المحرر موضوع: وعود وأحاديث في ذمّة رئيس الحكومة، هل يتجاهلها السوداني وهو على الكرسي؟  (زيارة 394 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل لويس إقليمس

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 426
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
وعود وأحاديث في ذمّة رئيس الحكومة،
هل يتجاهلها السوداني وهو على الكرسي؟
لويس إقليمس
بغداد، في 3 تشرين ثاني 2022
اعتدنا أن يكون صوت المعارضة غيرَ ما سيكون عليه وهي في السلطة. وقد خبرنا هذه الحقيقة في كلّ كابينة وزارية منذ السقوط الآثم بيد الغازي الأمريكي الأحمق. فهذه حال جميع المسؤولين بلا استثناء في هذه الجزئية التنفيذية. فعندما يرتقي المسؤول في الدولة العراقية إلى كرسيّ السلطة، تتغيّر المفاهيم والطروحات لديه، بل وقد تنقلب المعايير والرؤى بدرجة 180 كي يجاري الواقع الجديد ويساير الوضع بالمجاملات وجبر الخواطر من أجل تمشية الأيام بأقلّ الخسائر حفاظًا على المكاسب والامتيازات الجديدة التي تؤمّنها السلطة الحاكمة لمثل هذا المسؤول الذي كان الكرسيُّ حلمَه الأكبر أيام الفقر والعوز والحرمان. ولن يكون استثناءً صاحبُ كرسي رئاسة الحكومة الجديد دولة المهندس "محمد شياع السوداني" الذي قذفه قدرُ أحزاب السلطة التحاصصية التقليدية الفاسدة إلى الموقع التنفيذي الأول في الدولة العراقية بالصيغة التي يعرفها الجميع. عساه يتعظ من سابقيه وينصتُ لمناصريه الناصحين الأصحاء ويخطو خطوات وطنية جادّة نحو إصلاح ما دمّره أسلافُه في كلّ شيء وفي كلّ قطاعٍ من قطاعات الدولة الهشّة، ولاسيّما في أخلاقيات الوطنية والمواطنة التي اختفت وتوارت وزالت من أجندات هؤلاء في التربية والتعليم والاقتصاد والمال والخدمات والصحة والبناء ومعالجة الفقر واتساع مساحات العشوائيات والاستيلاء على عقارات وأملاك الدولة، سواءً بغطاء الدين والمذهب و"عقدة المظلومية" أو بحمايةٍ من زعامات السلطة وأحزابها الانتهازية الولائية غير الوطنية وميليشياتها التي تتصدّر المشهد منذ تشكيل أول حكومة مذهبية طائفية انتقامية!
مَن تابع في سالف السنين والأشهر المنصرمة بعضًا من تصريحات السيد السوداني بشأن الخروقات والأخطاء الكبيرة والكثيرة للحكومات السابقة التي حرص على تشخيصها عندما كان عضوًا في مجلس "نواب الشعب" غير المكترث لمصالح الوطن والشعب أساسًا، فإنّ انبهارَه يبدو عميقًا ومؤثرًا في نفوس سامعيه ومتابعيه والملتفين حولَه لأيّ غرضٍ أو سببٍ. وهذه ميزة حسنة تُحسبُ له وتدوّن في سجلّه وسيرته الذاتية التي قد تشفع له في مهمته الصعبة التي عليه أن يواجهَها، سواءً باللّين والكياسة والسياسة أحيانًا أو باللجوء إلى أنجع الوسائل والسبل التي توصلُه إلى إصلاح المكسور وردم المثلوم ورتق الممزّق في كلّ مناحي الحياة وبأقلّ الخسائر الممكنة، حفاظًا على حياته وسيرته وأخلاقه وإنسانيته أولاً، وتعزيزًا لصوت الوطن وحق المواطن وإنصاف المظلوم وسدّ النقص في أي قطّاع من قطاعات الدولة المتهرّئة ورأب الصدع في أخلاقيات مؤسسات الدولة التي استشرى فيها الفساد وبلغ مراتب متقدمة عالميًا لغاية لصق سمة اللصوصية وسرقات العصر بهذا البلد وبساسته الذين يديرون دفة الحكم "غير الرشيد" بعقلية النهب والسلب والسرقة والهدر بالمال العام وبثرواته وفق نظام "الفرهود المتعارف عليه شيعيًا" وبشتى الوسائل والطرق والأدوات، ومنها أجهزته الأمنية التي أثبتت الوقائع الأخيرة تورط قادة أمنيين وعسكريين كبار في هذه الأعمال الشائنة.
معالجة الفساد
في اعتقاد الكثيرين، تأتي مواضيع معالجة الفساد والشأن الاقتصادي والمالي ومشكلة البطالة وتنويع مصادر تمويل الموازنة وتطوير الصناعة والزراعة والتر بية والتعليم والصحة والخدمات البلدية وما يتعلق بالإعلام والاتصالات وإعادة هيكلة المصارف الحكومية ووضع ضوابط لأداء المصارف الخاصة، ولاسيّما الإسلامية منها ومحلات الصرافة المشبوهة ضمن أولويات الحكومة الجديدة. ويأتي من ضمنها أيضًا إعادة النظر في الاستراتيجيات النقدية والمالية ضمن هذه الأولويات المطلوب دراستها بعناية وباستشارة أرباب النخب الثقافية والاقتصادية والتعليمية الجادة وليس المفروضة من قبل أحزاب السلطة وميليشياتها من أجل تجيير كلّ خطوة لصالحها في سياق منظومة التحاصص وتقاسم المغانم والموارد الريعية التي يسيل لها لعاب هذه الفئات غير المنتمية للوطن في سلوكياتها المشبوهة وبُعدِها عن مصالح الشعب ونأيها عن مآسيه ومظلومياته، بالرغم من تسلقها على أكتاف هذا الأخير في كلّ دورة انتخابية فاشلة فيما يُسمّى بمهزلة الانتخابات الديمقراطية التي صدّرها الغازي الأمريكي وأيده فيها الغرب المنتفع من كلّ هذا وذاك.
وبخصوص الشأن الاقتصادي، وبصورة خاصة ما يتعلّق بمسألة السياسة النقدية، فهذه الأخيرة كما سمعنا من دولة السيد السوداني نفسه بعد لقائه مع إدارة البنك المركزي، أنّ هذا الشأن من اختصاص الجهات المالية والنقدية المعنية، ومنها إدارة البنك المركزي ووزارة المالية. فليس من المعقول تصحيح خطأٍ اقترفته الحكومة السابقة في هذا الشأن بخطأ أكثر ضررًا منه للمواطن البسيط عبر الارتجال وفرض سياسة تغيير سعرية للدولار الأمريكي النافذ بهدف كسب ودّ الشارع المتضرّر أصلاً، ولاسيّما الطبقة الفقيرة والعاملة فيه على قدر حالها. وهذا ما نلاحظه من تذبذبٍ في حركة السوق هذه الأيام منذ أن أدلى بعض الساسة غير المختصين وزعامات سياسية وحزبية منتفعة بدلوهم غير الاختصاصي بهدف التهيئة لشكل التغيير الذي يرومون فرضه على السوق مرة أخرى. ليس بهذه الطريقة تُدار السياسات النقدية للبلدان التي تعتمد أساسًا على مورد النفط الريعي ومنها العراق الذي يعتمد على مردودات بيع نفطه بأكثر من 92% في موازناته. بل بالأحرى، ينبغي على الحكومة الحالية بحسب وعود رئيسها المغمور مذ كان نائبًا ووزيرًا عبر تصريحاته المتكررة في وسائل الإعلام ومداخلاته المنطقية المعتدلة في وسائل التواصل الاجتماعي، أن تركز كل الجهود للاستفادة من الموازنة الانفجارية بعد زيادة أسعار النفط وتوظيفها من أجل إنقاذ اقتصاد البلاد وانتشالها من مافيات الفساد والسرقات الحاصلة في وضح النهار وبعلمٍ ودراية وصمت مطبق من أجهزة الدولة التنفيذية، كما فاحت بها ومنها رائحة الجيفة التي أزكمت الأنوف وتداعت لها الأفكار والإرادات والنوايا واختلطت بمزيج من الصحوة والتشفي والدعاء بالثبور والعقاب ونيل الجزاء العادل من القضاء الذي يخشى الفواجع والكوارث في حالة فتح "سدادات" و"أقفال" واقع الحال التي ما يزال الكثير منها مقفلاً خشية من انتقام الجهات التي تغطي عليها وتسندها وتدعمها وتشاركها تخطيطًا وتنفيذًا وحمايةً.
وكان الله في عون العراق وأهله بعد غياب سمة الانتماء إليه ولحضارته ولثقافاته وتعددية مكوّناته التي غدر بها الزمن الأسود!