المحرر موضوع: كردستان وراء خسارة ايران في المونديال وفوز السعودية  (زيارة 812 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31489
    • مشاهدة الملف الشخصي
كردستان وراء خسارة ايران في المونديال وفوز السعودية
ليس من مصلحة إقليم كردستان اضعاف النظام الايراني او الانخراط في مؤامرة تستهدف اضعافه او تغيره.
MEO

قد يكون عنوان المقال تهكميا الى درجة الفنتازيا، الا انه يقترب من فنتازيا الاتهامات الايرانية لإقليم كردستان خاصة في الآونة الاخيرة. فهي لم تقف عند حدود اتهامه بإيواء مقرات للموساد على أراضيه، وهي التهمة التي فشلت ايران في تقديم اي دليل عليها، بل تعدتها الى اتهامه بتهريب اسلحة الى المحتجين ضدها عبر الحدود بينهما.

ان لجوء الانظمة السياسية لتصدير مشاكلها الى خارج حدودها نهج معروف مورس في دول عديدة عبر التاريخ، خاصة في حال وجود تهديد مصيري على مستقبلها، فتبدا بإيهام شعوبها بوجود "قوى شر" تحاول النيل من ازدهار البلد، وتسوق لوجود مؤامرة تستهدف امن "الوطن" تقف وراءها جهات خارجية تمتلك اجندات مشبوهة تعمل على خلخلة امن المواطن. وعادة ما تكون تلك الادعاءات مقرونة بإدلة مقنعة. الا ان اتهامات ايران لإقليم كردستان اتهامات غير منطقية، تفتقر الى المصداقية ليس عند المجتمع الدولي او الشعوب الايرانية فحسب بل حتى عند بعض مؤسسات واقطاب النظام الايراني نفسه، فقد اثبت اقليم كردستان خلال تجربته التي تناهز الثلاثة عقود بانه عامل استقرار في المنطقة، لم يحاول استغلال متغيرات المنطقة خلال تلك العقود لضرب جهة داخلية على حساب جهة داخلية اخرى، او ضرب طرف اقليمي على حساب طرف اقليمي اخر، ايمانا منه بان الاستقرار في المنطقة يصب في صالح الجميع. فعلى الصعيد الداخلي مثلا، وفي حقبة الحرب الطائفية التي عمت العراق عقدا من الزمن نأى الاقليم بنفسه عن الدخول في حيثيات ذلك الاقتتال، وقاوم ضغوطا اقليمية كثيرة للوقوف مع معسكر ضد اخر. ليس هذا فحسب بل حاول انهاء ذلك الاقتتال، في الوقت الذي حاولت الكثير من القوى الداخلية والاقليمية تسخير ذلك الاقتتال لمصالحها السياسية. كذلك في حقبة ثورات الربيع العربي والتي وصلت شظاياها الى بعض من دول الجوار، لم يستغل الاقليم تلك الثورات لصالحه، بل كان داعيا الى التهدئة وحل الامور بشكل سلمي، رغم انه كان قادرا على استغلال الكثير من حيثياتها مثلما فعلت قوى محلية واقليمية عديدة.

ان الاحتجاجات التي تعم ايران حاليا والتململ الذي يعم الشارع الايراني ضد نظامه ليس وليد يوم وليلة، فهو نتاج تراكمات عقود من الزمن شهدت فيها ايران مسارات سياسية داخلية وخارجية مختلفة، كان بالإمكان توظيفها لما يصب في صالح المواطن الايراني بدلا من المسارات التي سلكها النظام والتي ادت الى المشهد الذي يسيطر على ايران حاليا، والذي وضع اغلب الشعب في طرف والنظام الايراني في طرف اخر. على ذلك فمحاولات النظام الايراني شيطنة الاحتجاجات بادعاء وقوف جهات خارجية وراءها سواء احزاب كردية ايرانية او قوى اقليمية ودولية لن يقنع الشارع الايراني بالتوقف عن احتجاجاته. ثم ما علاقة الاخرين بأخطاء ارتكبها نظام معين بحق شعبه، ادت الى تدهور وضعه المعاشي والصحي والخدمي، خاصة وان الاحتجاجات شملت جميع القوميات وعمت ايران من اقصاها الى أقصاها. فلو افترضنا جدلا ان احتجاجات الشارع الكردي الايراني يقف وراءها احزاب كردية ايرانية، فمن يقف وراء احتجاجات عرب الاهواز او البلوش او سكان طهران العاصمة، هل يعقل ان تكون كل هذه الشعوب عميلة والوطني الوحيد بينهم هو النظام؟

ان اتهامات النظام الايراني لإقليم كردستان حول تهريب اسلحة الى المحتجين عبر حدوده تفتقر الى الادلة، وينفيها الواقع، وتدحضها الحقائق لأسباب كثيرة من بينها:

- ان حدود اقليم كردستان مع ايران تمسكها العديد من النقاط العسكرية والامنية الايرانية، وهي نقاط مستنفرة بشكل مستمر كونها حدودا مهمة لإيران من الناحية الاقتصادية والامنية، ومن الصعوبة بمكان ان يتم تهريب اسلحة عبرها، خاصة وانها مجهزة بتكنلوجيا حديثة لانظمة المراقبة الحدودية تشمل كاميرات مراقبة تعمل جنبا الى جنب مع الجهد البشري. ورغم وجود هذه الاحترازات الامنية الكثيرة، فلا تمتلك ايران اية ادلة تثبت اتهاماتها هذه، فلم تضبط ايران لحد الان اية شحنة اسلحة مهربة في تلك الحدود، ولا تمتلك صورة واحدة حتى لعمليات التهريب المزعومة تلك، فعلى ماذا اعتمدت ايران في اتهاماتها هذه؟

- لو كان الاقليم يمارس مبدأ الضغوطات او تحريك الاوراق الرابحة التي يمتلكها وبهذا الشكل المؤثر، لكان الاولى به استخدامها في ظروف سابقة اكثر اهمية والحاحا من الظروف الحالية. فالمعروف ان لإيران تأثيرا كبيرا على بعض الاطراف السياسية العراقية، وتستطيع الضغط عليها بالشكل الذي يلائم مصالحها. على ذلك كان بإمكان الاقليم تحريك الاحزاب الكردية الايرانية لتعكير الوضع الامني الداخلي في ايران والمساومة عليها مع ايران لتضغط بدورها على الاطراف السياسية العراقية لحل المشاكل العالقة بينها وبين اربيل، خاصة في السنوات السابقة، وبما ان الاقليم لم يستخدم ذلك النهج في السابق فما الذي سيجنيه من استخدامه حاليا؟

- ليس من مصلحة الاقليم اضعاف النظام الايراني او الانخراط في مؤامرة تستهدف اضعافه او تغيره، بل ان بقاء ايران قوية تهدد الغرب واسرائيل وتنافس قوى اقليمية مثل تركيا والسعودية تصب في صالح اقليم كردستان وتحافظ على اهميتها الجيوسياسية امام القوى الدولية والاقليمية، اما مجيئ نظام موالي للغرب في ايران فسيضعف الاهمية السياسية لكردستان الى حد كبير. لذلك فمن اللامعقول السياسي ان يشارك الاقليم في اجندات تكون نتيجتها بالضد من مصلحته.

على الحكومة الايرانية ونظامها البحث عن الاسباب الحقيقية التي دعت شعوبها للخروج بتظاهرات ضدها، ومراجعة السياسات التي ادت الى هذه الاحتجاجات، بعيدا عن مبدا التخوين والمؤامرة، وكيل التهم لهذا الطرف او ذاك، فالشعب الايراني هو نفس الشعب الذي ثار على الشاه، وهو نفس الشعب الذي اختار هذا النظام، والذي حارب جيش صدام حسين طوال ثمان سنوات، وتحمل حصار المجتمع الغربي عليه طوال هذه السنين، ومن الغبن ان يتهم شعب يمتلك حضارة تمتد لألاف السنين بالعمالة لجهات خارجية.