المحرر موضوع: هل العراق دولة ضعيفة ام منهارة ام هشّة ام فاشلة؟  (زيارة 609 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31322
    • مشاهدة الملف الشخصي
هل العراق دولة ضعيفة ام منهارة ام هشّة ام فاشلة؟
العراق اليوم وفي ظل سلطة الفساد والمحاصصة، دولة فاشلة بنسبة عالية
MEO

لا تحمي اطفالها ولا تجمع النفايات
كل سلطة سياسيّة تقع على عاتقها تحقيق جملة من المسائل التي تنظّم الحياة السياسيّة والاقتصادية والاجتماعية في المجتمع، ويبقى توفير الامن هو العامل المهم الذي على السلطة العمل على ارسائه. فغياب الامن لايّ سبب كان يعني نسف كل ما تستطيع السلطة توفيره او تكون قد وفّرته بالفعل، وعدم قيام السلطة بواجباتها الاساسيّة في تنظيم الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بما يوفر حياة مقبولة لشعبها وفق امكانياتها الاقتصادية والمعايير الدولية يعني فشل الدولة التي هي على راسها. والسؤال الذي علينا طرحه في حالة العراق هو: هل العراق دولة ضعيفة لا تمتلك مصادر لتوفير خدمات لشعبها، ام دولة منهارة نتيجة انهيار مؤسساتها القائمة، ام دولة هشّة فشلت فيها السلطة بتوفير الامن ومكافحة الفقر والبطالة، ام دولة فاشلة جمعت الكثير من المفاهيم والصفات التي ذكرناها لتتربّع عليها؟

لا يوجد تعريف دقيق لمصطلح الدولة الفاشلة، فروبن دروف عرّف الدولة الفاشلة "بانّها الدولة التي تفقد الحكومة بها امكانيات القيام بوظائفها الاساسيّة، وهي حكومة فاقدة للشرعيّة وتعاني من انهيار اقتصادها" (نقلا عن: عبد السلام البغدادي - مجلة دراسات شرق اوسطية – العدد 65 – ص 35). فيما عرّف روبرت روتبيرج الدولة الفاشلة في مقال له تحت عنوان "الدولة الفاشلة في عالم الإرهاب" نُشر عام 2002 "بانّها دولة فاقدة للشرعيّة، وتعاني من انهيار الاقتصاد في مواجهة الارهاب بالإضافة لانهيار النظم القانونية المحليّة لمواجهة الجريمة والاجرام الذي تمارسه قوات الامن التابعة للدولة" (نفس المصدر). امّا مركز ابحاث الازمات في كلية لندن للدراسات الاقتصادية فقد عرّف الدولة الفاشلة بانّها "حالة انهيار الدولة، او الدولة العاجزة عن اداء وطائف التنمية وحماية امنها وفرض سيطرتها على اراضيها وحدودها"(نفسه). وهناك دراستان احداهما لكل من جيرالد هيرمان وستيفين راتنر اشارا فيها الى انّ الدولة الفاشلة هي التي "لا تستطيع ان تلعب دورا ككيان مستقل"، واخرى لوليام زارتمان يقول فيها انّ الدول المنهارة هي "تلك الدول التي لم تعد قادرة على القيام بوظائفها الاساسية". وهناك اراء اخرى لباحثين تقول انّ الدولة الفاشلة، هي التي تحكمها الميليشيات، او تلك التي تكون عاجزة عن تحقيق الاستقرار والسلم لشعوبها نتيجة عجزها امام قوى العنف الموازية لعنف الدولة، او تلك التي تفقد السيطرة على اراضيها او جزء منها ما يعني عدم الايفاء بالتزاماتها تجاه شعوبها وتوزيعها العادل للثروة، او تلك التي فيها نازحين نتيجة صراعات طائفية او عرقية او دينية. ومثلما للزلازل مقياس ريختر لقياس شدّتها وواط لقياس القدرة الكهربائية، فهناك مقياس لقياس فشل الدول وهو مقياس الدول الفاشلة الذي يصنّف فشل الدول استنادا لأوضاعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية.

ومن المؤسسات التي اهتمت بتعريفات علمية للدول الفاشلة، صندوق السلام وهو مؤسسة اميركية غير ربحية تأسست في واشنطن سنة 1957، وقد حدّد الصندوق اربع خصائص في تعريفه للدولة الفاشلة تمثّلت بـ:
1- فقدان سيطرة الدولة على اراضيها او جزء منها، او فقدان احتكار الاستخدام المشروع للقوة والسلطة داخل اراضيها.
2- تآكل السلطة الشرعية، لدرجة العجز عن اتخاذ قرارات موحدة.
3- عدم القدرة على توفير الخدمات العامة.
4- عدم القدرة على التفاعل مع الدول الاخرى كعضو كامل العضوية في المجتمع الدولي.


ولم يكتفِ الصندوق في تعريفه للدول الفاشلة بالخصائص الاربع اعلاه، بل وضع مجموعة معايير وفق اليات علمية ومسح لعشرات الالاف من المصادر الاخبارية وجمعها وتحليلها وتأطيرها بالنهاية في 12 مؤشرا فرعيا هي "الضغط الديموغرافي، اللاجئين والنازحين، انتشار الظلم، حق السفر والتنقل، الناتج الاقتصادي المتفاوت، الانحدار الاقتصادي، شرعية الحكم، الخدمات العامة، جهاز الامن، الفصائل والطوائف المختلفة، التدخل الخارجي" وخصّصت قيمة من صفر إلى 10 لكل مؤشر، وكلّما حازت الدولة على اعلى الدرجات كمعدل لقيم المؤشرات، كلما كانت تحتل مركزا اعلى في جدول الدول الفاشلة.

لو تركنا الاشكاليّة السياسيّة بين المركز والاقليم ودور الجيش العراقي وعدم تواجده على الحدود الدوليّة بين العراق من جهة كردستان ودولتي ايران وتركيا، باعتبار قوّات البشمركة جزء من الجيش العراقي، فانّ وجود قواعد عسكريّة تركية على التراب الوطني العراقي دون اتّفاقيات مبرمة بين الدولتين كالتي تنظّم العلاقة بين اميركا والعراق، وفقدان الدولة والسلطة احتكارها للقوّة نتيجة وجود قوّات مسلّحة رديفة لها بل ومهددّة لها في احيان كثيرة كالميليشيات المتعددة، بل وحتى تهديدات قوّات البشمركة بمواجهتها في مناطق معيّنة اثر ازمات سياسيّة كالتي حدثت اثناء الاستفتاء على الانفصال، نرى انّ العراق قد حقّق النقطة الاولى من خصائص الصندوق بدرجة قريبة من العشرة، علما انّ النظام البعثي بعد العام 1991 يشترك مع سلطة اليوم في هذه الخصوصيّة.

لو فرضنا انّ السلطة شرعية كونها تأتي عبر صناديق الاقتراع، فانّ السلطة الحاليّة ليست بسلطة شرعيّة كونها لم تحصل على اصوات الناخبين. وسواء كانت السلطة شرعية ام لا، فانّها عاجزة عن اتّخاذ قرارات موحدّة نتيجة فساد النخب السياسية وولاءاتها لجهات اقليمية ودولية. لذا نرى انّ صراعاتها فيما بينها وهي في حالة تناسل مستمر لا تخرج عن دائرة مصالحها الحزبية والفئوية ومصالح تلك الجهات. فالسلطة على سبيل المثال عاجزة عن اتّخاذ قرار انشاء جيش وطني موحّد، لانّ هذا الجيش سيهدّد حياة الميليشيات المسلّحة وبالتالي يهدد مصالح القوى التي تمتلك هذه الميليشيات للاستفادة منها في مواجهة الدولة.

الفساد في العراق اليوم امسى ثقافة حتى بين طبقات الشعب المختلفة، والسلطة التي هي اعلى هرم في الفساد وهي تبيع المناصب الادارية والوزارات لمن يدفع اكثر كرّست الفساد في جميع مفاصل الدولة نتيجة هذه الثقافة البائسة، وعليه فانّها غير قادرة على تقديم خدماتها لـ "شعبها". فالرشوة والاتاوات والتهديد والابتزاز وعدم تطبيق القانون، ساهمت وتساهم في منع الاستثمارات الاجنبية عدا تلك المرتبطة ببعض دول الجوار التي تمتلك اذرع مسلّحة بمعرفة الدولة نفسها.

هل العراق يعمل مع محيطه الاقليمي كعضو كامل العضوية في المجتمع الدولي؟ هل الدولة العراقية قادرة على بناء سياسات متوازنة وطبقا لمصالح شعبنا ووطننا مع ايران وتركيا والولايات المتحدة مثلا؟ هل للعراق دور في محيطه العربي والخليجي والسلطة تبني علاقاتها وفق مفاهيم طائفية؟ هذه الاسئلة بحاجة الى اجابات لنحدد قيمة (صفر – 10) للدولة وهي تبني علاقاتها مع محيطها وفق مفهوم طائفي متسلّحة بميليشيات تملي على السلطة بقوّة سلاحها شكل هذه العلاقات وعمقها.

العراق اليوم لا يمتلك نظاما اقتصاديا مؤسساتيا، ولا يمتلك نظاما مصرفيا حقيقيا، ولا يمتلك بنى تحتية ذات كفاءة عالية، ولا يمتلك مؤسسات صحيّة لخدمة مواطنيه، ولا يمتلك نظاما تعليميا متقدما، ولا يمتلك طاقة كهربائية كافية لتشغيل ورش اصحاب الحرف ولا نقول المصانع التي تهملها الدولة او تلك التي باعتها بعد ان اصبحت خردة لدول الجوار، ونسب الفقر والبطالة والاميّة والجهل والجريمة فيه مرتفعة، ولا يمتلك زراعة وثروة حيوانية كافية وعليه فليس عنده اكتفاء غذائي، ويقتل ويقمع ويلاحق من يتظاهر ضد سلطة الفساد والمحاصصّة، وفيه مخيّمات لنازحين من طائفة معيّنة نتيجة حرب طائفية، السلطة بالعراق غيّرت الطبيعة الديموغرافية لبعض المناطق وفق مفهوم طائفي كما مناطق حزام بغداد. في العراق هناك ميليشيات مسلّحة بعلم الدولة، بل اصبحت هي الدولة بعد ان اخترقت المؤسسة السياسية لتتمثل في البرلمان والحكومة والجيش والامن الداخلي. العراق اليوم نتيجة ضعف الحكومة وصراع الطوائف والقوميات فيما بينها حول النهب المنظّم للثروات، اصبح ونتيجة ولاءات هذه الطوائف والقوميات ساحة للتدخلات الاقليمية والدولية وفاقدا لسيادته.

لو عدنا الى صندوق السلام وتقييم (صفر – 10)، فانّ العراق اليوم وفي ظل سلطة الفساد والمحاصصة، دولة فاشلة بنسبة عالية. ولتستعيد الدولة عافيتها فإننا بحاجة الى دولة تستعمل عنفها في مواجهة الميليشيات المسلّحة، دولة متحررّة من البعدين الطائفي والقومي، دولة قانون ومؤسسات حقيقية، وهذه الدولة هي الدولة العلمانية الديموقراطية.

متصل وليد حنا بيداويد

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 3051
    • مشاهدة الملف الشخصي
في الوقت الحالي
لا لبنان دولة ولا العراق دولة حالهما حال الصومال