المحرر موضوع: الأخلاق والسياسة  (زيارة 507 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صباح پلندر

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 125
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الأخلاق والسياسة
« في: 11:59 08/01/2023 »

الأخلاق والسياسة
   أستهل مقالتي هذه لبيت من الشعر قاله أمير الشعراء أحمد شوقي :
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هم( الضمة على الميم)ذهبت أخلاقهم ذهبوا.
 
بالرغم من دوران كلا شطري هذا البيت حول نفس المفهوم إلا أننا نشهد تقاربهما وتباعدهما معا في الزمن الذي نعيشه ، فالمجتمع الذييرى أن الأخلاق فيه عالية يرى خلاف ذلك لبعض السياسات المستبدة بأنها شر وانتهاز واستغلال وفساد، لهذا نلاحظ الأخلاق الحميدة لمتعد تجدي نفعا ،فالكذب أنفع من الصدق والنفاق أجدى من الصراحة مما شوه الرابطة الوثيقة لهدف الأخلاق والسياسة وإن كانت العلاقةبينهما قديمة جدا وشغلت بال الكثير من الفلاسفة والمفكرين بسؤال كان يؤرقهم دائما: هل يمكن للسياسة أن تقوم دون أن تستند إلىالأخلاق والقيم الانسانية العليا أم أن السياسة بطبعها مجال تضارب للمصالح المادية الضيقة وتحقيق شهوة الجاه والسلطة وغريزة التسلطوالهيمنة؟ وبالمقابل لولا الالتزام المبدئي بقيم العدل والمساواة وتحقيق مجتمعات خالية (بعض الشيء) من الظلم والتمييز العنصري والطائفيلما وجدنا مجتمعات عدة تنعم بالحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية والحق في العيش الكريم داخل أوطانها، ولولا ذلك كله لما كانت هناكسياسة عقلانية ولتحول الإنسان إلى حيوان يفترس أخاه الأنسان ...وإذا ما علمنا بأن السياسي لم يهبط من السماء بل هو صنيعة المجتمعفتصبح الأخلاق ضرورة ملازمة له وإن كانت نظرة أفراد مجتمعنا المحلي إلى الأخلاق تختلف من فرد إلى آخر باختلاف وجهات النظروتنقلب مع المصلحة وجودا وعدما ، فمن تجاوز على الآخر أو انتقده يتهم بفقده للآداب العامة ولكن الحقيقة تقال بأن الأخلاق تتمثل بعلمالسلوك وهي مرتبة بقوانين دينية ومدنية وفقا للأعراف المتداولة، مثلا الالتزام بالعادات الاجتماعية هي قضية الأخلاق لما لها من تاريخ قديم لايمكن تحديده بسبب تعمق البشرية في علم الأديان المختلفة ،فكل مجتمع وفق المسؤلية الاجتماعية اتبع الأخلاق حسب ظروفه وعاداته ومااقتبسه من الكتب على مر التاريخ باختلاف أنواعها ،لذا نرى المعنيون بالأمر من الفلاسفة منكبون على مناقشة الأخلاق ضمن حدود المجتمعالذي يعيشون فيه واستنتجوا بأن مبادىء الأخلاق تقاس وفقا للبيئة السياسية المحلية والمنطقة الجغرافية ونوع الدين( أيديولوجية الدين تسبقبكثير نظرية الأخلاق في عهدنا الحالي)والمستوى الاجتماعي للمجتمع...فكما الشر والخير هما محوران من أهم محاور الأخلاق ،هكذاالظلم والعدل هما من أهم محاور السياسة ومحتويان بعضهما الآخر بل كل منهما تابع للآخر كما يمثل مبتدأ الآخر ومنتهاه ولن نستطيعالفصل بينهما لأنهما أساس بناء المجتمعات السليمة والمتقدمة...
من المؤكد أن ظاهرة السلوك البشري وتدخل حكم السياسة في مفاصل المجتمع لصنع موضوع سياسي اجتماعي هو الذي يوضح العلاقةبين الأخلاق والسياسة ، والسياسي من المنظور القانوني والمعتقد الديني( كما أفهمها) تعني ارشاد الناس وتوجيههم لإصلاح امورهمبقضايا عامة مختلفة عن البيئة التي نعيش فيها، ولكن للأسف نراها اليوم اتخذت منحا" مختلفا لا يمكن الاعتماد عليها من دون النظر إلىالجوانب الأخلاقية فيها،لأن الإنسان بطبعه مخلوق اجتماعي واذا كان البحث السياسي هو في الأساس فهم للصورة التي يصنعهاالإنسان نتيجة أفعاله أو أخطاءه التي يرتكبها أثناء عمله أو قد تأتي تلك الأفعال دون ادراك منه فتؤدي إلى تشويه النتيجة وإلى عالم مليءبالسلبيات يفقد فيها الإنسان بعضا من قيمه الأساسية مثله كمثل الصائغ الماهر الذي يلعب بالذهب لصنع تحفة ما قد لا تنال رغبة المشتري...ولكن في الواقع الأخلاق والسياسة هما أساس الارادة والمصلحة ويمكن عن طريقهما حفظ مصالح المجتمع والشعب والوطن من فاقديلأبسط شروط الأخلاق في النهب والسلب والسرقة والفساد الاداري والوظيفي بالاضافة إلى التجاوز على حقوق الآخرين ، فهذه الأفعالبصوابها أو خطئها تفقد الفرد قوته في العيش بمجتمع آمن خال( نسبيا)من التجاوزات، لذا الاخلأق والسياسة أو العكس عليهما تنظيمالسلوك العام في المجتمع للعيش بكرامة وعزة النفس فكما القانون في السياسة يحمي الفرد من الأفعال المخالفة للآداب العامة وكما الشروالخير هما محوران من أهم محاور الأخلاق،فإن الظلم والعدل هما من أهم محاور السياسة وكل منهما( الأخلاق والسياسة) محتويانبعضهما الآخر ويمثل كل منهما مبتدأ الآخر ومنتهاه ولن نستطيع الفصل بينهما لأنهما أساس بناء المجتمعات السليمة والمتقدمة وبالتالييحضرني قول أحدهم :
" إذا كان العلم دون ضمير خراب الروح ، فإن السياسة بلا أخلاق خراب الإنسانية"  .
بقلم صباح پلندر