمة بعد زوال الأعذار./ التحق بالمرسم وخدم في وحدة المظلات الانطباعية ./ نقل إلى صنف القوات البصرية وخدم جندي قوات خاصة ألوان ./ نقل إلى الفرقة المائية وخدم في فوج حماية الطبيعة العراقية...........ص34 أدعو القارئ للعودة إلى الكتاب وقراءة هذا النص كاملاً، ليقف عند تصورات ومصورات السير ذاتي التي تتعالق بفضاء النص المنفتح على بنى الإزاحة والدلالة وملاحقة الزمن واستشراف رؤى المكان وفق نظام سيميائي مرتبط مع الوجود الإنساني الممتلئ حياة، واختيار عناصر الحضور في الامتلاء بالحياة عبر حركة انتقال الشخصية المركزية، إذ تنوعت ثيمات السيرة في تشكيلات هذه العناصر الدينامية لحياة الرمز البؤري للنص، بمعامل اللغة التي تخلق نفسها في افعالها التعبيرية، وتمثل معظم النصوص الكتاب امتداداً للتنوع الاستعاري والفني والحكائي لتأسيس مشهدية شعرية خاصة جداً بالشاعر والناص بولص ادم :(لمحة بعد لمحة، أوقاوم وجعي،/ وحده من ترك لي ما أنا فيه هو من ذكرني به... المعلم / انشغال بالأبادات أخذني بعيداً../ غافلني كل شيء وأبعدني عنه،/من فرط الحياة،/ جاءت خاتمة الموت!/ كيف الحال هناك وأخبارك يا لوثر؟/ عندكم هناك .... تعلمون كل شي ص29 (اللون يؤدي إليه) .

غير متصل اخيقر يوخنا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 4976
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رابي بولص ادم
خسارة ريشة فنان اصيل كالمرحوم اخاك لا يمكن تعويضها  ورغم ذلك فان ما تركه من لوحات فنية فد تخلده كمثل تماثيل اجداده  الاشوريينً  الخالدة
وقولك ( جاءت خاتمة الموت!/ كيف الحال هناك وأخبارك يا لوثر؟/ عندكم هناك .... تعلمون كل شي) انتهي الاقتباس
قد اًوقفني كثيرا. واثارت تساولات كثيرة  حول دور الروح بعد فناء الجسد
فهل حقا تراقبنا ارواح من نحب من الذين غادروا الحياة الجسدية ؟
ومهما يكن  فقد اجدت  في خلق شعور بان روح. الراحل  تبقى  حيه  بصيغة ما ولها اتصالات بنا بطرق ما
تحياتي. والرب يرعاكً

غير متصل بولص آدم

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1185
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
   رابي اخيقر يوخنا
    شلاما
 شكرا لشهادتكم التي نعتز بها.
 المقطع المختار من قبلكم هو من نص (اللون يؤدي اليه) واليكم النص كاملا:

       اللون يؤدي اليه

الى روح أخي الفنان الراحل لوثر إيشو آدم

اللمحة تؤدي اليه، والمعنى..
استدير بأحلامه متشبثا بمزاياه
يُمهِلُني فرصة البحث عنه
طال انتظارك.. أخي!
ما يثير الأرتباك، يغربل استفهامه
حديثه بأعين تبحث، تأمله بروح شوافة
الطيور المهاجرة، جثامينها في الفناءات، حطت بدمها في لوحاته
استعادات.. بغيابه احتراق،
كل صباح، اصحو من حلم كان زائري فيه،
البيت الذي سنقتل لو التقينا فيه ثانيةً،
نحن، في نشرة الأنقراض،
والأحبة الذين يذكرني وجهه بهم،
استنجد بحكاياهم لأتنفس قصته،
لمحة بعد لمحة، أُقاوم وجعي،
وحده من ترك لي ماأنا فيه،
هومن يذكرني به .. المعلم.
أنشغالٌ بالأبادات، أخذني بعيدا ..
غافلني كل شئ وأبعدني عنه،
من فرط حرمان الحياة، جاءت خاتمة الموت!
كيف
الحال
هناك، وأخبارك يا لوثر؟
– عندكم هناك.. تعلمون كل شئ !

 

غير متصل وليد حنا بيداويد

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 3051
    • مشاهدة الملف الشخصي
ميوقرا رابي بواص ادم
افتقدنا كتاباتك منذ فترة ليس بالقصيرة ولم تتحفنا بالجديد
سلامات

غير متصل بولص آدم

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1185
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

 ميوقرا رابي وليد حنا بيداويد
 في الوقت الذي اشكرك فيه على سؤال الاطمئنان علينا ورغبتكم الصادقة في قراءة المزيد مما نكتبه بتواضع، نتمنى لكم شخصياَ وللأخوة الكتاب والقراء الكرام الصحة الجيدة اولا والتسامح والمحبة ثانيا والدعوة الدائمة على رجاء الرحمة.
 رغم انني مشغول جداً حالياً. الا انني اتابع وادقق وافرز واخرج بنتائج معينة. وعندما يكون لي وقت ورغبة وقناعة بان نشري لمادة ما بقلمي تفيد وتتشارك مع اهتمامات الآخرين المحترمين فلا اتوانى واقدمها بتواضع.
  تقبل فائق التقدير والمحبة.