المحرر موضوع: ماذا حققت العملية العسكرية التركية شِمال سوريا والعراق؟  (زيارة 538 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31489
    • مشاهدة الملف الشخصي
ماذا حققت العملية العسكرية التركية شِمال سوريا والعراق؟
أردوغان يعرف كيف يستغل مصالح الدول الاقليمية والعالمية مع تركيا، ويحولها إلى حروب لابتلاع المزيد من الأراضي السورية
MEO

المشهد في جرابلس: سوريون يحرسون المصالح التركية
لا شك أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استغل الوقت المناسب للقيام بالعملية العسكرية الجوية ضد أهداف في سوريا والعراق، فهذه العملية جاءت مباشرة بعد عملية التفجير في شارع الاستقلال في اسطنبول في الثالثَ عشرَ من تشرين ثاني/نوفمبر، وهو ما جعل الرأي العام التركي يؤيد أي عمليةٍ يقوم بها أردوغان ضد حزب العمال الكردستاني الذي اتهمه بأنه يقف خلف هذه العملية وشمل الاتهام وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا (قسد)، وهو الاتهام الذي يصب في مصلحة تركيا التي كانت تنوي منذ أكثرَ من سنة القيام بهذه العملية. أيضاً يمكن القول إن العملية جاءت متزامنة مع انعقاد الجولة التاسعة عشرة من مسار آستانا في الثاني والعشرين والثالث والعشرين من تشرين ثاني/نوفمبر، ما يعني أمام الرأي العام التركي والسوري أنه ضمن موافقة كل من إيران وروسيا حليفتي سوريا. فالمتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا قالت إن موسكو تعتقد أن قيام تركيا بعملية برية في شِمال سوريا سيزيد التوتر والنشاط الإرهابي في المنطقة، مؤكدة أن موسكو على اتصال وثيق مع أنقرة بشأن سوريا وتتفهم مخاوف تركيا بشأن التهديدات لأمنها القومي. الأمر نفسه أكده ألكسندر لافرينتيف مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا الذي قال إن "بلاده حاولت خلال محادثات أستانة إقناع تركيا بالامتناع عن العملية العسكرية، إذ قد تؤدي مثل هذه العمليات إلى تصعيد في الشرق الأوسط برمته".

ومن الواضح أن الغارات التركية تزامنت مع إعلان الحرس الثوري الإيراني عن تصعيد الهجمات ضد ما اعتبره "مقارَ ومراكز المؤامرة، وأماكن انتشار وتدريب وتنظيم الخلايا الانفصالية الكردية المعادية لإيران"، حيث كانت الحكومة الإيرانية ألقت باللائمة في تصاعد الاحتجاجات على كيانات إيرانية كردية معارضة تتمركز في إقليم كردستان العراق.

الأمر الآخر أن أردوغان أراد أن يقوم بهذه العملية لأسباب داخلية منها تراجع الوضع الاقتصادي في تركيا، وتراجع سعر الليرة أمام العملات الصعبة، وفي الوقت نفسه فإن أردوغان بدأ يعد لعملية الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة في الثامنَ عشرَ من شهر حَزيران/يونيو العام القادم بعد تراجع شعبيته في الداخل التركي، وسعي المعارضة لاختيار مرشح توافقي أكثر شباباً وحيوية من أردوغان "الهرم".

أيضاً أراد أردوغان أن يتخلص من عقدة اللاجئين السوريين والقول بإن ثمة مباحثات أمنية تجري مع الجانب السوري، وإن هذه المباحثات قد تتطور إلى مباحثات سياسية كما قال وزير خارجيته مولود جاووش أوغلو كاشفاً عن لقاء جمعه بوزير الخارجية السوري فيصل المقداد في بلغراد على هامش قمة عدم الانحياز في الحادي عشر من تشرين أول/أكتوبر 2021 أو كما صرح هو نفسه عندما أعلن ذلك خلال عودته من سوتشي بعد لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في السادس من آب/أغسطس الماضي، وقبل انعقاد قمة منظمة شنغهاي للتعاون يومي 15 و16 من سبتمبر/أيلول في مدينة سمرقند الأوزبكية.

يمكن القول إن أردوغان استطاع تنفيذ العملية الجوية وهو حاصل على ضوء أخضر من جميع الأطراف الدولية بما فيها الولايات المتحدةُ التي هي من تقوم بتسليح قسد وتدريبها وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على أمرين. الأول، أن الولايات المتحدة مستعدة للتخلي عن قسد كما تخلت عن حلفائها في أماكن عِدة من العالم وآخرها أفغانستان. والثاني، أن الولايات المتحدة التي سمحت لتركيا بعملية جوية قد تسمح لها بالقيام بعملية أرضية واحتلال عين العرب وتل رفعت ومنبج أي تقليص النفوذ الكردي في سوريا وخاصةً على الحدود السورية التركية، وهذا ما سيحقق لتركيا أمرين. الأول، ما يُسمى "المنطقة الآمنة" والتي سيُجري فيها أردوغان عملية تغيير ديمغرافي معتمداً على العنصر التركماني لإقامة حزام تركي. والثاني، تحقيق ما يُسمى "الميثاق الملي" وبالتالي ضم هذه الأراضي إلى تركيا حينما تسنح الفرصة وعودة "مأساة لواء الاسكندرون 29/11/1939" من جديد.

بالعودة إلى المواقف الغربية نجد أن هذه المواقف لم تكن بالمستوى المطلوب فالخارجية الأميركية قالت إن العمليات العسكرية التركية "تزعزع استقرار المنطقة"، وتعرّض جنوداً أميركيين للخطر، ودعت إلى الوقف الفوري للتصعيد شمالي سوريا، والموقف نفسه أبدته وزارة الدفاع (البنتاغون) بقولها إن التصعيد يهدد بشكل مباشِر سلامة الجنود الأميركيين، والتقدم الذي أحرزه التحالف الدولي لهزيمة تنظيم داعش على مدى سنوات.

أما المتحدث باسم الشؤون الخارجية والسياسة والأمنية في الاتحاد الأوروبي بيتر ستاتو فدعا إلى خفض التصعيد في سوريا والعراق، مؤكداً "التزام الاتحاد الأوروبي بسيادة وسلامة أراضي البلدين".

خلاصة القول: إن السياسة مصالح، وإن أردوغان عرف كيف يستغل مصالح الدول الاقليمية والعالمية مع تركيا، ويحولها إلى حروب لابتلاع المزيد من الأراضي السورية لتحقيق طموحاته العثمانية والطورانية، وكل هذا سيصب في رأيه في نتائج الانتخابات النيابية والرئاسية التي ستجري في 18 حَزيران/يونيو العام المقبل.