المحرر موضوع: تقاطعات شريعة الأسلام مع ظرفي الزمان والمكان  (زيارة 237 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يوسف تيلجي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 473
  • كاتب ومحلل في مجال نقد الموروث الأسلامي
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
                                     تقاطعات شريعة الأسلام مع ظرفي الزمان والمكان

الموضوع :                                                                                                                            يعتقد ، بل يؤمن شيوخ الأسلام - من السلفيون والوهابيون وجماعة الأخوان والدعاة ومعظم جمهور المسلمين ، بأن الأسلام صالح لكل زمان ومكان - أي أن " الأسلام هو الحل " ، وقد كتب الكثير من هؤلاء كتبا في هذا الصدد ، منهم الدكتور محمد عمارة - مؤلفه " هل الإسلام هو الحل ؟ لماذا وكيف ؟ " ، والذي بين فيه ( .. الحل الإسلامى لجميع المشاكل التى تواجه الحياة الفكرية ، والنهضة العقلية ، والنظام السياسى ، والقضية الاجتماعية ، تحرير المرأة وحقوق الإنسان ..).  وسأتناول في هذا المقال المختصر بعض الأحكام الشرعية الأسلامية ، ومن ثم سأقرأها قراءة عقلانية حداثوية :               1 . قطع يد السارق : وقد جاء في تفسير هذا الحكم الشرعي ، التالي ( فقطع يد السارق ، هو قطع حقيقي ، ببتر ، وإبانة اليد عن الجسد ؛ قال تعالى"السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ{المائدة:38}" وجرى عليه عمل المسلمين ، من لدن رسول الله إلى يومنا . فما ذكرته من أن معنى القطع في الآية تعطيل اليد عن العمل بالسجن ، إنما هو تعطيل للشريعة ، ومعارضة لحكم الله تعالى الصريح.  / نقل من موقع أسلام ويب ) .                           * هل هذا الحكم الشرعي ألهي رباني ! ، وهل الله دموي وسفاح ليأمر بقطع يد السارق ! ، والسارق أصلا هو من عباده ، هذا من جانب ، ومن جانب ثان ، ألم يكن من المفروض أن يسأل السارق عن توبة ، أم تقطع يده مباشرة ، دون فرصة للتوبة ، ( فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ / 39 سورة المائدة ) ، والشرع يرفض السجن كعقوبة للسرقة ، من جانب أخر ، ألم يكن من المنطق أن القطع يصدر لمن تكررت سرقاته دون موجب / بالرغم من شناعة العقوبة ، والملاحظة المهمة ، ما يتركه هذا الفعل من أثر أجتماعي ونفسي على الفرد ، خاصة أذا طبق في عالمنا اليوم ، أذن قطع يد السارق ، أسلوب غير أنساني ، لا يتناسب والوضع الحضاري لعالم القرن الواحد والعشرين ، والتساؤل الأخير ، أن عمر بن الخطاب / ذاته ، قد عطل العمل بقطع يد السارق في عام الرمادة 18 هج / عاما كان عام قحط وجوع وجفاف ، والتعطيل هنا ، منطقي وذلك للظروف الصعبة التي مر بها المسلمين - أذن الأسلام لا يصلح لكل زمان ومكان .

2 . الرجم : سوف لن أخوض في حيثيات هذا الحكم الشرعي ، وأنما سوف أسرد ملخصا عنه ( ثبت حدُّ الرجم للزاني للمُحصَن وكذا الزانية المحصَنة بالكتاب والسُّنَّة وإجماع أهل السُّنة والجماعة ، ولم يُنْقل أو يُعرف عن أحد من الصحابة أو التابعين أو أحد من أهل السُّنَّة والجماعة أنه أنكره .. قال الفقيه ابن قدامة الحنبلي ، في “ المغني ” (9 / 39)‏:‏ “ وهذا قول عامة أهل العلم من الصحابة والتابعين ومَن بعدَهم ”. وقال :” ثبت الرجم عن رسول الله بقوله وفعله في أخبار تشبه المتواتر ، وأجمع عليه أصحاب رسول الله ”. روى البخاريُّ ومسلم في صحيحَيْهما عن أبن عباس ، أن عمر بن الخطاب صعد المنبر فخطب الجمعة ، وكان مما قال :  “إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقّ ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ ، فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةُ الرَّجْمِ ، فَقَرَأْنَاهَا ، وَعَقَلْنَاهَا ، وَوَعَيْنَاهَا ، رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ .. “ / نقل من موقع جمعية الأتحاد الأسلامي ) .                                  * آية الرجم آية شنيعة ومقززة بحق الأنسانية ، ولا زالت تطبق في الكثير من الدول الأسلامية / أفغانستان وباكستان وأيران والسعودية وغيرها ، وهنا لا بد لنا أن نسأل ألا توجد قوانين وضعية مدنية تعالج هذا الوضع غير عملية الرجم الهمجية ! ، من جانب أخر ، أيمكن مثلا أن يقف الرجل المسلم وسط باريس أو أميركا وأن يرجم أمراة  ! ، وهل هذا الفعل حضاري ، وما رد فعل المجتمع على هكذا أفعال ! . هذا الحكم الشرعي هو أكبر برهان على أن النص القرآني نص تاريخي ، وجد في ظرف زمكاني محدد ، قبل أكثر من 14 قرنا ، لا يمكن تطبيقه لاحقا . ويحضرني في هذا المقام ، قول السيد المسيح لليهود ، عندما كانوا يرجمون أمرأة ، لعلة الزنى : ( مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلًا بِحَجَرٍ / أنجيل يوحنا 8 : 7 ) .

3 . قتل المرتد : يعتبر قتل المرتد ، حكما يجب التوقف عنده عميقا ، ويمكن تلخيصه بما يلي ( تنقسم الأمور التي تحصل بها الردة إلى أربعة أقسام : أ ‌- ردة بالاعتقاد ، كالشرك بالله أو جحده أو نفي صفةٍ ثابتة من صفاته أو إثبات الولد لله فمن اعتقد ذلك فهو مرتد كافر . ب‌ - ردة بالأقوال ، كسب الله تعالى أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم . ج - ردة بالأفعال ، كإلقاء المصحف في محلٍ قذر ؛ لأن فعل ذلك استخفاف بكلام الله تعالى ، فهو أمارة عدم التصديق ، وكذلك السجود لصنم أو للشمس أو للقمر . . د - الردة بالترك ، كترك جميع شعائر الدين ، والإعراض الكلي عن العمل به .. ما هو حكم المرتد ؟ : إذا ارتد مسلمٌ ، وكان مستوفياً لشروط الردة - بحيث كان عاقلاً بالغاً مختاراً -  أُهدر دمه ، ويقتله الإمام - حاكم المسلمين - أو نائبه - كالقاضي - ولا يُغسَّل ولا يُصلى عليه ولا يُدفن مع المسلمين / نقل من موقع الأسلام سؤال وجواب ) .                * وأرى أن نركز على تغيير المعتقد / أي المتحول من الأسلام الى معتقد أخر . والتساؤل هنا لم الفرد يقتل عندما يغيير دينه ، والنص القرآني يقول ‏‏: « لا أكراه في الدين .. / 256 سورة البقرة » ، وتأكيدا على هذا النهج ، نلحظ نصا قرآنيا أخرا يعزز ذات الأمر ‏‏( ‏وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ / 99 سورة يونس ) ، ولكن نفاجأ  بحديث رسول الأسلام القائل ‏(‏ من بدل دينه فاقتلوه‏ )‏ ‏، وهنا نكون أمام موقفين متناقضين وهما : موقف رب القرآن الذي يحلل للمرتد تغيير معتقده ، وموقف محمد الذي يحرم فعل الردة ، بل محمد يأمر بقتل المرتد ! . وهذا التناقض في الموروث الأسلامي وضع الفرد المسلم في حيرة لمن يتبع ، أيتبع أله القرآن أم يتبع رسول القرآن ! .           
خاتمة :                                                                                                                                (1) ما ذكرته هو غيض من فيض من الأحكام الشرعية ، التي لا يمكن أن تطبق ليس في وقتنا الحالي ، بل أنها حتى في تأريخيتها الفعلية كانت مقيتة . (2) أن الأمر الجلل .. أن شيوخ الأسلام يعظمون من الحكمة الألهية للشرع الأسلامي ، لذا فهم يعتبرون بأن الأسلام كعقيدة ، صالحة لكل زمان ومكان ، وهذا الأمر خلاف للتطور الأنساني والمجتمعي ، فالعقلية الجاهلية قبل 14 قرنا ، هي ليست عقلية القرن الواحد والعشرين ، وما كان صالحا أنذاك لا يمكن أن يقبل الآن . (3) أننا نلحظ في بعض الأحكام ، أن محمدا يخالف النص القرآني ، وهذا الأمر ظهر جليا من حديثه ‏(‏ من بدل دينه فاقتلوه‏ )‏ وغير ذلك ، لأن رغبة محمد كانت منصبة في تحجيم حرية الاعتقاد ، وذلك لأنه ينظر الى الوضع العددي للمسلمين / أي من أجل عدم تقليل عدد ما أقنعهم محمد بالأسلام ، لذا هناك تعمد في ذلك حتى وأن تقاطعت أحاديثه مع النص القرآني ! .                                                                                   أخيرا .. لا زال شيوخ الأسلام يتخبطون في قمقم الماضي ، جاهلين أن الماضي لا يمكن أن يكون صورة للحاضر ، هذا من جهة ، ومن جهة ثانية ، وهم يتجاهلون ، من أن الحاضر يجب أن يؤسس ويؤطر بمعطياته الأجتماعية الحضارية ، من أجل رسم صورة للمستقبل الذي تسعى أليه المجتمعات .