المحرر موضوع: ج1) الجذور الآشورية العراقية للديانة الزارادشتية الفارسية  (زيارة 995 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل دانيال سليفو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 117
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
مدخل:
من اجل احتواء وإعادة كتابة التاريخ المديد للامبراطورية الأشورية، تم تقسيمه من قبل الباحثين الى ثلاث فترات،  استنادًا إلى الأحداث السياسية والتغيرات التدريجية في اللغة ، إلى الآشورية المبكرة (2600-2025 قبل الميلاد) ، الآشورية القديمة ، أي منذ العصر البرونزي (هي فترة تاريخية، من حوالي 3300 قبل الميلاد إلى 1200 قبل الميلاد) لوجود سمات مبكرة للحضارة الحضرية من كتابات بدائية.
بعد سقوط الدولة الأشورية 612 ق.م، وحينما جف المحيط الحضاري المؤسس لابجديات الحضارة الإنسانية وانتقالها الى شعوب بدائية (بحسب توصيف الباحثين). من الطبيعي ان تظهر بقع أومجاميع بشرية ناشئة ورثت مشاعل نور الابداع الحضاري بعد تواري ولجوء أصحابها في جميع انحاء المعمورة. شعوب عديدة وأغلبها بدائية متناثرة على امتداد  جغرافي واسع على الارض وممتدة من الشرق الى الغرب استفادت من الموروث وان كان بشكل غنائم، وظهرت شعوب عديدة من الصين الى اسبانيا ومن مختلف المستويات الحضارية انعمت وتنّورت، وشكلت تلك ( الغنائم) بما يناسب لغاتها وعاداتها، استعارت المفردات والتقدم الحضاري لابناء النهرين في مجالات متنوعة من الكتابة والزراعة والري وغير ذلك.
من جانب آخر، عملية انتقال وتبادل الطاقات الحضارية والثقافات والمشاركة في مفرداتها، من شعب الى آخر من سنن الحياة، لا بل ان المشاركة والعلاقات الحضارية بين الشعوب  من الظواهر الإيجابية، اذ لا يمكن ان تنعزل الشعوب عن بعضها وتعيق النشاط الاقتصادي التجاري والمصالح الأخرى!. لكن الثمار المستحصلة ونتائج التفاعل ومستقبل المجتمعات هو الحكم للتقييم، لذا من المنطقي ان ترتبط الدولة الأشورية بمناطق الشمال الجغرافي كأرمينيا وبحر قزوين واليونان ومناطق الجنوب بسومر وأكد وبابل ونحو الشرق كالهند والصين وأفغانستان وايران وحتى شواطئ البحر الأبيض، وبالنتيجة، كان التوسع الجغرافي والامتداد الزمني الطويل للآشوريين  لأكثر من ستة الآف عام مهد لها بأن تكون مؤسسة للجذور ومبدعة في تفاصيل حضارية عديدة. عملية البحث عن حقيقة الذات الآشورية واحتوائها، تستوجب مراجعة ما قدمه السلف للإنسانية، من خلال السير وسبر أغوار التاريخ لايجاد الحقائق وبعض الظواهر التي لا تزال مخبوءة وجمرات خافتة في الذات المعاصرة لابناء شعبنا. وبسبب الضعف والإرهاق الذي أصاب وجداننا القومي، نقف مشدوهين ومصدومين وغير مصدقين بما نكتشفه من بعض الحقائق، لانها لا تتوائم مع حالتنا المنكسرة. وفي هذا السياق، لنتابع الأرث المنسي  من التأثيرات الآشورية في العديد من الثقافات العقائدية الدينية والتاريخية منها، أو المادية في الطب والزراعة والفلك وغيرها. مبتدأين بالزارادشتية الفارسية.

اولاً): كيف ورث الهنود- الايرانين الزراداشتية ؟ وعلاقتها بالآشورية.
الملك الآشوري الآسطوري نمرود ، تداخلت وتزامنت شهرته مع بدايات زارادشت، حيث يسقط برق المذنب ( مذنب شالمو- هالي) من السماء لينافس نمرود ، وبالتالي يظهر لقب زرادشت على تيار من الكهنة والمنجمين المراقبين لحركة النجوم . ومن المُستغرب ان اسم زارادشت لم يتم ذكره في النقوش الفارسية القديمة لانه لم يكن بذات الأهمية لدى الإيرانيين حينذاك. لكنه تم ذكر اشارات عديدة الى زرادشت في الادب الآشوري وبالتالي السورياني والعربي تحت مظاهر مختلفة، وبقيت سجلات عديدة لوكلاء زرداشت ( المجوس) أي الكهنة المنجمين الكلدان.
وبحسب البحوث التاريخية، لم يكن لدى الإيرانيين ولا الهنود القدامى أي نظام كرونولوجي ( سجل الأحداث بدءًا من الأقدم وترتيب ما يحدث لاحقاً )، أو وسيلة للتأريخ المطلق. لذلك لم يتمكنوا من إنشاء سجلات تاريخية (بخلاف الاحتفال بالإنجازات البطولية ، وقوائم الملوك ، وكتالوجات الذاكرة للأحداث العظيمة). خلود أدبهم الديني يخلق ارتباكًا أكبر مع الأفستا ( كتاب الزرادشتين  مقارنة بالفيدا الهندية)، لأن الفيدا أصبح قانونًا مغلقًا في وقت مبكر نسبيًا ، وبالتالي تم نقله شفهيًا ولكن في شكل ثابت كما لو تم تكريسه في الكتب. في إيران ، تم حفظ كلمات زرادشت نفسه شفاهياً.
1) الهند- الإيرانيين: في الأزمنة البعيدة، في العصر البرونزي، كان أسلاف كل من الإيرانيين والهنود شعبًا واحدًا، تم تحديدهم على أنهم الإيرانيين الهنود البدائيين. كانوا فرعا من عائلة الأمم الهندو أوروبية، يعيشون، كما يُعتقد، كرعاة في سهول جنوب روسيا، إلى الشرق من نهر الفولغا. كانوا غير مستقرين، يرعون ماشيتهم وأغنامهم وماعزهم في مناطق محدودة سيرًا على الأقدام بمساعدة الكلاب (لأن الحصان لم يكن ترويضه بعد).  انجرف الهندو- الإيرانيون بعيداً عن بعضهم البعض، ليصبحوا قابلين للتعريف عن طريق الكلام كشعبين متميزين، الهنود والإيرانيون. كانوا لا يزالون رعاة. وكان لديهم اتصال، من خلال التجارة على الأرجح، مع الشعوب المستقرة في جنوبهم. تعلموا من بلاد ما بين النهرين استخدام العربات الخشبية التي تجرها الثيران أولاً، ثم العربة الحربية . لرسم هذه العربات، قاموا بترويض الخيول البرية في السهوب. ويبدو أن عبادة النار المشتعلة كانت منتشرة على نطاق واسع بين الهندو-أوروبيين، الذين رأوا إلههم في ألسنة اللهب. . يجب أن يتم تكريم هذه الآلهة الخاصة لأجيال لا حصر لها من قبل الهندو إيرانيين في أيامهم البدوية حتى نجت طوائفهم بهذه الطريقة بعد فترة طويلة من انفصال الشعبين وشقوا طرقهم البطيئة إلى اراضي جديدة ومختلفة للغاية، وأختلطت المواد الوثنية للهندو-ايرانين مع ثقافة بين النهرين وتوراتها على مدى الآف السنين، وصولاً الى عتبة العصر الحديث. من المدهش أن أول إشارة موثقة إلى وجود الآريين على الهضبة الإيرانية تأتي من الجنوب الغربي للأرض ؛ في بابل حوالي 1760 قبل الميلاد.
2) الجذر الآشوري للزارادشتية: يبدو أن الكتابة كانت غير معروفة للإيرانيين قبل دخولهم إلى أراضيهم الجديدة. ولكن من الممكن أن يكون استخدام الكتابة المسمارية قد حصل عليها الميديون في وقت مبكر من مملكة أورارتو. وتم استخدام الآرامية، كلغة مكتوبة مشتركة للشرق الأدنى في القرن السابع. ويبدو أن الميديين بدورهم قد تبنوا عناصر مختلفة من الحضارة الآشورية من أورارتو.

يتبع....